|
|
 في العربية :قيادي شيعي عراقي يهاجم صلاح الدين الأيوبي مستخدما معلومة تاريخية مغلوطة !!
|
يوم الجمعة 26 يونيو 2009 ، وكعادتي في معظم الأحيان ، تابعت برنامج إضاءات الذي يقدمه المحاور الماهر تركي الدخيل على قناة العربية ، وكان هذه المرة مع القيادي الشيعي العراقي :السيد إياد جمال الدين
تابعت المقابلة بتركيز شديد ، فعلمي عن السيد إياد جمال الدين مواقفه المعارضة للنفوذ الإيراني في الساحة العراقية ، كما أنه من المؤيدين لمنظمة مجاهدي خلق المعارضة الإيرانية ، ويحضر أحيانا مؤتمراتها السنوية .
لم يستطع تركي الدخيل أن يخرج بمكسب واضح من محاوره الذي كان بارعا في الإمساك بالعصا من الوسط في الحديث عن الدور الإيراني في العراق وقال أن الإيرانيين يدافعون عن مصالحهم وهذا من حقهم ، وأثنى على الإمام الخميني قدس الله نفسه الشريفة ( كما قال) ، وقال أن الثورة الإيرانية كانت على درجة عالية من الذكاء حين لم تقم بحل جهاز المخابرات الإيرانية السافاك الذي صار على عهد الشاه على درجة عالية من الكفاءة وذو علاقات دولية ممتدة.وفي رأيه أن الإيرانيين تصرفوا في هذه الحالة أفضل من العراقيين الذين حطموا جهاز استخبارات صدام حسين .
شعرت أن الرجل وفي هذه الجزئية نسي أو تناسى أن العراق بعد الاحتلال الأمريكي كان مختلفا جدا عن إيران ما بعد الثورة 1979م ، فإيران بعد ثورتها ظلت دولة ذات سيادة مسيطرة بالكامل على قرارها بل تخلصت من النفوذ الأمريكي والبريطاني القوي على عهد الشاه ، بينما صار العراق بعد الاحتلال دولة منزوعة السيادة محكومة من قبل بريمر ومدمرا في بنياته التحتية العمرانية والعلمية والبشرية ، وكان يهم الأمريكيين جدا إلغاء وتحطيم كل بناء بني في عراق صدام حسين تحت مسمى اجتثاث البعث ، فأصدر بريمر قرار حل الجيش العراقي ، وصار ضباط استخبارات نظام صدام حسين مطاردين ، بل وعلماء العراق في جميع المجالات ، ولهذا كان تقييمي أن الرجل لم يكن منصفا للعراق من خلال هذه المقارنة الظالمة.
لفت انتباهي أيضا في نهاية الحلقة هجومه الشديد على صلاح الدين الأيوبي والذي ذكره في سياق القادة الذين استغلوا القضية الفلسطينية في ارتكاب جرائم القتل والتصفية مثل صدام حسين وجمال عبد الناصر ، وذكر أن صلاح الدين قتل العالم شهاب الدين السهروردي وهو أحد أحفاد أبي بكر الصديق , وكان أبوبكر جده الحادي عشر.
لم استغرب هجوم السيد إياد جمال الدين على صلاح الدين الأيوبي ، فكراهية الشيعة لصلاح الدين الأيوبي معروفة لأنه في رأيهم قد حطم الدولة الشيعية الفاطمية في مصر ، والشيعة الإسماعيليون الذي كانت الدولة الفاطمية تنتمي إليهم يسمونه حتى اليوم مخرب الدين .
كل هذا معروف ، لكني قررت بعد الحلقة اللجوء للشبكة العنكبوتية لمعرفة المزيد عن شهاب الدين السهروردي هذا الاسم المألوف جدا في سجلات علماء الإسلام.
لماذا ركز السيد إياد جمال الدين على كونه من أحفاد أبي بكر؟ ، وهل كونه من أحفاد أبي بكر يجب أن تكون كافية من إعفائه من القتل بغض النظر عن الظروف والملابسات والحيثيات والملابسات ؟! ألم يقتل الأمويون محمد بن أبي بكر الصديق نفسه وليس حفيده الحادي عشر في سياق الصراعات والخلافات السياسية ، فهل يا ترى ركز السيد إياد جمال الدين على هذه الجزئية استدرارا لتعاطف المشاهد السني ضد صلاح الدين الأيوبي ؟! بينما تجاهل أن يذكر أن صلاح الدين الأيوبي وفي سياق عملية الانقلاب ضد الدول الفاطمية في مصر قاتل وقتل الآلاف من الشيعة !! ذلك طبعا قبل أن يستطيع التفرغ للجبهة الشرقية ويبدأ سلسلة الحروب ضد الصليبيين والتي انتهت بتحرير بيت المقدس.
حتى في هذه الناحية من المقارنة نجد صلاح الدين الأيوبي مظلوما حين يقارن بصدام حسين وجمال عبد الناصر ، فالرجل استطاع على الأقل تحرير بيت المقدس وهذا ما لم ينجح فيه أحد حتى الآن من الزعماء المعاصرين.
المهم توجهت للشبكة العنكبوتية ، واتضح لي أن هناك شهابين سهرورديين لا شهابا واحدا إن صح التعبير.
الأول هو : هو من أعدمه صلاح الدين الأيوبي بفتوى من الفقهاء الذين ناظروه وحكموا بتكفيره وأعدم عام 587هـ ، ومازالت المواقع الشيعة الإسماعيلية حتى اليوم في الإنترنت تمجده وتعتبره شهيدا واسمه : يحيى بن حَبَش بن أَمِيرَك، وكنيته أبو الفتوح، ولقبه شهاب الدين. وكان كرديا:( حط رحاله في مدينة حلب حيث ناظر بعض العلماء والفقهاء في عهد الملك الظاهر ابن صلاح الدين فأفحمهم بالنظر لمقدرته العلمية الخارقة فحقدوا عليها واتهموه بالكفر و الزندقة والإلحاد والطعن بالدين الإسلامي وطلبوا من أمير حلب إعدامه ،اخذ أمير حلب يماطلهم فكتبوا لصلاح الدين فأرسل إلى ابنه يهدده بخلعه إذا لم يقتل هذا المشعل العلمي والروايات مختلفة في ذلك فالبعض يقول انه مات مخنوق والبعض يقول انه مات مقتولا بحد السيف وقسم يؤكد أن شهاب الدين امتنع بنفسه عن الطعام حتى دعاه الله تعالى إلى جواره سنة 587 هجري وكان عمره 36 سنة أو 38 سنة ولقب رحمه الله تعالى بالشهيد
هكذا يجب أن يموت العلماء وأصحاب المبادئ الحرة في عصر تبخرت فيه كل القيم الانسانية والاخلاقية وسيطر التعصب المذهبي الذميم على تلك المجتمعات الفاسدة - المصدر :منتدى الحوار الإسماعيلي) ، وقد نقلنا عن موقع شيعي إسماعيلي لنرى قول القوم في شهابهم.
هذا المقتول كانت أفكاره صوفية قريبة من أفكار الحلاج ما جعله على خلاف كبير مع الفقهاء .
إذن صلاح الدين الأيوبي لم يكن سوى منفذ لقرار أصدره القضاة ،علما أن صلاح الدين الأيوبي كان كرديا أيضا ، ولكن عند خلافات العقيدة تتلاشى عصبيات العرق .
الثاني : شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الله ابن عموية القرشي التيمي البكري السهروردي ، وهو الذي استدل به السيد إياد جمال الدين .
قال ابن خلكان : كان فقيهاً شافعي المذهب شيخاً صالحاً ورعاً كثير الاجتهاد في العبادة والرياضة وتخرج عليه خلق كثير من الصوفية في المجاهدة والخلوة، ولم يكن في آخر عمره في عصره مثله، وصحب عمه أبا النجيب وعنه أخذ التصوف والوعظ، والشيخ أبا محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي وغيرهما، وانحدر إلى البصرة إلى الشيخ أبي محمد ابن عبد، ورأى غيرهم من الشيوخ، وحصل طرفاً صالحاً من الفقه والخلاف، وقرأ الأدب ، وعقد مجلس الوعظ سنين. وكان شيخ الشيوخ ببغداد توفي سنة 632 هـ ( أي بعد ما يقارب الست عقود من مقتل الأول) – المصدر (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141571)
وأيا كان الأمر ، فإن القاعدة الذهبية الخالدة على مر العصور والتي وضعها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ، فحتى لو كان المقتول هو البكري نسبا ما جاز ذلك ليكون سببا للتهجم على صلاح الدين الأيوبي باستغلال نسب المقتول بغض النظر عن الحيثيات والملابسات والسياق.
رحمك الله يا صلاح الدين وطبت وطابت ذكراك
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
كمال حامد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست