ديمقراطية المسدس الثقافي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 05:28 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة اسامة عبد الجليل محمد(Abomihyar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-30-2002, 10:16 AM

Abomihyar
<aAbomihyar
تاريخ التسجيل: 03-19-2002
مجموع المشاركات: 2405

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ديمقراطية المسدس الثقافي

    الي المتحاورين في المنتدى أهديكم هذا النص لعدنان الصايغ ـ المصدرـ جريدة الزمان


    ديمقراطية المسدس الثقافي - عدنان الصائغ

    ما الجدوي أن أحاورك بالكلمة.. فتحاورني بالمسدس.. فلا حواري يصل إليك، ولا مسدسك يترك لي فرصة أن أتكلم أو فرصة أن تفهم، وبالتالي فكل كلام تحت قوس المسدس يبقي كلاماً خارج قوس الحوار.
    ثمة أوطان تتحاور بالدبابات وثمة كتاب يتحاورون بالتقارير الأمنية والخناجر، لكن غالباً ما ينتهي بهم الأمر إلي الفجيعة: أوطاناً أو نصوصاً..
    فحوار الطلقة يولّد مزيداً من الطلقات والأحقاد والجهل والجثث.. وحوار التقارير الأمنية يولد مزيداً من السجون والمعتقلين.. وكل هذا يبقي خارج قوس التأريخ.. ذلك أن الأمم لا ترتقي إلا بحضارتها، وحضاراتها لا تتكون إلا برقي ثقافاتها، وثقافاتها لا تأتي إلا من عصارة فكرها، وفكرها لا يأتي إلاّ من حوارها مع الذات والآخر.
    إن العصر الذهبي الذي مر بالأمة العربية لم يكن عصراً ذهبياً لو لم تولد فيه مختلف التيارات الفكرية والدينية والسياسية، وتنشب فيه معارك المعتزلة والخوارج والشيعة والسنة والأباضية والمرجئة والجبرية والقدرية.. والخ.. والخ.
    لم يكن عصراً ذهبياً ــ رغم نواعير الدم ــ لو لم تفتح دار الحكمة أبوابها لأرسطو وأفلاطون وأبيقراط والسفسطائيين وزرادشت.. والخ.. والخ.
    فنشأ مبدأ الحوار بين الكلمة والكلمة والفكرة والفكرة والمعتقد والمعتقد، وبرغم بعض حوارات السكين التي سجلها التاريخ، لكنها تبقي ــ بالقياس إلي حوارنا المعاصر ــ عصراً ذهبياً، يستطيع فيه رجلاً مثل سعيد بن المسيب أن يقول أمام الملاً: (إذا رأيتم العالم يغشي الأمراء فاحذروا منه فانه لص) ثم ينزل من المنبر ماشياً إلي بيته مطمئناً، هادئ البال، دون أن يفكر بأن ثمة مسدساً كاتماً للصوت في انتظاره.
    غير أن عصرنا لم يعد يتسع لسعيد بن المسيب.. ولا صدور مثقفينا تتسع للحوار، ذلك أن المسدس أسس بنيته الخاصة به حواراً وفكراً ومريدين ومصفقين ومثقفين مهزوزين يتمايلون كالقصب أمام الريح..
    مرة صرخ الكاتب التركي الساخر عزيز نيسين قائلا: (آه .. منا نحن المثقفين الجبناء) لم يقل ذلك إلا حين أدرك خطورة انهزام المثقف قبل خطورة انهزام السياسي.. فالمثقف يقود وعي الأمة، وهو حين يرتد أو يجبن أو ينهزم فأن ذلك معناه اهتزاز الأمة وسقوطها.. فحضارات الأمم تقوم علي وعيها وفكرها وليس علي سيفها ورمحها، فقد ينبو السيف وقد تكبو الخيل، فيكون ذلك خسارة معركة، ليس غير، فإذا ظل الوعي متحفزاً وناهضاً، فسرعان ما تستعيد الأمة خسائرها غير أن انكفاء الوعي قد يسبب خسارة أمة وتدهور حضارة لن تُسترد بالسيف أو المال. فالتاريخ كثيراً ما يحدثنا عن آلاف المعارك التي حدثت علي ظهر البسيطة بين غالب ومغلوب وهي كلها تنصب في مضمار الصراع حول المال والنساء والأرض والسلطة، غير أن معارك الفكر حفرت نفسها علي صفحات التاريخ وتغلغلت في وعي الأمم ووجدانها، وكانت هي المسار الذي شق للإنسانية طريقاً نحو التقدم والتطور والازدهار.
    وكان فرسان الفكر كثيراً ما يسقطون مضرجين بدمائهم قرباناً لحرية الرأي والمعتقد، فيكونون كالشعل المتوهجة في الظلام ينيرون للأجيال دربها الطويل. أما جبناء الفكر الذين كانوا ينهزمون من أول الشوط فهم السبب وراء عصور الظلام التي مرت بها أمتهم، فهم غالباً ما ينكفئون علي أعقابهم نتيجة الخوف، فيزورون التاريخ ويشوهون الحقيقة ويضللون الشعوب. وهم لا يقلون خطورة عن سماسرة الفكر وتجار الكلمة لذلك جاءت صرخة عزيز نيسين لتهز نواقيس الخطر في زمن السبات وخنوع المثقفين لرؤسائهم. وهذا هو ما يولده المسدس بين الثقافي والسياسي علي مر العصور مسوخاً أو جبناء أو شهداء أو صامتين أو منفيين...
