دفعتى بمدرسة المدينة عرب الوسطى .. كان صديق حميم فى مرحلة الصبا بين الطفولة والشباب .. عندما كنا فى السنة الثالثة فى المرحلة الوسطى كنا فى قمة العطاء .. كنا أكبر من عمرنا كثيرآ الذى كان ما بين الرابعة عشر والخامسة عشر .. هذه المرحلة يتم تفرغ تلاميذ السنة الرابعة فقط للدراسة بشتى سبل التسهيلات لتأهيلهم لإمتحانات الفترة المتوسطة "من الوسطى الى الثانوى" .. حيث كانت المدارس تتنافس على ألقاب النجاح ما بين نتائج التلاميذ الى ترتيب المدارس فى شهادة النجاح على مستوى الدولة ..
نحن طلاب المرحلة الثالثة نتقلد مسئوليات جسام مثل .. رعاية طلاب السنة الأولى من الإهتمام بالمذاكرة الى الملابس وترتيب الأغراض لأننا كنا فى مدارس داخلية .. والأطفال الجدد تترواح أعمارهم بين العاشرة الحادية عشر .. وكنا نتقلد رئاسة الداخليات وطابور الصباح وتمام المساء .. قبل الوجبات كان تلميذ فى الرابعة عشر من عمره عليه تفقد الطعام قبل تقديمه ليقرر إنه صالح للأكل !!
هذا غير الإشراف على الأنشطة الرياضية والثقافية .. فكنا سابقين أعمارنا كثيرآ .. وأعتبر هذه المرحلة نقلة تربوية عظيمة من الطفوله الى صبا ناضج ..
كانت مرحلة بداية الشاعرية والعشق .. ممزوجة بطفولة وفحولة وتربية صوفية .. بدأت مرحلة تذوق الكلمات والطرب وقصص الحب العذرى .. أذكر أنا وصديقى عطاء المنان محمد أحمد نهرب من الداخلية ونختبئ خلف "السفرة" لنرى بنت الناظر عائدة من درس "العصر" .. كان من عائلة متدينة .. فكان يترجانى وهو ينظر للأرض أن أخبره عندما تصير أمامنا لكى يرفع رأسه ويتأملها بدون ذنب بنظرية "الأولى ليك والتانية عليك" .. وكنت أغدر به كثيرآ وأضيع عليه الفرصه وأتأملها وحدى .. فنتشاجر بمداعبة بريئة ..
محمد طه دفع الله "القدال لم يكن حتى لحظتها تدفق منه الشعر .. ولكن أذكره دائمآ بإبتسامته العريضة الدائمة وضحكاته الصاخبة الودودة .. ولا أذكره فى شجار .. وما أكثر شجاراتنا .. كنا نجتمع ونغنى أغانى عبد الحليم حافظ الذى كان معبود المراهقين فى حينها ..
كان يجلس خلفى فى الفصل .. وفى فترة المذاكرة الليلة على ضوء "الرتاين" نتداعب بالرسائل عندما نمل المذاكرة .. كان لينا صديق مشترك إسمه صديق شايقى فى مشاحنات دائمة وعراك معى .. ورافقنى فى دروب الحياة .. ولازالت علاقتنا حتى اللحظة .. كان محمد طه يرسل لى الرسائل يدعونى للإسلام بأسلوب لغة عربية مضحكة كأننا فى عهد بنى أمية .. فكنت أرد عليه " يشرفنى أن أكون على دينك يا أخ العرب ولكنى لا أعتنق ما يعتنقه الزنديق صديق الشايقى" ينفجر محمد طه فى الضحك مما قد يسبب لنا العقاب ..
ربما أواصل هنا أو فى مكان آخر ذكريات المدينة عرب .. عثمان الفكى .. والنور حسن .. والدامبوى .. وأحمد هجو .. .. .. ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة