|
|
 أما آن للدولة أن تستحي ..
|
يقول المولى تبارك وتعالى في كتابه العزيز "إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا"[البقرة:26] فالمعنى كما جاء في تفسير العلماء أن الآية تصف ربنا عز وجل بالحياء على الوجه الذي يليق به، وليس الحياء المقصود في الآية من جنس حيائنا حياء الله يليق به ولا يعلم كيفيته إلا هو. وبهذا المعنى فإن الله سبحانه وتعالى لا يستحيي أن يضرب الامثال بالبعوضة أو بالعنكبوت كما وقع في سورة العنكبوت، أو بالذباب كما وقع في سورة الحج، فضرب مثلاً بالذباب كل هذا لبيان الحق وإيضاحه لعباده.
والقرآن الكريم إنما أنزل للتفكر والتدبر في معانيه لتنشرح به القلوب وتستنير به العقول. والآية هنا تشير إلى عظيم أمر هذا المخلوق الضعيف... ونحن في السودان نعرف قدرها وعظيم أمرها أكثر من غيرنا من الشعوب لأنها أذاقتنا صنوف العذاب وإمتصت دماءنا لحد لو أنها وضعت في نهر جاري لفاضت به ولوثته. فما من سوداني وإلا قد عرفت أنثى الأنوفلس إلى جسده طريقاً وإلى إمعائة مسكناً ومأوى ...
مرض الملاريا وما أدراك.... ما الملاريا... خطر داهم يحصد الأرواح ويذهب بجل إقتصادنا .... ولكن للأسف
إن حجم الدمار الكارثي الذي تخلفه الملاريا أبلغ وأعظم مما هو معلن كم كنت أتمنى أن تجيش الجيوش وتستنفر كل وسائل الإعلام في الدولة من أجل محاربة هذا العدو اللعين الذي تقول عنه منظمة الصحة أنها تقتل مليون شخص في العام في دول أفريقا معظمهم من الأطفال وتقول وزارة صحتنا الإتحادية "بعضمة لسانها" وفي أحد التقارير التي نشرتها مؤخراً أن الملاريا تتسبب في ضياع 22% من أيام العمل في السودان، وتقول كذلك أن نسبة الإصابة بالملاريا في السودان تصل إلى أكثر من سبعة ملايين حالة سنوياً من بينها 35 ألف حالة وفاة. يا للهول .... كيف بنا إذن ونحن نيام ونترك هذه "المفعوصة" تعوث في الأرض .. وتحصد الأرواح لا تفرق بين شاب وكهل وطفل وإمراة ، كيف يغمض لوزراة الصحة والدولة كلها جفن وهي ترى ليل نهار هذا الخطر يأخذ أرواحاً بريئة ويدمر في حياة الناس وإقتصاد البلاد ولا تفعل ما يكفي للحد من هذه المهزلة وهي تنفق في سخاء ملايين الدولارات لتعرض للناس إنجازاتها ومشاريعها وتلميع صورتها وهي منهزمة تماً أمام جيوش الباعوض وهي تسرح ... وتمرح والدولة لا تستحي على دم شعبها الذي أنهكه الباعوض ... وهي تغض الطرف عن هذا العدو لأنها لا تستطيع أن تنفق بما يكفي لإيقاف زحف هذه الحشرة لأن صحة المواطن آخر أولوياتها ...
حكي لي أحد الأخوان أثق في صدق روايته أنه في الستينات قرأ في الصحف المحلية في الخرطوم إعلان لوزارة الصحة ترصد فيه جائزة لمن يبلغ عن حالة إصابة واحدة بالملاريا فقلت له أنا الآن أرصد أكبر جائزة لمن يثبت من السودانيين خلوا دمه من الملاريا.
إذن ما الذي يجعلنا قادرين في قبل نصف قرن من الزمان على وضع حد لهذا المرض ونعجز عنه الآن ونحن في القرن الواحد والعشرين حيث يتطور الإنسان وتتطور وسائل راحته وحياته في كل جزء من الثانية ونحن مازلنا نراوح مكاننا. هل في الأمر إرتباط بالمتاجرة بنا وبدمائنا نتيجة ما تدره عمليات الفحص والعلاج من ملايين أم للأمر علاقة بكسلنا الذي يوصمنا به الأخرون زورا أو حقا أم في الأمر شئ من حتى.
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست