مســكين هذا الحيـــاء العــــام .. ( يوجد خدش ) ..

Quote: احتفلنا مع صاحبي (خميس بن جمعة) بتعيينه مراقباً عاماً للمطبوعات والنشر والمناهج المدرسية مختصاً بالحفاظ على الحياء العام في المجتمع الذي يوصف دائما بأنه محافظ.. (لا أعرف محافظ على ماذا). بدأ صاحبنا بمناهج التربية الدينية باعتبارها أصلَ الخلق والاحتشام والمحافظة على الحياء العام.. بدأ بفقه النساء فألغاه كله تقريبا.. لأنه وجد الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }البقرة222…… وأخبرنا أن الأجيال لا ينبغي أن تتفتح عيونها على مثل هذه الأشياء في المدرسة لأنها محرجة للمعلم والمعلمة اللذين سيتصببا عرقا إذا سألت تلميذة أو تلميذ عن معنى( تقربوهن) ..مثلا وانتقل إلى الصيام وأحكامه ليجد أن تدريس الآية الكريمة التي يقول الله تعالى فيها{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }البقرة: 187 فقرر أنه لا ينبغي أن يتعرض الجيل إلى معرفة معنى (الرفث) لأنه (أي الجيل) سيسعى إلى تجريبه .. وهكذا.. إلى أن وصل إلى أحكام الغسل.. والجنابة.. والطهارة.. والنفاس.. وقرر إلغاء كل ذلك .. حفاظا على الحياء العام.. كما لم ينس إلغاء آيات الحكم والحاكمية تجنبا لتكون فكر سياسي إسلامي يبعث على (دوشة) الرأس. وينقلب إلى إرهاب. وفي مناهج اللغة العربية وجد أن شعر النقائض بين جرير والفرزدق والأخطل مثير للخجل.. وغزل عمر بن أبي ربيعة صريح أكثر من اللازم.. فقام بإلغاء النصوص الأموية .. ثم العباسية.. والأدب الحديث خاصة الرواية. واكتفى بتدريس كتاب سيبويه الذي لم يفهمه أحد من دارسيه ومدرسيه.. ومنع تطويره أو تدريسه بطرق عصرية حفاظاً عليه من الميوعة.. وفجأة انتقل إلى مادة البيولوجيا فألغاها كلها.. لأنها تعرض تفصيلات مخجلة عن وظائف الأعضاء.. وبما أن تاريخنا ملطخ بالدم والمؤامرات والاغتيالات والحروب الداخلية والانقلابات والصراع على الخلافة ثم على الرئاسة ثم على النيابة .. ثم على البلدية.. وحتى على المجلس القروي.. فقد قرر أنه تاريخ يسيء إلى الذائقة العامة .. ولكنه بدلاً من أن يقرر إلغاءه.. قرر تزويره. وتجميله.. وتحسين صورته بكل أنواع المساحيق.. وأجرى له عمليات (نيولوك) ليتم تدريسه بشكل ينفع الجيل ويرفع من سويته العقلية والخلقية. ثم وجد أن تدريس الجغرافيا سيثير الكثير من الأسئلة التي لا جواب لها.. فالجيل سيتساءل عن الطريقة التي رسمت بها الحدود.. وما الذي جعل ثروات الأمة تحدد لدى الأماكن القليلة السكان؟ والأماكن التي تعاني من الانفجار السكاني محدودة الموارد.. والمعادلات الجغرافية كلها مختلة.. فبعض البلاد ذات منفذ بحري صغير يمكن خنقه في أية لحظة.. وبعضها تمتد على سواحل طويلة وتمتلك من المعادن والزراعة ما يكفي سكان العالم ولكنها جائعة وترزح تحت نير المديونية والحروب القبلية.. وبعضها محتل.. وبعضها لا تستطيع استخراج نفطها لأسباب لا أحد يستطيع تحديدها.. وربما يكون نفطها مباعا قبل استخراجه.. وبعضها مدافن للقمامة النووية.. ولم يجد خميس حلا إلا بإلغاء الجغرافيا تماما من المناهج. بعد عشر سنوات كانت حركة الحياة يقودها جيل يعرف الرياضة جيدا.. ربّى نفسه عبر الفضاء والإنترنت.. وقد تعلم ذاتيا كل ما هو خادش للحياء العام والخاص. لكنه لا يفهم معنى الحياء أساسا. لا العام ولا الخاص.. لذلك فإنه يفعل ما يحلو له.