أسامة عبد الرحمن النور !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 10:30 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة العالم البروفسيراسامة عبد الرحمن النور
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-12-2007, 09:05 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسامة عبد الرحمن النور ! (Re: Abdel Aati)




    مقدمة الكتاب


    منهجياً الكتاب قُصد منه سهماً يضرب في المعركة الفكرية الحالية التي تدور حول "تأصيل الحضارة السودانية". أقول بأن تراث حضارتنا "السودانية" لا يمثل مرحلة تاريخية بعينها، بل هو سابق على التكوين الحديث للسودان وتال له في الوقت نفسه، فهو جماع التاريخ المادي والمعنوي للأمة السودانية منذ أقدم العصور إلى الآن. الأمر كذلك فإن تراثنا الحضاري السودانوي أبعد ما يكون عن التجانس، ذلك أنه وثيق الارتباط بمتغيرات لا نهائية من ظواهر الحياة المتنافرة والمنسجمة، الحية والجامدة، التي عرفتها الجماعات السودانية منذ عصور ما قبل التاريخ وما تلاها من مراحل تاريخية. بهذا المعنى يصبح جلياً أن دور التراث في حياتنا يتحدد على ضوء ما قد يضيفه إلى مرحلة بناء الأمة السودانية من مؤثرات سلبية أو ايجابية. الخطأ الأكبر هو التمسك بمنظور أُحادي انسدادي لتراث أمتنا السودانية ينطلق من نظرة جزئية تحاول تحديد "مولد" تراث الأمة السودانية بالفتوحات العربية الإسلامية، ليصبح "الإسلام" وحده هو كل تراثنا. بالإضافة فإنها نظرة شكلية لم تؤثر إيجابا باستلهام التراث السوداني، بل آثرت الطريق السهل بالنقل الحرفي والتطبيق الميكانيكي واختزلت حضارتنا السودانية في دعوة سياسية مباشرة تتجاوز "الطابع القومي السودانوي" و "الواقع" معاً.



    إن تراثنا الحضاري السودانوي الذي يؤلف جماع تشكيلات الثقافات المحلية والوافدة لهو أغنى من أن يحد بمرحلة حضارية واحدة، فمن العصر الحجري الحديث، وكرمة ونبتة ومروى، ومن نوباديا والمقرة و علوة، ومن سلطنة الفونج السنارية وتقلي والمسبعات، والدولة المهدية ينحدر إلينا تراث ضخم لم يلق للأسف ما هو جدير به، وما هو جدير بنا. ظل دعاة الرؤية الأُحادية الانسدادية ولا زالوا يحاولون التشديد على ضرورة الانشغال بالمقاربة بين التراث الإسلامي والثقافات السودانية ومحاولة التوفيق بينهما، هذا في الوقت الذي يتوجب علينا فيه استعادة ذاكرتنا الحضارية السودانوية بكل أبعادها ومحتوياتها، مهما تناقضت وتعارضت، مثل هذا البحث في أغوار هذه الذاكرة وما تتضمنه من طبقات حضارية راسبة في لا وعينا يمكن أن يكون كفيلاً بتأسيس ثقافة سلام حقيقية، الشرط المسبق لوحدة أمتنا السودانية.



    ففي حين أخذت الثقافات السودانية المحلية عن الحضارة العربية الإسلامية الوافدة فإن الأخيرة بلورت كينونتها السودانوية المتفردة وتشكلت بفعل العطاء الذي قدمته الأولى. فالثقافة في جوهرها خاصة إنسانية تعتمد الأخذ والعطاء. الامتناع عن الأخذ من ثقافاتنا المتنوعة هو تنكر لقيمة "العطاء" الذي أسهم به أجدادنا الأوائل في إثراء التراث الإنساني. فدعاة الرؤية الأُحادية الانسدادية يتصورون تراثنا السودانوي في قوقعة صدفية منيعة لا تأخذ ولا تعطي ويتباهون بتمسكهم برؤية عرقية للعالم، وينجرفون مع الأفكار العنصرية استعمارية الطابع القائلة بأن لا تراث للمحليين قبل وصول الحضارة العربية الإسلامية، ثقافاتهم، على حد تعبير واحد من أبرز ممثليها، ليست سوى "ثقافات تيه وضلال"، وبالتالي فإن مصير هذه الثقافات الوحيد هو الضياع والذوبان في "الثقافة المركزية".



    المشكلة التي تواجهنا أننا لم نطرح بجدية منذ استقلال السودان تراثنا السودانوي طرحاً تاريخياً جدلياً، لم نكتشف وحدته وتنوعه، لم نبحث تراكماته الكمية وتغيراته الكيفية ... بالتالي لم نتعرف، بفعل سياسة إعلامية وتعليمية منسدة، على أعظم ما فيه ويمكن أن يشكل لنا عناصر التحدي اللازمة لمواجهة ميلاد الأمة السودانوية.



    كان عليَّ منذ البداية أن أقرر طبيعة الكتاب الذي عزمت على تسطيره وندبت نفسي للقيام به، فهل أخصصه لدراسة جوانب محددة من تاريخ السودان القديم أم أتصدى لتلك الحقبة بكاملها ؟ قلبت المسألة في ذهني فتوصلت أن مصلحة طلابنا السودانيين وغيرهم من القارئين للعربية تقتضي أن يكون الكتاب شاملاً لكل تلك الفترة من تاريخ السودان حتى بدايات نشوء الممالك المسيحية* حتى يتسنى للطلاب أن يمتلك كل منهم نسخة بيده في بداية انخراطه بالجامعة للتخصص في التاريخ. بالتالي كان القيام بهذا العمل محاولة قصد بها إلى تقديم قدر من تاريخ السودان القديم وحضارته – في نطاق معارفنا الحالية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. ولست أزعم أنه عمل يتسم بكثير من الأصالة. فالغالب أن جميع النتائج المعروضة هنا موجودة في مؤلفات العديد من العلماء الإنجليز، والفرنسيين، والألمان، والروس، والإيطاليين، والبولنديين، والاسكندنافيين، والأمريكيين، والكنديين؛ وفي كم لا يحصى من البحوث القصيرة، وتقارير أعمال البحث الآثاري الميداني. كل تلك المجهودات تعبر عنها قائمة المراجع المثبتة في الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب. وإن كان هذا لا ينفي بحال تقيدي بمنهج يمكنني من إعادة قراءة الكثير من المسلمات السابقة، ونقد العديد من الفرضيات الحالية المعبر عنها في البحث الجاري، ومن ثم السعي لتقديم قراءة تسعى لإعادة تركيب التاريخ الحضاري للسودان القديم دون الإخلال بالمبادئ العامة لأسلوب التحليل التاريخي متحاشياً قدر المستطاع الوقوع في منزلق التحكم الآلي عن طريق صورة "أيديولوجية كلية" لمعرفة الصيرورة التاريخية. من هنا شددت في منهجي على أهمية البحث المتماسك للواقع التاريخي الاجتماعي، وتمسكت بأهمية الالتزام بمبدأ الاستقصاء المبدع في مجال التنظير العلمي والمنهجي حتى لا أفسح المجال لتحول التجريدات العلمية إلى مجرد تعريفات منطقية مبسطة يمكن استخلاص بعضها من الآخر بنجاح أو أن أجمل عن طريقها الواقع التاريخي.



    وبما أن الدراسة المزمعة للتاريخ الحضاري للسودان القديم تهدف إلى تقديم تفسير متماسك لعدد من الإشكاليات بدءاً بالأسباب الكامنة وراء ظهور التعقد الثقافي الذي تميز بتبلور أنواع من العلاقات المتبادلة بين المجموعات السودانية القديمة، وبنشوء طرق لنقل الخصائص الثقافية وأشكال للضبط الاجتماعي والعديد من العناصر الأخرى، فإنني وجدت نفسي مضطراً للاستعانة بأساليب منهجية أحرزت نتائج تتمتع بقدر من الموثوقية في مجال الدراسات الأنثروبولوجية. هكذا لجأت أحياناً للتزود بأساليب تحليل تطورية تارة، وبأساليب تحليل ايكولوجية ثقافوية، ومادية ثقافوية تارة أخرى. كذلك فقد وجدت في أساليب التحليل الوظيفية والبنيوية خير معين في تفسير الكثير من المعطيات التاريخية المستعصية



    والحق يقال أنه عندما حاول كل من ميوللر Müller 1904 و بدج Budge 1907 قبل قرن من الزمان تتبع المصير التاريخي للسودان القديم كان علم الآثار السودانوية في مرحلته الجنينية الأولى حيث لم تتجاوز حدوده في واقع الحال وصف بعض المركبات المعمارية – الأهرام والمعابد – بالإضافة إلى بعض المحاولات غير العلمية للحفر والتي لا يجوز تسميتها بأعمال تنقيب آثاري بحال من الأحوال. توفرت حينها بعض الآثار الابيجرافية (النقوش)، في المقام الأول حوليات ملوك السودان القديم، وبعض النقوش المصرية المرتبطة بهذا القدر أو ذاك بالسودان القديم بخاصة بأطرافه الشمالية التي تسمى حالياً بالنوبة السفلى أو المصرية في حالات، وكتابات المؤرخين والجغرافيين الإغريق والرومان – هذا هو ما كان متوفراً لكل من ميوللر و بدج عندما شرعا في محاولتيهما إعادة تركيب التاريخ القديم للسودان.



    كان إعلان البدء في تشييد خزان أسوان الأول حافزاً جذب اهتمام علماء الآثار لدراسة صروح الأطراف الشمالية للسودان القديم والتي أصبحت مهددة بالزوال غرقاً تحت مياه البحيرة الناشئة بفعل تشييد الخزان. هكذا بدأت أعمال الاستكشاف والتنقيب وأخذت منذ ذلك الحين في الظهور تقارير مصلحة الآثار المصرية التي تلخص بصورة موجزة نتائج الأعمال الجارية فيما بين الجندلين الأول والثاني، وتراكمت مواد آثارية أدت إلى بروز العديد من الإشكاليات الجديدة التي تم تبيانها في التقارير المقتضبة. أفضت تلك الأعمال الإنقاذية بالإضافة إلى النقوش المكتشفة في كوة (جم آتون)، والمخربشات الديموطيقية والإغريقية التي تم تجميعها ودراستها، وفك رموز الكتابة المرَّوية في نهاية المطاف، رغم أنه لازال متعثراً فهم النصوص التي كتبت بها، إلى شد انتباه العديد من الباحثين الذين أخذوا في كتابة المقالات والكتب. ورغم الملاحظات والاستنتاجات القيمة فإن تلك الكتابات، باستثناء القليل منها، تناولت مسائل متفرقة أو فترات جزئية من تاريخ السودان القديم، هذا مع ضرورة الإشارة إلى أن تلك الكتابات شددت الاهتمام في المقام الأول على علاقات السودان مع مصر. على سبيل المثال عمل سيف سيودربيرج الذي يغطي تاريخ السودان القديم حتى فترة السيادة السودانية على مصر وتأسيس الأسرة الخامسة والعشرين، حيث شدد المؤلف اهتمامه فقط على العلاقات المتداخلة بين البلدين إلى جانب تناوله لبعض المسائل الأخرى.



    في عام 1955 بدأت مرحلة جديدة للبحث الآثارى في النوبة الشمالية والسودان عندما بدأت مصر، بعد تحريرها من الاحتلال الاستعماري طويل المدى، في وضع مشروع خزان أسوان (السد العالي) والذي سيؤدى إلى إغراق منطقة تمتد إلى 500 كيلو متر من الجندل الأول حتى كوشة في الجنوب. تطلب ذلك تنفيذ أعمال إنقاذ هائلة للآثار ودراستها. الاحتياجات التي خلقها السد العالي، على كل، كانت تفوق موارد أي من الحكومتين المصرية أو السودانية. في مثل هذه الظروف قررت منظمة الأمم المتحدة للتعليم والثقافة والعلوم (يونسكو) تبنى نداء يهيب بضمير العالم، أن يسهم بالموارد العلمية، والفكرية، والمالية في الحفاظ على آثار النوبة المهددة. بينما كان السد العالي يغمر تحت بحيرته الناشئة آثار الأطراف الشمالية للسودان القديم، كان يفتح في الوقت نفسه فصلاً جديداً في دراسة آثار مناطق السودان فيما وراء الجندل الثاني. عبر مشاركتهم في حملة الإنقاذ أخذ علماء آثار كثر أول نظرة لهم على الأراضي الفاتنة، على حد تعبير آدمز، إلى الجنوب من الجندل الثاني، يحمل الكثيرون منهم الآن إمتيازات تنقيب في أجزاء أخرى من السودان. المدن المرَّوية في المصورات ومروى، العاصمة القروسطية القديمة دنقلا، معابد صلب و صادنقا وقلعة صاي العظيمة، أخضعت كلها للتنقيب في السنوات التي أعقبت السد العالي، وبعثات أخرى قدمت إلى السودان الأوسط. إن الاهتمام بهذه المنطقة التي تم تجاهلها لوقت طويل تضاعف حينما أضحى وعدها الآثارى أكثر شهرة وعندما زال البديل المتمثل في العمل بالأطراف الشمالية للسودان القديم.



    في الوقت الذي تنمحي فيه حملة إنقاذ آثار النوبة في الستينيات من الذاكرة قد يبدو من الأهمية بمكان أن تصبح النتائج الباهرة التي حققتها بالنسبة لدراسة التاريخ الحضاري للسودان القديم متوفرة للطلاب الدارسين للآثار والتاريخ والأنثروبولوجيا، ولجمهور أوسع من السودانيين، ولقراء العربية عموماً. مع ذلك فإنه لم يظهر حتى الآن كتاب متخصص شامل لتاريخ السودان القديم باللغة العربية يغطي النتائج المذهلة لحملة إنقاذ آثار النوبة باستثناء تاريخ السودان القديم للدكتور محمد إبراهيم بكر والذي انحصر في معالجة تاريخ مملكتي نبتة ومروي (وقد عمل المؤلف لفترة أستاذاً للتاريخ القديم في جامعة القاهرة فرع الخرطوم وأصبح لاحقاً مديراً لهيئة الآثار المصرية). نشر الكتاب في العام 1971 وأعيد طبعه في عام 1983. كما وظهرت في السنة الماضية الترجمة العربية لسفر البروفسور وليام آدمز النوبة رواق أفريقيا التي قام بها الأخ الدكتور محجوب التيجاني.



