كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟ واتداعى.......... .......
بعد ان تجاوز الشعب مرحلة مرجل يغلي..وجاءت الانتفاضة 1985 ثم تلتها مرحلة انتقالية تنفسنا فيها نحن طلاب جامعة الخرطوم انذاك عبير الحرية...خطر ولي وبعض الاصدقاء..ان نسعى لصنع فلم تسجيلي يجسد ملامح من حياة الاستاذ محمود محمد طه..ذهبنا اولا انا وصديقي علي عبدالله من ابناء مدني للاستاذة اسماء محمود التي كانت تعمل مستشارة في وزارة الاشغال ان ذاك وعرضنا لها الفكرة واعطتنا خطوط رئيسة عن اناس متميزين كانو في معية الاستاذ في رحلة حياته المعطرة بالنزاهة والامجاد...كان من بينهم المرحوم خليل عثمان طيب الله ثراه .... في ذلك اليوم المشهود توجهنا هذه المرة وانا وصديقي بكور..الي منزل خليل عثمان الكائن في شارع مستشفي الشعب امام ابو العباس والعشرة الكرام(محل فول شهير)..توجسنا ونحن نقف امام الباب الفخم ولكن ابنة الرجل التي جاءت بسيارتها وضعت حد لتوجسناعندما حيتنا ودفعت الباب واجلستنا في حديقة المنزل..لم يكن والدها موجودا ووجدنا شقيقها اعتقد كان يدرس طب استضافنا لحظات ثم مضى داخل المنزل...وجلسنا انا وصديقي في هذه الجنة الصغيرة في قلب الخرطوم ننتظر...وبعد الغروب بلحظات..اضاء نور عربة مرسديس متسلل بين فرجة الباب االخارجي معلنا قدوم السيد خليل عثمان..دخل الرجل المنزل وحيانا بحرارة وشرحنا له الامر واعطيناه المخطوطة العامة للفلم...اسعد الرجل ذلك واخبرناه ان اليوم في دار الاستاذة لجامعة الخرطوم ستقام احتفالية الاستاذ محمود..وكانت لفتة بارعة منه..انه اصر ان يمضي معنا..ودخل المنزل وعاد متلفحا بثوب وعراقي وسروال ومركوب فاشري...لبسة الاستاذ.. واخذنا بالمرسيدس الفارهة الي نادي الاساتذة...وهناك كان ابناء الجبهة الديموقراطية ولفيق من القوى الديموقراطية السودانية يقدمون عروض جميلة منها مسرحية ماساة الحلاج..ثم تم ختام الحفل بالعملاق وردي مع كورس بديع من بنات الجبهة الديموقراطية...وانتهى الحفل المبهج ودارت الايام.. ... غادرت الخرطوم بعد ذلك الي الشمال بعد التخرج وبعد ان تقطعت بنا الاسباب في الخرطوم..ولم نحظى برؤية الرجل الذى كان مع الاستاذ محمود في سجن كوبر...كراسمالي وطني مناضل له موقف من الحريات وبذل جل ماله من اجل الحركة الوطنية...وعندما جالس الاستاذ محمود في السجن اضحى له موقف من الحياة نفسها..بذل جل ماله من اجل الوطن والمواطن واضحى مثال للزهد والورع..والقيم النبيلة لرجالات الحركة الوطنية..الذين لم يقعدهم الثراء المادي عن واجبهم الوطني والاخلاقي...ولهم بصمات واضحة في الارض والانسان من خلال دعمهم مشاريع التنمية والخدمات من مدارس ومستشفيات بتجرد يعد من صميم القيم السودانية التي اندثرت الان... ..... يرحم الله خليل عثمان..وذكراه العطرة ستظل عابقة في وجدان اهل السودان عموما واهل الدويم خصوصا...ويحذ في النفس ان تمر ذكراه مرور الكرام...دون ان يحتفي به احد الاحتفاء الذى يليق بقامته السامقة. كاسم من اعظم ((الاسماء في حياتنا))...والحديث ذو شجون .......
كل ما استيقظ صباحا على صوت ثلاث عصافير تغرد فى نافذة الفصل الذي اتخذه مسكننا فى مدرسة على تخوم قرية فى سهول تهامة فى اليمن ، قرية مظلمة حسبها من الحضارة ان تظهر على الخارطة ولكنهاتضى ء بقلوب اهلها الطيبين ..اسال نفسى(لماذا انا هنا؟؟ واتداعى..........
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة