بهجات مجانية ....البنسلين ياتمرجى

Quote: (2) يعقــوب المضـَّـاغ لم انم جيدا ليلة البارحة. البعوض حمانى النوم!! نعم.. بعوض فى واشنطون. وماذا فى ذلك؟ طالما انا موجود فى الجوار فتوقع كل مصائب الدنيا!! خرجت من المصعد مرهقا من قلة النوم، وقلة الحظ، وقلة الشغلة.أحتقبت اغراضى بيد، بينما تحيط اصابعى بقوة على ثيرموس القهوة فى يدى الاخرى. لابد من القهوة للمساعدة على بقائى صاحيا طوال اليوم. والا لفقدت عملى. أخذت اراجع ارقام الغرف على الابواب المطلة على الممر الطويل مثل فيلم هندى مسيخ، وقلبى ينبض بعنف، كلما رأيت فوق أحد الابواب العلامة الحمراء الكبيرة، والتى تدل على ان ساكن الغرفة من ذوى الامراض المعدية، مما يتطلب استخدام واقيات محددة تتوفر للداخلين عند الباب. لدهشتى، لم تكن هنالك علامة حمراء فوق الباب رقم 22!! - الغنماية دى جنت ولاَّ شنو!؟ قلت لنفسى، وانا انقر نقرات خفيفات على الباب الخشبى المصقول. ولم انتظر ردا، وبالطبع لم اكن اتوقع اى رد. فأهل الغرف عندهم من المصائب ما يلهيهم عن الاستجابة لنقرات على الباب، او حتى قنابل فى الممر!! فقرأت الاخلاص والمعوذتين سريعا ودخلت. عندما نظرت الى الرجل النائم - فوق السرير الناصع البياض - قفز الى ذهنى – مباشرة - اسم " يعقوب"!!! لماذا؟ لا أدرى. قصير القامة، مربوعها، وله عنق، يحتاج لأكثر من سياف، للقيام بالمهمة ( هذا ان كان محظوظا ونال حكما مخففا بالاعدام فى السعودية ). لحيته مقطوعة بعناية انصارية موغلة فى الطائفية، وشاربه يتدلى على جانبى فمه فى صرامة بوليس السينما، وبينهما شفتان غليظتان كادتا ان تستقبلاننى بالهتاف الخالد " البلد بلدنا ونحن سيادها تشهد كررى مع الشكابة!!!) كنت – بالطبع – قد قرأت اسمه على لافتة انيقة فى منتصف الباب من الخارج - صباح الخير مستر يعقوب!!! اقصد مستر ويلز نطر الىَّ شذرا ولم يقل شئ!! فاستبشرت اننى امام حالة برانويا مستعصية وعلى الفور احلت نفسى الى سورة يس!! لعنت منسقة البرنامج فى سرى. بنت الكلب هذى، سلمتنى كل المعلومات عن المريض، ودسـَّت عنى اهم معلومة!! الرجل حالج صامولة!! قلت لنفسى اصبر ياولد فالجن بيتداوى، وهو بالجزم افضل من الايدز!! وضعت مقعدى فى مواجهته مباشرة ورحت اراقبه. عملى هو مراقبته. انا احب مراقبة الآخرين. خاصة الذين لا اعرفهم، لأن ذلك يفتح على بوابة واسعة من التأمل وأنا ابنى لهم فى خيالى تاريخا وحاضرا وحياة كاملة. اصيب يعقوب بالتواء فى المصران. وقد خضع لعملية جراحية من نوع ما. هكذا تقول قائمة المعطيات الخاصة به. تخيلته وقد انحلجت احدى مواسير امعائه فاستعان بسباك من سوق بحرى، كان قد جاء الى البلاد بعد ان كسب اللوترى، والذى بدوره استخدم عبقريته عندما لم يجد الاسبيرات المناسبة، أو لم يعرف اسمها باللغات الصليبية، فاستعان بكيس من البلاستيك وعالج المشكلة. والا فما معنى وجود كيس البلاستيك، والذى وجده الجراحون يسد امعائه الغليظ!!؟؟ كيف وصل الكيس الى تلكم التخوم الموغلة فى النأى بنفسها عن كافة مشاكل الحضارة. لم اكن مقتنعا تماما بما جاء فى البيانات امامى،حتى تعاملت معه عن قرب. الرجل يأكل اى شئ تصل اليه يده!! ولهذا عينونى لكى امنعه من وضع اى شئ فى فمه. وقد ابليت ذلك النهار بلاء حسنا ويداىَّ تعافران بين اسنانه لانتزاع عشرات الاعاجيب من فمه. فمن الصابونة الى كيس المخدة،ومن الكوب الورقى الى غطاء الزجاجة المعدنى. كان يعقوب مضَّاغا محترفا!! وحمدت الله ان يدىَّ قد سلمتا بفضل العناية الالهية اولا وبفضل حرفنة اكتسبتها للتو، اتاحت لى سحب يدى فى لحظة انهيار الفك الاسفل عليهما. أول مرة اشاهد انهيارا من الاسفل للأعلى!! مما يجعل اسنانه تصطك فى كل مرة ببعضها البعض، الامر الذى يزيد من توتره ويرفع درجة سعارة فيروح يهمهم بما لا أفهم ولا أريد ان افهم. فليس هنالك وقت للفهم، الوقت كله مكرس للحفاظ على سلامة يدىَّ!! الحمد لله على كل حال، فلم يتبق من قطار العمر سوى عربته الاخيرة. عربة الفرملة!! والغريب ان المستر يعقوب، ورغم مواهبه المضغية العالية الا انه ما كان يمضغ الطعام قط!! كان يمضغ الهواء داخل فمه الخالى ثم يبتلع الطعام دون ان تلمسه اسنانه!! وكان لاينتظر حتى يضع الطعام فى فمه، او مثلا توضع الصينية امامه او حتى دخول الصينية الى الغرفة!! فبمجرد ظهور الفراَّشة التى تتولى توزيع الطعام، فى نهاية الممر، فان فمه يبدأ فى عملية المضغ بكامل طاقته الاستهلاكية. مرة فى الحمام غافلنى، وحشر الصابونة فى فمه!! ظللت اصارع فيه ساعة من الزمن، وهو لاينى يمضغ، وقد اطبق شفتيه باصرار ثورى، فلاينفتحان. كادت جيادى ان تتوقف فى منتصف المضمار، حين تذكرت حيلة ( اشلاقية ) قديمة، فاستدرت ولبعته ( ام دلدوم ) فى منتصف ظهره، ف... القى بالصابونة، نصف الممضوغة، الى الارض. اربعة ايام وانا على هذه الحالة!! من السابعة صباحا وحتى السابعة مساء. * محدش بياكلها بالساهل ( مثل سحاحيرى ) مرة زارته جاموسة فى بنطلون جينز. إما انها وُلدت بداخله، او انهم خاطوه حول جسدها!! يستحيل ان تكون قد ارتدته!! لايمكن لأى فازلين فى العالم ان يساعد على حشر كل هذه الجثة داخل تلك القطعة الصغيرة من القماش. يازول حوالى اربعة اطنان من اللحم!! انا لله وانا اليه راجعون. حين اطلت... أطلت شنو.. حين هجمت جحافلها، ذهبت عيونى - وبلا وعى - الى اسنانها!! تبدو هى الاخرى مضـَّـاغة كبيرة!! تركتها معه فى الغرفة حتى يجدان بعض الخصوصية، وكنت على مرأى وليس على مسمع، بينما انا اتجاذب الحديث مع السستر ذات الجمال المهمل. كما قلت سابقا، السسترات عندهن الخبر اليقين، فبدون مناسبة، قالت لى: - يا عبدول ( وهو اسمى بالامبريالية ) فلتعلم انها ضكرية!! - ومالى انا وضكرنتها؟ - اراك تنظر لها بعين جائعة، وانتم الشرقيون تحبون النساء اللحيمات. - انا لا أنظر اليها ياسستر، انا انظر الى علبة مناديل الورق، التى وضعتها بجانب الرجل على السرير، وأخشى ان يغافلها ويلتهم العلبة ومناديلها. السسترات شكاكات بشكل عجيب!! ولاتفتر اعينهن عن الملاحظات الغميسة. عصر اليوم الرابع خرج يعقوب الى اهله، على ان يعود بعد ثلاثة اسابيع. فى مكتب المنسقة، ابلغونى بأنه ربما لن يكون علىَّ طلبٌ فى الاسبوع المقبل!! نحن نعمل بنظام التعاقد. اى انهم ان احتاجوك شغَّلوك، والا، فان عليك الجلوس فى الظل، والعمل على تنمية مهاراتك فى السيجة والصفرجت، الى ان يتم استدعاؤك، أو يقضى الله فى امرك، ايهما اسرع. المنسقة النبطشية، كانت مغربية تشبه محمد الوزاني ( وهو أحد كبار تجار المخدرات فى المغرب، كان قد فر من السجن في ديسمبر عام 2007. وأدين 8 من حراس السجن بمساعدته على الهرب.) سألتها عن السر فى عدم وجود رغبة فى استئجارى الاسبوع المقبل. قالت: - ان جميع المرضى المطلوب لهم تمرجية، هم من الجنس الناعم!! قلت: - وماذا فى ذلك، نحن بتاعين كلو، ناعم.. دُراشة... اى شئ ندوس. قالت: - لا.. ادارة المستشفى تطلب تمرجيات وليس تمرجية. قلت: - ولكن هذا تمييز... وهو اجراء ليس دستورى. رَفـَعَتْ حاجبا من الدهشة، وخفضت آخراً من قلة الحيلة، وقالت: - يعنى تريدنى ان اتركك فى غرفة مغلقة، مع امرأة عريانة!!؟؟ قلت وقد لاقت الفكرة استحسانا واسعا من جماهير القطاع شبه الصحراوى بداخلى: - والله....فكرة ليست بطَّالة!! ولاَّ شنو؟ منعم الجزولى