دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السودان2

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 12:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة الراحل الاستاذ الخاتم عدلان(Khatim)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-04-2003, 10:00 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو (Re: Abdel Aati)

    غير ذلك ؛ لعب الحزب دورا مباشرا في تخريب التجربة الديمقراطية واغتيال الديمقراطية الدستورية ؛ عن طريق الآليات التالية :

    - تدبير الانقلابات العسكرية :

    وقد ساهم الحزب الشيوعي في العديد من الانقلابات العسكرية ؛ سواء في صورة المشارك التابع أو المشارك الرئيسي ؛ ومن العجب إن اكثر الأحزاب تشدقا بالديمقراطية قد اشترك في حزمة من الانقلابات العسكرية ؛ ولم ينتقد أيا منها إلي اليوم ؛ وان كان يحاول التحلل من مسئوليته عنها ؛ وهو نهج غير مسؤول ؛ ويتناقض مع قيمة النقد الذاتي التي يزعم الشيوعيون توفرها في حزبهم . إننا في الفقرات التالية نوضح مساهمة الحزب الشيوعي السوداني في تدبير الانقلابات العسكرية المختلفة سواء بدور الشريك التابع أو المحرض الخفي أو المنفذ الأول :

    - ساهم الحزب الشيوعي في اغلب الانقلابات التي تمت إبان حكم الفريق عبود ؛ وفى ذلك يقول مؤرخ الحزب الدكتور محمد سعيد القدال:"وكان للحزب الشيوعي دور في كل المحاولات الانقلابية التي تمت ؛ والتي انتهت بالفشل وبالإعدام والسجن والتشريد للعناصر الوطنية في الجيش "!!…

    وقد كان إسهام الحزب الأكبر في هذه الفترة في انقلاب على حامد في 1959 ؛ وهى المحاولة التي اشترك فيها بنشاط اثنان من أعضاء التنظيم الشيوعي السري في الجيش ؛ وهما محمد محجوب عثمان وعبد المنعم محمد احمد – الهاموش – جنبا إلى جنب مع ضباط ….الإخوان المسلمين ومرشدهم العام آنذاك الرشيد الطاهر بكر . وقد حاول مؤرخي الحزب من بعد التملص من مسئوليتهم عن المشاركة بإلقائها حصرا علي كاهل عضوي اللجنة المركزية احمد سليمان ومعاوية إبراهيم سورج ؛ واللذان باركا المحاولة ووافقا على مشاركة أعضاء الحزب فيها ؛ وتنكرا من بعد لها . ومن الغريب أن هذين الرجلين لم يتعرضا لأي مسائلة من قبل الحزب بعد أكتوبر ؛ بل اصبح أحدهما وزيرا ممثلا للحزب في حكومة أكتوبر –احمد سليمان - ؛ولم تستغل هذه المسالة ضدهما إلا بعد خروجهم من الحزب في عام 1970 ؛ أي بعد اكثر من عشرة أعوام على الحادثة .

    -في العام 1966 حاول الملازم أول خالد الكد تنفيذ انقلاب عسكري اعتمادا على جنود ومجندين جدد ؛ وقد أشارت أصابع الاتهام حينها إلى الحزب الشيوعي وعناصر محددة من قيادته ؛ إلا انه لم يثبت عليها الدليل . وقد اتضح لاحقا إن خالد الكد شيوعي ملتزم ؛ ولم يفصح خالد الكد حتى فترة الديمقراطية الثالثة ؛ عمن وقف خلفه في هذه المحاولة ضد النظام الديمقراطي ؛ في المقالات التي نشرها بجريدة الميدان حول ذلك الانقلاب .

    - في عام 1969 ؛ نفذ تنظيم الضباط الأحرار ؛ وهو تنظيم مشترك للشيوعيين والقوميين العرب وعناصر أخرى ؛ انقلاب 25 مايو 69 . وقد حاول الشيوعيون كل وسعهم التملص من مسئوليتهم في تنظيم ونجاح الانقلاب ؛ إلا إن الشهادات اللاحقة للانقلاب ؛ تثبت تورط الحزب الشيوعي وجناحه العسكري في تدبير وتنفيذ ذلك الانقلاب ؛ في الفقرات التالية نذكر جزءا منها .

    يذكر محمد محجوب عثمان " إن تطور الموقف حول فكرة الانقلاب الذي تبنته عناصر القوميين العرب من ضباط تنظيم الضباط الأحرار ؛ والذي لاقى اعتراضا من الحزب في اجتماع المكتب السياسي فى مارس 1969 ؛ ما كان له أن يحدث لولا الكتلة التي دعمت فكرته داخل اللجنة المركزية التي استطاعت تمرير موقفها على المستوى القيادي ؛ وهذا ما يفسره لنا وقوف غالبية اللجنة المركزية مع فكرة المشاركة في حكومة مايو على المستوى الوزاري بعد رفضها للاقتراح المقدم من السكرتير العام للحزب بعدم قبول كراسي وزارية " كما يمضى ليؤكد " فقد شارك العسكريون الشيوعيون في العملية الانقلابية بتوجيه من الحزب ؛ ودخلوا في ساعات الصباح الأولى القيادة العامة وقاموا بتأمينها والاستيلاء عليها بجسارة أذهلت بقية الانقلابيين الآخرين " – من كتاب الجيش والسياسة في السودان – ص 35 .

    إن اشتراك الشيوعيين في التخطيط والتنفيذ تثبته واقعة إن مجلس قيادة الانقلاب قد احتوى على عنصرين شيوعيين ؛ هما المقدم بابكر النور – رئيس التنظيم الشيوعي السري فى الجيش – والرائد هاشم العطا . كما عين المقدم عثمان حاج حسين أبو شيبة قائدا للحرس الجمهوري ؛ وهو عضو رئيسي في التنظيم الشيوعي السري في الجيش ؛ واحد المدبرين والمنفذين لاحقا لانقلاب 19 يوليو 1971.

    - بعد الخلاف مع القوميين العرب ؛ وبداية العداء بين الحزب الشيوعي وسلطة مايو ؛ و إبعاد العناصر الشيوعية من السلطة في 17 نوفمبر 1970 ؛ نفذ التنظيم العسكري الشيوعي انقلاب 19 يوليو 1971 ؛ بمعرفة تامة من السكرتير العام للحزب والمكتب السياسي للحزب . إلا أن الحزب الشيوعي قد أصر كالعادة على نفى مسئوليته في تدبير وتنفيذ ذلك الانقلاب ؛ متهربا تحت ستار جملة أدبية " شرف لا ندعيه وتهمة لا ننكرها " . إلا أن الشهادات التي أتت من الضباط المشاركين ؛ ومن وثائق الحزب نفسه ؛ تثبت معرفة الحزب للانقلاب ؛ ومناقشة المكتب لقيادة التنظيم العسكري حول تفاصيل خطة الانقلاب ؛ وغيرها من الدلالات التي توضح مسؤولية الحزب السياسية والمعنوية عن ذلك الانقلاب الذي أدى قيامه وفشله إلى اخطر النتائج في تاريخ الحركة السياسية ؛ والى تقوية سلطة نظام مايو إلى سنين طوية قادمة " راجع حول ذلك الانقلاب كتب القدال ومحمد محجوب عثمان ؛ وثيقة تقييم انقلاب 19 يوليو الصادرة عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ؛ كتاب اللبناني فؤاد مطر الحزب الشيوعي السوداني نحروه أم انتحر ؛ مذكرات عبد العظيم عوض سرور المنشورة في قضايا سودانية ؛ الفصل المكرس للسودان في كتاب جاك وودز " الجيوش والسياسة " ؛ وكتاب محمد احمد كرار عن الانقلابات العسكرية في السودان .

    - دعم الأنظمة العسكرية :

    دعم الحزب الشيوعي نظام مايو منذ بدايته الأولى وحتى 16 نوفمبر 1970 ؛ حين ابعد الشيوعيين من مجلس قيادة الثورة ومن المواقع الحساسة ؛ إلا إن الثابت إن الحزب الشيوعي قد ألقى بكل ثقله فى تأييد نظام مايو ؛ وتبدى ذلك فى تنظيم العناصر المرتبطة به لمسيرة تأييد مايو في 2 يونيو 1969 ؛ وفى انخراط الشيوعيين فى آلة النظام السياسية والإعلامية وحتى الأمنية ؛ وهى كلها ممارسات موثقة ومشهود بها ؛ وقد كانت هناك لجنة مشتركة للتنسيق بين الحزب الشيوعي ومجلس قيادة الانقلاب ؛ وكان دعم الحزب الشيوعي لانقلاب حاسما في تقوية مواقعه في الحياة السياسية السودانية . ولم يدع الحزب الشيوعي رغم الضربات التي وجهت له بعد 61 نوفمبر 1969 إلى إسقاط النظم ؛ إلا في 30 مايو 1971 في بيان من اللجنة المركزية للحزب .

    - التقاعس عن حماية النظام الديمقراطي :
    تقاعس الحزب الشيوعي مرتين عن حماية النظام الديمقراطي الذي كان طرفا فيه ؛ وذلك في عامي 1969 و1989 ؛ وان كان تقاعسه فى المرة الاولى من نوع الاشتراك فى المؤامرة ؛ وتقاعسه فى المرة الثانية من نوع العجز السياسي .

    فحين بدا التحضير لانقلاب 25 مايو ؛ اتصل الانقلابيون بالحزب الشيوعي للحصول على تأييده ؛ أخطروا الحزب بكل تفاصيل الانقلاب ؛ فما كان التصرف من طرف الحزب؟ لقد ناقش الفكرة فى اجتماع اللجنة المركزية فى مارس ؛ واعترض عليها هناك عبد الخالق محجوب ؛ الا ان الحزب لم يقف موقفا واضحا ضد فكرة الانقلاب ؛ او يقنع الانقلابيين بخطرها ؛ الأمر الذي جعل زعيم الانقلاب يلتقي مرة أخري بعبد الخالق والشفيع احمد الشيخ ومحمد إبراهيم نقد ؛ ودار بيتهم حديث طويل ولم يتوصلوا فيه الى شي ؛ ومن بعد التقى فاروق حمد الله وبابكر عوض الله فى نفس الموضوع مع قيادة الحزب ؛ وتم نقاش قصة الانقلاب فى اجتماع المكتب السياسي فى 9 مايو 1969 ؛ وتحت ضغط عبد الخالق رفض المكتب السياسي المشاركة . إلا ان الحزب عشية الانقلاب لم يكتف بعدم محاولة إيقافه ؛ بل دعا العسكريين الشيوعيين من أعضاء تنظيمه السري لدعمه ؛ وفى ذلك يقول محمد محجوب عثمان ؛ عضو التنظيم الشيوعي السري داخل الجيش " فقد شارك العسكريون الشيوعيون في العملية الانقلابية بتوجيه من الحزب ؛ ودخلوا في ساعات الصباح الأولى القيادة العامة وقاموا بتأمينها والاستيلاء عليها بجسارة أذهلت بقية الانقلابيين الآخرين" - مصدر سابق .

    إن وثائق الحزب الشيوعي ؛ وخصوصا وثائق المؤتمر التداولي لكادر الحزب ؛ الذي انعقد في العام 1970 ؛ توضح معرفة الحزب وتستره على انقلاب مايو ؛ بل ودعوته للضباط الشيوعيين لدعم النظام . إن هذه الحقيقة قد أثبتها أيضا الباحثين جاك وودز وفؤاد مطر ؛ كما سجلها السفاح نميرى فى كتابه النهج الإسلامي لماذا ؛ وان ادعى فيه البطولات وزعم فيها انه ارهب القادة الشيوعيين لكيلا يفشوا السر ؛ وفى نظرنا إن هذه مجرد جعجعة من طرف النميرى لا دليل لها .

    إن محمد إبراهيم نقد ؛ أحد المشاركين في تلك الحوارات والمفاوضات بين قيادة الحزب والانقلابيين ؛ قد اعترف بذلك على استحياء فى إفادته لمحكمة مدبري انقلاب مايو . ألا انه لا الحزب ولا نقد قد قام بتقديم كشف حساب ونقد ذاتي واعتذار علني على تسترهم على المتآمرين على الديمقراطية . وربما ظن نقد والحزب إن التستر على الانقلاب وعدم إفشاء سره هو جزء من الأخلاق ؛ كما فهمها الرائد مأمون عوض أبو زيد ؛ والذي قال " نحن نحفظ للحزب الشيوعي أخلاقه . لم يفشى الأسرار رغم رفضهم للانقلاب .. لكن كلم ناسوا ؛ فشاركوا في التنفيذ " – الجيش السوداني والسياسية – صفحة 61 .

    إن محمد إبراهيم نقد نفسه ؛ والذي لم يحرك يدا في فضح انقلاب مايو او تعطيله ؛ قد عرف بانقلاب الجبهة القومية الإسلامية في 30 يونيو 1989 ؛ وجاءته المعلومات مؤكدة وموثقة ؛ فماذا فعل ؟ هل توجه إلى البرلمان وأعلن الحقائق ؛ هل ذهب إلى التلفزيون وفضح المخطط ؛ هل أقام ندوة وذكر فيها أسماء المخططين وتفاصيل خطتهم ؛ هلا اصدر بيانا للجماهير بما تحصل عليه من معلومات ؛ هل طرح الأمر على عضوية الحزب ودعاهم إلى اليقظة والحذر ؛ هل اتصل بالنقابات ودعاها إلى التنظيم والمقاومة ؛ هل وزع السلاح على كوادره الخاصة ودعاهم لحماية النظام الديمقراطي ؛ لا لم يفعل أيا من هذا ؛ وكلها خطوات ينبغي أن تنجز في حالة كهذه ؛ فماذا فعل إذن ؟
    اتصل حضرته بجهاز أمن حزب الأمة ؛ وجهاز الأمن الوطني ممثلين في شخص رئيس الجهازين – يا للهزل – عبد الرحمن فرح ؛ والذي أكد لهم انهم يسيطرون على كل شي ؛ وكان حديثه كحديث الفريق مهدى بابو نمر ؛ رئيس الأركان حينها ؛ والذي قال لضباط الجيش في لقاء تنويري في منطقة الخرطوم بحري العسكرية قبل أيام من الانقلاب " ما في واحد يقدر يعمل انقلاب ونحن ( أي هيئة القيادة ) موجودين .. ونسى سعادته في غمرة انفعاله قول أهلنا البسطاء (حواء والده) " – السر احمد سعيد – السيف والطغاة – ص 166.

    ولقد قال التجاني الطيب ؛ عضو سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ؛ فى محاولة خجولة للاعتراف بهذه الحقائق المرة ؛ وفى محاولة لتقليل أهميتها في نفس الوقت ؛ قال: " لقد رأى الحزب الشيوعي التخطيط العام للانقلاب ؛ ولكن لم يضع خطة مضادة تعتمد على الجماهير " – الجيش السوداني والسياسة – ص 264 . ولعمري فقد كانوا يعرفوا الخطة التفصيلية للانقلاب ؛ ولكنهم فضلوا بدلا من الاعتماد على الجماهير ؛ والتي نسوا دربها منذ زمن ؛ الاعتماد على أجهزة مخابرات خربة ومتهاوية ؛ وعلى حليفهم رئيس الوزراء الغرور المأبون ؛ فيا بئس الطالب والمطلوب .

    - الانكفاء والتخبط وسط حركة المعارضة الوطنية :
    رغما عن البطولات والمقاومة الفذة التي قام بها أعضاء الحزب الشيوعي ضد مختلف الديكتاتوريات ؛ ونشاطهم ضد سياسات الحكومات المدنية ؛ الا ان قيادة الحزب كانت ترتكب العديد من الأخطاء ؛ وتمارس التكتيك وضده ؛ ولا تعترف بأخطائها البتة ؛ الأمر الذي لم يساعد ولا يساعد على قيام معارضة ومقاومة وطنية موحدة ومستديمة وظافرة ضد مختلف الديكتاتوريات .

    إننا في الفقرات التالية سنذكر ثلاثة فقط من الأخطاء السياسية التي قامت بها قيادة الحزب الشيوعي؛ ولم تنتقدها رسميا حتى الآن :
    -فى العام 1961 أسس الفريق عبود برلمانا هزليا ؛ اسماه المجلس المركزي ؛ والذي كان بمثابة ديكور للديكتاتورية . إن الحزب السياسي الوحيد الذي اشترك في تلك المسرحية ؛ قد كان الحزب الشيوعي السوداني ؛ معطيا بذلك شرعية لكامل ذلك الهزل السياسي ؛ ومدافعا عن موقفه في الاشتراك حتى بعد عمليات التزوير وحتى بعد استغناء عبود عن مجلسه المتهالك - راجع جزء من التبريرات فى كتاب ثورة شعب .

    ورغم إن هذا الاشتراك قد كان خطأ سياسيا كبيرا ؛ إلا إن الحزب الشيوعي لم يجد فى نفسه الشجاعة للاعتراف به ؛ ومن ضمن عشرات التبريرات الهزيلة الصادرة عن الحزب ؛ وجدت اعترافا خجولا بخطأ تلك الخطوة في مقال التجانى الطيب هاكم اقراؤا كتابيا ؛ والمنشور بأحد أعداد مجلة قضايا سودانية فى …النصف الثاني من التسعينات !! وحتى الآن فإننا لا نجد اعترافا من الحزب الشيوعي بخطأ تلك الخطوة المدمرة ؛ ولا تقديما للإسبال الحقيقة التي أدت إليها .

    - فى العام 1989 ؛ وبعد الانقلاب مباشرة رفض سكرتير الحزب محمد إبراهيم نقد الاختفاء ؛ وانتظر رجال الأمن فى بيته . وعندما سئل عن أسباب ذلك من جريدة الشرق الأوسط أجاب بأنه كان يعتبر نفسه مسؤولا عن الحكومة السابقة لان حزبه كان مشاركا فيها – بوزير واحد – ؛ وانه لن يتهرب من المسائلة ؛ وانه لم يفعل شيئا يستحق الاختفاء و إخفاء نفسه . وفى الحق فلو كانت هذه دوافع حقيقية ؛ فهي تعبر عن سذاجة سياسية بالغة . فالحكومة السابقة كانت حكومة ديمقراطية والحكومة التى أتت ديكتاتورية لا شرعية ؛ وليست لها صلاحيات المحاسبة ؛ وانما ينبغي حشد كل الجهود لمقاومتها والصراع معها وهزيمتها ؛ ولا ينبغي تسليم النفس اليها طائعين مختارين ؛ اذا كان فى الإمكان الاختفاء والعمل من تحت الأرض ضدها .

    لقد كلف هذا الخط السياسي الفادح قواعد وكوادر الحزب الشيوعي الكثير من الجهد والوقت والإمكانيات ؛ لحماية حياة السكرتير العام ورفيقه التجانى الطيب. وإني أذكر الجهد الخرافي الذي قمنا به في الخارج للضغط على النظام لتامين سلامة من سلموا نفسهم طائعين مختارين ؛ وهو جهد كان سيثمر الكثير لو صب فى نضالات أخرى ؛ ولم نكن مهمومين بسلامة هؤلاء القيادات ؛ ولو لم يغامروا هم بحياتهم وبقيادة الحزب وقتها ؛ بدلا من ممارسة الجعلية السودانية القريبة من الحمق .

    - في الأعوام 1989-2002 ؛ دخل الحزب الشيوعي في تحالف مكشوف في إطار التجمع الوطني الديمقراطي ؛ مع حزبي الأمة والاتحادي الديمقراطي ؛ وهما الحزبان المسؤولان عن إجهاض الديمقراطية الثالثة . ولم يكتف بذلك بل ودعم على تدعيم مواقف هذين الحزبين في التجمع ؛ وتحالف مع اكثر العناصر رجعية فيهما ؛ فى الوقت الذي حملتهما فيه جماهير واسعة المسؤولية الأولى عن فشل التجربة الديمقراطية الثالثة .

    وفى هذا الإطار فان الحزب الشيوعي قد كان من المبادرين باقتراح مبارك الفاضل المهدى لان يكون سكرتيرا عاما للتجمع ؛ ومن المبادرين ولا يزال من الداعمين لرئاسة محمد عثمان الميرغنى للتجمع . والأول انتهازي سياسي من المقام الأول ؛ ومن المسؤولين المباشرين عن انهيار الديمقراطية الثالثة وعن الفساد فيها عندما كان وزيرا للتجارة ؛ وهو معتقل الأساتذة المشاركين في ورشة أمبو عندما كان وزيرا للداخلية فى الديمقراطية الثالثة ؛ والثاني زعيم طائفة عاطل من المواهب والكاريزما ؛ متقلب يبنى سياسته حسب ما تأتى به الأحداث ؛ منفعل لا فاعل ؛ وليست له أي قدرات قيادية تؤهله لقيادة نضال طويل وشرس ضد عدو كنظام الإنقاذ .

    لقد رفض الحزب الشيوعي دعوة حلف للقوى التقدمية كان قد أطلقها الفريق فتحي احمد على وفاروق ابو عيسى فى عام 1993 ؛ وتأرجحت تحالفاته ما بين دعم للامة مرة ودعم للاتحادي مرات ؛ ورفض فى داخله مختلف الدعوات لتجميع القوى الجديدة وقوى السودان الجديد ؛ وقد عبر عن هذا الأستاذ طه إبراهيم فى تقريره الذي قدمه فى عام 1999 إلى اجتماع قوى السودان الجديد بالقاهرة ؛ ولا يزال خط التحالف مع القوى الطائفية مسيطرا على الحزب ؛ بل وصل العداء بالحزب الشيوعي إلى أن يقف في صف واحد مع القوى الطائفية ضد دخول حركة القوى الجديدة الديمقراطية ( حق ) للتجمع ؛ وهى قوة جديدة وعلمانية ؛ وان كان الشيوعيون يعتبروها منشقة عن تنظيمهم ؛ كما لم يسجل الحزب الشيوعي أي مواقف ضد انعدام تمثيل المرأة السودانية في قيادة التجمع ؛ وعندما استطاعت الأستاذة فاطمة احمد إبراهيم ؛ بفضل نضالها ودعم الحركة النسائية والعديد من الشخصيات والمنظمات أن تصبح عضوه في هيئة القيادة ؛ ما لبث الحزب الشيوعي أن تخلى عنها في أول سانحة ؛ وذلك حين أشعل إعلام النظام حملة ضارية ضدها استغلوا فيها شريط فيديو مسرب ؛ وتحالف عليها سدنة التجمع من كل صوب ؛ ومنعت من دخول مداولات التجمع في القاهرة ؛ بل ودفعها الصادق المهدى دفعا عن طريقه ؛ حتى كادت ان تسقط على الأرض !! فماذا فعل الحزب الشيوعي ؟ لقد وقف مع الطائفيين ضد عضو قيادي فيه ؛ واصدر بيانا يدينها ؛ الأمر الذي جعل شخصية نضالية كفاطمة احمد إبراهيم ؛ خارج نشاطات التجمع ؛ وجعلها تبحث عن منابر أخرى وتؤسس لتنظيمات جديدة ؛ في عزلة إجبارية لها عن حزبها وعن التجمع الوطني الديمقراطي المزعوم ؛ حيث لا هو بتجمع ؛ ولا هو بوطني ؛ وليس للديمقراطية إليه من سبيل .

    وبعد فقد كانت هذه بعض الملاحظات حول الدور السلبي للحزب الشيوعي في صيرورة التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري فى السودان ؛ ونتمنى أن يكون الحوار حولها موضوعيا وخاليا من التشنج المرضي والتعصب الأعمى ؛ وان يحتكم الى المنطق و الحقائق ؛ فالحق يعلو ولا يعلى عليه .

    عادل عبد العاطى
    30 أكتوبر
                  

العنوان الكاتب Date
دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السودان2 Abdel Aati10-04-03, 09:56 PM
  Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو Abdel Aati10-04-03, 10:00 PM
  Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو kamalabas10-04-03, 10:22 PM
    Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو Abdel Aati10-05-03, 08:21 AM
      Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو منذر نقدالله10-05-03, 07:52 PM
      Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو Abdel Aati10-05-03, 08:37 PM
  Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو kamalabas10-05-03, 09:56 PM
    Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو Abdel Aati10-05-03, 11:54 PM
  Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو kamalabas10-06-03, 00:50 AM
    Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو Abdel Aati10-06-03, 01:19 AM
  Re: دور الحزب الشيوعي في تخريب التجربة الديمقراطية والنظام الدستوري في السو kamalabas10-06-03, 02:14 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de