ندوة ناس الزقازيق : التشابه الجيني للقبائل السودانية والأمراض المنقولة جينياً

Quote: أعلن عالمان كبيران في مجال العلوم يشتغلان بمعهد الأمراض المستوطنة التابع لجامعة الخرطوم، عن دراسة علمية تحسم نتائجها نقاشا إستمر طويلا بشأن هوية السودان، إن كان عربيا او افريقيا، ويساند الدراسة تفاسير دينية ومجموعة بحوث علمية واكتشافات اثرية، تؤكد أن النوع البشري الذي يعيش في العالم حاليا قادما في الأصل من منطقة بأفريقيا، وتحاجج بعض الدراسات أنه تحديدا من المنطقة بين السودان واثيوبيا، وذلك بناء على اكتشاف اثري لمومياء تعود لما قبل 150 الى 100عاما، وهو الاكتشاف الوحيد لأقدم إنسان يماثل النوع البشري الموجود الآن في العالم. وتأتي أهمية الدراسة التي انجزها الباحثان بروفيسور منتصر الطيب إبراهيم والدكتور هشام يوسف حسن، في ظل اعتقاد شائع وسط بعض السودانيين وغيرهم بأن صراع الهوية والاستعلاء العرقي وغيرها من القضايا الإثنية كان المحرك الاساسي للحرب التي دارت في الجنوب، وللحروب المشتعلة بإقليم دارفور، والمناطق التي تغلي الآن، لكن الباحثين بروفيسور منتصر الطيب إبراهيم والدكتور هشام يوسف حسن توصلا عبر الدراسة العلمية إلى نتيجة تؤكد على تشابه بنسبة كبيرة بين الجينات الوراثية للقبائل السودانية، مما يعضد أن خيار الوحدة جاذبا أيضا من جانب علمي، رغم أن الدراسة تثبت أن النوبة على علاقة أكبر مع غرب السودان مما هي عليه الحال مع الجنوب «من ناحية التشابه الجيني». وتهزم الدراسة اسطورة النقاء العرقي الحامية بين البيض والسود، وتثبت أن الإنسان يكتسب لونه بنسبة كبيرة من تأقلمه بالبيئة التي عاش فيها سنوات طويلة، وتمثل الجينات نسبة ضئيلة في لون الإنسان. وتزعم الدراسة أن إنتساب السودانيين الى عنصر وراثي واحد ليس صحيحا علميا ولكن ربما لأسباب ثقافية او سياسية، إذ أن عملية إستخلاص الحمض النووى التي كانت ناجحة فى عدد 35 عينة من مجموع 76، تثبت تنوعا كبيرا في الشجرة الوراثية، من خلال علاقات جينية بين العائلات اللغوية» الآفروسيوية» و»النيلية الصحراوية» و»النيجر كردفانية». وتساهم الدراسة التي استغرقت الفترة منذ عام 2003 وحتى 2008م، في توفير أول إرشيف علمي لقراءة التاريخ عبر إستخدام استخلاصات الحمض النووي dna، كما تعد الدراسة محاولة لربط المعلومات التاريخية بالمعلومات الأثرية واللغوية، وتكشف أيضا عن بعض الأمراض المتربطة بوراثة محددة، كما أثبتت عدم وجود نقاء عرقي، وإنما تراكم لآلاف الجينات. وحسب البروفيسور منتصر الذي التقته «الصحافة» أمس الأول فإن الدراسة هى الاولى التى تتم بواسطة باحثين سودانيين داخل السودان على مجموعات سكانية سودانية ومقارنتها بباقى المجموعات السكانية فى افريقيا والشرق الاوسط ومثل هذا الضرب من الابحاث غير شائع فى افريقيا ( فيما عدا جنوب افريقيا). وقال إن نتائج الدراسة اثارت لغطا كبيرا، خاصة فيما يتعلق باستخدام مصطلح عربي في الدراسة، لكنه يؤكد أن استعمال المصطلح الذات فى وصف بعض المجموعات السكانية رغم انه كمصطلح مثله مثل غيره من المصطلحات التى يطلقها البشر على انفسهم مثل اوربيون،افارقة،يهود، لايحمل دلالة بيولوجية فى الغالب الاعم بقدر ماهو مصطلح له مدلولات تاريخية والعرب انفسهم هم ادل فى ذلك بتصنيفهم العرب الى عارب ومستعربة وعرب بائدة وهو عين التراث الشفاهي الذى قد يتم تعضيده او نفيه بواسطة ابحاث الوراثة الجزيئية مستقبلاَ. وفي مقابلة مع «الصحافة»، قال الباحث الدكتور هشام يوسف أن نتائج الدراسة اظهرت أن القبائل التي تنتمي الى عائلة اللغات الافرواسيوية مثل» الهوسا - البجا الاقباط- وكافة ما يسمى بالعرب بما فيهم من هم يعيشون في غرب البلاد» أكثر تشابها من ناحية اللغة والوراثة، وان هنالك تشابه بين هذه المجموعة اللغوية والمجموعتين «النيجركردفانية» مثل « جزء من قبائل جبال النوبة- الزاندي- الفولاني أو الفلاتة « و»النيلية الصحراوية» وتضم النوبيين في شمال السودان - الشلك والنوير الدينكا - المساليت والفور والبرقو والزغاوة. وقبلا، قدم الباحثان حلقة نقاش في قاعة طيبة برس حول الدراسة التى قام بها معهد الأمراض المستوطنة عن موروثات المجموعات السكانية بالسودان، ونشرت بعض نتائجها في صحيفتي حكايات والأحداث، كما نشرت بمنتدى سودانيز اونلاين ندوة نظمتها الجمعية السودانية لخريجي الزقازيق بعنوان: التشابه الجيني للقبائل السودانية والأمراض المنقولة جينياً) بقاعة المركز القومي للبحوث بوزارة التعليم العالي. ويقول الدكتور هشام إن المنطقة التى تعرف الآن بالسودان لعبت دوراً هاماً فى الأحداث المرتبطة بتاريخ الإنسان التطورى، و كذلك كمعبر للعديد من الهجرات القديمة و الحديثة و دورها فى تطور الثقافات القديمة. هنالك العديد من الأسئلة المتعلقة بتعاقب المجموعات السكانية فى السودان على مدى التاريخ البشرى. لإلقاء الضوء على هذه المظاهر، جُمعت عينات من الحمض النووى القديم و الحمض النووى الحديث. تمت دراسه الحمض النووى القديم على مستوى الكروموسوم الذكرى، أما الحمض النووى الحديث فقد تمت دراسته على مستوى الكروموسوم الذكرى و الميتوكزندريا. عينات العظام التى اُستخدمت فى تحليل الحمض النووى القديم تم جمعها سابقاً بواسطة البعثات الأثرية بمتحف السودان القومى فى أجزاء هيكلية مختلفة من مدافن اثرية تمثل فترات العصر الحجرى، الفترة المروية، فترة ما بعد مروى و الفترة المسيحية. ويشير الى ان ملخص نتائج الدراسة أوضح أن عملية إستخلاص الحمض النووى كانت ناجحة فى عدد 35 عينة من مجموع 76 عينة. تحديد الجنس من حيث الذكورة و الأنوثة تمت بواسطة معلم وراثى يسمى Amelogenin بإستخدام تقنية التفاعل الأنزيمى المتبلمر. أربعة عشر عينة كانت من الإناث بينما 19 عينة من الذكور. لتحديد المجموعات الوراثية للكروموسوم الذكرى فى عينات الحمض الوراثى القديم، اُستخدمت المعلمات الوراثية M13، M60، M89 و YAP. هذه المعلمات الوراثية تحدد المجموعات الوراثية الأساسية فى الشجرة الوراثية للكروموسوم الذكرى. المعلم الوراثي M13 وجد بتكرار مقدر فى مجموعة العصر الحجرى. أما المعلمان الوراثيان M89 و YAP فقد ظهرا بتكرار أعلى فى فترة مروى و الفترة ما بعد مروى و الفترة المسيحية. لم يلاحظ وجود المعلم الوراثى M60فى العينات التى تم تحليلها. وبالنسبة للحمض النووى الحديث، فقد تمت دراسة التباين على مستوى المجموعات الوراثية للكروموسوم الذكرى و الميتوكوندريا فى 15 مجموعة اثنية فى السودان يمثلون ثلاث مجموعات لغوية فى السودان. و ذلك بدراسة 445 عينة من الرجال غير الأقارب للكروموسوم الذكرى و 404 عينة من أشخاص غير أقارب للميتوكوندريا. وأظهرت نتائج الكروموسوم الذكرى أن السودانيين يقعون فى المجموعات الوراثية A، B، E، F، I، J، K و R بتكرار 16.9، 8.1، 34.2، 3.1، 1.3، 22.5، 0.9 و 13% على التوالى. المجموات الوراثية A، B، E وجدت بتكرار أعلى فى المجموعات التى تتحدث اللغات النيلية الصحراوية مثل النيليين، الفور، البرقو و المساليت. بينما المجموعات الوراثية F، I، J، K و R فقد وجدت أكثر تكراراً فى المجموعات التى تتحدث اللغات الآفروآسيوية مثل العرب، البجة، الأقباط و الهوسا، و كذلك مجموعة الفولانى التى تتحدث لغة تنتمى الى مجموعة اللغات النيجركردفانية. وقال الدكتور هشام إن إختبار مانتل «إختبار احصائي» اوضح وجود علاقة قوية بين التركيبة الوراثية و اللغة (r = 0.30, P = 0.007) و التركيبة الوراثية و التوزيع الجغرافى (r = 0.29, P = 0.025) على مستوى الكروموسوم الذكرى. وهذا الإرتباط بين التركيبة الوراثية و التوزيع الجغرافى ظهر عند إستبعاد المجموعات الرعوية التى لا يوجد لها مكان جغرافى ثابت تستقر فيه. بالنسبة للميتوكوندريا، فقد لوحظ وجود 56 معلم وراثى فى العينات التى تم تحليلها. تنتمى هذه المعلمات الوراثية للمجموعات الأساسية L0، L1، L2، L4، L5، L3A، M و N بتكرار 12.1، 11.9، 22، 4.2، 6.2، 29.5، 2 و 12.2% على التوالى. المجموعة الوراثية L6 لم يلاحظ وجودها فى العينات المحللة. التكرار المقدر للمجموعة الوراثية L0 فى السودان و التى تقع بالقرب من أصل الشجرة الوراثية للميتوكوندريا يعطى هذه النتائج أهمية خاصة. أوضحت نتائج هذه الدراسة أن المجموعات التى تتحدث اللغات الأفروأسيوية استقبلت كمية مقدرة من الجينات من الجموعات التى تتحدث اللغات النيلية الصحراوية. أوضح إختبار مانتل عدم وجود إرتباط بين التركيبة الوراثية و اللغة (r = 0.12, P = 0.14)، او التركيبة الوراثية و التوزيع الجغرافى (r = -0.07, P = 0.63). من خلال ما ذكر، و خلال العدد الموجود من العينات التى تم تحليلها على مستوى الحمض النووى القديم، أوضحت النتائج سيادة المجموعات النيلية فى منطقة حوض النيل خلال العصر الحجرى، أعقبتها سيادة مجموعات أخرى خاصة النوبة و النوبيين خلال الفترات اللاحقة. تم الإستدلال على ذلك بظهور المعلمات الوراثية YAP و M89 على حساب المعلم الوراثي M13 و الذى كان سائدا خلال العصر الحجرى. النتائج على مستوى الحمض النووى الحديث للكروموسوم الذكرى اوضحت أن التباين الوراثى فى السودان هو نتيجة هجرات حديثة متعاقبة من آسيا و أوروبا، و هو ما تم الإستدلال عليه بمعدل الهجرات العالية و الحجم المؤثر للمجموعة الذى يميز المجموعات التى تتحدث اللغات الآفروآسيوية مقارنة بتلك التى تتحدث اللغات النيلية الصحراوية. بينما أوضحت النتائج أن التباين الوراثى على مستوى الميتوكوندريا فى السودان من الأرجح أن يكون قد تشكل على مدى تاريخ طويل من التطور فى نفس المنشأ ثم بالهجرات البشرية من شرق، غرب و وسط أفريقيا و بشكل أقل من أوروبا و آسيا الى منطقة وادى النيل.