الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 07:41 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة عمر محمد أحمد عبد الله هواري(Omer Abdalla)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-04-2005, 09:39 AM

Omer Abdalla
<aOmer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-03-2003
مجموع المشاركات: 3083

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية (Re: Omer Abdalla)

    تعقيبا على دكتور النور حمد
    الفكرة الجمهورية والبراغماتية (12)
    التجربة التسليكية: خلل الميزان
    خالد الحاج عبد المحمود

    يقول د. النور: "الشاهد أن تجربة الجمهوريين "التسليكية" التي عاشوها مع الأستاذ محمود محمد طه، والتي حالت بينهم وبين الأدب والفن، والموسيقى والتمتع بمباهج الحياة، في تجلياتها المختلفة، ليست هي الصورة التي ينبغي أن يكون عليها حال الجمهوريين في مقبل أيامهم"!! .. قبل أن تحدد ما ينبغي أن يكون عليه حال الجمهوريين في مقبل أيامهم كان ينبغي أن تذكر ما كانوا عليه في سابق أيامهم بصورة موضوعية، تذكر الحقائق كما هي ثم تقومها التقويم الصحيح الذي لا يتجاهل تصورات الجمهوريين للقضايا المطروحة.. كان يمكن أن تعرض رأي الجمهوريين في ماهية الحياة، ثم تناقش تجربتهم السلوكية، على ضوء موقفك من تصورهم للحياة، لتصل إلى ما تصل إليه.. أما أن تغيِّب الواقع نفسه أو تعكسه، وتترك المفاهيم الأساسية جانباً، ثم تقول ما تقول، فهذا منافٍ لأبسط مقتضيات الموضوعية.
    فالفكرة الجمهورية ليست ضد الفن، وإنما تعتبره في وقته، يمكن أن يكون من أهم وسائل السير إلى الله، وإخصاب الحياة، وزيادتها عمقاً واتساعاً.. لكن الفكرة الجمهورية ترتب أولوياتها، حسب حكم الوقت، وحسب معرفة الواجب المباشر، ولكن في عموم الحال ـ حسب الفكرة الجمهورية ـ يمكن أن يكون كل شىء، وسيلة للسير إلى الله، وهذا السير هو تحقيق الحياة، الحياة الحرة الكريمة، حياة الإنسان، ولذلك جاء في اهداء كتاب "الإسلام والفنون" ما نصه: "إلى المنفتحين على الله السالكين إليه كل السبل، فانه ما من شىءٍ إلا وهو إلى الله سبيل!!" "وإن من شىءٍ إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم".. وقد فصل الكتاب الوضع بالنسبة للمبتدئين، وبالنسبة للمستوين، وحدد الانشغال بما هو أولى، حسب طبيعة المرحلة.
    والتجربة "التسليكية" لم تَحُلْ بين الجمهوريين، والفن، كما يزعم النور، وانما قامت على الفن الذي يناسب المرحلة، وبصورة مكثفة، في الإنشاد العرفاني، وهو من أعمق ضروب الفن، وأقدرهاعلى اخصاب الحياة، حياة الإنسان، حياة الفكر والشعور.. فهو يقوم على المعاني العرفانية، التي تغذي العقول، وتهذبها، لترتفع بالنفوس في مدارج الحياة، كما يقوم على التطريب بالألحان الجميلة، التي يؤديها العديد من الأخوان والأخوات المبدعين.. فبدل العبارة الخاطئة، والمعممة "حالت بينهم وبين الفن" كان يمكن للنور أن يتحدث عن الإنشاد ويحدد موقفه منه، حتى ولو كان هذا الموقف، أنه لا يعتبره فناً.
    والتجربة التسليكية، لم تحل بين الجمهوريين، والأدب، فقد إطلعنا، إطلاعاً واسعاً، على آداب الشعوب المختلفة، وقد جرى كثير من هذا الاطلاع، والحركة على أشدها، فلا يكاد يوجد أديب صاحب اسم في مجاله، على مستوى العالم، لم نطلع على شىءٍ من أعماله..
    فباستثناء أستراليا، لا يكاد يوجد شعب من شعوب العالم، لم نطلع، على أعمال المبدعين من كتابه، خصوصاً في مجال الرواية، والمسرح.. وبعض الكتاب اطلعنا على جميع أعمالهم، ومنهم دوستوفسكي، ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وارنست همنجواي، والطيب صالح، والذي اطلعنا على أعماله حتى منسي.. وجبران خليل جبران، ومشاهير الأدباء عموماً، إلى جانب الأعمال الشعرية المهمة، قديمها والحديث، في الأدب العربي، والأدب الإنجليزي.. وإلى جانب النقد الأدبي.. وكانت لنا وقفات مع التكنيك الروائي، خصوصاً مع الأعمال ذات الخصوصية، مثل "يولسيس" وكتابات غراهام جرين، وفرجينيا وولف، والطيب صالح، وصمويل بيكيت، ورائعة همنجواي "العجوز والبحر" .. وأعمال غابرييل غارسيا ماركيز، خصوصاً "الحب في زمن الكوليرا"، وحتى سلمان رشدي اطلعنا على روايته الأساسية "أطفال نصف الليل"، وطاغور، ولوركا، وبدر شاكر السياب، والحاردلو الكبير، وبيرم التونسي.. وغيرهم، ولا داعي لحصرهم.. وقد كنا نتبادل هذه الأعمال، خصوصاً الروائية، في دائرة من الأخوان، منهم من هم في عمر معلمينا، ومنهم من هو في عمر تلاميذنا.. فعبارة "حالت دونهم والأدب" عبارة، هي نقيض الواقع، ومع ذلك ليس هذا هو الأدب الذي نتطلع إليه، فالأدب الذي نتطلع إليه، وله الأولوية عندنا، هو أدب القرآن.. أدب شريعته، وأدب حقيقته.
    نحن الجمهوريين لسنا من رواد السينما، ولا دور الرياضة، فعندنا أولويات أهم.. ولكن هذه الأنشطة ليست محرمة عندنا.. فرغم الأولويات الواضحة عندنا، إلا أننا حصل أن سمعنا مع الأستاذ محمود مباراة كاملة، في كرة القدم للفريق القومي، ومنا من دخل معه السينما، أذكر منهم الأخ عبد الرحيم محمد أحمد، والأخ أمين عبد الله.. وكان الأستاذ يشجع دخول فيلم "أريد حلاً" لفاتن حمامة، على اعتبار أنه فيلم يعالج مشكلة معينة، كما شجع على دخول فيلم "المسيح".. وقد اتفق لي شخصياً أن دعونا الأستاذ لمشاهدة فيلم "الأخوة كرامازوف" بسينما الأبيض، وكان النشاط في المحاضرات بمدينة الأبيض على أشده، فانتهزنا فرصة يوم لم تكن فيه محاضرة معلنة، ودعونا الأستاذ، وقد وافق الأستاذ، ولكن الأمطار حالت دوننا ودخول الفيلم..
    وقد كان الأستاذ يعجب بصوت الفنانة اللبنانية فيروز، ويقول إن صوتها ملائكي، وطاهر، وكان إذا سمع صوتها من راديو الجيران، يطلب أن يحضر له الراديو.. وقد زار الفنان الراحل عبد الرحمن بلاص الأستاذ، وجلس معه في حجرته الخاصة، وطلب منه الأستاذ أن يسمعه من فنه، فغنى المرحوم عبد الرحمن بلاص أغنية، وطلب الأستاذ من الأخوان والأخوات أن "يشيلو معاهو" .. ولقد حكى لي الأخ أحمد عبد الرحمن العجب، أنه كان مع الأستاذ في حجرته، وكان الأستاذ يردد بيت الحقيبة الذي يقول:
    يا موفورة النفل
    يا الهيبة الكست الحفل
    ثم التفت إلى أحمد وقال له: يا جنا ما تقوم تاخد ليك عرضة!!.
    الشاهد أن موقف الجمهوريين، من الفنون والآداب، يقوم على إدخال الفكر في العمل، وفق العمل بقاعدة: الواجب المباشر، حسب حكم الوقت.. فالوسائل التي تسوق إلى الله، وإخصاب الحياة، عديدة، ولكن بعضها أقرب من بعض، في الإفضاء، لما هو مطلوب، يقول تعالى: "أولئك الذين يدعون، يبتغون إلى ربهم الوسيلة، أيهم أقرب، يرجون رحمته، ويخافون عذابه، إن عذاب ربك كان محذورا".. فالوسائل ليست متساوية، فبعضها أقرب من بعض في الإفضاء إلى النتائج المطلوبة.. فالصلاة من المؤكد، أقرب من وسيلة الفن، في الإفضاء إلى كمال الحياة، فالأولى تقديمها، وتقديم كل ما يعين عليها، وعدم الانشغال عنها في حضرتيها: حضرة الإحرام، وحضرة السلام، بما يلهي عنها.. ومن ما يلهي عنها، ما أسماه د. النور باللهو البرىء!!.
    يبدو أن دكتور النور يعتبر عدم حضور الجمهوريين لحفلات الأعراس، منقصة كبيرة في حقهم، ودليل واضح على الانعزال، وعدم مجاراة العصر، ولذلك ذكر الموضوع في عدة مواضع في حلقاته!!.
    قبل أيام كان أحد الأخوان، ويدعى عبد الرحمن الفكي مختار، قد حضر زواج أحد أقاربه.. فسأله احد الأخوان: يا عبد الرحمن هل حضرت الحفلة؟ رد عبد الرحمن: حضرتها والله.. الأخ: كيف كانت؟ عبد الرحمن: لكن ما شفتها!! الأخ: يا عبد الرحمن كيف حضرتها وما شفتها!؟ عبد الرحمن: كنت نايم لحد ما انتهت!! وعبد الرحمن هذا قبل أن يلتزم كان "فتوة" مشهوراً، وكان مدمن حفلات، وقد قال إنهم كانوا في الغالب ينتهون من الحفلات عند صلاة الصبح، ثم يذهبون فيشربون الشاي في القهاوي، قبل عودتهم للمنازل ليناموا.
    في الواقع أنا مندهش، لاهتمام د. النور بالحفلات هذا، وإلى تغير الموازين عنده، إلى حد أنه لا يرى سبباً موضوعياً، لعدم ارتياد الجمهوريين لحفلات الأعراس، ويعطيها هذه القيمة، الإيجابية، التي تظهر من حديثه، مع أن الموضوع بديهي..
    أولاً: كون الحفلات لهواً بريئاً، أمر فيه نظر..
    ثانياً: حتى اللهو البرىء ليس مطلوباً بالنسبة للسالك، وليس هو من قيم الحياة العليا، وانما هو من قيم الحباة الدنيا ـ حياة الحيوان في الإنسان ـ يقول تعالى: "وما هذه الحياة الدنيا إلا لعب ولهو، وإن الدار الآخرة لهي الحيوان، لو كانوا يعلمون".. ويقول: "قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة، والله خير الرازقين".. ونحن لنا للحياة واللهو عودة..
    ثالثاً: الفكرة الجمهورية، مهتمة اهتماماً كبيراً، بتحرير المرأة، ونيلها لحقوقها، وعندها أن ذلك يقتضي أن ينظر إلى المرأة كانسان، وليس كجنس.. ولكي تنال المرأة حقوقها، عليها أن تحرص على إنسانيتها وأن تتصرف كإنسان، وليس كأنثى.. وأن تعرف أن قيمتها الحقيقية إنما هي في إنسانيتها، في عقلها وخلقها، وليست في جسدها وأنوثتها.. والحفلات، مكان تبتذل فيه إنسانية المرأة، وتتصرف كأنثى، وينظر إليها كذلك، وقد جاء في وصية الأستاذ محمود للنساء في هذا الصدد، قوله: "أعلمن أن جمالكن، في المكان الأول، ليس في جمال أجسامكن، وإنما في كمال عقولكن، وخلقكن، ودينكن.. فكن عوَّالات على هذه.. ولتطالع هذه الكمالات منكن من تلقين من الرجال من الوهلة الأولى للقائكن بهم".. وقال: "أسفرن ولا تبرجن.. فإن التبرج دليل على خفة العقل، ورقة الدين، وسوء الخلق.. ولا تستحق المتبرجة أن تتمتع بحرية السفور".. والحفلات مكان للتبرج، بل والمبالغة في التبرج.. ولكن يبدو أن معايير النور في هذا الجانب قد اختلت كثيراً.. وأوضح دليل على هذا الخلل، موقفه من الشاعرة الأندلسية، ولَّادة بنت المستكفي، وإشادته بأكثر المواقف عندها، التي تدل على التبذل، وقد جاء ذلك في قوله: "ولا غرابة إذاً، أن أرسلت ولَّادة بنت المستكفي، تلك الصيحة الفيمنيستية Feminist الجريئة، في ذلك الزمان المبكر، حين قالت:
    أنا والله أصلح للمعالي
    وأمشي مِشيتي وأتيه تيها
    وأُمْكن عاشقي من صحن خدِّي
    وأعطي قبلتي من يشتهيها
    فولَّادة لم تعد ترى في تلك اللحظة، من الإشراق الوعيوي، أن في أنوثتها ما يحول بينها وبين طلب المعالي"!! 4 المشكلة ليست في ولَّادة ، وإنما المشكلة في موازين القيم عند النور، والتي أصبحت ترى، في قول ولَّادة هذا، الشديد الابتذال، أنه "إشراق وعيوي"!! هل المرأة التي تقول: "وأُمْكن عاشقي من صحن خدِّي وأعطي قبلتي من يشتهيها" امرأة حرة كريمة!؟ هل هذه هي المعالي، التي تصلح لها المرأة!؟ المشكلة ليست في الأنوثة، وإنما المشكلة في ابتذال الأنوثة، وإرخاص الذات، وبذلها لمن يشتهيها، والتباهي بهذا الإرخاص، وتمجيد النور له.. المشكلة في وهم المرأة، بأن قيمتها في أنوثتها، وليست في إنسانيتها، وجعل الأنوثة السبيل للمعالي، كما تقول ولَّادة.. وقد ظل الرجال عبر التاريخ وإلى اليوم يوهمون النساء أن قيمتهن، إنما هي في جمالهن الحسِّي، في أنوثتهن، واستجابة النساء لهذا الإيهام، هي مما أقعد المرأة عن المعالي الحقيقية، حيث قيمتها في إنسانيتها، في عقلها وخلقها.. تغذية هذا الوهم، عند المرأة، هو الذي جعلها أكبر من استضعف في الأرض، ولا يزال.. ولا سبيل لحرية المرأة الحقيقية، إلا إذا ثارت ضد هذا الوهم، واستيقنت أن قيمتها في إنسانيتها، والتي لا تختلف فيها عن الرجل في شىء، وليس في أنوثتها، ومن أجل ذلك جاءت وصية الأستاذ محمود للنساء والتي أوردناها أعلاه، فما تحتاجه المرأة هو الوعي بإنسانيتها وليس الوعي بأنوثتها.. وفق معايير النور هذه ، شىء طبيعي أن يرى في من يدعون للعفة، وحشمة النساء، ويلتزمون بلبس الثوب السوداني الأبيض، ويدعون له، ويقولون الزي عنوان عقل المرأة وخلقها، طبيعي أن يرى فيهم التزمت، بل والتخلف!! كما أنه طبيعي أن ينعي عليهم أنهم لا يرتادون حفلات الأعراس، ويرى في ذلك عزلة وتزمتاً.
    رابعاً: الجمهوريون أصحاب دعوة لمشروع في الزواج، يستهدف تحقيق كرامة المرأة، وتبسيط الزواج، بحيث يكون أمراً ميسوراً لكل الشبان والشابات، هذا المشروع، هو مشروع "خطوة نحو الزواج في الإسلام" والمهر فيه، كان جنيهاً واحداً فقط.. والحفل هو جلسة العقد فقط.. فمن غير المعقول أن يدعو الجمهوريون لهذا المشروع، ثم يرتادون حفلات الأعراس التي يعترضون عليها، ويرون فيها أنها عقبة كبيرة، حالت دون الشباب والزواج، لما يصرف فيها من أموال باهظة.
    إن خلل الميزان عند النور، هو الذي جعله يصف تجربة البعث الإسلامي الأولى بالتزمت، والقيود، والهيمنة على الخيارات، وذلك حيث يقول: "العودة المطلوبة، هي عودة إلى روح الحضارة الإسلامية، وليست عودة إلى حالة البعث الأولى، بكل تزمتها وقيودها، وهيمنتها على خيارات الفرد والجماعة، فتلك حالة لن تعود أبداً" هل كانت هنالك قيود، وهيمنة على خيارات الفرد، والجماعة الإيجابية، في البعث الإسلامي الأول!؟ اللهم لا!! البعث الإسلامي الأول أخذ الصالح، من تراث الجاهلية، مثل الكرم مثلاً، وربطه بقيم الدين، ورعاه.. أما الطالح، من أعراف الجاهلية، مثل الحروب القبلية الدامية، ووأد البنات، وعبادة الأصنام، والميسر، والربا.. إلخ فقد حجرها الإسلام، وهذا هو الوضع الطبيعي للدين، فهو إنما يجىء ليوجه خيارات الفرد، والجماعة، التوجيه الإيجابي، الذي تقتضيه المرحلة، بما يزيد من تحقيق إنسانية الإنسان، وهذا ما فعله الإسلام، في مرحلة البعث الأول.. ولا يمكن أن يوجد أي مجتمع، دون قيود على خيارات الفرد، والجماعة.. كان ينبغي أن تورد نموذجاً لهذا التزمت، والهيمنةعلى الخيارات، الذي تعترض عليه حتى يكون للقارىء تصور محدد لما تريد أن تقول.
    وبلغ خلل الميزان، مداه، عند النور عندما جعل للجمهوريين من صفات التزمت، ما لا يجده المرء عند الوهابية، والأخوان المسلمين!! فهو يقول: "ولكن حين يقتربون كثيراً يجدون مجتمعاً جمهورياً فيه الكثير من صفات التزمت التي ربما لا يجدها المرء حتى عند غلاة معارضي الفكرة الجمهورية من السلفيين من أخوان مسلمين ووهابية"!! هكذا! جعل الالتزام تزمتاً!! بنفسك قلت إن الجمهوريين ليست عندهم كشوفات قيد.. يستطيع من شاء أن يدخل، ومن شاء أن يخرج.. ولا أحد داخل التنظيم يلزم بشىء، إنما الأمر كله يقوم على الالتزام الشخصي، وفق القناعة الشخصية، وليست فيه أي وصاية على الآخرين.. هذا، في حين أن تزمت الوهابية، والأخوان المسلمين، هو تزمت تجاه الآخرين!! وهذا التزمت في حق الآخرين، عند الفرق المتطرفة، من الجماعتين، يصل حد التكفير والقتل.. وكل صور القتل، والعنف، والارهاب، الذي يجري، في العالم، باسم الإسلام، يرجع إلى فكر الوهابية، والأخوان المسلمين.. الوهابية، والأخوان المسلمون، يتوسعون في الدنيا، ومطايبها، وملذاتها، في المأكل الفاخر، والسكن الفاخر، والملبس الفاخر.. وفي تعدد الزوجات، وبعضهم لا مانع عندهم، مما أسميته أنت اللهو البرىء، وهم لا يعنيهم كيف يعيش الآخرون، ولا حتى أن يكون توسعهم في الدنيا هذا، على حساب الآخرين هؤلاء، وهذا أمر شديد الوضوح في السعودية، وفي السودان.. فهم دائماً يضيقون على الآخرين، ويوسعون على أنفسهم.
    أما الوهابية بالذات، فقد بلغ بهم التزمت في معاملة المرأة، أن جعلوا لها من الزي، ما يكاد يلغي وجودها، ويلغي إنسانيتها إلغاءً، وحرموها من معظم حقوقها، فإذا كان هؤلاء، في نظر النور، أقل تزمتاً من الجمهوريين، الذين قدموا النماذج الرفيعة للمرأة الإنسان، يصبح خلل الميزان عند النور لايحتاج إلى دليل..
    وبسبب الوصاية على دين الله، وعلى خلق الله، قام الأخوان المسلمون بانقلابهم في السودان، وحكموا حكمهم الذي لا نزال نعيش فيه، فقتلوا مئات الآلاف في الشمال والجنوب بسبب تزمتهم الديني، في فهم الجهاد، وصادروا حريات الناس، وشددوا عليهم التضييق في معاشهم، وفي نفس الوقت كانوا هم يتوسعون في الدنيا، بغير الحق، ويتبارون في تعدد الزوجات، إلى خلاف ذلك من صور البذخ المعروفة، وصور التعنت والتضييق على الشعب، المعروفة أيضاً.. كل هذا والجمهوريون أكثر تزمتاً، من الوهابية والأخوان المسلمين!؟.
    في الوقت الذي يقوم فيه فهم الوهابية، والأخوان المسلمين للدين، وتطبيقهم الفعلي، على الوصاية على الآخرين، إلى حد مصادرة حياتهم، وأقواتهم، وحرياتهم، والتضييق عليهم في كل شىء، وفي نفس الوقت، التوسيع على النفس، في كل شىء من ملاذ الدنيا، فان فكر الجمهوريين وتطبيقهم الفعلي، يقوم على رفع الوصاية عن الناس، إلى الحد الذي يكون فيه مجرد وجود رغبة داخلية في النفس، في السيطرة على الآخرين، دليل على نقص العبودية، ودليل على ضعف التحقيق في الدين.. في الوقت الذي كانوا فيه هم يتوسعون في الدنيا على حساب الآخرين، كان الجمهوريون يأكلون في منزل الأستاذ "الكسرة بأم شعيفة" ويحرصون على عدم الإسراف في الماء، في الوضوء، لأن هنالك من يحتاجه للشرب، في غرب السودان.. القاعدة عند الجمهوريين هي: أن تكون نفسك منك في تعب، والناس منك في راحة.. وعلى العكس، القاعدة عند الوهابية، والأخوان المسلمين، عملياً هي: أن تكون نفسك منك في راحة، والناس منك في تعب.. في الوقت الذي كانت تدور فيه الأحاديث، عن القيادي، الذي صنع لابنته حذاء من ذهب، كان الأخ الباقر الفضل جلبابه واحد، ولم يُر قط متسخاً.. شعار الجمهوريين: ساووا الناس في الفقر، إلى أن يتساووا في الغنى.. وعمل الآخرين، وليس شعارهم، العمل على الثراء، والثراء الفاحش، على حساب الآخرين.. الجمهوريون، في سبيل تحقيق إنسانيتهم، وقيمهم الدينية، يعملون على حمل الآخرين على أعناقهم.. وغيرهم، في سبيل الدنيا، لا يمانعون من امتطاء رقاب الآخرين، بل وربما الصعود على جثثهم.. الجمهوريون دعاة لإخصاب الحياة، وتحقيق الرفاهية، شريطة أن يكون ذلك لكل الناس.. أما قبل ذلك، فالقاعدة قول المعصوم: "يا آل محمد، أول من يجوع، وآخر من يشبع.." وهي قاعدة ليست مفروضة على أحد، وإنما يلتزمها من يلتزمها،عن قناعة، وعن مشهد، وليس مجرد ادعاء.. عند الجمهوريين: الدنيا مطية الآخرة.. وعند الآخرين: الآخرة مطية الدنيا..
    فمرحباً بتزمت الجمهوريين.. ومبروك على النور سعة الوهابية، والأخوان المسلمين.. و"قل كل يعمل على شاكلته، فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا".

                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-21-05, 09:36 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Murtada Gafar08-21-05, 10:52 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-22-05, 06:01 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-22-05, 06:03 AM
    Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Dr.Elnour Hamad08-22-05, 06:56 AM
      Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Haydar Badawi Sadig08-22-05, 07:23 AM
        Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Haydar Badawi Sadig08-22-05, 07:27 AM
        Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Elmosley12-11-05, 10:06 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-22-05, 06:02 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-24-05, 09:43 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-25-05, 06:17 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-26-05, 10:57 AM
    Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية عاطف عمر08-29-05, 01:26 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-31-05, 09:25 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla08-31-05, 09:31 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla09-05-05, 08:13 AM
    Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية عبد العزيز الكمبالى09-05-05, 10:08 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla09-06-05, 09:26 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla09-06-05, 09:29 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla09-07-05, 01:47 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla10-02-05, 08:30 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla10-03-05, 06:52 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla10-04-05, 09:39 AM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية Omer Abdalla10-06-05, 03:34 PM
    Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية تاج السر حسن10-10-05, 09:23 PM
      Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية أبوبكر حسن خليفة حسن10-11-05, 11:02 AM
        Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية عاطف عمر10-11-05, 01:57 PM
      Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية فتح العليم عبدالحي10-11-05, 01:26 PM
  Re: الأستاذ خالد الحاج: الفكرة الجمهورية والبراغماتية أبوبكر حسن خليفة حسن10-11-05, 03:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de