|
رحيل المسرحى العراقى الكبير قاسم محمد
|
محمد عن عمر يناهز ال73 عاما بعدما خاض مع المرض العضال رحلة من العذاب لم تمنعه من مواكبة ما يجري على الصعيد الإبداعي، وظل حتى اللحظات الأخيرة متماهياً مع المسرح مستمداً من فضاءاته القوة الضرورية لمواجهة آلام المرض.
عرفت خشبة المسرح قاسم محمد ممثلاً ومؤلفاً ومخرجاً، وكان قد درس المسرح في موسكو، وبعد عودته إلى العراق عمل مدرساً للتمثيل والإخراج في معهد الفنون الجميلة في بغداد وقدم خلال مسيرته أكثر من 100 عمل مسرحي منها “النخلة والجيران” التي أعدها عن رواية غائب طعمه فرمان بالاسم نفسه، ومسرحية “بغداد الأزل بين الجد والهزل” المعدة عن تراث الجاحظ، و”مجالس التراث” التي تدور حول حياة أبي حيان التوحيدي وكتبه، و”كان يا ما كان” المعدة عن بعض الحكايات الفولكلورية العراقية و”ولاية وبعير” المعدة عن مسرحية سعد الله ونوس “الفيل يا ملك الزمان” وغيرها.
منذ بداياته انخرط قاسم محمد في المسرح بوصفه شكلاً تنويرياً، داعماً للثقافة من دون أن يقع تحت تأثير المدارس الغربية، فكان أميناً لفهمه أهمية البحث في التراث العربي، وإعادة إنتاجه وفقاً لرؤية نقدية معاصرة، أو إعادة ترميز الواقع من خلال الأدوات التراثية نفسها، كذلك غاص في الواقع معرياً إياه وكاشفاً للحقائق المؤلمة كما في مسرحيته “آباء للبيع”.
طور قاسم محمد مع مرور الوقت فهمه للمسرح، ذاك التطوير الذي يرقى إلى مصاف النظرية خاصة بما يخص العلاقة بين الممثل والمسرح “الممثل لا يربى إبداعياً إلا إذا ربينا الإنسان في الممثل وليس الممثل في الإنسان” وهو بذاك القول الذي يشكل خلاصة تجربته الطويلة خرج من دائرة الفهم التقليدي لدور الممثل التي أرستها الكثير من القواعد الأكاديمية، منطلقا من فهم إنساني أكثر شمولية لماهية المسرح، معطياً البعدين المعرفي والتأملي أهميتهما في عملية التكوين المسرحي، فالمسرح لم يكن لديه عملية ترفيهية بالمعنى السطحي، وإنما مشروع بحثي لاستقصاء إمكان الإسهام الجدي للإنسان/المسرحي في منظومة الحياة العامة.
قاسم محمد الذي يكنّ للمدرسة البريشتية الكثير من التقدير المسرحي والمعرفي، يدرك معنى الاغتراب الحقيقي للإنسان والمجتمع، كما يدرك تماماً أهمية أن يكون الفن صادماً، وتصادمياً في الوقت نفسه.
كانت محطته الإبداعية الأخيرة في الإمارات حيث قدم إليها عام 1997 بدعوة من فرقة مسرح الشارقة الوطني، وأسهم بشكل فاعل في الحراك المسرحي الإماراتي حيث كانت له بصمات واضحة في أغلب الفعاليات والأنشطة، وخاصة عضويته في اللجنة العليا لمهرجان أيام الشارقة المسرحية ورفده المكتبة المسرحية بكتب بحثية عدة ونصوص مسرحية صدرت له عن دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، كذلك ترؤسه لمجموعة من لجان التحكيم المسرحية، وتقديمه مجموعة من الأعمال مع فرقة مسرح الشارقة الوطني ومنها “الممسوسون” و”أسواق وأشواق” و”سوق الحكايات” وغيرها، كما أخرج ثلاثة أعمال مسرحية من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وهي “القضية” و”عودة هولاكو” و”الواقع طبق الأصل”. وتقديراً لجهوده الكبيرة قامت دائرة الثقافة والإعلام في عجمان منذ أشهر بتكريمه ومنحه جائزة شخصية العام الثقافي لعام 2008 في احتفالية قدمت فيها مجموعة شهادات من ممثلين ومخرجين عملوا معه، تناولوا فيها الجوانب الإبداعية والإنسانية لديه.
وحول أيامه الأخيرة تقول ابنته فرح: “ظل المسرح حتى لحظاته الأخيرة بيته الذي يسكنه، وبقي متمسكاً باللعبة المسرحية حيث ينظر إلى سقف الغرفة ويقوم بتحريك الممثلين، متخذاً دوره كمؤلف ومخرج لعرض يمتزج فيه الواقعي بالخيالي، وظل متابعاً لما يجري على الساحة الإبداعية من أعمال مسرحية في الإمارات والعراق، حتى أن الكثير من طلبته في العراق كانوا يرسلون له نصوصهم ودراساتهم، أو رسائلهم الجامعية”، حتى أنه تم تكريمه آواخر العام الفائت حيث تمت تسمية مهرجان الطفل باسم مهرجان قاسم محمد.
برحيل قاسم محمد انطفا قنديل من قناديل المسرح قاسم محمد رجل مسرح بامتياز مخرج كاتب دراماتورج واستاذ تمثيل فى الشارقة جمعتنا جلسات طويلة لحوار ذكى عن شغفة بالتراث وعن اشتغالات الدماغ وعن الورشة المسرحية وعن اهمية العلوم المجاورة للمسرح جمعتنا ادارة منتدى المسرح بمعهد الفنون المسرحية بالشارقة كان نعم المعين والاستاذ
|
|
|
|
|
|
|
|
|