    الحق يقال فإن حملة إنقاذ آثار النوبة دشنت بداية فرع معرفي جديد في مجال التاريخ القديم والآثار، فرع نال تسمية "الدراسات النوبية Nubuiology"، لكنني ظللت منذ سنوات أجادل في كل المؤتمرات العلمية سواء التي عقدتها الجمعية الدولية للدراسات النوبية International Society of Nubian Studies، أو الجمعية الدولية للدراسات المرَّوية International Society of Meroitic Studies بضرورة اعتماد اسم يطابق الواقع الجغرافي والتاريخي. فالنوبة تشمل المنطقة الممتدة على وادي النيل من الجندل الأول في الشمال حتى الجندل السادس في الجنوب، وبالتالي، فإن التسمية لا تضم لا الصحاري الممتدة إلى الشرق والغرب بعيداً عن وادي النيل، كما ولا تضم الجزيرة المرَّوية (البطانة)، ولا جنوب النيل الأزرق، ولا جبال النوبا، ولا دارفور، ولا أي جزء من الشطر الجنوبي وهى امتدادات الحضارة السودانية في مختلف مراحلها ما قبل التاريخية، والتاريخية المبكرة، وعصر نبتة ومروي، والممالك المسيحية، والإسلامية المبكرة. أما بالنسبة لتسمية مجال هذه الدراسات بـ "الدراسات المرَّوية Meroitic Studies" فهي محدودة كرونولوجياً (زمنياً) بفترة مملكة مروي فقط. من ثم ظللت أجادل بأنه آن الأوان لتسميته الفرع المعرفي الجديد بـ "علم الدراسات السودانوية Sudanology" وأن يتم تجاوز التابو المفروض من قبل المصريولوجيا Egyptology والذي يرتبط بالمنظور العتيق الذي لا يرى في الحضارة السودانية القديمة أكثر من مجرد انعكاس شاحب و"متوحش" للحضارة الفرعونية. من ثم فإن تسمية "الدراسات النوبية" أو "الدراسات المرَّوية" لا تستجيب بحال للمعطيات الآثارية الحديثة التي أدت إلى نشوء منظور جديد. فمع احتضار مساحات واسعة من الأطراف الشمالية للسودان القديم تحت مياه بحيرة ناصر، احتضر في الوقت نفسه المنظور العتيق للتاريخ الحضاري للسودان القديم، وهو المنظور، على حد تعبير رئيس الجمعية الدولية للدراسات النوبية الدكتور دريك ويلسبي، "الذي شيده علماء الآثار الأوائل الذين عدوا عملهم في السودان ليس أكثر من مجرد بحث عن الامتدادات الجنوبية للحضارة المصرية وكاستمرار لنشاطاتهم في مصر". وتجئ نتائج البحث الآثاري والأنثروبولوجي الميدانية والنظرية الجارية حالياً في السودان لتدق المسمار الأخير في نعش ذلك المنظور العتيق معلنة عن مولد فرع جديد مستقل تماماً هو، في تقديري، لا يمكن تسميته بأي مسمى آخر خلاف علم الدراسات السودانوية يشدد، وفق تعبير ويلسبي "على الجذور المحلية الأصيلة لحضارات السودان موفراً البينات الوثائقية والمادية التي تقدم منظوراً جديداً يرى في المؤثرات المصرية خلال العصر الفرعوني والمراحل اللاحقة مجرد عناصر خارجية". وقد ارتأيت أن أخصص هذا الكتاب لإلقاء الضوء على هذا المنظور الجديد للتاريخ الحضاري للسودان القديم المنبثق بفعل تلك النتائج. ومن ثم طموح الكتاب ليكون خطوة من الخطوات باتجاه تثبيت علم الدراسات السودانوية فرعاً معرفياً قائماً بذاته في مجال التاريخ القديم للبشرية.



    وقد ارتأيت أن أمهد للكتاب، نسبة للتضارب الملازم لتسمية السودان القديم سواء في المصادر أو المراجع الحديثة، بتناول إشكالية المسميات القديمة للسودان. ومن ثم تكريس الفصل الأول لدراسة مصادر تاريخ السودان القديم الأساسية، التاريخية الوثائقية والآثارية المادية، تمكيناً للقارئ من إدراك ما تم تنفيذه من أعمال للاستكشاف والتنقيب حتى بدايات حملة إنقاذ آثار النوبة التي انطلقت في الستينات من القرن المنصرم لإنقاذ المواقع الأثرية المهددة بالغرق تحت مياه بحيرة ناصر نتيجة تشييد خزان أسوان الثالث (السد العالي). وكرست الفصل الثاني لدراسة التدوين التاريخي للحضارة السودانية القديمة ومحاولة تبيان المراحل التي مرت بها عملية التدوين والتيارات النظرية المختلفة التي سادت في كل مرحلة. وتناولت في الفصل الثالث تاريخ السودان في مرحلتي ما قبل التاريخ والتاريخ المبكر؛ وفي الفصل الرابع الدولة في السودان مرحلة التأسيس ومملكة السودان الأولى في كرمة؛ وتناولت في الفصل الخامس مملكة نبتة؛ وفي السادس مملكة مروي. وأضفت للكتاب بعض ما ارتأيت ضرورة توفيره للقارئ بيسر من وثائق هامة جاء في مقدمتها ملحق يضم ما كتبه ابن سليم الأسواني عن النوبة، وترجمة الأستاذ الراحل جمال محمد أحمد لنص نقش ملك أكسوم عيزانا، ومقتطفات من الفصلين الأول والثاني من كتاب كراوفورد مملكة الفونج السنارية التي يتناول فيهما التسميات الجغرافية التي أوردها الكتاب اليونان والرومان ومطابقتها بالمواقع الجغرافية الحالية. هذا بالإضافة إلى ملحق يضم بعض الصور الفوتوغرافية التي تمثل نماذج من الآثار والصروح البارزة.



    بالنسبة للهوامش فقد اتبعت أسلوبين بحيث خصصت الهوامش في قاع الصفحات للشروح والملاحظات والمراجع العربية، ولجأت لتحديد المراجع الأجنبية في داخل النص بين قوسين مشيراً إلى اسم المؤلف وتاريخ النشر ثم وضع نقتطين تليهما الصفحات. ورتبت المراجع في القائمة في آخر الكتاب وفق التواتر الأبجدي وتاريخ النشر.



    وأخيراً وجدت نفسي مواجهاً بالكيفية التي يتوجب عليَّ بها تصميم قائمة المراجع. والحق يقال أصابني الارتجاف بمجرد انتهائي من تسطير آخر جملة في هذا الكتاب. فليس هناك ما هو أكثر مخادعة من إجراءات تركيب قائمة المراجع. إنه أمر، ولا شك، مدعاة للإرهاق، ومهما قد يبدو محزناً فإنني رأيت أن أعظم ما يمكن أن أسديه للطلاب والباحثين في تاريخ السودان القديم وآثاره هو قائمة مراجع شاملة وحديثة. إنني أدرك أنه في عصر ثورة المعلومات وتزايد وتيرة إنتاج الأدب المتخصص بصورة مخيفة فإن المرء يقرأ بعناية الفقرات التي تهمه قافزاً فوق الكثير. إلا أن ما يريده القارئ الباحث، في تقديري، حقاً هو قائمة المراجع. تقبع جذور الجدل ولازالت حول الوظيفتين المفترض في قائمة المراجع أن تؤديهما. في الأصل كان الغرض من قائمة المراجع مساعدة الهوامش وملحقاً لها، وبحسبانها إفادة ختامية بالمصادر التي يدعي الباحث اعتماد بحثه عليها. وكانت، ولازالت تعد في رحاب البحث العلمي، جريمة نكراء ذكر مصدر أو مرجع في قائمة المراجع لم يتم الرجوع إلى استشارته في مسار البحث.



    لكنني ارتأيت أنه من غير المجدي أن أضع في هذا الكتاب قائمة مراجع تكون بمثابة ترديد يطابق تماماً وظيفة الهوامش، ومن ثم فرضت علىَّ طبيعة الكتاب الإرشادية بالنسبة للطلاب والباحثين الالتزام بتركيب قائمة مراجع تنطلق من مفهوم الوظيفة الثانية لها، أي كشافاً أو دليلاً إلى كل الأدب المتعلق بتاريخ السودان القديم وآثاره والمعروف لي حتى لحظة تحضير مسودة الكتاب حتى و إن لم أتمكن من استشارة كل ما أوردته فيها، وشملت فيها الأعمال والأبحاث المنشورة، بلغات أعرف بعضها وبلغات أخرى ليس لدي إلمام واسع بها، منذ بدايات القرن التاسع عشر حتى عام 2004.

    أسامة عبدالرحمن النور

    طرابلس 2004

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 05-12-2007, 09:07 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 07:49 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Raja05-12-07, 07:59 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! هشام هباني05-12-07, 08:03 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 08:12 PM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 08:23 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 08:10 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! مامون أحمد إبراهيم05-12-07, 08:19 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! محمد على طه الملك05-12-07, 08:40 PM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 02:40 AM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 02:37 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! محمد سنى دفع الله05-12-07, 08:20 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Muna Khugali05-12-07, 08:30 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 02:42 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! سفيان بشير نابرى05-12-07, 08:29 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:01 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 08:32 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 09:05 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! نصار05-12-07, 08:34 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-12-07, 09:01 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:02 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Alsadig Alraady05-12-07, 10:13 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:06 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! محمود الدقم05-12-07, 10:59 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Amira Ahmed05-13-07, 00:35 AM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:09 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Amira Ahmed05-13-07, 00:36 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:07 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! الكناري05-13-07, 00:52 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Imad Khalifa05-13-07, 07:24 AM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! ياسر ميرغنى عبدالرحمن05-13-07, 07:50 AM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:16 AM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:12 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 11:11 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! BAKTASH05-13-07, 08:31 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! محمدين محمد اسحق05-13-07, 08:39 AM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! يحي ابن عوف05-13-07, 08:46 AM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! الطيب شيقوق05-13-07, 09:16 AM
          Re: أسامة عبد الرحمن النور ! عواطف ادريس اسماعيل05-13-07, 10:22 AM
            Re: أسامة عبد الرحمن النور ! خضر حسين خليل05-13-07, 10:44 AM
              Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 07:33 PM
            Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 07:30 PM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 07:29 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 07:26 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 07:24 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! د. بشار صقر05-13-07, 11:50 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-17-07, 07:40 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! الجندرية05-13-07, 03:36 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! حسام يوسف05-13-07, 05:28 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! مصطفي سري05-13-07, 10:25 PM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-14-07, 01:25 AM
          Re: أسامة عبد الرحمن النور ! عبدالرحمن عزّاز05-14-07, 01:55 AM
            Re: أسامة عبد الرحمن النور ! النذير حجازي05-14-07, 03:53 AM
              Re: أسامة عبد الرحمن النور ! المسافر05-14-07, 05:20 AM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-18-07, 01:41 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-18-07, 00:50 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! معتصم دفع الله05-14-07, 08:38 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Rabab Elkarib05-14-07, 09:35 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Tragie Mustafa05-14-07, 12:31 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Omayma Alfargony05-14-07, 05:40 PM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! munswor almophtah05-14-07, 05:56 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Agab Alfaya05-15-07, 06:26 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! osama elkhawad05-15-07, 07:58 AM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! osama elkhawad05-15-07, 08:05 AM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-15-07, 05:10 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! mekki05-15-07, 06:25 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-15-07, 11:48 PM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-16-07, 01:30 PM
        Re: أسامة عبد الرحمن النور ! مصطفي سري05-16-07, 04:20 PM
          Re: أسامة عبد الرحمن النور ! Abdel Aati05-16-07, 08:31 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! بهاء بكري05-16-07, 10:53 PM
    Re: أسامة عبد الرحمن النور ! غادة عبدالعزيز خالد05-17-07, 11:40 AM
      Re: أسامة عبد الرحمن النور ! برير اسماعيل يوسف05-17-07, 01:18 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! ناذر محمد الخليفة05-17-07, 04:48 PM
  Re: أسامة عبد الرحمن النور ! زياد جعفر عبدالله05-18-07, 05:11 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de