|
Re: أجمل ما قرأت في أدب الرسائل (Re: nadus2000)
|
إليكم الرسالة الثانية من أقاصي الدنيا عزيزي مؤمن الغالي مرة ثانية وجاء وردى ليفرح خلق الله محمد محمد خير رعل رأيت ذلك البهاء المنفلت .. الآلاف تخرج لتستقبل رمز فنها .. حناجر في مقابل حنجرة ! وردي يعود فيعود معه عطر كان قد بارح الديار يوم هاجر يطلب حقه الانساني الطبيعي في الحرية خرج لأجئاً حين حلت الطلاسم الغنائية مكان «فرحي خلق الله واتني يا به القمرة» كان المذياع وقتها ينسج من جلودنا اوتار الابواق والجو مكهر و«أنا ماشي نيالا هو ياوهو» . نادي الفنانين اصبح مثل «الكشك» المغلق بسبب مخالفته الاوصاف الصحية .. لأن صحة الدولة الوليدة آنئذ كانت تتطلب محو كل الوجدان العامر الذي شكل لونية السماحة في طباع السودانيين .. الاعراس كانت تقام نهاراً واللجان الشعبية تراقب الحفل اصوات ضفادع مخنوقة كانت تنبعث عقب حظر التجول من جداول اسنة راكمها مطر خفيف ودبابات ينقل مساراتها التلفاز صياح بلا مناسبة وهتافات وضجة وزعيق تبدلت القاب قادة العمل الديمقراطي من رؤساء احزاب لخونة يقولها ذات المذيعون الذين كانوا يرددون بالامس «واعرب سيادته عن امله استنكر المؤامرة الدنيئة الفاشلة» . وعلى «ضل الضحى» يجلس آلاف المفصولين من الخدمة بلا ذنب اقترفوه كانوا دبلوماسيين واصبحوا باعة حليب أفندية كبار استبدلوا سياراتهم «للنقل الطارئ» تجار يتوجسون واقباط يغادرون البلاد . كانت البلاد تستعد لتحول درامي وكان لا بد من عسف لاحداث هذا التحول نحن كنا اول ضحاياه واوائل قتلاه بيد اننا علي قيد الحياة. هاجر كيف لا وما الناس بالناس الذين عرفتهم ولا الدار بالدار التي هي اعهد . لحق به مصطفي سيد احمد والفرجوني وسيف الجامعة وعبد العزيز المبارك وعقد الجلاد وعازفون و«حرقل» شعراً وكتاب ومثقفون امتلأت القاهرة بلون طيف اكثر من الوان قوس قوس قزح القادة اللاهثون للوزارة اليوم كانوا حداة هذا الطيف يبشرون ببزوغ الفجر الجديد فكان كذب صباح من أدمن ليل وردي خرج منفوخاً بالهم و«مكوفراً» وعاد «مغشوشاً» بالكوكا كولا .. يبدو ان العولمة تؤسس الآن لواقع امثال جديد فمثلما كان العرب يقولون النار تخرج من مستصغر الشرر والمصريون يقولون «البعوضة تأكل شناب الاسد» علينا ان نضع الآن الكوكا كولا موضع الجد يا عمال العالم لا تستهينوا بالكوكا كولا انها نجحت في ما فشلت فيه المعارضة السودانية باحزابها وجيشها وحركتها الشعبية والصفوية وشخصياتها الوطنية الـ 51 نقابة . عادت الكوكا كولا بوردي واصطفت الالوف لتحيي فنان الشعب الطالع منها مثل رائحتها وصدح باكياً بالغناء العذوب في الهواء الطلق امام المطار غني للناس من مكان يمثل رمز الوجع رمز الخروج من ظلمة الواقع لتيه المهاجر وسراب الاغتراب انظر كيف يحب الله شعب السودان حين تضعف معارضته وتتسلط حكومته تتقوي الكوكا كولا وتتسرب في مفاصل سائلها العذب قوة اضافية تستطيع أن تأتى بوردي من أقاصي الدنيا لقلب الدنيا. ان الكوكا كولا معارضة وطنية ذات افق متسع .. معارضة سائلة تشربها فتنتعش .. نجحت في ما عجزت عنه مقررات اسمرا وفي ما فشلت فيه تماماً كل القوي المرتبطة بالمطالب الديمقراطية اجتماعات و«قومات وقعدات» وتسول وخيانات وفلل وحسابات انتفاضة واسعة ثم شعبية ثم واسعة وشعبية ومحمية ثم حل سياسي تم أبوجا . انا لن اقاطع الكوكا كولا بعد اليوم انه الماء الغازي الوحيد الذي اعاد الذهب لحنجرة الناس فتهولت بالغناء الرخيم والوفاء لصوت وجدانها وحقاً يبين عتق الخيل في أصواتها . صديقي مؤمن .. أشرب كوكا كولا دايماً هي الاصالة وأدعو الله معي «الجاب وردي بالكوكا كولا يجيبنى بالآبرى» . انه التوجه الجديد في ديناميكية الاشياء نحن الآن نفقد الامل تماماً في الاجسام السائلة التي تنسكب ولا تقبل الانكسار وفي مقدمتها الكوكا كولا انه حلف من نوع جديد حلف الفنانين والشعراء مع المنظومة السائلة بعد عجز القوي السياسية حكومة ومعارضة من تلبية ابسط دواعي ما ينمي أخيلتنا ويفسح لنا الفضاء لنحلق . اذا ضاقت بنا السبل كالعادة لن نلجأ إلا الي الكوكا كولا انه المشروب الذي يزاوج الياس المطعون بالامل الفجائى انه الضعف الذي يستبطن قوة اكبر من القوة المحيطة بنا . ووق ذلك هي جوهر الحل السياسي فقد عاد وردي وأغانيه علي كل الالسن معارضة وحكومة واغلبية صامتة والفضل يعود اولاً لكوكا كولا واخيراً للكولا . تأمل هذه الفرادة يا صديقي مؤمن إنه السودان الذي تريد الهجرة منه وأنا أهفو للرجوع اليه بلد يتسع كل المدهشات ويجلس بين ظهرانيه المعقول واللا معقول علي كرسي واحد بلد المفارقة وكل شئ .. تحياتى لك .. وأهنأ بوردي وأجزل سكب الكوكا كولا علي جوفك المهرى ولا تستهين بنا انها ستشكل وجود الحلقة المفقودة في يوم ما أطال الله عمرها وكف عنها أعين الحساد .
|
|
|
|
|
|
|
|
|