|
التراب
|
التراب
يهطل المطر مدرارا و الرعد يصيبنى بذعر و خوف حفى , مثله كمثل أغنية ل ( بلاص) , كانت تبث فى المساءات التى تضج بوحدة و سكون و جنادب , صوت ربابة تائهة فى خضم الات نحاسية , موحشة فى رنينها كأنما رنينها ينبعث من مغارة . امى فى خضم الهزيم تتمتم ( سبح الرعد بحمده...) , دون ادنى شك , و المطر يتحدى الوقت , والمنازل و الملاجىء , بأحتقار بالغ , يصطخب فى اسطورته بالمردة و الشياطين, ناشئون ناشطون , صم بكم, تستبين وجوههم الساخرة , خلل ضياء البرق الأزرق..أخضر؟؟ وراء الراديو القديم , تجلس فى هدوء , بطارية , زرقاء داكنة , و فى بحر الزجاجة , ضوء أخضر , مشع , اليف, يتحرك جانبيا فى اتجاهين متضادين, حين يدار القرص, و قطعة قماش مشدود على صدره , تلتف حول اغنية, أظنها ( صدفة) ؟؟ قماش ( سمنى) خشن الملمس . يقافزالمطر قطراته المرنة على سطح الزنك , و هى فى انفجاراتها المتلاحقة , اشبه ما تكون بكرات من البلاستيك الشفاف الذائب , و أشد ضجة من طرق الحصى , نحسبها الضفادع تهمى من السماء، واختى الصغرى ، تتحول فى صباح اليوم التالى الى علق أسود ، يسبح فى اعداد مهولة فى حركة و ايقاع منتظمين . و تجرى الخيران ، بالماء العكر ، الى غير هدف ، و فى قيعانها ، شظايا زجاج ، أخضر.. أزرق؟؟ يطعن فى راحة القدم ، و فى العيادة الخارجية ، يلبسون ملابس بيضاء ، فوق هياكل من المهوقنى اللامع ، رائحة صبغة اليود ، و اوان فضية لامعة ، و بيضاء , و ماء يغلى و يفور و ينفث بخارا ، انبوبة صغيرة من الزجاج الشفاف ، صفراء..برتقالية؟؟؟ يتوتر داخلها بسائل كالزيبق ، ينحر رأسها بمنشار دقيق ، تغرزفيها ابرة غليظة بعد ( طق) رأسها عن بقية جسدها ، بمقص له ذراعين ملتويين ،و القنائن الزرقاء المائلة الى الخضرة الزيتية ، يعبأ فيها السمن ، و تسد ( بتمرة) ، بها بعض بقايا رائحة خمر مصنوعة من التمر ، تشيع رائحتها فى انفاس الحوقلة بعد صلاة الصبح الباكرة ، و تنشب فوق خيوط العراقى ، و جريدة ( الجماهير) ، و نظارات القراءة الحمراء المفصدة باللون الأسود على اطارها وفى كلتا نهايتى اياديها ، سير أسود يعلق حول الرقبة ، ارق من سير ماكينة ( سنجر) الغليظ ، و فى درجها الخشبى المصقول ، تحفظ ( المزيتة) ، قال ابى ان لم تحفظوا لآمون فضله لحبس عنكم المطر و انزل عليكم ترابا ، او شظايا من زجاج ازرق..اخضر ؟؟يعبأ فيه الخمر الذى يصنع من ثمر النخل ،و خمر الآبرى ، الذى ضل طريقه الى موائد رمضان, فأن لم يكن خمرا ، فما الذى اتى ( بالزريعة) ؟؟؟ عدونا عقب بزوغ الشمس من بين ركام السحب ، الى الأفق المستقيم ، تزلجنا على سطح السماء السميك المحدب ، الأزرق..الأخضر ؟؟؟ و بقية من تمتمات امى ( سبح الرعد بحمده و الملائكة من خيفته ) ، و أعاد المذياع أغنية ( صدفة ) , و ( عالى النخيل ما ضقنا تمرو) ، قالت جدتى ان المقصود بذلك ( السيد على ) ، و شظايا الزجاج تغير لونها الى احمر..بنى لامع ينضح بالجنجبيرة ، يغرى بالقضم ،شظايا من صورة الملكة أليزابيث ، تهمهم و هى فى حضرة الكاميرا ( يا رب بهم و بآلهم...) ،فى درج ماكينة ( سنجر) ، كانت ترقد بكرات خيوط ملونة ، و صورة ( عبد الناصر ) على الجدار ،و ( حقة) ،و ( ليفة) على فم ( الشرقرق)، ادخلت امى ابرة فى رأس البابور..فصمت و بق- بشعلة زرقاء..حمراء..خضراء؟؟؟ و صارت النار وردة على غصن من نحاس ساخن ،تقف على ارجل معقوفة من النيكل البارد ، و انبعث من بين مسام القماش السميك ،السمنى الخشن صوت ابراهيم عوض ( مين قساك ) ، و جاء ( ختم ود سيدة) ، على رائحة السخينة ، استند ابى على ( المزيرة) ليعتلى سرج العجلة ، بحذر حتى لا يتسخ جلبابه ، تراكضنا نفتح له باب الحوش ، فمر من خلاله و هو يترنح جهدا للتوازن ، حذر السقوط ،تنحنح و هو على مشارف الأسفلت ، تماثل و استوى بحزم ، امتلات بالونة الثقة ببخار العادة ، فأرخى يدا و رفع الأخرى بالتحية!! العسل قيل انه لعلاج ( يوسف) من اليرقان ،يتقيأه و نحن نرمقه بالقبول و الأنخذال و العجز، و بعض حسد ، يدور فنجان القهوة فى يد جدتى المعروقة ، مائتى دورة ، قبل الرشفة الأخيرة ، نسقط كالذباب عليه عقب فراغها ، نلحس السكر المترسب فى قاع الفنجان ، له رائحة تبغ ( الناشونال) ، الذى يتبع خالى انى ذهب ، و فى الطريق الى البيت ، كادت ( القرعانية) أن تأكل مصاريننا ، فأنشدنا اغنية من أهازيج جيراننا الكنوز ( هلا هلا ..او..ابدو ) ، يصيح البائع ( كيب كيب ترمس) ، تراكضنا وراءه ، قالت امى انها ( تمسخ ) الترمس فى البيت افضل ، انصرف الرجل دون رزق ، يحمل ( جردله ) ، مائل الكتف ، و اختفى فى متاهة ميدان الكرة..افق بعيد ، ابعد من البحر ، رقصت ( فتحية ) السامبا فى حفل الختان ، رقصت بفرح ابهجنا حتى نسينا بفعل البهجة الام جرح الموسى ، رقدنا على ظهورنا ،فى جلابيب زرقاء..لبنية؟؟؟ و كشفنا للهواء الطلق ، حبوبتى كانت تسميه ( الراجل اب عميمة) ، كان ( الراجل اب عميمة) ، يرشح بالألم كلما هممنا بالتبول ، نمشى حذر ان نصيبه بأذى ، بساقين منفرجتين ، و أعياء متكلف ، و جيب الجلباب اللبنى ، منتفخ بحلوى ( كريكاب) و الكرمللا ، و كيس ( الحزا) المدبب ، و الحجاب ، جاءت به خالتى من ( ابو حراز) ، مع الشربوت ، نام جدى ( حسين) بعد ان اكثر فى شربه بشغف، متوسدا مخلاية تحت برودة المزيرة مثل كلب عقور ، و داهمته الأحلام..رمادية..سوداء؟؟؟ هب من نومه فزعا ، قطع الجمار و ادرك الصلاة ، شربنا سرا ، و انتفت الأثارة حينما علمنا أ نه لا بأس ، جاءت حاجة ( عشة قصيرونة) الفلاتية بالدقيق ، و فى المساء الموغل ،عزفت ( المزيكة) ( يا حاجة ما تدقى كاروشة) ، رقص الطير المهاجر و هو ينتفض , ( الكاروشة) ،فرح قوم و امتعض بعض ، و تهامس بعض ان ( فاروق ) شيوعى ، انزعجنا قليلا من عدم مقدرتنا على رؤية شىء يراه الآخرون ، جاء و ( بشر) و هو مرتد ( ابرول السكة الحديد الأزرق..الداكن؟؟؟ كان ياسين يشير بأصبعه الى الطائرة التى كانت تقطع السماء كل يوم قبيل العصر ، مؤكدا ( دى كان قريبة ..تكون فى الخرتوم)!!! كان يردد ذلك كل يوم ، تصورت الناس فى داخل هذه العلبة المستطيلة الصغيرة ، مثلهم مثل المطربين داخل الراديو ، ينتظرون دورهم فى صفوف منتظمة خلف القماش السمنى الخشن..و فجأة، انقطع المطر عن الهطول..و هبط التراب ثقيلا..احمر..اسود؟؟
تاج السر الملك
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
التراب | Tagelsir Elmelik | 05-05-07, 05:28 AM |
Re: التراب | عصام عبد الحفيظ | 05-05-07, 05:35 AM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-05-07, 02:07 PM |
Re: التراب | mekki | 05-05-07, 05:59 AM |
Re: التراب | Emad Abdulla | 05-05-07, 11:10 AM |
Re: التراب | Emad Abdulla | 05-05-07, 04:38 PM |
Re: التراب | jini | 05-05-07, 06:19 PM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-06-07, 02:26 PM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-07-07, 12:55 PM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-07-07, 01:23 AM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-08-07, 03:46 AM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-06-07, 00:02 AM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-08-07, 07:46 PM |
Re: التراب | Anwar Elhaj | 05-08-07, 08:10 PM |
Re: التراب | Osman Musa | 05-08-07, 08:39 PM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-09-07, 02:49 PM |
Re: التراب | Tagelsir Elmelik | 05-09-07, 04:41 AM |
|
|