|
التَعْقيب ... خَواطِر قُرْآنِية (3)
|
< ... لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ... > الروم21
العمران أنثى
التَعْقيب : خلق الله تعالى الإنس والجِن وخلق لهُما الجنةِ والنار ، وحِكمة أن يبدأ خلق الإنسان الأول بِالجنةِ وإنزالِهِ ، هي أن الجنةِ أجَّل مِن أن يسكُنُها طين ولهيب فإراد الله تعالى أن يستحِق الطين واللهيب جنتِهِ بِالإختِبار فإبتلانا جل شأنِهِ بِإبليس وكانت براءةِ آدم وحواء مدخلِهِ ، لم يتَوقعا أن يكذِب أحدٌ على الله < وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ > الأعراف21 وإبتلى الجِن بِالإستِكبار والحسد < وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى > طه116 فكان مِن الإنس مؤمِنين وكذا مِن الجِن ومَن لم يؤمُن مِن الإنس كافِرٌ ومَن أبلس مِن الجِن شَيطان ... ولِلمُراوحه بَين الكُفر والايمان أتاح الله تعالى فُرص الغُفران < إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ > الزمر53 ولأن الجنةِ والنار ستغدو بعد آدم وحواء غَيبٌ كانت حِكمتِهِ تعالى شأنِهِ ، أن يبدأ خلق الإنسان الأول بِالجنةِ ومِن ثَم إنزالِهِ بِالأرض ، فنتطلع لها بِالأشواق ، وثبتها بِحاستَي اللمس والسمع ... بِلمسِنا < وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ... > الأعراف172 بِخِطابِنا < ... أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ... > الأعراف172 ، وجعل لِسانِنا حُجةٌ علَينا بِقَولِنا لهُ جل وعلا < ... بَلَى شَهِدْنَا ... > الأعراف172 قال الله تعالى < ... أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ > الأعراف172-173 فتأصل الشَوق فينا وبات مِن الفطرةٌ ، لِذا عَـلِـم حتى مِن كان بِالأدغال منبتِهِ ولم يُخص بنبي أو رسول ، أن مُستقرِهِ جنةٌ أو نار.
ومهد الله تعالى الأرض لِلإنسان < وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا ... > فصلت10 والإنسان نوعَين ذكر وأُنثى وكُل ما عاداهُما كان مِما هيأهُ الله تعالى لِصلاح عَيشِهِما ولإختِبارِهِ ... وجعل حاجة الذكر لِلأُنثى أكبر وأجَّلْ مِن حاجة الأُنثى لِلذكر ، هذا قديماً بِالجنةِ فخُلِقتْ حواء لِيسْكُن إلَيها آدم ، وبِالأرض عِندما أنعم ربُ العِزة بِأنْ < ... خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ... > الروم21 ، وجعل الله تعالى سكنٌ لِلذكر < ... لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ... > الروم21 وبِالسكن يُعبد الله تعالى وتُعَمْر الأرض ، وسكن الأُنثى يُفَعل تفعيلاً بِطلب الذكر لِسِكونِ نفْسِهِ ، فإذا إستغنى لِعارِض كان أو إنحِراف عن القاعِدة ، لم تأبه الأُنثى لِذلِك البته ، فإن الأُنثى مفعولٍ بِها والذكر فاعِلٌ ومُفَعِل ، فاعِلٍ لِكَون تركيبِهِ ينشُد السكن ومُفَعِل لِسكن الأُنثى الهامِد ، فإذا أجاد الذكر عملِهِ أنتج < ... مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً > الروم21 وبِهِما يطيقان فِتنة الأولاد < ... وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ ... > التغابُن15 وهذا مِن تعمير الأرض ، فإذا بلغ مُحيط الذكر حشدٌ ، إحتاج إلى بَيت < وَاللهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ > النحل80 وتجمعت الحُشود وقامت القُرَية ومنافِعِها التي تفي إحتِياجات سُكانِها ، فإن إكتملت مصانِعِها باتت مدينة ، فإزدادت المُتطلبات وضاقت الحِيَل ، فتَوسعوا بِالغزَو ، فتبادلت الخِبرات وتلاقحت النُطف وتَقَوَت بِالهُجناء والأقراف وتعددَت الألوان والأشكال < أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ > الحجرات13 فتدافعت القبائِل وإنداح هذا التدافُع على الشعوب وساءت الأخلاق بِتعدُد الأعراق والأهواء ، فأرسل الله تعالى رُسُلِهِ كُلما تقادم الزمان. وأقول أن أُس التعمير هو السكن وأراد الله تعالى أن يكون أُنثى وتكون هي الدُنيا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|