تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-19-2024, 11:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-08-2009, 11:32 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق (Re: عبدالكريم الامين احمد)

    شكرا
    عبد الكريم على الاطراء والاضافة
    وكمان ممكن تقرا هذا المقال المهم عن اجراس الحرية


    ا حدث في لاهاي؟ من الذي كسب، ومن الذي خسر؟
    بواسطة: admino
    بتاريخ : السبت 25-07-2009 02:01 مساء

    محمّد جلال هاشم
    فرحة الغرِّير
    صدر بالأمس قرار محكمة العدل الدّوليّة بشأن ترسيم حدود منطقة أبيي التي تشكّل داراً لقبيلة الدّينكا نقوق. وقد تبادر للأذهان أنّ القرار جاء مخيّباً لآمال الحركة الشّعبيّة من جانب، ومؤازراً لموقف حكومة المؤتمر الوطني من جانب آخر. ولا نفوت مقامنا هذا دون أن نوضّح المغزى من قولنا "حكومة المؤتمر الوطني"؛ فقد تحدّث ممثّلها، والذي كان ينبغي أن يتّصف بقدر ولو قليل من الحصافة إذ فاتته مزية التّحلّي بفضيلة الحسّ الوطني الحقّ، تحدّث منتفخاً بالفرحة كون القرار قد جاء مؤيّداً لهم، حسب وجهة نظره. ولكن، من هم؟ هل هم حكومة الوحدة الوطنيّة التي سافر إلى لاهاي كممثّلٍ لها، أم حكومة المؤتمر الوطني؟ بالطّبع الأخيرة. ولهذا أطلقنا عليها مسمّى "حكومة المؤتمر الوطني"، وليس حكومة الوحدة الوطنيّة أو الحكومة السّودانيّة فحسب. ثمّ عمّا قليل تواترت الأنباء عن أنّ وفد المسيريّة قد عقد اجتماعاً صاخباً بلاهاي،
    وانفضّوا بعدها وكلٌّ منهم يغالب الغيظ وهو كظيم. ثمّ جاءنا نفس الذي انتفخت أوداجُه بالفرحة الكذوب، فإذا به يتوعّد ويهدّد من أنّ القرار الصّادر لا ينبغي أن يُفسّر بما من شأنه أن ينتقص من حقّ المسيريّة. ومن هنا نتساءل: من كسب، وماذا كسب؟ ومن خسر، وماذا خسر؟ كم عدد الأطراف المتنازعة؟ بالطّبع هناك الدّينكا نقوق من جانب، والمسيريّة من الجانب الآخر، وهما أصل الخلاف. وفي الحقّ أصل الخلاف يكمن في تحديد وترسيم حدود المنطقة المخصّصة لدينكا نقوق الذين ضُمّت منطقتهم إلى أقاليم شمال السّودان في عام 1905م، ثمّ تأكّد هذا وطنيّاً في عام 1956م صبيحة إعلان الاستقلال. هؤلاء يتلخّص النّزاع عندهم حول الأرض، وما هي مساحتُها وتبعيّتها لمن من المجموعتين. ولكن هناك طرفين آخرين هما الحركة الشّعبيّة لتحرير السّودان من جانب، وحكومة المؤتمر الوطني من الجانب الآخر. ولكن فيم يتنازعان؟ إنّهما يتنازعان على ثروة البترول التي تذخر بها المنطقة. فكلّ طرف منهما يريد لآبار البترول أن تقع داخل حدود المنطقة الخاصّة به. هناك من يرى أنّ الحركة الشّعبيّة تريد لهذه الآبار أن تقع داخل حدود ما سوف يتمخّض عنه استفتاء تقرير المصير المزمع عقده في عام 2011م، والذي من المتوقّع أن يخرج الجنوب منه دولةً مستقلّةً. أمّا حكومة المؤتمر الوطني فهناك من يرى أنّها تريد لهذه الآبار أن تقع داخل حدود السّودان القديم حسبما كانت وأصبحت بالفعل، لا ليقوم بالصّرف من وارداتها على التّنمية، بل لتجنيب أكبر قدر من عائداتها في حسابات سرّيّة ببعض دول شرق آسيا الإسلاميّة. من الذي كسب ومن الذي خسر؟ فيما يتعلّق بالأرض، فقد كسب الدّينكا نقوق أرضهم التي عادت إليهم كاملة وفق ما نادى به سلاطين المشيخات التّسع، وهو ما ذكرته المحكمة في حكمها حرفيّاً. وعليه يكون المسيريّة قد خسروا الأرض، وذلك لأنّ حقوقهم عليها لا تزيد عن حقّ الرّعي الموسمي العابر، وليس المقيم. فالحقُّ الأصيل هنا للمقيم بالمنطقة، وهم دينكا نقوق، بينما الحقّ الثّانوي هنا للعابر غير المقيم، والذي لا يأتي المنطقة إلاّ في المواسم. ولهذا هلّل الدّينكا وقرعوا الطّبول، بينما أقبل المسيريّة على بعضهم يتلاومون حسبما نقلت عنهم البي بي سي صبيحة اليوم التّالي لإعلان الحكم. ولا تعويل هنا على مقولات التّعايش المشترك والتّداخل والتّلاقح بين المجموعتين؛ فهذا كلّه معلوم بالضّرورة. إلاّ أنّه مع ذلك لم يوقف نار الحرب بينهما تنافساً على الأرض والزّعم باستحقاقها. أمّا بخصوص الثّروة والبترول فقد كسبت حكومة المؤتمر الوطني وذلك بوقوع آبار البترول داخل ما سيبقى من أراضي هي أراضي السّودان القديم. ولهذا انتفخت أوداج ممثّلها زهواً وفرحاً، وأقبلت الوفود يقودها الوزراء وهم يتسابقون للتّهنئة. هذا بينما اتّصفت ردود الحركة الشّعبيّة بأدب وحكمة الدّينكا، فأعلنوا رضاهم المطلق بقرار التّحكيم، وعن صادق رغبتهم لإنفاذه. وإن كان قد بدا الغيظ على أغلب الموالين لهم إذ عَلَوا موجة الغرارة الأولى، إلاّ أنّ قيادات الحركة لم يسمحوا للغيظ بأن تبين نواجذه على محيّاهم إن كان هناك غيظ، فطوبى للكاظمين الغيظ. ولكن هل بقي هناك بترول في تلك الآبار البائسة (تُقرأ: اليابسة) التي برع الصّينيّون في تجفيفها بأسرع ممّا تُجفّف الشّمس الحارقة غسيل ملابسنا في رابعة النّهار؟ هذا ما سيبقى لنراه في مقبل الأيّام، وإن كنّا من خبره لفي يقين مبين. ماذا تبقّى للمسيريّة؟ وماذا عن مساراتهم التي ضُمّت إلى أراضي أبيي؟ هذه الأراضي قد أصبحت تبعيّتها لدينكا نقوق وفق قرار المحكمة. وعليه، لم يعد أمام المسيريّة غير أن يسعوا سعياً صادقاً لكسب مودّة الدّينكا ومن خلفها حكومة الجنوب ذات الحكم الذّاتي حاليّاً أو ذات الحكم المستقلّ غداً أو بعد غدٍ. ولا يبقى أمام المسيريّة إلاّ أن يُقبلوا على حكومة المؤتمر الوطني يطالبونها بحقّهم في الثّروة التي حكمت المحكمة بوقوعها داخل أراضيهم. فلو كانت المحكمة قد حكمت بغير ذلك، لأقبلوا على حكومة الجنوب ينازعونها هذا الحقّ، غير عابئين بلاهاي أو غيرها، ومن خلفهم تقف حكومة المؤتمر الوطني تفرك يديها بطريقة "المديدة حرقتني". وفي هذا تجد الحركة الشّعبيّة نفسها في موقع تُحسد عليه من قبل المؤتمر الوطني. فتحريك قبائل المسيريّة (أو الرّزيقات، أو شُذّاذ الآفاق من أعراب الدّول المجاورة كيفما اتّفق) من قبل حكومة المؤتمر الوطني ضدّ حكومة الجنوب المستقلّة ينظر إليه المراقبون على أنّه أخطر مهدّدات الوحدة الوطنيّة لدولة الجنوب الوليدة. والآن لم يعد بإمكان حكومة المؤتمر الوطني فعل هذا إلاّ بعد أن تدفع للمسيريّة نصيبهم وبالكامل من عائدات البترول، ثمّ أن تتمكّن من تأليبهم بعد ذلك ضدّ حكومة الجنوب المستقلّ. ليفعلوا هذا، على المسيريّة أن يضحّوا بترحالهم شتاءً وصيفاً عبر أراضي الدّينكا. وليفعلوا