|
ترويض الجمهور بقوانين المرور !
|
هناك معضلة كبيرة في حياتنا بالسودان ـ وطبعآ معظم دول العالم الثالث ــ الا وهي العشوائية في كل شئ وعدم النظام واحترام القانون فضلآ عن الجهل به ــ لا احتاج أن أعدد اوجه التخلف والسلبيات في حياتنا فهي معروفة ولا يتسع المجال لذكر بعضها هنا ـ لذا سأعلق علي احداها ـ واعني عشوائية حركة المركبات والجهل بقوانين المرور عند عامة الناس ــ ونتيجة لذلك علي سبيل المثال أختناق العاصمة بالسيارات والمارة معظم الاوقات ـ وأثر ذلك علي مسار الحياة والمزاج العام والشخصي وضياع الزمن ــ وأعتقد أن اللوم الاساسي يقع علي ادارات شرطة المرور ، والتي تسعي لتنظيم الفوضي بزيادة عدد افراد الشرطة في الشوارع ـ وهو جهد كبير لكنه محدود الفعالية لأن المشكلة الاساسية هي البنية الاساسية لنظام الحركة التي تتمثل في نظام الشوارع ووعي المواطن زائدآ تطبيق القانون الصارم علي الذين يتجاوزونه ــ و نحن نري نتائج هذا الخلل الواضح في تعاملنا مع المرور في السودان بكثرة سماعنا عن وفيات السودانيين نتيجة لحوادث حركة خارج السودان ــ والسبب واضح وهو أن السائقين السودانيين تعودوا علي القيادة علي السليقة دون علم بعلامات الحركة العالمية الصارمة (عدا الاشارات الضوئية) في انواع الشوارع المختلفة والمصممة علي مواصفات معلومة و..و..ألخ ـ والتي لا يستطيعون التأقلم عليها بسهولة عند سفرهم للخارج ـ ولنا أن نقدر كيف سيكون الحال اذا انفرج الوضع في السودان وازدهر وصرنا من الدول النامية بكل تبعات "نامية" هذه ــ اعني ازدياد عدد السيارات و الناس في الشوارع ــ كيف يمكننا حل معضلة المرور المستقبلية ، وكيف يمكن أن تصبح عاصمتنا،مثلآ، مدينة حضارية يستطيع الاجانب قيادة سياراتهم فيها بدون أن يشعروا بالفرق بينها و بين مدنهم ــ؟؟؟! ــ أري أنه يجب ان تبدأ منذ الآن عملية ترويض الجمهور بقوانين المرور !!! ــ كيف؟؟!!! ــ طبعآ الحلول بديهية، ولكن كيف يمكن تطبيق البديهيات في حياتنا العشوائية تلك؟؟ ـ أنا أقترح أن يتم ذلك تدريجيآ !!! ــ أي أن تبدأ ادارة الشرطة بتخطيط الشوارع و تنظيم الحركة في مناطق محدودة في العاصمة ، ولنقل منطقة وسط الخرطوم بين شوارع المك نمر،ـ علي عبداللطيف، شارع النيل ـ المحطة ــ وحيث يجب وضع العلامات والاشارات العالمية في كل الشوارع في هذه المنطقة ـ ثم يجب تطبيق القانون الصارم علي كل سائق داخل هذه المساحة، بدءآ بربط حزام الامان!! ـ وبذا لن يدخل هذه المنطقة الا السائق الملم بالقانون أو الذي سيتعلمه غصبآ عنه بكثرة الغرامات وباقي العقوبات ــ وبمرور الزمن يتعود السائقون علي السير بأدب واحترام للطريق ــ حتي أذا وصل حال السير الي مستوي مقبول تم توسيع المنطقة المحترمة، أو المحرمة، شوية شوية حتي تغطي العاصمة كلها ـ ثم يتم تعميمها علي باقي الاقاليم ــ وبذا نكون قد انتقلنا الي مستوي المدن الحضارية حتي وأن كان ذلك شكلآ فقط ــ طبعآ حكاية غرامات فقط اصبحت محدودة التأثير ـ لأن العساكر ذاتهم اتخذوها ثغرة للارتزاق ـ لذلك لا بد من اسلوب يجعل المواطن، سواء كان سائقآ أو راجلآ ، واعيآ بالقانون ومحترمآ له ـ بدلآ عن الاجتهاد في التحايل عليه كنوع من الشطارة والفهلوة ـ لذلك اري ان سياسة الترويض بالتدريج يمكن تكون هي الحل ـ اي ان ينغرس احترام القانون ليصبح عادة ـ يعني مثلآ عندما يصبح حديث المدينة و القعدات عن تلك المنطقة المحرمة النظيفة الراقية المنظمة المخططة المنورة الـالغرامة فيها مليون ـ الناس تلقائيآ ستبدأ تناقش سلبياتها و ايجابياتها في مجالسها ، ولا شعوريآ سيتثقفوا مروريآ ـ ثم بعد ذلك تتحول الحبة لقبة ـ الشئ التاني ان السلطات ذاتها ستشعر بأنها انجزت شيئآ ملموسآ يستحق أن يفاخر به في تقارير الشرطة، وان كان محدودآ ، ولكنه سيكون عمل مجود ونموذجي يتم توسيعه في مراحل الي ان يعم كل المدينة ومن ثم كل البلد ـــ لأن المشكلة ليست فقط في تطبيق القانون وانما مواصفات الطريق ذاته ــ فاذا تمت مرحلة هذا المشروع ستكون النتيجة شوارع نموذجية بمواصفات دولية ـ والاهم من كل شئ انه سيكون تعليمي لكل من الجمهور و ادارات المرور ـ
خاطر أخر اري ان تطبيقه سينتج أجيالآ مستقبلية أكثر وعيآ وأكثر استعدادآ لخوض صعوبات الحياة العصرية التي تزداد تعقيدآ وسرعة يومآ بعد يوم ، وهي أن تدخل قوانين المرور ككورس دراسي في احدي مراحل التعليم العام حتي يصبح نظام الحركة ثقافة بديهية لأجيال المستقبل ـ تري ماذا سيكون أثر هذه الخواطر الخيالية علي مزاجنا العام وحياتنا في بضع سنين !!! ــ
________________________________ مجتر من ارشيف 2003 مع التعديل .
|
|
|
|
|
|
|
|
|