لبنى ليست مستهدفة

Quote: هاشم طـه 07-08-2009 03:20 AM -------------------------------------------------------------------------------- الأخ رأفـت .. تحياتي الطيبـة ... لاحظت أن النقاش في هذا البوستر الجيد يسير في إتجاهين متلازمين وهما قضية لبنى وقضية موافقة الزوج عند مغادرة الأطفال بصحبة الأم أو إنهاء معاملات لدى الجوازات، وهو تلازم فرض نفسـه تحت إطار وضع المرأة في القانون. كلنا يعلم أن القوانين الوضعية مستمدة من الأعراف والتقاليد في جوهرها (مع إختلاف بعض الدول من حيث إمكانية التشريع عن طريق السوابق القضائية) ، إلى أن إستجد في الآونة الأخيرة في بعض البلاد ربط القانون بالمعتقدات الدينية كمصدر له ، وهنا تكمن محنة المرأة لاسيما في ظل القوانين الإسلامية والتي تتضارب إلى حد الإختلاف مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 مثلاً حول أهلية المرأة القانونية وحقوقها الإقتصادية والأمنية ومنع جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة ، فبينما ينادي الأول بالمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات ، تقـعد القوانين المستمدة من المعتقدات الدينية دون ذلك ، بل وتنسرب إليها نصوص تحرم المرأة من حقوق أساسية وأصيلة. إن الرجل هو من يضع القوانين وذلك لأسباب تاريخية حيث أن المجتمعات في السواد الأعم من الكرة الأرضية منذ بدء الخليقة وإلى يومنا هي مجتمعات تغلب عليها الصفة الذكورية ويحكمها الرجل مما إستوجب حراكاً متواصلاً لدى المرأة لإنتزاع حقوقها السليبة من قبضته، فتشكلت الإتحادات والهيئات وإنعقدت المؤتمرات وكانت الإنطلاقة الكبرى في منتصف السبعينيات عندما تصدت هيئة الأمم المتحدة لقضية المرأة حيث أعلنت عام 1975 "العام العالمي للمرأة" واضعةً بذلك قضايا المرأة ضمن أجندة الأمم المتحدة ، وفي عام 1979 إعتمدت الأمم المتحدة إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي وضعت لأول مرة المعايير الدولية للمساواة بين الرجل والمرأة، وتلا ذلك مؤتمرات متعاقبة في نيروبي ونييويورك وريودي جانيرو والقاهرة وبكين .. بغرض تحصين الإختراقات التي حققتها المرأة الخ ، فهل وقع السودان على المعاهدات الدولية التي تحمي المرأة ؟؟ ... لقد قاومت التيارات الدينية الراديكالية ولا سيما الإسلامية منها كل تلك المعاهدات ، فعلى سبيل المثال أصدر شيخ الأزهر المرحوم جاد الحق بياناً بإسم مجمع البحوث الإسلامية واصفاً مؤتمر بكين بأنه حلقات تآمرية ترمي إلى تقويض القيم الدينية وتحطيم الركائز الأخلاقية والتقاليد المجتمعية ونشر الفساد والسقوط ، بل ذهب إلى أن مؤتمر بكين يناهض الإسلام ويستهدف سائر الأديان السماوية (الأهرام 22 أغسطس 1995). والمستغرب في الأمر أن السودان قد شارك بوفد كبير في المؤتمر في محاولة لمقاومة التيار التحرري والتأثير عليه من الداخل بالتنسيق مع إيران من الطبيعي أن تفرز تلك التيارات الراديكالية ممارسات قمعية ومسفة داخل المجتمعات التي تعيش فيها طالما أن نظرتها للمرأة أنها متاع للرجل وسبية يستلذ بها وجارية تحل له متى ما إبتاعها من سوق النخاسة أو غنمها في غزوة ، يسندهم في ذلك إعلامهم الذي يسلط بؤرته على مواقفهم من جرائم إغتصاب النساء يجرأون بأمثلة ما حدث في البوسنة مثلا ولكنهم يصمتون عن إغتصاب النساء في ظل النظم الإسلاموية في إيران والسودان أو من قبل الجماعات الإسلامية كما يحدث في مصر والجزائر ، ويضخمون قضية الحجاب في فرنسا بحسبان أنه تمييز ضد المرأة بسبب "الزي" ثم يسكتون عن ما حدث "للبنى" وما إستنبت من قوانين تجرم إرتداء المرأة للبنطال ويسكتون أيضاً عما حدث للنساء اللاتي رفضن إرتداء الحجاب في الجزائر ، فقد جاء في بيان مجموعة 95 المغاربية الذي وزع في مؤتمر بكين أن (كاتيا بن جانا) الطالبة ذات ال 16 ربيعاً قد قتلت برصاصة في الرأس لأنها رفضت إرتداء الحجاب ، وفاطمة عقبان طالبة ذات ال 15 عاماً إنتزعت من فصلها وتم ذبحها أمام زميلاتها بالمدرسة لذات السبب) (المصدر مجلة سواسية سبتمبر 1995). لقد جلبت النظرة السلفية للمرأة (مثلاً عند إبن تيمية) مورثات إشتق منهن وجوب وضعها بدرجة دنيا عن رصيفها الرجل وإعتبارها عوان كالعبد {التعبير لإبن تيمية}، وتغلغلت تلك الآراء في الذهنية الإسلامية وبالتالي فقد بنيـت القوانين التي تجلد لبنى وتنتقص من أهلية المرأة القانونية على ذلك الفهم الخفيض ، والذي لا يتماشى وتطور الفكر الإنساني. وإن كان لي أن أعقب على القانون الذي يستوجب موافقة الزوج على خروج الأطفال من نقاط المغادرة ، فهذا كما أعلم موجود بشكل أو بآخر في العديد من الدول المتحضرة حتى وهو إجراء إحترازي ليس ضد المرأة وإنما يخضع له الرجل أيضاً ، فمثلاً إذا كان الرجل يصطحب طفلاً أو أطفالاً مضافين في "جواز سفر المرأة" وبدون وجودها بنقطة المغادرة فعلية أن يثبـت لضابط الموقع أنه والد الأطفال أو وكيل عن أبيهم في إصطحابهم للخارج. وأخيراً يبقى تصرف العريف نميري مثالاً صارخاً لعدم أهلية من يلتحقون بسلك القوات النظامية ، وتلك ظاهرة بدأت منذ ما ينيف عن الثلاثين سنة الماضية عندما تخلى أبناء الأسر الكريمة عن الإلتحاق بالقوات النظامية فنشأ فراغاً كان لا بد من ملأه بالعاطلين وغير المؤهلين بل وبأصحاب السوابق في كثير من الأحيان ، فأصبح الشرطي يخلع ملابسه عند إقتراب الفجر ليتسور المنازل ويسرق أهلها ... وعش رجباً ترى عجباً .. فمن أين يأتي الصلاح ومن أين يستمد نميرى خلقه ..!!! لك التحية مرة أخرى يا رأفت على هذا الخيط ، وأقعد بالعافية. سودانيات