|
أويتلا - 2-
|
قررت المواصلة في كتابتها
أويتلا ـ "رواية"
تابع لفصل السوط:
إكتمل العقد ، حباته سيفرطها الزمن الأغبش في ليلة مدسوسة بالويل ..كل جوهرة منها تجاور رصيفتها بمسافة معلومة ، وتآخيها ببريق أصيل ..عقد تتنوع فيه الإنعكاسات.. فتتحد الألوان لتشكل قوسا حسيا ، وطيفا مسترسلا في الضوء ..تتنقل الأحلام الثمينة ، وتتراقص الرؤى في مجال كل درة منها ..الأحلام مهرة جموحة ..صهيلها لا يحده أفق ، وسنابكها تطأ قرص الشمس..لكنها تظل مجرد أحلام حين يكون خيط العقد أوهن من ثقل الجواهر . بوصول عثمان ساطور الي مدخل الكهف ، كان "فضيل همد" قد وصل في حكايته عن ماساة الفصائل الأرترية المتناحرة ..وعن الجرح الذي فتحه الأشقاء من بني الجلدة في منطقة تقوربا ، وتخوم قلوج :
- الثورة تأكل بنيها . قالها إسماعيل تقلاوي، فتحسست ذلك الجرح المشبوب الذي إنشرخ في جانبي الأيسر ، وتحملت غصة تعمدتها دمعة في غارب العين . بحكم تداخل الجغرافيا والدماء كنت ملما ببعض التفاصيل التي حكى عنها فضيل ، بل تربطني به صداقة حميمة منذ أن كنا نشارك الثوار أحلامهم بغد مشرق ، وكنا نتطوع مع آخرين بالذهاب الي معسكراتهم والمشاركة في محاضرات مدرسة الكادر واحيانا نمهد لفرقهم الغنائية والموسيقية علي إقامة حفلات الدعم داخل المدينة ..مدينة يطالها الجرح وهي تستقبل النزيف ، وتحتضن رتلا من المعاقين بين مقاهيها وأزقتها الضيقة .. ومع ذلك لا تعرف السأم ولا تغفو بجفن كليل، يضج بها ليل مثلوم بهمس العذارى ..وسطوة الحنين ..تزهر السوسنات في العمر ، كفصول يديرها الفرح ، وحقل ينبت فيه العشب.
دخلت انتصار عبد السميع في حزن صدفي ..وحاولت جاهدة أن تتماسك وتخفي إنفعالاتها ، فاحتبست المواسم في صدرها الضاج بالثمار اليانعة عيناها تطرق نحو فتحة صغيرة في جدار الكهف ، نظراتها مجزوءة المشيئة . قلت في سري: هذه " الهنكوشة" جميلة حتى في حزنها وقد كنت أعرف هذه العينان إذا ما اصطدمت بأي فرد منا ستنفلت منها سورة النشيج وتبلغ ذروتها ، تملكني إحساس عارم لإحتضانها ، إحساس مزدوج لا يتكيف على أي حال من الأحوال، يمزج مواساتها بشئ يتفلت في الروح ، يحفر في جداري كنزيف مخبوء يئن في صمت لا يقاوم ، هل ياترى إني أحبها!!!؟. طافت على البال أوتاد قريتي مشدودة بحبال الرحيل ، قرية تبتعد عني كلما توغلت في الحب، قرية تمعن في براءتها وبساطة الواقع، وتستفزني كلما جفلت غزالة نحو الجبل ، قرية لا أذكر وجوه نسائها ولم أرها مكتملة كوجه إنتصار في هذه الساعة ، فللحزن سعة يكتمل بها الإنسان ،قرية يتبدل مكانها بتبدل الفصول حتى صارت المنطقة كلها قريتي المتنقلة . سخرت من نفسي، وضحكت في سريرة القلب. تخيلتك يانصرة ، شجرة حناء غريبة تلتصق علي سروبة خشنة ..يلفحها هجير الحال وصيف الحياة الجافة ..لا يسعدك شروق شمس ، ولا يسرك نشيد النور في صباح يفرح الطير ويبهج الكون. تطحنين الثواني مع حفنة الذرة على "مرحاكة" الإنتظار المر ، وتحلبين الصبر من عنزتك الوحيدة، تترقبين الأفق وتلعنين الشمس من لزوجة حركتها ، وتتمنين لها أن يبتلعها "تنين" أسطوري حتى لا تخرج مرة أخرى للوجود . لأن حياتك تتفتح مياسمها في السر ، في ليل لا تعرفينني فيه إلا بالرائحة رائحة الرجل، رائحة النطاف المخزونة في خصيتى، رائحة البن التي تلهيني عنك في نهارات الهجليج ، أقلب معه مشاعري المتحمسة، أمزجه برائحة الأنثي في نشرة الزنجبيل. تخيلتك يا نصرة، وضحكت في سريرة القلب. محارة الوقت البطيئة لم تصل البحر بعد..رأيتك وأنت في "شكوين" ليلة العرس والغبار يضفي عليك لمحة بجاوية، وبداوة مرتبكة حين يتلعثم ايقاعك وهو يجاري رقص الفتيات حولك فأحس نشازا في الكون وفي قريتي التي تبتعد عني كلما توغلت في الحب.
فضيل همد له القدرة علي الحكي ، يعرف كيف يصور المشاهد ، وكيف يشد مشاعرك ، لا يغرق في التفاصيل لكنه يدرك تماما ضرورة ربط الأحداث ببعضها . درس الأعلام في معهد سوري ، بمدينة اللاذقية. بعد تخرجه مباشرة وهب نفسه مناضلا في جبهة التحرير الأرترية من خلال شعبة الأعلام والتوثيق. فضيل أيضا يجيد فن القصة القصيرة ، ويستمدأحداث قصصه من الواقع الميداني ومن الإرشيف، ومن الذاكرة . علق قاسم جبريل على الأخبار المؤسفة التي حكى عنها فضيل ..وركز على الأنقسامات التي طالت كبرى حركات التحرر ، واعتبر سياط الاصدقاء وقعهاعلي النفس أقسى من كل رصاص الأعداء ، سوط يلهب الظهر المكشوف، لا يتيح لك حق المواجهه. سوط يستدعى من الذاكرة، ليجسد سنوات الويل. آثاره تمتد عبر الأجيال ، وينتقل من امبراطور الي آخر في كل لحظة تتويج ، يتقدمه موكب الخنوع المربك ، تحتفي به الأنظمة الديمقراطية في السر ، وسلطة الفجور في علن مخجل . مجدته الخلاوى كهجرة لله ، ياالله كم كنت قاسيا في التراث وفي الذاكرة، وكم كنت متساهلا مع الطغاة:
- "لكم اللحم ولنا العظام "
قال أبي ذات مرة لسليمان الطلابي، حين هربت من الخلوة ، من سجنها المفرط في امتهان طفولتي ، من طلاسمها على لوحي الذي لا يغذي الروح . من تلك النبرات التي تكور القلب وتقذفه نحو فراغ لا تسمع فيه غير: - آنا...إينا..أونا..بانا ...بينا.. بونا.. السوط ، هاجس الأرقاء في ليل تتاخر شمسه مليون سنة ، كم من قوافل هدها التعب ، وارتفع موالها في الحنين . كل الممالك التي نامت على طرقعاتك لم تبلغ المجد، بل سقطت رأسيا في القاع.. السوط رمز على الجبل سر خلفه الشيخ أبوسوميت على نقش الـتأريخ.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-14-09, 02:06 AM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-14-09, 05:24 AM |
Re: أويتلا - 2- | Mohamed E. Seliaman | 10-14-09, 05:52 AM |
Re: أويتلا - 2- | Mohamed E. Seliaman | 10-14-09, 06:33 AM |
Re: أويتلا - 2- | Alfarwq | 10-14-09, 10:24 AM |
Re: أويتلا - 2- | جلال محمد نور | 10-14-09, 10:46 AM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-14-09, 12:30 PM |
Re: أويتلا - 2- | سلمى الشيخ سلامة | 10-14-09, 12:39 PM |
Re: أويتلا - 2- | تولوس | 10-14-09, 01:46 PM |
Re: أويتلا - 2- | ادم شحوتاي | 10-14-09, 06:15 PM |
Re: أويتلا - 2- | Imad Khalifa | 10-14-09, 06:45 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبدالكريم الامين احمد | 10-14-09, 06:51 PM |
Re: أويتلا - 2- | Imad Khalifa | 10-14-09, 06:57 PM |
Re: أويتلا - 2- | Mohamed Elgadi | 10-14-09, 08:39 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-15-09, 00:14 AM |
Re: أويتلا - 2- | عوض أبوجديرى | 10-15-09, 02:38 AM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-15-09, 01:45 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-15-09, 06:24 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-15-09, 06:30 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-15-09, 06:35 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبدالكريم الامين احمد | 10-15-09, 08:20 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-15-09, 09:08 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-16-09, 10:57 PM |
Re: أويتلا - 2- | Imad Khalifa | 10-17-09, 05:56 AM |
Re: أويتلا - 2- | Ishraga Mustafa | 10-17-09, 08:50 AM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-17-09, 01:00 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-17-09, 10:38 PM |
Re: أويتلا - 2- | يسرى معتصم | 10-17-09, 10:48 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-18-09, 07:05 PM |
Re: أويتلا - 2- | الأمين عثمان صديق محمد | 10-18-09, 11:12 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-19-09, 09:43 AM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-20-09, 08:52 AM |
Re: أويتلا - 2- | ابوعسل السيد احمد | 10-21-09, 04:41 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-23-09, 00:00 AM |
Re: أويتلا - 2- | walid shingrai | 10-25-09, 04:37 PM |
Re: أويتلا - 2- | Ishraga Mustafa | 10-25-09, 06:58 PM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-27-09, 01:59 AM |
Re: أويتلا - 2- | عبد المنعم ابراهيم الحاج | 10-27-09, 02:04 AM |
Re: أويتلا - 2- | كمال علي الزين | 10-27-09, 05:09 AM |
Re: أويتلا - 2- | الأمين عثمان صديق محمد | 10-27-09, 08:02 PM |
|
|
|