مناقشة مداخلة الأخ آيز أو ليبيرتي؛في البدء نقول: أن ما ورد في مداخلة الأخ آير أوف ليبيرتي يعبر في مجمله عن النموذج الأساسي للشخصية الإسلاموعروبية، فكريا وأيديولوجيا، ونفسياً، النموذج، الذي ظل البعض يطالبنا ضمنا بإثباته، فها هو يأتينا برجليه، وبلا أقنعة. وكونه نموذجا، فهذا يعني، أن إختلاف بقية من نعتبرهم (إسلاموعروبيين) هو إختلاف درجة، وليس اختلاف نوع؛
وهناك الكثير من عناصر مداخلته، تجد الرد عليها في مقدمتنا التي سقناها أعلاه، ولذلك لن نكرر القول فيها، ولكن تبقى هناك ملاحظات في نقاط سنجملها، لإشكالياتها الواضحة، وهناك نقاط نرى أنها من صلب الموضوع، ونحاول مناقشتها باستفاضة؛
ملاحظات؛
واحدة من إشكالات الأخ آير أوف ليبيرتي أنه تعوزه القدرة على التحليل، وذلك يتضح من بدايته المرتبكة إن لم نقل المنهارة، فهو، بعد أن أورد ملخصه للقصة التي بدأ بها مداخلته، وقام بنزع نصنا من سياقه، ليحاكمه على أساسها، لم يبين أسباب الربط؛ أهي في مضمون النص/المعنى، أم في شكله/الطريقة التي ورد بها النص. ليقفز مباشرة إلى أحكامه، إلا إذا كان يفترض أن التعبير عن الدهشة لوحده تحليل! ويظل السؤال: ما هي علاقة قصة المتبرجز والأستاذ بالنص الذي تم إيراده، وبكل ما تلا؟ (هذا إذا تجاوزنا النزعة الإدعائية في ذلك)؛
الإشكالية الثانية أنه يمارس التقويل ويؤسس نقده على هذا التقويل: فأنا لم أستعمل مصطلح "الأيديولوجية العربية" قط في أي نص من نصوصي. وأرجو من الأخ أيز أوف ليبيرتي والقراء الكرام مراجعة كل نصوصي للتأكد. ولكننا سنتسامح مع الأخ آيز أوف ليبيرتي، ونفترض أنه يقصد مصطلح "الأيديولوجية الإسلاموعروبية"؛ وحججه التي ساقها؛
ـ أنه
Quote: "لم يجرؤ احد من الكتاب و المحليلين الاجتماعين والمراقبين السياسيين العرب او غيرهما، في استخدام هذا المصطلح..."؛ |
ـ وأنه
Quote: " لم نسمع من قبل ان للعرب ايدولوجية عربية، فالمعروف عن المجتمع العربي الدوغمائي انه نقيض للايدولوجية..."؛ |
فيما يختص بالنقطة الأولى، فلا أظن أن كون هؤلاء المحلليين أو السياسيين أو المراقبين لم يجرؤوا على استعمال مصطلح كهذا حجة تمنع أي شخص أو جهة من نحت المصطلحات واستعمالها، ومن حقك بالطبع أن تحاجج في الأسباب التي اتخذها ناحت المصطلح، وأن تحاجج في مدى إنطباقه على الموصوف من عدمها؛
ولكن الحجة الثانية هي التي تكشف لنا مشكلة الأخ آيز أوف ليبيرتي، لأنه يتبنى تعريفا قاصرا للأيديولوجيا، يقف به عند حد "إيمانويل كانت"، ومع أن الدراسات اللاحقة لإيمانويل كانت قد ذهبت بعيدا في تطوير تعريف الأيديولوجيا، ونحن بالطبع لدينا تعريفنا الذي هو مستمد من هذه الدراسات اللاحقة، والمختلف بشكل أو آخر عن تعريفه. ونحن نفهم أن أي مجتمع، سواء كان دوغمائيا أو غيره، فلابد له من أيديولوجيا، حسب تعريفنا للأيديولوجيا، إلا إذا كان الأخ آيز أوف ليبيرتي يفهم كلمة "عقل" بالمعنى العربي الذي يربطها بمفهوم "العقال"، وليس مفهوم السبب والنتيجة. وإذا كان الأمر كذلك، أرجو من الأخ أن يراجع تعريف كلمة "عقل" في الجزء الأول من رباعية نقد العقل العربي، لمحمد عابد الجابري؛ تكوين العقل العربي. فهناك المزيد من الشروحات، ربما يجد الحل لإشكالية الفهم العربي الشائع لكمة "عقل"، ثم بعد ذلك يمكن أن نتناقش حول تعريف ومفهوم الأيديولوجيا؛
ثم يقع الأخ ـ آيز أوف ليبيرتي ـ في نفس المشكلة حين يتناول الثقافة، التي يجملها في التعريف
Quote: "ما هي الا انفعال الانسان بمحيطه وبيئته" |
، وبطريقة إستاذوية! ومثل هذه التعاريف تسوق بالطبع إلى الإلتباس. لأن هناك تفاصيل جوهرية، عن الإنسان، وعن درجات الإنفعال، وعن المحيط وعن البيئة، تسقط أو تكون عرضة للسقوط سهوا إن اعتمدنا مثل هذا التعريف، وهو ما نرى أن الأخ آيز أوف ليبيرتي يريده، ليصطاد من وراء الإلتباس. فهو يريد أن يصل إلى أن:
Quote: "...الثقافة التي يمارسها الشمالي والفوراوي والنوباوي واحدة وذلك لاشتراك عامل الدين في تكوينها والذي هو عامل مؤثرا في حركة البيئة الثقافية"؛ |
، وبالتالي لينفي "فرض الثقافة" وأمام هذه المغالطة، القائمة على إختزال الثقافة في أحد عناصرها، تصبح الثقافة الفارسية، والثقافة الأردية (باكستان) والتركية، والعربية ثقافة واحدة(!!)، ويبقى السؤال: إين ذهبت العناصر الأخرى، التي أوردتها في تعريفك ـ على ما فيه من قصور؟ أين ذهب المحيط، وأين ذهبت البيئة، وأين ذهب الإنفعال، وأين ذهب التاريخي، المكتسب والمستصحب عند الشمالي وعند الفوراوي وعند النوباوي من عادات وتقاليد ولغة وتصورات للعالم؟ ثم لماذا هناك ملل ونحل ومذاهب وفرق في الإسلام نفسه؟ وإلى أي ثقافة تستند "الملة" أو "النحلة" أو "الفرقة" التي تفرض على الناس اليوم، ما تفرض؟
يتبـــــــــــع