عن أى مجاهدين وأى شهداء تتحدثون !!!!!!!!!!!!!

Quote: محجوب التجاني 23 يوليو 2005 بشكل متكرر منذ التاسع من يوليو 2005، يواصل تلفزيون السودان معاقبة محبي السلام في السودان من خلال برنامج "احتفالي" بالسلام تقدمه قوات الدفاع الشعبي سيئة الصيت التي تسيطر عليها الجبهة القومية الاسلامية. تمثل قوات الدفاع الشعبي أحد الذكريات السيئة لثورة الانقاذ التي فشلت اتفاقيات نيفاشا للسلام للأسف في استئصالها. لكن قوى السلام في البلاد، التي تضم كافة الأحزاب الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني، مطالبة بممارسة أشد الضغوط على الحكومة الانتقالية لإخراس قوات الدفاع الشعبي، ما لم تقم باستئصالها تماماً، من أجل السلام، باعتبارها جيشاً حزبياً فاسداً كان هدفه الأساسي ترويع المواطنين لفائدة حزب الجبهة القومية الاسلامية الحاكم. مع ذلك، ظل تلفزيون السودان مصمّماً على استضافة الذكريات المروعة لقوات الدفاع الشعبي، تلك التي قامت على المضايقة، التعذيب، والترويع الذي لم يسلم منه إي فرد داخل السودان لستة عشر عاماً متوالية بغية حمله على الإنخراط في تلك القوات. جرى هذا عبر سلسلة من البرامج التي يفترض أن بثّتها المحطة الفضائية المكلّفة "من أجل نشر السلام، العلاقات الأخوية، والتعاون بين كافة شركاء السلام في اتجاه الوحدة الاختيارية" في عهد ما بعد السلام وفقاً لما نصّ علية اتفاق السلام الشامل بنيفاشا. في الثالث والعشرين من يوليو، استضاف تلفزيون السودان القائد العسكري لقوات الدفاع الشعبي، منسقها العام، المجاهد، عضو قوات الدفاع الشعبي، ومدير مشروع الفداء، وهي مؤسسة تابعة للقوات هدفها توفير التمويل للحرب. تركّز الحوار حول قضية الحرب، حرب الجهاد الديني، إعداد السودانيين لساحات المعركة، وغرس السلوك والروح القتالية في منسوبي الخدمة المدنية، إلخ. تمّ إلهاب البرنامج بأغاني الاستشهاد التي تعظّم من شأن المجاهدين وبطولية المقاتلين في الحرب الأهلية. يشقّ على الكثير من المشاهدين أن يصدّق أن تلفزيون السودان لم يقلع بعد عن ترويع المواطنين بالمقابلات المكرّرة مع مؤسسة الدفاع الشعبي المروّجة للحرب - ذات الجهة الحكومية التي تواصل التضييق على مواطني دارفور الأبرياء بأشد أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها التهجير، القتل الجماعي، اغتصاب النساء بأيدي القوات المدعومة من قبل الحكومة، ومنهم مجاهدي الدفاع الشعبي الذين يشتهرون في دارفور بأسم الجنجويد المجرمين، وأن يواصل تلفزيون السودان هذا النهج بعد التدشين الرسمي لنظام حكم جديد في البلاد في 9 يوليو 2005 تأسيساً على اتفاق السلام بين حكومة السودان والحركة/الجيش الشعبي لتحرير السودان وهو اتفاق يحظى بالاعتراف الدولي. في البرنامج التلفزيوني، أكد قادة قوات الدفاع الشعبي ومجاهدوهم على الحاجة لمواصلة ذات الأنشطة التي ظلت تطّلع بها تلك القوات. قال قائد الدفاع الشعبي إن السودانيين ظلوا "مقاتلين منذ أزمنة كوش، وهم سيبقون مقاتلين أبداً. لذلك، فمن الضروري المحافظة على القدرات القتالية حتى يمكن للمواطنين أن يحسّوا بالطمأنينة في سائر أنحاء البلاد." نسي المتحدث، مع ذلك، أن يذكر أن ملوك كوش اشتهروا بحروبهم الدفاعية غير العدوانية، وأن جل حروبهم كانت - على نحو ما جسّدها مؤسس المملكة بعانخي- في سبيل تحقيق العدل. أشتهر قادة كوش بحبّهم الصادق للإنسانية والتعاون الدولي على امتداد حضارتها الألفية. بالمقابل، اشتهرت ثورة الانقاذ وجنودها في قوات الدفاع الشعبي بحروبها العدوانية على امتداد السودان وذلك خلال 16 عاماً فقط من الحكم الإرهابي غير المبرّر. من ناحية قانونية، جانب قائد قوات الدفاع الشعبي الصواب تماماً بالإشارة إلى أن واجب قواته هو "كفالة الطمأنينة في البلاد في الوقت الحاضر"، كما أكّد جازماً. بالقطع، فان واجبات من هذا القبيل يمكن إنجازها بقوات الشرطة النظامية في السودان، وليس أي جنود في قوات الدفاع الشعبي أو عصابات الجنجويد، وبتمكين سلطات برلمانية مدنية منتخبة، لا حكّام عسكريين جرى تعيينهم بمراسيم رئاسية، من الإشراف على عمل الشرطة في سائر البلاد وفقاً للقانون. وهو يتحدث باسم جهاز للدولة في الحكومة الانتقالية، كان يتعيّن على قائد الدفاع الشعبي أن يتذكّر، على الأقل وفاء لاتفاق نيفاشا الذي ميّز بحرص بين الجنوب والشمال، ككيانين سياسييّن-إداريين بنصوص قانونية ملزمة حول المسئوليات الأمنية الاقليمية والوطنية ضمن الاستفتاء المشروط - المرتقب في دولة السودان الموحد القادم بعد ست سنوات. كان في وسع تلفزيون السودان أن يفعل أفضل لو أنه أوضح لأفراد قوات الدفاع الشعبي وعلّمهم ما يفرضه اتفاق نيفاشا على قوات الدفاع الشعبي وأجهزة الانقاذ الأخرى التي تتاكلها الهيمنة السياسية والعسكرية. في بنود نيفاشا، لا تطّلع قوات الدفاع الشعبي بأي مهام شرعية لحماية أمن الجنوب، الذي يقع عبئه على القوات النظامية الجنوبية، ناهيك عن أمن الشمال في مناطق لم تعد تخضع للقانون الذي يحرّك قوات الدفاع الشعبي، أي قانون الطواريء غير الديمقراطي. يتعيّن على القوى الديمقراطية في البلاد، بما فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان، التيقّن من أن لا يتم الحفاظ على قوات الدفاع الشعبي بواسطة رئيس الدولة كحرس إمبراطوري إضافي لكبح حركة الجماهير من أجل الديمقراطية والسلام، كما كان الحال إبان عهد الانقاذ. بصرف النظر عن تعهّد رئيس الدولة بالحفاظ على السلام، فان شئون الدولة تقوم على المؤسسات والقانون، وليس على أية وعود شخصية. أحد النقاط الجوهرية هنا هو أن حكومة وحدة وطنية انتقالية قوية مطلوبة بشدّة لإجلاء وضع قوات الدفاع الشعبي في سياق بروتوكولات نيفاشا واتفاقيات السلام وكذا اتفاق القاهرة. إن التجمع الوطني الديمقراطي وكافة المجموعات السياسية الأخرى مطلوب منها أيضاً أن ترسم حدود واضحة بين أجهزة الأمن التي تسيطر عليها الجبهة القومية الاسلامية وبرامج وآليات التنفيذ الضرورية الخاصة بالسلام للفترة الانتقالية الراهنة. في البرنامج التلفزيوني، طُلب من منسق قوات الدفاع الشعبي أن يطرح أفكاراً حول ما سيقوم به الدفاع الشعبي لتعزيز وضع السلام في البلاد. عجز المسئول الرفيع بالدفاع الشعبي عن توضيح الكيفية التي يمكن بها لمؤسسة الدفاع الشعبي المروّجة للحرب أن تعمل من أجل السلام بينما لا يزال أفرادها مدجّجو السلاح، مدثّرون بأزياء الحرب، ويقوم عليهم أحد أكثر المهيّجين الايديولوجيين تشدّداً للجهاد الديني في تاريخ السودان الحديث، أي أهل ثورة الانقاذ في الجبهة القومية الاسلامية. بنفس القدر، عجز القائد الرفيع في قوات الدفاع الشعبي، وهو ضابط جيش لا يزال في الخدمة، في إيجاد صلة أو علاقة لقوات الدفاع الشعبي بعملية السلام الراهنة. في المقابلة التي بثّها تلفزيون السودان ضمن برامج السلام عقب نيفاشا، تبادل قائدي الدفاع الشعبي أفكاراً مرعبة حول ضرورة الجهاد في السودان اليوم(!)