|
قريباً من الخرطوم !
|
كنت تحمل عاهة في جنبك الأيسر خرجت وأنت تحمل عاهتين العشق والوطن المقيم
إرتباك واضح لازمني وأنا أعبر ضباط الجوازات بمطار الملك فهد الدولي بمدينة الدمام ، شنطة صغيرة أحملها في يسراي بها ثلاث غيارات وفرشاة أسنان ومعجون وماكينة حلاقة وثلاث روايات لمحمد شكري كان قد أرسلنيه صديقي (طارق جبريل) في وقت سابق . عامان من عمر الزمان قضيتهما في هذه المدينة القريبة للقلب الدمام كأنها الخرطوم أوجه شبه كثيرات وأصدقاء مغرمون بالحياة سري ... زياد .. عوض .. جوغان .. ياسر .. الفيل .. لطفي .. بدري .. صداع .. حمد .. هيثم ... وآخرون لا يقلون وسامة، في السادسة صباحاً أيقظني أخي وصديقي منعم إستكت جيداً ثم غادرت المنزل الذي لطالما إحتضن أفراحي وأحزاني ، مؤلم بكل تأكيد مغادة المدن القريبة للقلب لكنني منذ أن غادرت الخرطوم ماعاد هناك ما يمنعني من ممارسة عادة الإنتقال فالخرطوم بغضها وغضيضها فارقتها دون أن يرمش لي جفن حين إستحال البقاء في شوارعها وحيشانها الوسيعة . قال أحد الأصدقاء ذات مساء (عادي) إن الأصدقاء أوطان صغيرة من يومها كلما إفتقدت وطني أهرب من الأمر بإحتضان الأصدقاء .
تناولت بطاقة الصعود للطائرة من موظف الخطوط مازحني عن السودان ضحكت كونه لا يعرف عن وطني سوي (آآي يا زول) كمفردة يسمعها المغتربون هنا كثيراً شكرته كونه لا يعرف عن بلادي غير ذلك ثم عبرته بإبتسامة تصنعتها في ذلك الصباح مليئ الإرتباك . إستقبلتنا مضيفات ثلاث بثلاث إبتسامات مأجورات قادتني إحداهن نحو مقعدي في طائرة ذاك الصباح تمنيت ولا أدري لماذا لو جلست لجانبي في رحلتي غير إنها قفلت عائدة مستصحبة معها بقايا إبتسامتها المأجورة وتاركةً إياي في فوضي الروح . إبن خالي يجلس علي المقعد المجاور طلبت منه (سفة تمباك) حدقني بنظرة أساسها (ياخ ما تبالغ) غير أنه رضخ أمام إصراري .
بدأن المضيفات الثلاث في أخذ أماكنهن تمهيداً لشرح طرائق السلامة حال تعرض الطائرة لمكروه لا سمح الله سألت إبن خالي قائلا : بالله الطيارة دي ممكن .... غير إني ما استطعت مجرد تخيل الأمر فأنصرفت عن سؤالي . بدأت الطائرة في التحرك رويداً رويداً إحساس بالفجيعة إنتابني أخاف أنا من الطائرات أخاف جداً منها. ماهي الا لحظات حتي طالبننا بفك الأحزمة غير إنني لم (إشتغل بالنداء الشغلة) فطالما هناك إحتمال مكروه فمن الأفضل أن لا تحاول الفرار وهي حكمة تخصني لا سواي أيها السادة . جيئ بعد لحظات بوجبة الافطار وجبة أشبه بطعام المشافي تناولت بعضاً من شرائح الاناناس ثم طلبت قهوة سوداء جاءتني بها هذه المرة فتاة شقراء تنتمي ولا تنتمي لقبيلة النساء فيها قبس من نور وفيها أشياء أخري وفيها إضافة لاشيائها الأخري تفاصيل من الصعب تدوينها فبعض الاشياء تري ولا تكتب وبعض الاشياء تحس ومن الصعب تدوينها. والمضيفة إياها كانت كذلك يشهد الله . أعجبني للغاية سمرتها اللطيفة حاولت أن أسألها من أي بلاد تكون هي وأي رياح قذفت بها الي هذي النواحي ، غير إنها هي الأخري ذهبت لحال سبيلها لتلبي إحتياجات إمرأةٍ في الخمسين .
ثلاث صحف موزعة ما بين ما هو إجتماعي ورياضي وقليل سياسة بدأت بالرياضية ما إن إستعدلت الطائرة وصارت الأمور كما يرام . خبر صغير عن إنتقال كاكا نجمي المحبوب بمبلغ وقدره تسعون مليون يورو . والله إن كاكا يستحق لكن تري ما هو فاعل بهذه الثروة ؟ حيعمل بها شنو يعني ؟ تمنيت لو كان في متناولي كاكا لا التسعون مليون فما أنا من هواة إكتناز الأموال والفضة بل رجل كغيري من السودانيين والسودانيات الحالمين برغيفة وكرامة وسلامة غير أنها هي الاخري إستحالت تماماً (كذينبي التي استحالت) إن كنتم تذكروها أيها السادة .
في الحياة ما يستحق الغناء والرقص في الحياة ما يستحق المخاطرة وأنا خاطرت من أعوام مضت الآن أنا أحصد ثمار مخاطرتي تلك تذكرت ما كان من أمري في الثالث والعشرون من يوليو والعام 2007 م يوم أن قررت وضع حد لهذه المعاناة . قدمت براً يومها عن طريق سواكن حملونا كخراف الاضاحي في عبارةٍ كبيرة تقاذفتنا الأمواج يمنةً ويسرة الي أن رست عبارتنا بميناء جدة الاسلامي كنت أصلع الرأس مهدود الحيل أرتدي نظارتي الطبية ذات الطرف المثبت بسلك صغير لا يري . كنت يومها أيضاً أحمل عديد كتب في شنطتي الصغيرة البعض يهرب بالكتب من تفاصيل الحياة وسماجتها والبعض يهرب بأشياء أخري علي الاقل لم تكن في يوم من الايام تدخل في اهتماماتي .
حلقت الطائرة لثلاث مرات إنحبس نفسي والقلوب بلغت الحناجر وأبعد وصراخ طفل وليد يعلو ويعلو وأنا أتشبث بالكرسي ليتني قدمت الي هذه المدينة براً ليتني فعلت ذلك . أخيراً نزلت الطائرة بسلام ثم خرجنا باحثين عن (ليموزين) تاكسي يقلنا الي حيث السكن الذي سأقضي فيه بضع أيام قبل مغادرتي نحو الخراتيم .
حدثت أشياء لم تكن في الحسبان غير أن أكثرها ايلاماً كان فقدي لصديقي محمد أحمد (ميمي سنية) في الخامس من يونيو المنصرم مضي ميمي في صباح جنائزي فاتر الطعم اثر حادث حركة بمدينة الرياض حين سماعي لذلك أحسست برغبة قوية في الصراخ رغبة في أن أقول بأعلي صوتي أوقفوا (الكرة الأرضية) أريد أن أنزل ! غير إنني إستوعبت بعد ذلك إنه ليس بالإمكان علي الإطلاق فعل ذلك فالأرض تجري (لمستقر لها) . أتوقف هنا أيها الناس فكثير ترتيبات علي أن أقوم بها إستعداداً لمغادرتي نحو حلمي الأزلي السودان الوطن الواحد ما قد كان وما سيكون . والعذر لعدم تمكني من الرد علي المتداخلين علي أن أعود لذلك متي وجدت للاستقرار سبيلاً .
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-14-09, 04:33 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | Muna Khugali | 06-14-09, 04:46 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-14-09, 04:55 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | GamarBoBa | 06-14-09, 05:05 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-14-09, 05:10 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | GamarBoBa | 06-14-09, 05:17 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-14-09, 05:32 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | طارق جبريل | 06-14-09, 05:13 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-14-09, 05:19 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | أبو عبيدة البصاص | 06-14-09, 05:44 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | باسط المكي | 06-14-09, 06:34 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 02:54 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 02:46 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | انعام عبد الحفيظ | 06-14-09, 10:25 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | الوليد محمد الامين | 06-14-09, 11:01 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | فيصل محمد خليل | 06-14-09, 11:09 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | tayseer alnworani | 06-14-09, 11:34 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:30 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:19 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | معتصم ود الجمام | 06-14-09, 11:23 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | عاطف عبدون | 06-14-09, 11:44 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | الملك | 06-15-09, 00:01 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:47 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | عبد المنعم سليمان | 06-15-09, 00:03 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | معتصم ود الجمام | 06-15-09, 00:18 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | عبد المنعم سليمان | 06-15-09, 00:20 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | سلمى الشيخ سلامة | 06-15-09, 02:18 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-16-09, 04:09 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | سلمى الشيخ سلامة | 06-15-09, 02:18 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | Amjed | 06-15-09, 02:25 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | ahmed haneen | 06-15-09, 06:10 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | محمد عبدالرحمن | 06-15-09, 06:45 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | Salah Abdulla | 06-15-09, 07:42 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | dardiri satti | 06-15-09, 08:20 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | محمد الشيخ أرباب | 06-15-09, 08:35 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | بدر الدين اسحاق احمد | 06-15-09, 08:40 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | الارقم عبدالله طلب | 06-15-09, 08:43 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-18-09, 03:45 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-18-09, 03:33 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-16-09, 04:33 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-16-09, 04:28 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:55 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:46 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:36 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 03:17 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | خضر حسين خليل | 06-15-09, 02:56 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | شادية عبد المنعم | 06-15-09, 08:39 AM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | هشام آدم | 06-15-09, 03:32 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | هشام الطيب | 06-15-09, 03:50 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | الوليد محمد الامين | 06-15-09, 04:05 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | السيد المسلمي | 06-15-09, 04:13 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | الق هاشم | 06-20-09, 04:59 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | الوليد محمد الامين | 06-20-09, 10:57 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | انعام حيمورة | 06-20-09, 11:38 PM |
Re: قريباً من الخرطوم ! | طارق جبريل | 06-20-09, 11:41 PM |
|
|
|