|
Re: الخاتم عدلان: يكتب بابا أسبوعيا بالأضواء (Re: Khatim)
|
الاخ/العزيز الخاتم عدلان
تحية طيبة و احترام
لقد قرأت هذا المقال الثر اكثر من مرة, لاني اعتقد بأنك قد شخصت الازمة فى السودان, تشخيص العارف بدهاليز الامور في السودان, و ستجدني متفقا معك في كثير من النقاط , لا سيما تلك التي تتعلق بتشريحك الدقيق للصراع الدائر بين المؤتمرين (الوطني و الشعبي او الشعبي و الوطني) , لان تقديم احدهما على الاخر, لا يعني بالضرورة ان احدهما افضل او اسوأ من الاخر, فكلاهما في السوء (اخوان)!!
نعم اخي الخاتم اتفق معك بانه من الصعب جدا , التكهن بما ستسفر عنه الايام في السودان, بعد توقيع الاتفاق النهائي لبروتوكولات نيفاشا, و ذلك لجملة من الاسباب اهمهما كما نعتقد, هو ان اتفاق نيفاشا ابعد معظم اهل السودان, من المشاركة في موضوع,اقل ما يقال عنه, هو انه موضوع حياة او موت, نكون او لا نكون!! و صحيح ان لاتفاقيات نيفاشا العديد من الايجابيات, اهمها هو ان هذه البروتوكولات احدثت شرخا كبيرا فى (نظام الانقاذ), و يمكن للناس ان توسع من هوة هذا (الشرخ) اذا...الا ان الكلام الذي سيأتي بعد اذا هذه, هو ما سيقودنا للحديث عن سلبيات اتفاقيات نيفاشا التي اهمها كما نعتقد, هو ان هذه الاتفاقيات , قد اظهرت للعالم و لاهل السودان,ان المشكل السوداني العويص , ما هو الا مشكل شمال و جنوب, مسلمين و مسيحين, عرب و زنوج, و العديد العديد من الثنائيات التي لا تعبر بأي حال من الاحوال عن (حقيقة) الاوضاع في السودان, و من هنا يتخوف كل من له مصلحة , في ان الازمة السودانية, ليس بهذه الصورة المبتسرة و الضيقة, و انما هي اعمق من ذلك بكثير, و من عيوب هذه الاتفاقيات هو انها جعلت من الحركة الشعبية الممثل الوحيد (لسكان جنوب السودان) و جعلت بالمقابل من (المؤتمر الوطني ) , (الحزب الحاكم) بوضع اليد, الممثل الوحيد (لسكان شمال السودان), اذا افترضنا لمصلحة النقاش, ان الناس في السودان, يمكن تقسيمهم بهذه الصورة التي تتجافي و العديد من الحقائق التي علي الارض. و لا ادري كيف ستعالج هذه الاشكاليات الماثلة امامنا الان , بعد التوقيع على الاتفاق النهائي,الذي سيكرس بدوره , هذا الواقع, الذي لا نرضاه و لكننا فشلنا فى امكانية تغييره, طيلة العهود الماضية؟
اتفق معك تماما اخي الخاتم بان الخطر الحادق بالوطن,هو استمرارية (الانقاذ) في السلطة, و لكن اسمح لي ان اضيف الى ذلك, بقية الاحزاب التي تصدت للعمل العام في السودان,جديدها و قديمها, لان جديدها يحمل بذور فناء قديمها, عليه, لا يمكن ان يكون مصدر الخطر هو (الانقاذ) وحدها,و انما مصدر الخطر,هو مماحاكات هذه الاحزاب ,التي ما فتئت ,تراوح مكانها, و لا تغير من سياساتها شيء , يصب فى مصلحة الوطن و بالتالي المواطن, فنحن , لا زلنا نعيش عصر المكايدات و المكاواة السياسية, فضلا عن الانقسامات والانقسامات المضادة, بمبرر و بدون مبرر,بسبب و من غير سبب,و باختصار شديد, تعاني احزابنا من فقر دم البرامج الطموحة التي تلبي تطلعات الشعب السوداني, كما تعاني احزابنا من عدم تكريس الممارسة الديمقراطية داخل نفسها كاحزاب, و تعاني احزابناايضا من بقية الامراض التي يعرفها القاصي و الداني, فلماذا لا نضعها كخطر يماثل اويقارب ان يماثل خطر استمرارية (نظام الانقاذ) في السلطة؟
اتفق معك اخي الخاتم بان فترة الثلاث او الاربع سنوات, يجب ان تكرس لبناء البديل الديمقراطي (للانقاذ), و لكني اتساءل, كيف يتم الاعداد لبديل ديمقراطي فى فترة الثلاث او الاربع سنوات التي تلي توقيع الاتفاق النهائي , في الوقت الذي فشل فيه الناس في بناء البديل الديمقراطي للمغامرات الانقلابية في السودان منذ ما يقارب الخمسين عاما من عمر (استقلال السودان)؟ هذا اذا وضعنا في الاعتبار الخلل الذي تعاني منه اتفاقيات السلام بين (الانقاذ) و الحركة الشعبية, فهذا الخلل جدير بجعل الناس تلف و تدور في مربعها الاول الذي لم تبارحه منذ زمان (الرعيل الاول للاستقلال)!!
نعم اخي الخاتم ان اقسام كبيرة من الناس تعيش حالة من الذهول, و لكن بالمقابل يمكننا ان نقول ان اقسام كبيرة من القوي السياسية السةدانية, تعيش حالة من المبيت الشتوي منذ عشرات السنين, و هذا المبيت الشتوي لاحزابنا السودانية,هو المسئول الاول و الاخير عن ذهول الناس الذين تحدثت عنهم بدقة.
نعم اخي الخاتم ان اتفاقيات نيفاشا نتجت عن هوان البعض في موازين القوي, و لكننا كنا مثاليين!! عندما ظننا ان من بيده القوي سيقوم بتوظيفها لمصلحة من لا حول و لا قوة لهم,و لكن هذا (الحلم) بددته اتفاقيات نيفاشا التي مدت(الانقاذ) بعمر جديد, عملت لتحقيقه بكل الوسائل غير المشروعة.
لا اعتقد اخي الخاتم بان الانتخابات المراقبة دوليا!! ستحل لنا هذه الازمة العويصة, لانها ستأتي في ظروف غاية في التعقيد, و لانها ستأتي في ظل سيطرة فصيلين من فصائل القوي السياسية السودانية على مقاليد الامور في السودان,و هما (الانقاذ) و الحركة الشعبية, و طبعا ستحاول (الانقاذ) ان تدعم صفوفها بكل الوسائل ,المشروع منها و غير المشروع,و ستوظف امكانيات الدولة لسياسة (التمكين الجديد) و بالقانون الجديد وفق اتفاقيات نيفاشا هذه المرة!اذن الفرص غير متكافئة و غير متساوية, و ستعمل الحركة الشعبية ايضا لفعل ما ستفعله الانقاذ وهو اتباع سياسة التمكين ايضا, و ما بين الانقاذ و الحركة الشعبية, سيتوه الجميع مهما فعلوا لتغيير هذه الاوضاع غير السوية. بمعني اخر ستدخل الناس الانتخابات وهي مهزومة ستة مقابل صفر مع (الرأفة), و الرأفة هنا هي رافة الانقاذ و الحركة الشعبية معا!! يعني ستتحول سيطرة الانقاذ على مفاتيح العمل السياسي فى السودان, الى سيطرة ثنائية, لا اكثر و لا اقل. فكيف سنعول على انتخابات في ظل هذه التعقيدات التي امامنا؟
اعجبني حديثك عن (المعارضة الشمالية) , لان الاعتراف بالواقع هو اول الخطوات لعلاج هذا الواقع, فقد طرشق التجمع مسامعنا, من كثرة حديثة عن تجمع المعارضة و ما ادراك ما تجمع المعارضة, حتي بعد توقيع بروتوكولات نيفاشا!! التي اكدت خطل ما ذهب اليه التجمع طيلة الفترة التي سبقت هذه التوقيعات, و ان كنا لا نريد لهذا الواقع ان يستمر بهذه الصورة المخجلة,و لكننا لا نغير ذلك بالاماني العذبة, لذلك يجب ان يعترف التجمع بفشله فى تغيير هذا الواقع الثنائي.
المعارضة المسلحة اخي الخاتم لا تستطيع ان تقتلع النظام لا من جذوره و لا من فروعه حتي,و لكنها ساعدت بعض الشيء , في خلخلة (نظام الانقاذ), و اعتقد ان ذلك كان هو الغرض منها, وهي في خاتمة المطاف عمل سياسي, و ما حدث في نيفاشا لم يأت للاسف الشديد الا من خلال حصد الارواح و تقتيل الناس في ليل بهيم. فالانقاذ تعطي ناس القرية صيحة و تعطي النقارة عصا!! لذلك نازلها الناس , كل حسب استطاعته.
اتفق معك اخي الخاتم في ان (الانقاذ), تتمني استمرارية المنازلة العسكرية مع الذين هم خارج نيفاشا , لانها تعلم جيدا, عملية انتصارها عسكريا, بعد ان توقفت المنازلة العسكرية في الجنوب , على الاقل الان. و السبب الثاني هو (الانقاذ) مثل السمكة لا تستطيع ان تعيش خارج برك الدماء,لذلك ستوقف الحرب هنا و ستشعلها فى مكان اخر, لان (الانقاذ) تعرف تماما فشلها الذريع فى حالة نزولها الى المنازلة السلمية, بل ان الانقاذ لم تأت الي السلطة عندما كان الجنرال خالد نزار السوداني في السلطة, و لكنها اتت الى السلطة, فى ظل عهد مهما قلنا عنه, فهو عهد (ديمقراطي) ربع كم.
نعم اخي الخاتم لن يسقط النزال الدائر في دارفور (الانقاذ) و لكنه على الاقل, سيضيق من الضغط عليها, و ستستجيب (الانقاذ) لما يريده الثوار فى دارفور, و ستحاول شراء الذمم حتي تغلق هذه البوابة الملتهبة التي لم تضعها الانقاذ في الحسبان, لانهاتعمل رزق اليوم باليوم, مهما حاكت قياداتها من مؤامرات و دسائس و خدع, و لكنها ستفشل في ذلك, لتجاربها الحية مع اخرين. و ستروج الانقاذ كما ذكرت انت ذلك الى مجموعة من الاكاذيب, منها التدخل الدولي و كانها هي قبيلة سودانية صرفة و ليس تنظيم متعدد الجنسيات , حتي تصرف الناس عن الموضوع الرئيس.
اعتقد اخي الخاتم ان حديثك/تعبيرك عن (الاقسام الرثة من المجتمع)!! التي خلقتها سلطة الانقاذ بكميات تجارية, حديث يحتاج منك لبعض التفاصيل, حتي نعرف بالضبط ما هي هذه الاقسام الرثة التي خلقتها الانقاذ و كيف تم خلقها و ما هي الفوارق النوعية و غير النوعية بين هذه الاجسام الرثة ؟ فنعم قد شاركت الانقاذ فى خلق العديد من الاجسام التي اعاقت عملية تطور الناس في السودان, لان هذه الاجسام نفسها تعاني مما تعاني منه , بسبب اساليب الانقاذ فى تعبئة الناس عن طريق الصراخ و العياط و تكبير الحناجر ...الخ, فاناس تمت مصادرة عقولهم بالة الانقاذ الاعلامية , لا نتوقع منهم مردود يفيد الناس في شيء, و لكننا في نفس الوقت, نجد لهم العذر, لان الظروف المحيطة بهم, فرضت عليهم, واقع , اقل مايقال عنه هو ان يفقد الانسان فيه اعز ما يملك الا وهو العقل.
تشريحك اخي الخاتم للفوارق بين (مؤتمري الترابي) اذا جاز هذا التعبير (الوطني و الشعبي او الشعبي و الوطني), تشريح يستحق الاحترام و التقدير, فقد كنت محقا فى كل كلمة قلتها عن هذين المؤتمرين اللذين شارك فى تأسيسهما شخص واحد, هو الدكتور حسن الترابي, الذي يشرب الان من نفس الكأس التي سقي بها بقية الناس طيلة سنوات الانقاذ الماضية و اللهم لا شماتة, وليست لدينا ايةاضافة نقولها عن هذين المؤتمرين المحيرين المكارين الخداعين. و لك نكرر دائما الشكر و التقدير.
|
|
|
|
|
|