    .. تراهُ لا يفتتح مقالته إلاّ بالحديث عن الحوار الديمقراطي، ولا يختتم أمسيته الثقافية إلاّ بالدعوة الملحة إلي الانفتاح الديمقراطي، ولا يتناول فطوره المكون من بيضتين مسلوقتين إلاّ ويرشهما بملح الديمقراطية، ولا ينام في آخر الليل إلاّ بعد أن يتناول قرصاً ديمقراطياً مهدئاً يبعد عنه ما قرأه وما سمعه في النهار من كوابيس الحوارات المتشنجة ولغة السياط ونقاش المسدس... وتعجب من أسلوبه الديمقراطي حين يفتح لك باب الحوار علي مصراعيه ويدعوك أن تبدي وجهة نظرك بلا خوف أو تردد، مستهلاً دعوته بدزينة من الأقوال والمصطلحات والحكم المأثورة منها يقول شارك تايلور: (الديمقراطية هي فن الاعتراف بالآخر)، ومنها قول آلان تورين: (إن الديمقراطية لا تقوم فقط علي قوانين بل تقوم قبل كل شيء علي ثقافة سياسية)، ومنها قول الشاعر العربي: (واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)، ولا ينسي طبعاً أن يحدثك عن موقف فولتير من روسو وكان علي خلاف فكري عنيف معه،حتي إذا صادرت السلطات السويسرية كتاب روسو وأمرتْ بإحراقه كان فولتير أول المدافعين عنه تمسكاً بمبدئه الشهير: (أنا لا أتفق معك في كلمة واحدة مما قلته ولكنني سأدافع عن حقل في الكلام وحرية التعبير عن أفكارك حتي الموت).
    وتطمئن إلي سعة صدر الرجل، فتتوكل علي الله وتبدي رأيك في كتاباته إطراء ومدحاً وهو منبسط الأسارير، متهلل الوجه، لكن ويا للعنة من لكن، ما أن تقول له أن لك رأياً مخالفاً حول نقطة صغيرة في الموضوع الفلاني حتي يكفهر وجه الرجل وتتغير ألوانه: أخضر ثم أصفر ثم أحمر وقبل أن تكمل ملاحظتك الثانية حول أسلوبه في الكتابة، تراه قد كشر عن أنيابه لافتراسك جملةً وتفصيلاً، فتذكره بأفلاطون وديمقريط وتايلور فيشتم تاريخك وتاريخ الفلسفة اليونانية، وتعيد إليه ما رواه عن فولتير فيحمل طبق البيض ليرميه في وجهك، وتحاول تهدئة الموقف فتقول له: ماذا عن (اختلاف الرأي الذي لا يفسد للود قضية، فيتهمك بالعمالة والجاسوسية والاستخباراتية والخ، والخ، حتي تخشي في حمي تصاعد اتهاماته أن يمسك سماعة التليفون ويتصل بالبوليس لتضيع بـ (شربة ماء).. غير أن جرس الباب يرن، فتحمد الله أن زوجته تدخل لتقول له إن صحفياً علي الباب يروم أجراء حوار مع حضرته عن سبل الحوار الديمقراطي الكفيلة بتطور الشعوب، فتتغير خريطة ألوان وجهه عكسياً وتهدأ أساريره ويبتسم لك برقة ولزوجته بعطف وللصحفي بمودة لا متناهية ويبدأ حديثه عن أفلاطون وديمقريط وشارل تايلور والآن تورين واختلاف الرأي الذي لا يفسد للود قضية وموقف فولتير من روسو.. والخ، والخ.. فتفغر فمك دهشة لا تستفيق منها إلا حين ينهض الصحفي بأوراقه الممتلئة منتفخ الأوداج طرباً بما سمعه من حديث شيق لا أجمل منه ولا أنفع ولا أمتع عن الحرية والديمقراطية وتعدد الآراء واحترام الفكر، سيكون هو المانشيت الأول علي صدر صحيفته، ويصافحك بحرارة ــ وهو يتجه إلي الباب ــ متمنياً لك وقتاً سعيداً ومفيداً بصحبة صديقك المفكر الديمقراطي الكبير...
    فتطمئن للرجل، وكلُّ غريب للغريب نسيب ــ علي حد قول امرئ القيس ــ لكنك في أول خلاف فكري معه تكتشف أن جلاد بلدك الذي هربتَ منه أكثر رحمةً وتسامحاً وتجد نفسك في مفارقةٍ لا تُحسد عليها، فوظيفة السوط أن يجلد بينما وظيفة القلم أن يعلم ويحاور وينير، فكيف تحول القلم بيد صاحبنا إلي سوط أكثر قسوة من سوط الجلاد نفسه، هل لأنه يمارس شهية تقليد الجلاد فيتفوق عليه، والي ذلك يشير ابن خلدون في مقولته (الضحية يقلد الجلاد) أم لأنه يعرف مواطن الألم والضعف في داخلك، وإلي ذلك يشير المفكر علي حرب في قوله (أن المثقف يفعل ما تفعله السلطات السياسية عندما يحل مكانها، بل هو يتصرف علي نحوٍ أسوأ، يشهد علي ذلك ما يمارسه المثقفون من الاستبداد والإرهاب بعضهم ضد بعض آخر). وتضحك، فالمخبر الذي كان يطاردك من رصيف إلي رصيف ومن مكتبة إلي أخري هو موظف لدي الدولة يستلم راتبه ويعتاش عليك، لكن زميلك المثقف الذي كرس حياته لا للأدب وكتابة نصوصه الإبداعية بل لتدبيج التقارير السرية عنك وعن رفاق القلم والمثقفين داخل الوطن وخارجه، كان يعمل للسلطات تطوعاً ومن دون أجر... وتحتار أيها الأنذل وأيهما الأشرف؟.
                  

العنوان الكاتب Date
ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-30-02, 10:16 AM
  Re: ديمقراطية المسدس الثقافي الساحر10-30-02, 11:07 AM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-30-02, 11:20 AM
  Re: ديمقراطية المسدس الثقافي الجندرية10-30-02, 11:36 AM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-30-02, 11:42 AM
  Re: ديمقراطية المسدس الثقافي AlRa7mabi10-30-02, 01:26 PM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي رقم صفر10-30-02, 08:02 PM
      Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-31-02, 08:05 AM
      Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-31-02, 08:17 AM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-31-02, 08:00 AM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-31-02, 08:03 AM
  Re: ديمقراطية المسدس الثقافي نصار10-30-02, 08:29 PM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Najm10-30-02, 10:06 PM
      Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-31-02, 08:38 AM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي Abomihyar10-31-02, 08:32 AM
  ديمقراطية المسدس mohmmed said ahmed10-31-02, 08:50 AM
    Re: ديمقراطية المسدس Abomihyar10-31-02, 09:36 AM
  ديقراطية المسدس mohmmed said ahmed10-31-02, 12:40 PM
    Re: ديقراطية المسدس Abomihyar11-02-02, 07:30 PM
  Re: ديمقراطية المسدس الثقافي نصار10-31-02, 01:00 PM
  Re: ديمقراطية المسدس الثقافي الجندرية11-02-02, 06:35 PM
    Re: ديمقراطية المسدس الثقافي الجندرية06-26-03, 10:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de