|
Re: محب .. لوزة .. نوسة .. عاطف .. تختخ . (Re: shaheen shaheen)
|
2 طفولتى التى احن اليها الان فى بواكير شيخوختى كان الجميع فى ريعان شبابهم , ابى وامى , وكل الجيران كانت " الخرطوم " غير هذه الشمطاء .. كانت عروس ناهضة لتوها من حفرة الدخان , وشباب الانقلاب العسكرى بايديهم الملوثة بدماء شهداء انكسار يوليو1971 يحظون بشعبية طاغية عند المواطن العادى الامل يتصاعد فى مجتمع يتحسس ليبراليته المنشودة فى الغناء , فكانت فرقة البلابل رمز وتجسيد لخروج المرأة من امام الصاج المُزرى الى اعتلاء خشبة المسرح , واعداد طالبات الجامعة فى تزايد ملحوظ , كانت جولات " نميرى " الجماهيرية , جماهيرية بشكل حقيقى دون نصب او تزوير او فوتوشوب - عامل عنتر وراكب هنتر . اضاع هذا الرجل بكل حماقة فرصة تحول حقيقى , لم يمسك باللحظة التاريخية الممتدة من بدايات عقد السبعينيات حتى منتصفه لنهوض راسمالى جاد وتحول جذرى نحو الحداثة , كان يُمكن ان يتحول الى واحد من عظماء الدول الشمولية امثال " تيتو " وحبيبى الخالد " ناصر " , كان لديه الحاضنة الشعبية فى العاصمة وفى الارياف وفى جنوب السودان , لو قدموا له اعداد المواليد الذين حملوا اسم " نميرى " فى تلك الفترة الذهبية لعرف مقدار التطلع عند البسطاء فى شخصه اكشاك بيع الصحف كانت انيقة , كانت دسمة , الان تحولت الى كائنات مشوهة , على اغانى مسح الجوخ الوطنية تفتح وعى طفولتى المبكر , اغانى فيها جهد واضح فى الكلمة والغناء والصوت , تبعث فى نفسى حتى الان نوع فريد من الشجن وكان اللغز مصدر المتعة والامتاع احمله بفرح وفخر , اشم رائحة صفحاته , رائحة حبر المطبعة على الورق الابيض النظيف , اتذكر اننى صادفت عريس وعروسه فى قلب " الخرطوم " وانا احمل اصدارة جديدة , مازحتنى العروس ان امنحها اللغز هدية , كانت ترتدى توب شفاف للغاية وفستان بدون اكمام وفوق الركبة بكثير , كان هذا عادياً قبل اجتياح البربر ومصادرتهم لجسد الاثنى السودانية حتى تحولت الى خيمة مُقرفة تسير فى الشوارع , نجحوا ان يجعلوا الانوثة عار كانت " الخرطوم " ناهضة لتوها من حفرة الدخان , وكانت زهرات طفولتى تتفتح , وكان الغناء والمسرح السودانى فى خط بيانى صاعد , و " النميرى " الشاب فى مجلس شرابه المعتاد فى " ود نوباى " لا يعرف قيمة اللحظة التاريخية التى بين يديه , وكانت سنباك خيل الفتح الاسلامى المتطرف تتجمع لغزو الناهضة من حفرة دخانها لتوها , والتى سقطت فى نهاية المطاف تحت سنابكهم انثى ضعيفة رخيصة , فكان فتحهم المبين فى سبتمبر 1983 , الفاتح بدوى جلف مُتشدد , والناهضة من حفرة دخانها اصبحت مفتوحة ! .
|
|
|
|
|
|