|
|
 مندكرو بعمامتين!
|
مندكرو بعمامتين!
خط الاستواء
عبد الله الشيخ
بعد تجربة طويلة ومريرة قرر د. جون قرنق دخول الغابة لمواجهة الاعيب المندكرو ، كان المندكرو فى تلك الايام يلبس عمامة واحدة.. ويذكر التاريخ للنميرى انه( جاب الاعيب المندكرو من الآخر)!.. واعلن عن تطبيق قوانين سبتمبر 83 فى الناس.. وهذه القوانين هى غاية ما يتمناه المندكرو لشعب السودان!..
ولأن للمندكرو اشكالاً والواناً لا تحصى ولا تعد فى الساحة السياسية السودانية ، ولان تلك الاشكال حرباوية جداً وتاخذ فى كل مرحلة من التاريخ هيئة ، وتلبس لكل حالة لبوسها ، ولانها بذلك تستغفل كثيرين منذ ان قامت قيامة الدولة الوطنية المستقلة وحتى الآن فلم يخرج على النميرى حين نصب نفسه إماماً إلا رجلين من هذا السودان الطويل العريض!.. خرج عليه الاستاذ محمود محمد طه ، وخرج عليه الدكتور جون قرنق ديمابيور.. وعليهما تبكى البواكى ..
الشيخ العارف بالله طاله سيف المندكرو وهو الذى لم يرفع عصا فى وجه أحد، وربما رحل مبتسماً قارئاً فى تلك اللحظة السرمدية حصاد حبه لهذه الارض الطيبة ، اما د. جون فقد عاد بقوة بعد 22 عاماً فى الاحراش ليرحل بغرابة .. وطوبى للغرباء .. وفى سفر الخروج والعودة كان المندكرو يظهر وديعاً، ويختفى سريعاً، ويتحايل ، ويخترق الاحداث كما يخترق الفيروس اودينقا ذاكرة الحواسيب!.. فى تلك الايام القديمة التحق مناضل من أبناء الجنوب بدكتور جون فى الغابة ، وبعد قليل ، تحديداً بعد 73 يوماً من اغتيال المندكرو للشيخ انفجرت الخرطوم باكية منتفضة واطاحت بالمندكرو الذى زحف نحو الشمال القصي.. جاء المناضل الى د. جون وقال له ان الشمس اشرقت فى الخرطوم ، وقال له ان وضع المندكرو قد تغير ، وانه ـ أى المناضل ـ قد حزم حقائبه وقرر العودة الى الخرطوم متفادياً مصاعب درب قرنق الطويل .. ظن المناضل ان مندكرو القصر فى الخرطوم الديمقراطية سيستقبله بالاحضان ،وما كان يعرف ساعتها أن للمندكرو أشكال وألوان!.. بعد فترة وجيزة بانت للمناضل نواجذ المندكرو ، حين ضربت كل أشكال المندكرو طناشاً عن تصفح سيرة الرجل المناضل العائد.. فصائل المندكرو كلها ، يمينها ويسارها أهملت عودة المناضل الطيب القلب.. فقرر مرة أخرى العودة الى أحضان د. جون ، ليعرف بيقين ان الاسماح والعطف كله فى ذلك القلب.. احتضنه د. جون وقال له ما معناه" عوداً حميداً".. ومضى قرنق يبحث فى الاحراش عن الطريق الى السودان الجديد .. ولكن مندكرو قصر الخرطوم عاد بوجه جديد ، والتحقت الغربان بامكنتها ..ومرة اخرى برق فى خيال المناضل خاطر ان الطريق للوحدة يبدأ من الخرطوم " الحضارية".. فقال لدكتور جون انه يريد ان يختصر المشوار الطويل ، وانه مرة اخرى يريد تجريب المندكرو " الحضارى".. عاد المناضل بحقائبه الى الخرطوم الحضارية ، ووجد المندكرو القديم قد تبدل نوعاً ما ، واصبح اكثر وضوحاً ، وأبان عن هيئته و عن خلقته " الجميلة"!..، وتبدل اكثر باتجاه مضاد عماده المتحركات!.. ولكنه لم يتخل ابداً عن اسلوب الطناش القديم .. حزم المناضل حقائبه وعاد مرة اخرى الى قرنق .. فاستقبله قرنق ضاحكاً ومازحاً وقال له:ـ قلنا ليك يا بنج مندكرو بتاع الخرطوم ما بيديك حاجة ، مندكرو قصر الخرطوم يشيل ، وما بيدى حاجة "!.. قال المناضل:ـ لا لا ، المرة دى يا بنج انا جيت " خروج نهائى".. لكن داير اقدم ليك نصيحة .. اعمل حسابك ..مندكرو بتاع الخرطوم اليوم ليس هو مندكرو بتاع زمان!.. يقال ان د. جون سأله ضاحكاً عن ملامح التغيير فى اشكال مندكرو القصر ، وعن كيف تمكن من اكتشاف " الذرة " بهذه السهولة !.. قال المناضل :ـ يا بنج المرة الاخيرة دى انا لقيت مندكرو جديد فى الخرطوم ..مندكرو القصر حالياً يلبس عمامتين!.. ضحك قرنق كما كان يضحك فى تلك الايام وقال:ـ مندكرو يلبس عمامتين؟ كيف؟ هل للمندكرو الحضارى رأسين مثلاً؟.. قال المناضل :ـ لا يا بنج .. مندكرو القصر له رأس واحد ، لكنه يلبس عمامة فى الرأس ويلبس عمامة أخرى فى الكتف!.. وزاد المناضل من جرعة الوصايا وقال لقرنق ما معنا" أعمل حسابك".. بعد هذه المساسقات بين الخرطوم والغابة اكتشف المناضل أمر عمامتين فقط.. فظهر من وراء العمامتين خرطوماً محكومة برأسين.. و جاءت مفاوضات السلام ، وكان جوهر الاتفاقية يقول:" اذا كانت الخرطوم قد ارتضت فى قمتها رأسين، وإذا كان مندكرو القصر يستطيع ان يلبس فى مناسبة واحدة عمامتين ، فلماذا لايكون لهذا السودان العريض دولة بنظامين"؟.. ملحوظة: المناضل المشار إ ليه فى الرواية لاعلاقة له بالكتور لام أكول !!.. والراوى لا يمتلك آية أموال يدفعها فى محاكم العدالة الناجزة !..
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
عبد الله الشيخ
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست