نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
|
حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر
|
الحكايات المقصودة هنا هي حكايات الأخت حنين: مذكرات إنسانة مشكلتها إنها سمينة
لماذا عصفورتان وليس عصفوران؟ لأن كل عصفورة يمكن أن تنجب عصافير أخرى كثيرة ولماذا بلا حجر؟ لأن حكايات حنين، أقرب إلى إستئلاف العصافير منه إلى فكرة صيدها
ثم هناك شجرة العصافير المستألفة؛ ونقصد بها جسد الحكايات وفنياتها، ومن هنا نبدأ ؛
تبني حنين حكاياتها على المنولوج بشكل أساسي ليداخله الحوار، ومن أهم سمات سردها هي القدرة العالية على مداخلة المنولوج مع الحوار في السرد، بطريقة سلسة لطيفة منسابة بلا نشاز، وهذا دليل موهبتها السردية العالية. والمنولوج بطبيعته حميم ومن أكثر الأدوات السردية قدرة على الإيحاء بالصدق، ليأتينا الحوار بتعدد الأصوات وكشف التناقض ومن ثم تعميق الوعي بالقضية/ المضمون. وهي الطريقة الأولى والأجمل في الحكي، طريقة حبوباتنا التي، على أساسها، يتشكل أصل وعينا بجماليات وفنون السرد
في بادئ الأمر، ربما، يدخل المرء إلى حكايات حنين بدافع الفضول، وبأفكاره المسبقة/ المشكلة/ المكونة/المنحازة بشكل ضدي في أغلب الأحيان تجاه الإنسانة/الإنسان السمينة/السمين، لكن سرعان ما يجد نفسه وقد أوغل في عوالم لم تكن في الحسبان، عوالم مليئة بالحميمية والسخرية والمعرفة، وكل ذلك عبر إبداع الأخت حنين السردي الذي ينقلك إلى زمان ومكان الحدث، بل ويجعلك تحس بإنك جزء منه إن لم يصيرك زينب أو أيا من شخصيات الحكاية
السخرية كأداة لكشف تناقضات الواقع؛ فبالإضافة لما ينضح به جسد الحكاية كلها من السخرية، من خلال المفارقات التي ينتجها وضع الإنسانة السمينة؛ عبر التناقض الحجمي، النفسي، والتناقض في الرأي تجاه الأشياء أحيانا، فهناك المفارقة السياقية من شاكلة "بونسوآآآغ" ـ تحية المساء الفرنسية، التي تقال للخالات العواجيز، وأيضا استعمال الإكليشيهات الذي يعمق هذه السخرية، مثل: "أعملوا كستليته".. "الفاميلي سايز".."الوحش الكاسر" ... إلخ إلخ
العصفورة الأولى؛ وعبر كل ما سبق، تكشف الحكايات عن المضامين العميقة لقضية كيان إجتماعي مهمش أو مقهور عبر وضعه محل السخرية، والتحيز ضده في الآراء الجمالية " حسي احمد ود خالتي ماشاف اضنينو العامله زي الاريل دي "، وحتى تهميشه في السوق! "والله شوفي يا بت العم إحنا ما عندنا حاجه قدرك وما أظن كان مالقيتي عندنا تلقي عند زول تاني ....أنت احسن ليك تخيطي وترتاحي.. الناس دي مالها بجم كدا.....في أوروبا في دور أزياء كاملة للناس السمان وكما ن دايرين عارضات امانه أنا لو مشيت اطقش كلوديا شيفر زاتها" إلخ إلخ. وهنا يتم استبطان الاقتراح، حيث هناك، في أروبا، يتم الإلتفات إلى الكائنات المهمشة والعمل على إيجاد الحلول لقضاياها رغم وجود التحيزات بالطبع، بعد أن يتم الكشف عن أنه لا يحدث عندنا أي من ذلك! ؛ وبممارسة زينب ـ الراوية ـ للسخرية على نفسها بهذا الشكل الهادف، فإنها، "تقتل الدش" في يد العدو، الكائن المضاد، وبأقوى أدواته نفسها!!؛
وهكذا تكشف حكايات حنين القضايا محل الصراع، وتقترح لنا وعيا جديدا. وأهم ما في ذلك أنها تستطيع عبر السرد من هزيمة وعينا المشكل وتجريده من دوغمائيته وأحكامه المسبقة، ولو مؤقتا، بلا أي شعارات أو إدعاءات، وهذا أجمل وأقوى ما فيها، فمثلا، في مدخل الحكاية الثانية التي تبدأ ب" اسعد اللحظات هي التي اكون أنا هو لوحدنا فقط ولا أحد معنا....عندما انظر اليه أذوب شوقا وحنانا..... وعندما أتأمل لونه الفتان أحس أن الأرض تتهاوى من تحت قدمي...أمد أناملي بكل حب الدنيا لالتقي به..ااه منو الحلبي دا...وين مصطفى سيد احمد لمن قال الصباح الباهي لونك.....أكيد كان بيعاين ليك" مثلا، فإن جلنا، إن لم يكن كلنا، قد استعمل وعيه المشكل، وفهم على أساس الشروط المسبقة لهذا الوعي المشكل، الذي يستبطن التحيزات، أن زينب تتحدث عن "حبيبها الرجل" ولكنها تفاجأنا، بل وتفضحنا، بأنها تتحدث عن الكعك!!؛
هذا بالإضافة لما تمدنا به الحكايات من معرفة والتفكير في اللامفكر فيه، كأن نعرف أن زينب تعني البنت السمينة، وميساء النحيفة، أو قل؛ غير السمينة..إلخ
العصفورة الثانية؛ وكل ذلك يتم عبر اللغة المحكية اليومية أو ما يسمى بالـ Lingua Franca وهذه اللغة بالرغم من حميميتها وواقعيتها، وإمتلائها بالجمال وقدرتها على حمل الأفكار، إلا أنها أيضا مهمشة، من واقع سلطة لغوية مشكلة في وعينا تفترض أنها أدنى مستوى إن لم توصف بالعجز، بالرغم من أنها لغة الناس الحقيقية، وبالرغم من ما يثبته شعر حميد، عثمان بشرى، عاطف خيري، يحيى فضل الله، ومن قبل الشعر الغنائي، الحقيبة، وخليل فرح، وقبل كل ذلك السرد الحبوباتي، ولكن!؛
ولما كان من أهم سمات اللغة المحكية أنه لا توجد عتبة بين الفكرة وطريقة أدائها فإنها تكون في الواقع أكثر شفافية، بمعنى آخر أن الكاتب ـ في أغلب الأحيان ـ عندما يقوم باستعمال لغة رسمية فإنه في الواقع يقوم بعملية ترجمة داخلية لفكرته من اللغة المحكية ـ التي هي الصانع الحقيقي لوعيه وبناء خياله باعتبارها لغة المجتمع/الموضوع/التجربة الحقيقية actual إلى اللغة الرسمية formal التي هي لغة مستعارة/مفترضة virtual وأظن جلنا يعلم الفارق بين الترجمة ـ مهما كانت مبدعة والنص الأساسي، وهذا ما يعاني منه جلنا، بسبب العادات الذهنية المكتسبة التي تكرسها فينا بنية السلطة ـ بالمعني العام للكلمة
وهكذا تحطم حكايات حنين أساطير السلطة واحدة بعد الأخرى. وتسجل ريادة ضمن ريادات آخرين سيسجلها لها التاريخ يوما ما
هذا مجرد غيض من فيض، وأرجو أن تواصل الأخت حنين وتمتعنا بحكاياتها
وبالمناسبة يا حنين، قصة السلاحف برضو لذيذة بشكل ما عادي، لكن وين الحلقة الرابعة من مذكرات زينب؟؟
وكل سنة والجميع بخير
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | أبكر آدم إسماعيل | 01-01-03, 10:54 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | حنين | 01-02-03, 12:49 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | الجندرية | 01-06-03, 04:51 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | بت قضيم | 01-02-03, 11:15 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | singawi | 01-03-03, 09:01 AM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | حنين | 01-03-03, 11:58 AM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | حنين | 01-03-03, 12:01 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | رانيا مامون | 01-06-03, 05:38 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | أبكر آدم إسماعيل | 01-06-03, 06:33 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | sudani | 01-06-03, 06:36 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | Ishraga Mustafa | 01-06-03, 10:59 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | waleed500 | 01-06-03, 11:13 PM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | حنين | 01-07-03, 07:47 AM |
Re: حكايات حنين.. عصفورتان بلا حجر | أبكر آدم إسماعيل | 01-28-03, 09:37 PM |
|
|
|