|
أسامة عبد الرحمن النور: عدد الرمال عدد الحصى..د. عبد الله علي إبراهيم
|
في رثاء الدكتور أسامة عبد الرحمن النور بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم [email protected] حومت المنايا حول الحمي واستعرضتنا واصطَفَت سمح النفس بسام العشيات الوفي الحليم القلب العالم البروفسير أسامة عبد الرحمن النور بلندن في الأسبوع الماضي. وربما كنت حزنت قلباًً وأدمعت عيناً ولم أكتب عنه نعياً لولا ملابسات نعود لها بعد حين. فأسامة زميل عزيز تقاطعت دروبنا في الأكاديمية والسهر عند قضية غمار الناس. فهو أول من سمعته يستخدم عبارة "نفي النفي إثبات" في غير حلقاتنا الماركسية. فقد قالها في صباه الطروب بالشعب في 1960 وأمام قاض كان يحاكمه بالخروج في مظاهرة ضد نظام الفريق إبراهيم عبود. وكانت مناسبة المظاهرة زيارة عبد الناصر للسودان. وروي الناس عنه هتافه فيها :" صديق الدكتاتورية عدو الشعب". وكان هو في أخريات الثانوي وكنا في بدايات جامعة الخرطوم. وقد "أزعجنا" بدورنا عبد الناصر حين زار الفريق بداره الكائنة بمقربة من داخلياتنا. ولما استوى أسامة على الأكاديمية ظل يطلعني على مشروعاته. أذكر أنه أراد تأسيس دار نشر بأسبانيا مرة ثم ظل يبعث لي مجلته "أركماني" على الشبكة بصورة منتظمة.
ولكننا لم نعش معاً وجهاً لوجه حتى أعرفه عن كثب وأتذوقه ذوقاً أذيعه على قارئ محامده أو نعيه. فقد درس الجامعة بموسكو وعاد منها في 1969 وعمل ضابطاً بمصلحة الآثار. وتلك فترة. وقد اتفق له أن يكون من بين جماعة المرحوم معاوية إبراهيم في انقسام 1970 بالحزب الشيوعي. وكنت من شيعة أستاذنا عبد الخالق محجوب الميامين. وربما باعد هذا بيننا. فأنا لم أصف بعد متعلقات هذا الانقسام الفكرية وإن تجاوزته في ما عدا ذلك. ثم عاد أسامة إلى موسكو ليحضر للدكتوراة التي نالها في 1976 عن تاريخ السودان القديم. وكنت منقطعاً في خلوة سياسية معلومة. ثم تعاورته هجرات عديدة بسبب فصله عن العمل بمتحف الخرطوم سواء في ظل حكومة نميري أو على عهد البشير الحالي. واضطره ذلك إلى هجرات لليمن الديمقراطي والجزائر وليبيا وغيرها.
وعرفت مع ذلك عن كثب جداً طائفة صالحة من أهله آل النور. وعرفت الفضل. بل اكتنفوني في طور عصيب في حياتي السياسية ويسروا أمري. وبدا لي دائماً أن تقدمية أكثر آل النور هي امتداد لبركة البيت وحبه للخير وإحسان صحبة الكتاب. ولا فرق. فإن استعان جيلهم الأول بعلم الدين على الدنيا فقد استعان جيلهم المتأخر بعلم الدنيا على الدنيا.
. . .
|
|
|
|
|
|
|
|
|