أولادنا في الغربة ... سجم الراجيهم!!

الترحال من النشاطات الطبيعية لكثير من المخلوقات الارضية , ويكاد يكون سنة ,
حياتية درجت عليها هذه المخلوقات تشكل السمات والملامح الرئيسة للغالبية

العظمي من سكان كوكب الارض .


والهجرة حسب التعريف العلمي لها تعني ظاهرة التنقل من بلد الي بلد اخر , او

أبدال البيئة بأخري جديدة , وتطويع الامكانيات الايكولوجية والطبيعية , لخدمة

الانسان ان عنينا البشر في تناولنا للمشاكل , وهي عكس النزوح الذي يعني ظاهــرة

التنقل من مكان الي مكان داخل البلد نفسه , دون الحوجة الي عبور الحدود ,

والسفر الي البعيد او الدول الجارة .


واذا كنا بصدد التطرق للاسباب الحقيقة التي تدفع الناس للهجرة , نجد ان

الاسباب تتركز غالبا في سبل البحث عن لقمة العيش و تحسين المستوي الاجتماعي

, ولكن لايخفي عليكم ان هناك عدة دوافع اخري مثل الاضطهاد السياسي والعرقي

والديني , والهجرة القسرية بسبب الابعاد او النفي , اذا كان المهاجر صاحب

نشاطات سياسية معادية للنظام الحاكم في الدولة الام . اما النزوح فيختلف تماما

في عدة ابجديات اساسية , وان ظل الجانب الامني قاسم مشترك في الجانبين ,

ولكن النزوح غالبا يكون بسبب الحروبات الاهلية , والمجاعة , والتصحر , و

نضب الموارد الطبيعية اللازمة لايجاد بدائل , تمكن السكان من التعايش

السلمي مع البيئة , لتصبح طاردة غيرملائمة لحياة بشرية كريمة , ايضا يبرز

حق اللجؤ السياسي كطرف مؤثر في القضية , لان الاثر قد يمتد الي المدي البعيد

طالما ظل النظام الذي تسبب في هذا الابعاد متشبسا بمقاليد الحكم.


كل هذه العوامل مشتركة اجتمعت لتشكل ملمح جديد لخلية سكانية, اوجيل اخر فاقد

الهوية , مستلب فكريا الي المجتمع الجديد , ولا يقبل التصالح مع فكرة

الوطنية , ويرفض وجدانيا مجرد تناول الامر ووضعه في طاولة طرح موضوعي ,

وحتي المبررات تاتي واهية وضعيفة , والمسوغات لاتمت الي العقلانية بصلة.

تفرز ظاهرة الهجرة عدة سلبيات وايجابيات احاول ان أتطرّق لها في معرض

حديثي بدون مغالاة او أسهاب ,وأجملها في عدة نقاط وابدا بالناحية الايجابية

فالهجرة سبب أساسي في رفع المستوي المادي والفكري نتيجة للتفاعل الفعال

,والانصهار مع البيئات الجديدة , واكتساب الخبرات , وتطوير الاداء , مما

يكون له بالغ الأثر في دفع عجلة العملية الابداعية والتنموية في حالة

العودة الي الديار, وزرع الخاصية الابتكارية في الذهنية المتبلورة من الاحتكاك المباشر مع اناس

بعقليات فزّة وجبّارة, يكون تأثيرهم مباشر وفعال .

أما تتمثل السلبية في اصطراع الحضارات , والتهميش العمد لموروثات وقيم

وعادات وتقاليد الوطن الام , والانحلال والتفكك الاسري , واتساع الهوة بين

الابناء وارباب الاسر ,وتهديد فكرة الوطنية , ونشؤ بيئة مثالية للدوس علي

تراث الاجداد ,وركل المبادئ , وتفشي الظواهر الشاذة , والاخلاقيات المتمردة

علي سلطان الرقيب الاجتمـاعي ,وضعف الوازع الديني ,في اغلب الحالات.

السبب الرئيس الذي دفعني للكتابة في هذا الموضوع نتج عن احداث واقعية ,

وحالات مرت علي وعايشت احداثها , ومعظم حلقات السيناريو هذا , كانت من

قبل اصدقاء عزيزين تعرفت عليهم عن طريق الانترنيت , من الجنسين وكلهم

شباب في مقتبل العمر , او فيهم الذي بالكاد تخطي عتبة المراهقة , وانا

علي فكرة ,انسان حنين الي ابعد الحدود , ولست بصدد الحديث عن نفسي , ولكن

عندما كنت اسأل هؤلاء الاصدقاء , عن السودان , صدمتني أجاباتهم, ولاحقا

سأفرد مساحة لاّراءهم واقوالهم.