|
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي (Re: أيزابيلا)
|
ريتا ترتب ليل غرفتنا: قليل هذا النبيذ، وهذه الأزهار أكبر من سريري فأفتح لها الشباك كي يتعطر الليل الجميل ضع، ههنا، قمراً على الكرسي: ضع فوق، البحيرة حول منديلي ليرتفع النخيل أعلى وأعلى، هل لبست سواي؟ هل سكنتك إمرأة لتجهش كلما التفت على جذعي فروعك؟ حك لي قدمي، وحك دمي لتعرف ما تخلفه العواصف والسيول مني ومنك... تنام ريتا في حديقة جسمها توت السياج على أظافرها يضيء الملح في جسدي. أحبكِ. نام عصفوران تحت يدي... نامت موجة القمح النبيل على تنفسها البطيء، ووردة حمراء نامت في الممر، ونام ليل لا يطول والبحر نام أمام نافذتي على إيقاع ريتا يعلو ويهبط في أشعة صدرها العاري، فنامي بيني وبينك، لا تغطي عتمة الذهب العميقة بيننا نامي يداً حول الصدى، ويداً تبعثر عزلة الغابات، نامي بين القميص الفستقي ومقعد الليمون، نامي فرساً على رايات ليلة عرسها... هدأ الصهيل هدأت خلايا النحل في دمنا، فهل كانت هنا ريتا، وهل كنا معاً؟
... ريتا سترحل بعد ساعات وتترك ظلها زنزانة بيضاء. أين سنلتقي؟ سألت يديها، فالتفتُّ إلى البعيد البحر خلف الباب، والصحراء خلف البحر، قبلني على شفتي _ قالت. قلت: يا ريتا، أأرحل من جديد ما دام لي عنب وذاكرة، وتتركني الفصول بين الإشارة والعبارة هاجساً؟ ماذا تقول؟ لا شيء يا ريتا، أقلد فارساً في أغنية عن لعنة الحب المحاصر بالمرايا... عني؟ وعن حلمين فوق وسادة يتقاطعان ويهربان، فواحد يستل سكيناً، وآخر يودع الناي الوصايا لاأدرك المعنى، تقول ولا أنا، لغتي شظايا كغياب إمرأة عن المعنى، وتنتحر الخيول في آخر الميدان...
ريتا تحتسي شاي الصباح وتقشر التفاحة الأولى بعشر زنابق، وتقول لي: لا تقرأ الآن الجريدة، فالطبول هي الطبول والحرب ليست مهنتي. وأنا أنا. هل أنتَ أنتَ؟ أنا هو، هو من رآك غزالة ترمي لآلئها عليه هو من رأى شهواته تجري وراءك كالغدير هو من رآنا تائهين توحدا فوق السرير وتباعدا كتحية الغرباء في الميناء، يأخذنا الرحيل في ريحه ورقاً ويرمينا أمام فنادق الغرباء مثل رسائل قرئت على عجل، أتأخذني معك؟ فأكون خاتم قلبك الحافي، أتأخذني معك فأكون ثوبك في بلاد أنجبتك... لتصرعك وأكون تابوتاً من النعناع يحمل مصرعك وتكون لي حياً وميتاً، ضاع يا ريتا الدليل والحب مثل الموت وعد لا يرد... ولا يزول
... ريتا تعد لي النهار حجلاً تجمع حول كعب حذائها العالي: صباح الخير يا ريتا، وغيماً أزرقاً للياسمينة تحت إبطيها: صباح الخير يا ريتا، وفاكهة لضوء الفجر: يا ريتا صباح الخير، يا ريتا أعيديني إلى جسدي لتهدأ لحظةً إبر الصنوبر في دمي المهجور بعدك. كلما عانقت برج العاج فرت من يدي يمامتان.. قالت: سأرجع عندما تتبدل الأيام والأحلام، يا ريتا... طويل هذا الشتاء، ونحن نحن، فلا تقولي ما أقول أنا هي، هي من رأتك معلقاً فوق السياج، فأنزلتك وضمدتك وبدمعها غسلتك، وانتشرت بسوسنها عليك ومررت بين سيوف إخوتها ولعنة أمها. وأنا هي هل أنتَ أنت؟
... تقوم ريتا عن ركبتي، تزور زينتها، وتربط شعرها بفراشة فضية. ذيل الحصان يداعب النمش المبعثر كرذاذ ضوء داكن فوق الرخام الأنثوي. تعيد ريتا زر القميص إلى القميص الخردلي... أأنتَ لي؟ لكِ، لو تركتِ الباب مفتوحاً على ماضي، لي ماض أراه الآن يولد من غيابك، من صرير الوقت في مفتاح هذا الباب، لي ماض أراه الآن يجلس قربنا كالطاولة، لي رغوة الصابون، والعسل المملح، والندى، والزنجبيل ولك الأيائل، إن أردتَ، لك الأيائل والسهول ولك الأغاني، إن أردتَ، لك الأغاني والذهول إني ولدت لكي أحبك فرساً ترقص غابةً، وتشق في المرجان غيبَك وولدت سيدة لسيدها، فخذني كي أصبك خمراً نهائياً لاأشفى منك فيك، وهات قلبك إني ولدت لكي أحبك وتركت أمي في المزامير القديمة تلعن الدنيا وشعبك ووجدت حراس المدينة يطعمون النار حبك وأنا ولدت، لكي أحبك
... ريتا تكسر جوز أيامي، فتتسع الحقول لي هذه الأرض الصغيرة غرفة في شارع في الطابق الأرضي من مبنى على جبل يطل على هواء البحر. لي قمر نبيذي، ولي حجر صقيل لي حصة من مشهد الموج المسافر في الغيوم، وحصة من سفر تكوين البداية، حصة من سفر أيوب، ومن عيد الحصاد، وحصة مما ملكت، وحصة من خبز أمي لي حصة من سوسن الوديان في أشعار عشاق قدامى لي حصة من حكمة العشاق: يعشق وجه قاتله القتيل، لو تعبرين النهر، يا ريتا. وأين النهر؟ قالت... قلت: فيك وفيّ نهر واحد، وأنا أسيل دماً، وذاكرةً أسيل لم يترك الحراس لي باباً لأدخل، فاتكأت على الأفق ونظرت تحت، نظرت فوق، نظرت حول، فلم أجد أفقاً لأنظر، لم أجد في الضوء إلا نظرتي ترتد نحوي. قلت: عودي مرة أخرى إلي، فقد أرى أحداً يحاول أن يرى أفقاً يرممه رسول برسالة من لفظتين صغيرتين: أنا، وأنتِ فرح صغير في سرير ضيق... فرح ضئيل لم يقتلونا، بعد، يا ريتا، ويا ريتا.. ثقيلُ هذا الشتاء، وباردٌ
... ريتا تغني وحدها لبريد غربتها الشمالي البعيد: تركت أمي وحدها قرب البحيرة وحدها، تبكي طفولتي البعيدة بعدها في كل أمسية تنام على ضفيرتي الصغيرة عندها أمي، كسرتُ طفولتي وخرجت إمرأةً تربي نهدها بفم الحبيب. تدور ريتا حول ريتا وحدها: لا أرض للجسدين في جسد، ولا منفى لمنفى في هذه الغرف الصغيرة، والخروج هو الدخول عبثاً نغني بين هاويتين، فلنرحل... ليتضح السبيل لا أستطيع، ولا أنا، كانت تقول ولا تقول وتهدئ الأفراس في دمها: أمن أرضٍ بعيدة تأتي السنونو، يا غريب ويا حبيب، إلى حديقتك الوحيدة؟ خذني إلى أرضٍ بعيدة خذني إلى الأرض البعيدة، أجهشت ريتا: طويل هذا الشتاء، وكسرت خزف النهار على حديد النافذة وضعت مسدسها الصغير على مسودة القصيدة ورمت جواربها على الكرسي، فانكسر الهديل ومضت إلى المجهول حافيةً، وأدركني الرحيل
++++ درويش
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-18-09, 06:33 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | esam gabralla | 07-18-09, 06:44 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-18-09, 07:10 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | سعد مدني | 07-18-09, 07:16 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-18-09, 07:23 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Rashid Elhag | 07-18-09, 07:30 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | مؤيد شريف | 07-18-09, 07:49 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Mahmoud Mustafa Mahmoud | 07-18-09, 08:05 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Rashid Elhag | 07-18-09, 08:20 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-18-09, 09:13 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | محمد حيدر المشرف | 07-18-09, 09:21 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Rihab Khalifa | 07-18-09, 10:16 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Emad Abdulla | 07-18-09, 10:43 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | esam gabralla | 07-18-09, 10:46 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | esam gabralla | 07-18-09, 10:54 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-19-09, 01:00 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-19-09, 01:05 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Manal Mohamed Ali | 07-19-09, 01:41 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | Manal Mohamed Ali | 07-19-09, 01:47 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-19-09, 02:01 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-19-09, 03:05 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | مؤيد شريف | 07-19-09, 07:48 AM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | زهير عثمان حمد | 07-19-09, 12:07 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | صديق الموج | 07-19-09, 12:20 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | أيزابيلا | 07-20-09, 07:00 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | عزاز شامي | 08-07-09, 02:46 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | الوليد محمد الامين | 08-07-09, 03:04 PM |
Re: لا اريد لهذي القصيدة ان تنتهي | عليش | 08-07-09, 09:55 PM |
|
|
|