، وبعدئذ، وقد انضم إليهما مدير مؤسسة الفداء (كيان آخر يتبع لقوات الدفاع الشعبي)، تحدث ثلاثتهم حول خطط لاستغلال جملة أنشطة وأعمال قوات الدفاع الشعبي في "روح رياضية وأعمال ضرورية لحفظ وحدة وسلام البلاد"، دونما تحديد واضح لأثر هذه "الأعمال الضرورية" على النصوص القانونية لنيفاشا أو الحكومات التي أُنشئت مؤخراً اتفاقاّ في جنوب وشمال السودان. علاوة على ذلك، فان "الروح الرياضية" في السودان ظلت شأناً تعني به الفرق الأهلية المسالمة لكرة القدم، السلة، أو غيرهما من الألعاب الأولمبية. ما لم يستطع قادة الدفاع الشعبي أن يخفوه كان هو الالتزام "الثابت" لقوات الدفاع الشعبي بحروب الجهاد بقانونها الرئاسي للطواريء، ايديولوجيتها، وأدائها خلال الـ 16 عاماً من حكم الحزب الواحد، الرجل الواحد، للجبهة القومية الاسلامية. لم يتضمن ما طرحه قادة الدفاع الشعبي أو تلفزيون السودان ما يستحق الذكر، باستثناء برامج قليلة جداً، حول الدور الذي يتعيّن القيام به من قبل قوات الدفاع الشعبي، الشرطة، أو القوات المسلحة في السلم، العلاقات الأخوية، أو التعاون رغم حقيقة أن هذه المجموعات العسكرية حصلت على نصيب الأسد في الاعلام الرسمي للدولة. كان صقور الحرب يعيدون تكرار القصص خلال البرنامج حول شهداء الدفاع الشعبي "الذين ضحّوا بحياتهم في الحرب الأهلية." لم يتم ذكر كلمة واحدة في شأن مئات الألوف من السودانيين الأبرياء الذين قتلوا على أيدي قوات الدفاع الشعبي في مناطق عديدة من البلاد، لاسيما في الجنوب، وجبال النوبة، أو حتّى آلاف المجندين الأبرياء الذين هلكوا في حقول موت الحروب التي أثارتها الجبهة القومية الاسلامية. أحجم مجاهدو قوات الدفاع الشعبي عن ذكر مئات القرى التي دمرتها قواتهم بالكامل، الثروات من المحاصيل والماشية التي نهبتها أو أتلفتها، أو الانتهاكات الشنيعة الأخرى التي أُرتكبت بحق آلاف الأطفال الأبرياء الذين تمّ تجنيدهم بالقوّة من المدارس أو حتى الجامعات ليقتلوا رمياً بالرصاص في مجازر معسكر الخرطوم - العيلفون، أو تعذيباً في القطينة، الشرق، أو معسكرات التدريب الأخرى أو بيوت الأشباح، حتى الموت في الغالب. لقد آن الأوان كيما تتم مراجعة برامج تلفزيون السودان بالكامل، شكلاً ومضموناً، حتّى تصبح برامج ذات توجه قومي مرغوبة وأدوات للسلام في عهد ما بعد نيفاشا. إن هذه المهمّة الجوهرية لن يتسنى إنجازها بذات كوادر جهاديي الإنقاذ أو جهاز قوات الدفاع الشعبي الإرهابي. إن استئصال إدارة تلفزيون السودان المروّجة للحرب، برامجها الحربية، الحروب الاعلامية، والمقابلات العدوانية غير الديمقراطية من شأنه أن يخدم أكثر قضايا الوطن أهمية ... السلام وكذا أولويات السودانيين لتطوير علاقات أخوية وتعاون بينهم وفي أوساطهم وهم ما يزالون يتحرّقون لصنع السلام وحفظ السلام، التنمية السلمية، والوحدة الطوعية. لقد آن الأوان لوضع حد نهائي لما أشاعته الحكومة من ثقافة عنف، إرهاب، وحروب جهاد قام بتصعيدها دون ضرورة المهرّجون في قوات الدفاع الشعبي وصقور الجبهة القومية الاسلامية الآخرين في البرامج الاعلامية. إن إحداث تحويل في تلفزيون السودان كيما يقوم بدور مبادر، معزّز ومعين للسلام لمهمّة ملحّة عاجلة تقع على عاتق حكومة الوحدة الوطنية أوقفوا الاحتفال التهريجي بالسلام لقوات الدفاع الشعبي في التلفزيون السوداني