هذا، عليهم أن يغيّروا أوّلاً من نمط معاشهم، كأن يصبحوا مزارعين مستقرّين يربّون الضّأن والأغنام، وربّما الإبل، لكن ليس الأبقار بأيّ حال من الأحوال. وبما أنّ هذا ينظر إليه الكثيرون على أنّه من سابع المستحيلات، فلا يبقى أمام المسيريّة غير أن يستثيروا حكمة القرون التي كسبوها في تأمين العيش المشترك بينهم وبين الدّينكا، مستفيدين من جميع أواصر القربى التي أرسى قواعدها الزّعماء الأوّلون من قبيل بابو نمر وأروب مجوك، الذين تركوا للجانبين من أهل رعاية الأبقار (دينكا ومسيريّة) ما إن لو تمسّكوا به، فلن يضلّوا أبدا. ولكن كيف خسرت الحركة الشّعبيّة قضيّتها على مذبح التّحكيم؟ لقد خسرت الحركة الشّعبيّة قضيّة أبيي الكبرى بسبب لبس وقعت فيه لجنة الخبراء التي كان منوطاً بها القيام بالتّرسيم الأوّلي لحدود أبيي التي ضُمّت عام 1905م لأقاليم شمال السّودان. كيف حدث هذا؟ كلّ ما في الأمر أنّ لجنة الحكماء طُلب منها تحديد المساحة التي ضُمّت إلى شمال السّودان في ذلك التّاريخ وفق الوثائق والمستندات المتاحة. وبما أنّ تلك المساحة تخصّ قبيلة دينكا نقوق، قامت لجنة الخبراء بالبحث عن تلك المساحة من منطلق الحقّ التّاريخي والعياني للمجموعة الثّقافيّة المعنيّة (دينكا نقوق) على رقعة الأرض المزعومة. وبما أنّه لم تكن هناك وثائق كافية، وبما أنّ التّفويض الذي بموجبه تمّ تكوين لجنة الخبراء لم يكن يتكلّم عن أيّ مجموعة ثقافيّة بل عن رقعة أرض بإحادثيّات بعينها، فقد رأت المحكمة أنّ ما قامت به لجنة الخبراء قد تجاوزت صلاحيّاتها المفوّضة لها، وبالتّالي رفضت المحكمة التّرسيم الذي قدّمته لجنة الخبراء. فهل ما فعلته لجنة الخبراء يُعدّ خاطئاً من زاوية الحقّ العام؟ لا بالطّبع، فقد قدّمت مرافعة جديرة بالدّراسة، أثبتت فيها بما لا يدع مجالاً للشّكّ أحقّيّة الدّينكا في رقعة بعينها. ولهذا أقرّت هيئة المحكمة أنّ رفضها لما جاءت به لجنة الخبراء لا يتعرّض بالحكم إلى ما إذا كان ذلك خطأً أم صواباً، بل يتلخّص في أنّها قد تجاوزت الصّلاحيّات المفوّضة لها، والتي كانت تقضي أن تبحث عن وثائق تتعلّق برقعة أرض بعينها، لا عن الحقوق التّاريخيّة والعيانيّة لمجموعة دينكا نقوق. ولكن ماذا عن حقوق دينكا نقوق على الأرض التي لم يُحكم بها لهم؟ هذه الأرض قد ضاعت عليهم وإلى أبد الآبدين، ما لم يتغيّر الوضع تماماً بإحداث ظروف جديدة عن الأرض، كأن تقوم حكومة المؤتمر الوطني ومعها المسيريّة بنكث العهد، والدّخول في دوّامة حروب وصراعات جديدة تفرز بدورها واقعاً جديداً لا يمكن معه قبول الحكم الحالي الذي يكون قد عفا عليه الزّمن. أي من قبيل تقسيم الأمم المتّحدة الأوّل لفلسطين، والذي رفضه العرب جميعاً وشنّوا الحروب بعدها الحروب، ليقبلوا بعدها بواقع ترتّب بعد ذلك بعقود، أي أراضي ما قبل حرب 1967م. ولكن السّؤال هو: كيف لم تتمكّن الحركة الشّعبيّة من شرعنة الحقّ التّاريخي والعياني لدينكا نقوق على الأرض التي يزعمونها؟ الجواب ببساطة لأنّهم في الأساس لم يضمّنوا هذا الشّرط في الإطار الذي يحكم عمل وصلاحيّات وتفويض لجنة الخبراء. وبالطّبع ما كان يمكن للمؤتمر الوطني أن يقبل برفع الأمر إلى لاهاي لو أنّ الحركة الشّعبيّة ذهبت هذا المذهب. فمجرّد تضمين هذا الحقّ يعني إضعاف مزاعم أيّ مجموعة عربيّة على أيّ رقعة أرض بالسّودان مقابل مجموعة أفريقيّة سوداء، أكان ذلك في الشّمال أم في الجنوب، في الغرب أم في الشّرق، أم في الوسط. وليسعد العربُ بعروبتهم في أرض السّود الأفريقيّة: السّودان. هل "دقست" الحركة الشّعبيّة؟ فليكن! ولنفترض أنّها فعلاً "دقست". فهل من تثريب عليها في ذلك. هناك قاعدة طوّرتُها من واقع ملاحظاتي في حركات التّحرّر التي قادتها تنظيمات حرب عصابات خاضت بها حروبها النّبيلة؛ تقول هذه القاعدة: ليس في مقدور أيّ حركة حرب عصابات guerrilla organization أن تنجح في إدارة البلاد في الأوضاع العاديّة، وذلك بحكم طبيعة تنظيمها العصاباتي. فجلّ ما تأمل هذه الحركات أن تصيبه من نجاح لا يتجاوز تحقيق الهدف المباشر، ألا وهو التّغلّب على النّظام الذي يناهضونه عبر إنهاكه. وغالباً ما تنجح هذه الحركات. ولكن! ثمّ ماذا بعد؟ عندما تتسنّم مقاليد الأمور تجد هذه الحركات نفسها وقد وقعت أسيرة مناهجها وأساليبها الاستثنائيّة إبّان عهدها العصاباتي. ولكن أمور المجتمع المدني لا تُدار بهذه الطّريقة، بل تُدار عبر ثقافة مؤسّسيّة عادةً ما تكون الحركة العصاباتيّة كأبعد ما تكون عنها. هذا ما وجدت الحركة الشّعبيّة نفسها فيه، مضافاً إلى ذلك وجود شريك لا همّ له غير وضع العراقيل وتدبير الفتن والمؤامرات. لقد نجحت حكومة المؤتمر الوطني في شقّ عصا أغلب التّنظيمات التّابعة للسّودان القديم، بما في ذلك التّنظيم الذي خرجت من رحمه، بينما عجزت عن شقّ عصا الحركة الشّعبيّة. وعادةً ما تكون الحركات العصاباتيّة عرضة لهذه الانشقاقات من تلقاء نفسها بمجرّد أن تضع الحرب أوزارها؛ فحينها يأتي وقت تصفية الحسابات، إشفاءً لغليل الضّغائن التي تكون قد تراكمت عبر السّنين وجرّاء الإجراءات الاستثنائيّة النّاجزة. وهذا ما كان من حال الحركة الشّعبيّة، إلاّ أنّها، ومع كلّ هذا، صمدت، فلم نشهد لها انشقاقاً أو شرخاً. وبالطّبع لا يمكن أن نعدّ ما قام به لام أكول على أنّه انشقاق أو شرخ؛ فالرّجل كان ضمن المؤلّفة قلوبهم ممّن كان الشّهيد جون قرنق يأمل في يساعدهم على استعادة وضعٍ نضالي فقدوه، إذ انشقّ قبل ذلك بسنين عددا. بالرّغم من كلّ هذا وقفت الحركة الشّعبيّة كالطّود الأشمّ، شامخة مثل جبال الإماتونق والتّاكا، وكبيرة مثل جبل مرّة، وطويلة البال والباع مثل نهر النّيل. ولكن! وما أدراك ما لكن! مع كلّ هذا تبقى الحركة الشّعبيّة كتنظيم شاب تعوزه الكثير من أشكال الخبرة الحِكمانيّة في كثيرٍ من جوانب أدائها، لا عن جهل ولا عن فشل، بل جرّاء البداءة وحداثة العهد بالحكم المدني الرّشيد. وبهذا ربّما فات عليها توسيع دائرة صلاحيّات لجنة الخبراء لتشمل الحقّ التّاريخي والعياني لدينكا نقوق. ولكن هل فعلاً عدلت المحكمة؟ هذه اسمها محكمة العدل الدّوليّة، ولكنّها ليست سوى محكمة موازنات وحلول وسطى compromise، عالميّة، تقوم الدّول الكبرى بتغذيتها بحزمة من المحاذير لتجنيبها مغبّة اتّخاذ قرار قد يُثير من المشاكل بأكقر ممّا يُطفيء. إذ ليس أضعف من حجّتها في الحكم بتجاوز لجنة الخبراء للتّفويض الممنوح لها عندما نظرت إلى الحقّ التّاريخي والعياني للمجموعة الثّقافيّة (دينكا نقوق). إذ أساس القضيّة هم وضعيّة دينكا نقوق، والذي لا يعيشون معلّقين بين السّماء والأرض، بل يعيشون على رقعة من الأرض هي ما نسعى إلى تحديدها. فالعدل في جوهره لا ينبغي أن يفارق الحسّ السّليم common sense، وهو هنا استحالة التّفريق بين الأرض وحقّ من يسكنها مقابل منافس آخر. فالحكم السّليم كان ينبغي عليها أن تقرّ بمعقوليّة ووجاهة الجمع بين الرّقعة والحقّ التّاريخي لدينكا نقوق. كما فات على المحكمة أن تقرّ بوجاهة حجّيّة الاسم الجغرافي، والذي اعترفت الأمم المتّحدة به قبل سنين، وجعلت للأسماء الجغرافيّة لجنة خبراء هي جماع لجان الأسماء الجغرافيّة في البلدان الأعضاء. ومن عجب أنّه بينما تتبع اللجان الوطنيّة للأسماء الجغرافيّة في غالبيّة بلدان العالم إلى رئاسة الدّولة، تتبع لجنتُنا القوميّة للأسماء الجغرافيّة إلى وزارة هي نفسها تعيش أوضاعاً عجيبة، إذ يصعب فهم دائرة اختصاصها وتخويلها، وعلى هذا جاءت اللجنة وهي ولا تملك ميزانيّة واضحة، ولا تزال تناضل كيما يُجاز قانونها بعد أكثر من 30 عاماً على إنشائها. وهذه نصيحة مجّانيّة أقدّمها لجكومة الجنوب بالشّروع فوراً في تكوين لجنة للأسماء الجغرافيّة لتشرع في وضع كشّاف للأسماء الجغرافيّة مدعوماً بالتّفسيرات اللغوية لهذه الأسماء متى ما أمكن ذلك، مع ضرورة تحديد اللغة التي تصدر عنها الأسماء، ثمّ دعم كلّ ذلك بالإحداثيّات. بعد ذلك عليها إيداع هذا الكشّاف لدى الأمم المتّحدة. لماذا؟ لأنّ الخلاف حول رقعة أرض يرسو في نهاية الأمر على اسم جغرافي في الأساس بإحداثيّات قاطعة. وهذا ما فات على المحكمة الأخذ به، بينما لم يفت على لجنة الخبراء التي استحقّت اسمها بجدارة. ولكن لم فعلت المحكمة ذلك؟ لأنّها الموازنات الدّوليّة التي لم تفت عليها. فهذه الموازنات القائمة على صراع أمريكا والغرب ضدّ الصّين على موارد البترول في السّودان، ذهب بها الظّنّ إلى أنّ دولة الجنوب المستقلّة سوف تشهد مرحلة من الاضطرابات والحروب القبليّة، الأمر الذي سيجعل من الصّعب الاستثمار في البترول، دع عنك التّنافس عليه ضدّ الصّين أو غيرها. في هذا تريد دول الغرب حكومة قويّة ولو كانت ظالمة، ويا حبّذا لو كانت فاسدة، ثمّ أكثر تحبيذاً لو كانت عديمة الوطنيّة ومستعدةّ على بيع الوطن بالجملة والقطّاعي. هذه هي الحكومة التي يا طالما ظلّت أمريكا تحلم بها في دولة مثل السّودان غنيّة الموارد والثّروات. فأمريكا يا سادتي شرّ مستطير ابتلانا به المولى ولله في خلقة شئون. وليست الصّين بأفضل من أمريكا؛ إذ يُعرف عن الصّين القدرة العجيبة على إدارة أعمالها التّجاريّة بدرجة صفر من أيّ التزام أخلاقي، وربّما بأدى من ذلك. وما جعل دول الغرب تعمل على تغذية المحكمة بمحذورات إصدار قرار يُثير من الفتن بأكثر ممّا يطفئُها (حسب فهمها بحسبان أنّ حكومة المؤتمر الوطني سوف تقلب الأرض عاليها سافلها إذا فقدت البترول) هو اطمئنانُها على تحلّي الحركة الشّعبيّة بالحكمة، حكمة الضّعيف إذا غشامة القوي. وفي هذا تستاهل الحركة الشّعبيّة! إذ هي أقوى من المؤتمر الوطني مضافاً إليه جميع القوى السّياسيّة التّابعة للسّودان القديم. ولكن مشكلتُها أنّها غير مدركة لحجم قوّتها. حكى لي مرّة صائد تماسيح عن القوّة الجسمانيّة الهائلة التي يتمتّع بها التّمساح، والتي لو أدرك حجمها لتبختر في الطّرقات يتأمّل ما سوف يلتهمه وهو في طمأنينة تامّة. في رأيي أنّ الحركة الشّعبيّة هي هذا التّمساح، ولكنّها لا ترعف حجم قوّتها حتّى أغرى بها هذا الجهل أعداءها وجعل أصداقءها يهوّنون من أمرها. إذا ذهب الجنوب، ماذا يبقى لحكومة المؤتمر الوطني؟ يبقى لها أن تنجح في إدارة الصّراع في دارفور وفي جبال النّوبة وفي جبال الأنقسنا، ثمّ في شمال السّودان النّيلي الذي أبدعت الإنقاذ في سرعة تواتر فقدانها له جرّاء سياسات بيع الأرض لشركات عديدة، بعضها وهمي وبعضها أجنبيّة، ثمّ في لوثة جنون السّدود التي أصابتها. ثمّ عليها أن تنجح في إدارة صراعها السّياسي مع تنظيمات جديدة سوف تنهض على أعقاب انسحاب الحركة الشّعبيّة إلى الجنوب، هذه التّنظيمات التي سوف تقوم في أصلها على تحالف قوى الهامش، يقودها قطاع الشّمال بالحركة الشّعبيّة، وملايين الجنوبيّين الذين أنكرتهم حكومة المؤتمر الوطني في تعدادها الخاسر الأخير. هؤلاء الجنوبيّون الذين سيبقون هنا في الشّمال بوصفهم شماليّين، وذلك بعد أن ظنّت حكومة المؤتمر الوطني في نفسها الذّكاء، فزعمت في تعدادها الباير أنّهم لا يزيدون عن 250 ألف شخص في العاصمة ومثلهم في باقي أقاليم الشّمال. ثمّ ها هو سلفا كيير يعلن أنّ من سيقومون بالتّصويت في استفتاء تقرير المصير هم أولئك الجنوبيّون الذين يعيشون بجنوب السّودان. وما إن ظهر هذا التّصريح حتّى تعالت أصوات الاحتجاج من حكومة المؤتمر الوطني، والتي حجب عنها الله فضيلة الحياء. فقد تبارت الأقلام تدافع عن الحقّ المُصادر لعدد أربعة ملايين جنوبي يعيشون بين ظهراني الشّماليّين، وذلك جرّاء حرمانهم من التّصويت في استفتاء تقرير المصير. فإذا كان التّعداد الأخير صادقاً، عندها لن يؤثّر كثيراً موقف نصف مليون نازح من مجمل تسعة مليون جنوبي؛ أمّا إذا كان التّعداد الأخير كاذباً، فعلى القوم أن يعترفوا بتزويرهم لذلك التّعداد الذي ربّما فعل أيّ شيء بخلاف إجراء التّعداد نفسه. وفي الحقّ ما يخشاه القوم هو أن يكون لحكومة الجنوب ظهير سياسي مزروع في خاصرة حكومة المؤتمر الوطني، دون أن يكون للأولى مثل هذا في خاصرة الثّاني. هناك أصوات وطنيّة حريصة وصادقة اعترضت على ما قال به سلفا كيير، ولهم كلّ الحقّ. لكن، أوليس للرّجل الحقّ كلّ الحقّ أيضاً في قراره ذلك؟ إذ كيف يمكن أن تقام أيّ انتخابات أو استفتاء في منطقة تسيطر عليها حكومة المؤتمر الوطني دون أن تكون النّتيجة مثل تلك التي خرج لنا بها التّعداد الأخير؟ هذا ما على المؤتمر الوطني أن يتعامل معه، فليفرح ولينفجر بالفرح إذن!
                  

العنوان الكاتب Date
تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 10:00 PM
  Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق khalid abuahmed07-23-09, 10:03 PM
  Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 10:05 PM
    Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 10:22 PM
      Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق khalid abuahmed07-23-09, 10:42 PM
        Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 10:53 PM
          Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق Kostawi07-23-09, 10:59 PM
        Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 11:05 PM
          Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 11:14 PM
            Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-23-09, 11:22 PM
      Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-24-09, 05:31 PM
  Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-24-09, 04:13 PM
    Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-24-09, 04:53 PM
      Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-25-09, 08:01 AM
        Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-25-09, 02:30 PM
          Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-25-09, 02:47 PM
            Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-25-09, 03:08 PM
              Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-26-09, 04:00 PM
              Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-26-09, 04:11 PM
              Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-26-09, 04:31 PM
              Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-26-09, 04:33 PM
                Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-26-09, 09:23 PM
                  Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-27-09, 04:11 PM
                    Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-27-09, 04:38 PM
                      Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-27-09, 05:02 PM
                        Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-28-09, 10:41 AM
                          Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-28-09, 11:20 AM
                            Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-29-09, 04:50 AM
                              Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك07-29-09, 10:23 PM
                                Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك08-03-09, 07:48 PM
                                  Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق عبدالكريم الامين احمد08-03-09, 07:59 PM
                                    Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك08-08-09, 11:32 AM
  Re: تحكيم العدل الدولية فى قضية خلاف ابيي...ردود الافعال ...توثيق الكيك08-09-09, 09:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de