الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-10-2024, 12:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-15-2003, 09:54 AM

ترهاقا
<aترهاقا
تاريخ التسجيل: 07-04-2003
مجموع المشاركات: 8452

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت

    الاحباب بالبورد وزواره

    تـــحيه عـــــطرة

    حالفنى الحظ فى ان اجد بعض كتابات الفنان مكى على إدريس وهو غنى عن التعريف ولكنى سأكتب نبذة قصيرة عنه للذين قد لايعرفون شيئا عنه
    هو الفنان والباحث والرسام النوبى مكى على إدريس ،عمل معلما بالمنطقة الشمالية ثم إلتحق بمعهد الموسيقى والمسرح منتدبا من وزارة التربية والتعليم وتخرج عازفا للكمان،يتغنى بأغانيه كل فنانى المنطقة النوبية له رائعته المعروفة (عـديلــة) والتى تغنى بها حتى غير الناطقين باللغة النوبية واغنيته الوطنية (كجبار) والتى إنتهت به إلى سجون النظام - هذا قليل من كثير عن هذا الإنسان الرائع ودعونا الآن نقرأ ما كتبه الاستاذ مكى عن الموسيقى الشعبية النوبية فى منطقة السكوت علها تنال إعجابكم.


    الموسيقى الشعبية النوبية في منطقة السكوت
    مكي علي إدريس / الرياض يوليو 2003م
    كتب الألماني آرثر سايمون عن المنطقة النوبية (...لولا وجود ذلك الشريط النيلي الأخضر الذي يبعث الحياة من حوله مخترقا ًتلك الأراضي الصحراوية الشاسعة ، لكان كل شمال السودان من الخرطوم إلى الحدود مع مصر، أرضاً قاحلة خالية من السكان، هنا في هذه المنطقة ذات الحضارات القديمة ، يقيم النوبيون منذ عصور ما قبل التاريخ ، وعبر سنوات التاريخ المثقلة بالحوادث امتزج النوبيون مع المجموعات العرقية الأخرى التي زحفت إلى وادي النيل من الأقاليم الإفريقية ، والعربية وشرق البحر الأبيض المتوسط ، وتشكل عن ذلك النوبيون المعاصرون . وتشهد الآثار الباقية من المعابد والكنائس والقلاع والحصون والمنازل المتناثرة على طول نهر النيل على تاريخ يعود إلى العصور التي كانت تسود فيها الحضارات المصرية الفرعونية ، والمروية والمسيحية والإسلامية وحتى عهود الحكم التركي . واستطاع النوبيون دائماً أن يستوعبوا النفوذ الأجنبي داخل لغتهم وعاداتهم ، ولكنهم سعوا في نفس الوقت للمحافظة على قدر كبير من الاستقلال الثقافي في العديد من جوانب الحياة إلى يومنا هذا- ومثال ذلك الموسيقى النوبية التي تكشف عن العديد من الخصائص التي تميّزها عن موسيقى جيرا نهم من المصريين وعرب السودان.
    ازدهرت، النوبة في القرون الوسطى أيام ممالك النوبة ، والمقرة وعلوة . وكانت المسيحية التي كان يدين بها معظم النوبيين هي الديانة الرسمية من القرن السادس إلى القرن الرابع عشر الميلادي . وتحكي الروايات التي كتبها الرحالة المسيحيون والمسلمون عن تلك الفترة بالإضافة إلى المكتشفات الأثرية التي تم العثور عليها منذ عقد الستينات من هذا القرن عن قطر مزدهرٍ بالمساكن والأديرة والبساتين الفسيحة ، وحقول الكرم ومزارع الحبوب الممتدة إلى داخل الصحراء وذلك بفضل تقدّم وتوسّع نظام الري . وحتى يومنا هذا فإنه يمكن للمرء أن يرى آثار امتدادات الري في رمال الصحراء ، وكانت هناك أصداء عالمية للرسومات الجدارية الرائعة التي تمّ اكتشافها في كاتدرائية فرص ، والتي كانت تمثّل المركز الشمالي لمملكة النوبة المسيحية .
    ولم تكن المسيحية قد ضربت بجذورها في الأرض النوبية لما يزيد عن قرن عندما بسطت القوة الدينية الجديدة للإسلام – مضافاً إليها القوة العسكرية الجديدة للعرب الذين كانوا يقاتلون من أجل هذا الدين – نفوذها على عرب آسيا وشمال لإفريقيا خلال بضعة عقود فقط ، وفي عام 641م ، عندما احتل العرب المسلمون مصر، انقطعت النوبة عن الغرب المسيحي .. ووقف جيش الفتح الإسلامي ، الذي قوامه 20.000 (عشرون ألف ) من الفرسان على أعتاب دنقلا (دنقلا العجوز) عاصمة المقرة ، حيث ألحق بهم رماة السهم النوبيون هزيمة ماحقة ، وجرت محاولة أخرى بعد عشر سنوات، ولكن يبدو أنها انتهت بدون نتيجة حاسمة ـ ونجم عنها عقد اتفاقية عدم اعتداء ، وهو أمر نادر الحدوث في تاريخ الفتوحات الإسلامية ، وعقدت أيضاً اتفاقية تجارية تم السماح بموجبها ليس بمجرد حق العبور غير المقيد للتجار العرب، بل الحرية الدينية لكافة الذين يدينون بدين الإسلام. وبهذه الطريقة أصبحت النوبة في مأمن خارجياً وسياسياً من الغزو الإسلامي لبضعة قرون تالية ، حيث أثبتت هذه الدولة استقرارها وقدرتها على المقاومة ، ولكن على أي حال بدأت بصورة غير ملموسة في البداية فترة من التسلل البطيء للعرب –وللإسلام على نحو متواز – بلغت أوجها بسقوط دولة النوبة المسيحية في القرن الرابع الميلادي . وكانت دولة النوبة قد ضعفت في تلك الفترة بسبب المنازعات حول من يخلف العرش وبسبب الصراع حول السلطة وسط الطبقة الحاكمة مما مكّن لمجموعة صغيرة من العرب الغزاة أن تنتزع السلطة.
    لقد دخل العرب إلى السودان ، على الأرجح خلال عهود ما قبل الإسلام عبر البحر الأحمر ولكن خلال انتشار الإسلام فقط ، تنبّه السكان الأفريقيون إلى موجات المهاجرين العرب الذين دخلوا عن طريق مصر من الشمال ، أما عبر وادي النيل أو من جهة الشرق عبر ما يعرف بالصحراء النوبية على طول ساحل البحر الأحمر , وبعد أن تقلّد المماليك الحكم في مصر أجبروا العرب البدو للنزوح في اتجاه الجنوب أكثر فأكثر فأولئك الذين اسهموا في تثبيت دعائم الإسلام كقوة عالمية لم تعد بهم حاجة ، ودفعوا قسراً إلى داخل الصحراء .
    بالرغم من أن هجرات العرب البدو إلى السودان تواصلت حتى القرن التاسع عشر ، إلاّ أن الموجات الأساسية من المهاجرين جاءت على الأرجح خلال القرن السادس عشر ، وتبع ذلك تمازج من مختلف السكان المحليين من الأفارقة ولكن لا يعرف سوى القليل من التفاصيل عن هذه العملية المتصلة بالتمازج والاندماج ، وأنه لمن المهم أن نفرّق بين (الأسلمة) و (الاستعراب) ، لقد تمت أسلمة النوبيين بالكامل ولكن لم يتم استعرابهم إلاّ إلى مدى محدود . ولهذا السبب فإنه ينبغي تمييز العوامل العرقية واللغوية والثقافية .
    بغرض تعريف النوبيين المعاصرين وتمييزهم عن عرب السودان فإنه يتوجب على المرء ملاحظة جملة من العوامل . ففي الإطار العرقي وربما الثقافي فإنّ كلمة (النوبي) أوسع مما هي في الإطار اللغوي ، وهناك بضعة قبائل في شمال السودان يعتبرونهم اليوم من عرب السودان بينما هم في الواقع من النوبيين المستعربين على الأرجح ـ ومن بين هذه القبائل قبيلتا الجعليين والشايقية اللتان تتحدثان اللغة العربية ولكنهم في نفس الوقت يشتركون مع النوبيين الآخرين في أشياء عديدة ، وعليه فإن المنطقة التي كان يستقر فيها النوبيين قبل بناء السد العالي في أسوان امتدت من الشلال الأول إلى الشلال الرابع لنهر النيل ، ولكن إذا ما اعتبرنا العامل العرقي الذي يشتمل أيضاً على عناصر ذاتية ( مثل الطريقة التي ينظر بها مجموعة من الناس إلى أنفسهم ، والطريقة التي يسمون بها أنفسهم ، فإن منطقة النوبيين ستكون أصغر من ذلك بكثير. وبدون أن نأخذ في الاعتبار أولئك النوبيين الذين يعيشون في مصر (الكنوز والفاديجة) فإن منطقة النوبيين السودانيين الذي نتحدث عن ثقافتهم الموسيقية في هذه الدراسة ، تمتد من وادي حلفا الحالية (أو المتبقي من حلفا ) إلى جزيرة تنقاسي ( أو إلى منطقة الدّبة عند خط العرض 15.07 شمال ) .، مشتملة النوبيين الموجودين في حلفا الجديدة بشرق السودان الذين تمّ تهجيرهم وتنسجم هذه المنطقة مع الحقائق اللغوية المائلة . وثانياً فإننا نقصد بالنوبيين فقط تلك المجموعات البشرية في شمال السودان التي لا تزال تتحدث اللغة النوبية في الوقت الحاضر ، وتعود النماذج الموسيقية التي اخترناها إلى هذه المنطقة المحددة، ووقفاً للسكان فإنه تم تقسيم بلاد النوبة التي تم تعريفها كما أسلفنا إلى المناطق الثقافية المختلفة التالية :-
    1 منطقة وادي حلفا
    كانت في الأصل تمتد من الحدود المصرية إلى الجنوب من مدينة وادي حلفا السابقة ، التي لا يظهر منها الآن سوى بعض الآثار القليلة ، بسبب الفيضان الذي أعقب بناء السد العالي وقد أعيد توطين معظم السكان في عام 1964م والأعوام التالية في منطقة بالقرب من ( خشم القربة) وتعرف اليوم باسم حلفا الجديدة (الخريطة رقم 1) على مسافة 400 كيلو من الخرطوم .. وقد غاصت وادي حلفا المدينة التي كانت مزدهرة في الماضي ، تحت الماء التي فاضت بفعل السد . وكل ما تبقى منها الآن عبارة عن محطة للسكك الحديدية (نمرة واحد سابقاً) وقليل من البيوت وتمثل محطة توقف للمسافرين القادمين من مصر على البواخر . والراغبين في ركوب القطار إلى الخرطوم في مسار باتّجاه الشرق يتفادى إقليم النوبيين ويمضي مباشرة عبر الصحراء .. وعلى من يرغب في الوصول إلى وادي النيل من وادي حلفا فإنّ عليه أن يسافر عبر صحراء يتشكّل من الرمال والصخور في مخاطرة لا يمكن الإقدام عليها إلاّ على عربات قوية عابرة للبلاد . وهذه المنطقة التي تعرف باسم (بطن الحجر) وهو أسم أطلقه أوائل العرب الذين عبروا المنطقة ) , تتبع ثقافيا للمنطقة التالية لمنطقة وادي حلفا .
    (2) منطقة السكوت :
    إلى الجنوب من ارض الحجر وابتداءً من عكاشة وتنتهي منطقة السكوت في واوا التي تمتد على خط مع بقايا المعبد المصري القديم في صلب .
    (3) منطقة المحس :
    تمتد هذه المنطقة , التي تمثل دلقو مركزها الرئيسي من واو إلى مدينة كرمة( أبو فاطمة) التي تقع على نفس الخط مع بدين.
    (4) منطقة دنقلا
    ابتداء من كرمة وحتى جزيرة تنقاسي أو الدّبة ، لا توجد حدود جنوبية واضحة مع السكان الذين يتحدثون اللغة العربية وذلك بسبب الاستعراب الواسع الانتشار في هذه المنطقة .
    نشأت مدينة دنقلا( العرضي) التي تمثل مركز هذه المنطقة في عهد قريب نسبياً ، في القرن التاسع عشر عن طريق التجار العرب ولا ينبغي أ ن نخلط بينها وبين دنقلا العجوز التي توجد اليوم في مكانها قرية الغدّار ويسمى سكان منطقة دنقلا أنفسهم بالدناقلة ، مفردها دنقلاوي . من الناحية اللغوية ، فإن المناطق من 1-3 أعلاه وادي حلفا , السكوت , المحس ) متماثلة , بينما ترتبط اللغة الدنقلاوية للمنطقة رقم 4 إلى اللهجة النوبية للكنوز النوبيين المصريين الذين يعيشون اليوم إلى الشمال من مدينة أسوان . وتعرف المجموعة اللغوية لمنطقة حلفا/ السكوت / المحس أيضاً باسم " نوبين" (بيل1970/1971) أما لهجة الفدجّة في مصر التي تجاور مجموعة حلفا إلى الشمال , فإنها متماثلة أو على الأقل مرتبطة ارتباطا وثيقا بلغة النوبيين( Nobain) أما من ناحية الموسيقى , فان هنالك اختلافات بين منطقة وادي حلفا والناطق الأخرى و تمثل منطقتا السكوت والمحس أقوى وحدة من الناحية الثقافية , ويمكن اعتبارها قلب بلاد النوبيـين لكونها الأقل استعراباً .
    وبلاد النوبيين ــ التي تمثل المنطقة الثقافية الانتقالية بين الشمال الإفريـقي و " إفريقيا السوداء " أو بلاد السودان أي موطن السود حسبما كان يطلق عرب القرون الوسطى على الأقاليم التي تقع جنوب الصحراء الكبرى ــ تقع في أقصى شمال أفريقيا " السوداء" ومنذ العصور القديمة حينما كان النوبيون جيراناً لصيقين للحضارة المصرية القديمة , كانوا يعتبرون بمثابة رباط مهم بين كلا الإفريقيتين من حيث التاريخ الحضاري ومن الجغرافيا. وكانت الثقافة النوبية الكائنة على النيل بمثابة رواق تنتقل من خلاله التأثيرات من الشرق القديم إلي مناطق أفريقيا الداخلية , وعكسياً تنتقل عبره المعلومات عن القارة المجهولة إلي الحضارات الشرقية التي كانت تسود وقتها . ومن المرجح أن تكون بعض الآلات الموسيقية مثل القيثار و الطنبور قد وصلت إلي الإفريقيين عبر هذا الخط حيث تستخدم اليوم . وحيث أن بلاد النوبيين قد تعرضت لتدمير شديد مؤخراً خلال فترة المهدية ( 1881 ـ 189 فإنها لا تزال أرضاً قاحلة . ولهذا السبب فإن مميزات مجتمع النوبيين أن يهاجر العديدون من رجاله للعمل خارج بلادهم وبذلك يعيشون لمدى سنين وربما لعقود بعيدين عن أسرهم . فمن عدد السكان التقديري للنوبيين البالغ 200.000 نسمة يعيش قسم كبير منهم خارج موطنهم الأصلي ــ وبصفة أساسية في الخرطوم وغيرها من المدن السودانية الرئيسية الأخرى . وقد نال النوبيون قدراً من المستوى التعليمي يصل الي فوق المتوسط الأمر الذي يفسر مشاركة العديدين منهم في تأسيس دولة السودان الحديثة وإحتفاظهم بمواقع مؤثرة في الوقت الحاضر . وفي مجتمع يقر فصلا ً صارماً بين عالمي الرجال و النساء , فإن النساء هن اللائي يقمن فعلياً بحفظ التراث النوبي , وتلقين اللغة , والحكايات , و العادات للأطفال , بينما يعمل الرجال خارج المنطقة في عالم يسوده العرب وينشأ الأطفال النوبيين اليوم بلغة مزدوجة: العربية هي اللغة الرسمية ولغة الحديث في المدارس بينما تهيمن اللغة النوبية على الحياة اليومية. ويتعلم جميع الأطفال التحدث , و القراءة , و الكتابة باللغة العربية .
    يعد مناخ بلاد النوبيين من أكثر مناخات الدنيا تطرفاً حيث تتفاوت درجات الحرارة بين الليل والنهار تفاوتاً بالغاً . وتعتبر منطقة دنقلا الجنوبية حيث يبلغ متوسط درجة الحرارة 29 ْم واحدة من أعلى مناطق السودان حرارة . وقد تم تسجيل أعلى وأدنى درجة للحرارة تم قياسها على الإطلاق في منطقة وادي حلفا . ويبلغ متوسط درجة الحرارة هنا في السودان في نهار الصيف من ( مايو الي سبتمبر) حوالي 32 ْ م بينما تتراوح أقصى درجة للحرارة بين ( 38 ْــ 49 ْ ) م وأثناء الليل يمكن لدرجة الحرارة أن تهبط الي 20 ْم , وقد تصل حتى 12 ْ م . ويكون الطقس في أشهر الشتاء ( من نوفمبر الي ديسمبر ) معتدلاً , حيث يكون متوسط درجة الحرارة حوالي25 ْم , ولكن تهبط درجة الحرارة أثناء الليل الي مستوى يكاد يصل الي نقطة التجمد و قد يصل الي أقل من ذلك في الحالات القصوى. وعلاوة على ذلك فإن هنالك درجة رطوبة منخفضة جداً ـ قلما يتم قياس درجة رطوبة نسبية تزيد عن 20% في الشتاء وعن 15% في الصيف وفي المنطقة بين دنقلا و اسوان تكاد لا تكون أمطار على الإطلاق وقد تسقط في الشتاء أمطار محلية خفيفة مرة واحدة أو مرتين , ولا تستمر سوى لبضع دقائق , ولكن قد لا تسقط أمطار بعد ذلك لمدى عقود مما يجعل الناس يتذكرون مثل هذه الحوادث النادرة كظاهرة غير عادية ، وفي الحقيقة فإن أي مطر يسقط على النوبيين يمكن أ ن يكون كارثة لأن بيوتهم المبنية من الطين المجلوب من النيل سرعان ما تلين عندما تتعرض للبلل وإلى جانب الحر والجفاف يمكن أيضاً هبوب رياح شمالية مزعجة بصفة منتظمة ، تكون شديدة أحياناً ، مجملة برمال الصحراء الدقيقة التي تأخذ طريقها عبر اصغر الشقوق والصدوع، ولكن هذه الرياح تعمل أيضاً على تحريك وإسراع وسائل نقل الناس المتمثلة في المراكب الشراعية التي تسير على نهر النيل.
    ويعمل الغالبية العظمى من سكان وادي النيل النوبيين في فلاحة الأرض حيث يزرعون شريط الأرض الخصب الممتد على جانبي النيل . والمحاصيل الرئيسية هي القمح ، الذرة الشامية والدّخن والذرة والفول والعدس. ولكن أشجار النخيل هي الثروة المفضلة ، يعتقد النوبيون أنها هدية من السماء هبطت على أرضهم القاحلة لتكون المحصول النقدي الوحيد ويملك كل نوبي على الأقل حصّة واحدة من إحدى أشجار النخيل وهي تمثل العمود الفقري لاقتصاد الأسرة ورخائها ويعد موسم حصاد النخيل فسحة مهمة في الدورة السنوية حيث يكون بإمكانية الأسر أن تقيم إحتفالات كبيرة مثل حفلات الزواج فقط بعائد الأرباح المتوقعة.
    ولإكمال صورة النوبيين الذين يعيشون في الريف ، فإ نه يتوجب علينا أن نذكر جانب تربية الحيوانات الأليفة فالضان والأغنام والدجاج والحمام يتم تربينها من أجل لحومها ، أما الأبقار فإنها تتخذ أساساً في تشغيل الساقية وأهم وسيلة للمواصلات في القرى هي الحمير سواء للركوب أو لحمل الاثقال. أما تربية الخيول التي كان يشتهر بها النوبيون في وقت ما فإنها عملياً لم يعد لها وجود ..
    كل متر مربع من الشريط الأرضي الخصب ، الذي يمتد على طول ضفاف النيل يتم فلاحته ، ولهذا السبب فقط ولكن أيضاً للاحتراز من الفيضانات العالية فإن القرى نقام على الارض الصحراوية المجاورة لشريط النيل حيث لا يوجد أي نوع من الري طبيعياً أو صناعياً ، وهنا يجد المرء البيوت النوبية محاطة بأسوارها التقليدية العالية التي تحمي الأسرة من الرمال ومن النظرات المتطفلة . وعادة ما يتم تزيين الجدران الخارجية برسوم زاهية ، كما أن المداخل الرئيسية تزين على نحوٍ خاص . ويتوجب على كل إمرأة حديثة الزواج أن تقوم بعمل الزخارف على البوابة الرئيسية عند انتقالها إلى منزلها ، ويحق للنوبي العائد من رحلة الحج من مكّة أن يضع على مدخل بيته إشارات مكتوبة أو مرسومة تسجل هذا الحدث .
    إ نه بمجرد إلقاء نظرة على تصميم البيوت النوبية يتضح للمرء جلياً ذلك السلوك المقرر اجتماعياً والذي يقضي بأن الزائر الداخل من البوابة الرئيسية يسمح له في العادة بالدخول فقط إلى قسم الرجال حيث يتم استضافته، في غرفة الضيوف ، من قبل رب البيت ، ولا يكون بمقدوره رؤية قسم النساء ، حيث أن معظم الأفنية مقسومة بجدار إضافي به فتحة صغيرة فقط . وتضم هذه المنطقة المطبخ واجران التخزين وغرف جلوس النساء والاطفال ، وهناك باب جانبي يقود من قطاع النساء إلى خارج البيت ، وعادة ما يتم تكسية الفناء الداخلي وأرضيات الغرف بعناية بطبقة من الصلصال الجاف الصلب أو الطين المجلوب من النيل مما يساعد في أن يظل البيت بكامله من الداخل في غاية النظافة..( آرثر سايمون 1973م )
    الموسيقى الشعبية النوبية
    الموسيقى هي الشكل الحضاري الذي بلغه الصوت، والشعر هو الشكل الحضاري الذي بلغته الكلمة بينما يمثل فن الباليه الشكل الحضاري الذي بلغته الحركة.وأطلقت مفردة (الغناء) اصطلاحاً على تمازج ممارستين ابداعيتين هما الموسيقى والنص الشعري، وجاءت ممارسة الرقص كإحدى وسائل التعبير عن مضمون النص وإيحاءات الموسيقى المصاحبة على نسق الإيقاع Rythem الذي ينظم عملية الغناء والرقص
    الغناء (الموسيقى والنص) وما يصاحبها من طقوس الرقص، قديم قدم الإنسان كإحدى أهم الوسائل التعبيرية، ويتفق المؤرخون حول نشأةها بأنها جاءت لتعبر عن طموحات الإنسان في الحياة ووسيلة ناجعة لطرد قوى الشر التي كانت تحيط به، مثل الأعاصير والصواعق والشهب والوحوش في الطبيعية، ومن ثم أصبحت الوظيفة الاجتماعية للغناء تتشكل وفق المعطيات المتجددة لحياة الإنسان وبروز المجتمع العشائري، وقد واكبت تلك المرحلة النجاحات الكبيرة التي أحرزها الإنسان في قهر قوى الطبيعة وتطويع سطوتها لصالحه.
    ارتبط الغناء منذ أقدم العصور بالشعائر الدينية والطقوس المصاحبة، وهناك بالضرورة أنماط غنائية معينة لكل مجتمع، بهذا القدر أو ذاك من التمايز والاختلاف، وقد ساعد هذا في انتقال الأنماط الغنائية والطقوس المصاحبة لها من مجتمع إلى آخر وفق عمليات التمازج الديني والاجتماعي والسياسي، التثاقف الطوعي والقسري على حد سواء. وباعتبار الغناء من القيم الثقافية بعيدة المدى فإن ارتباطها بالدين كقيمة روحية ثقافية بعيدة المدى يؤدّي دوماً إلى تعاظم دور الغناء كوسيلة ناجعة في خدمة أغراض الدين ، ولعل الدور الكبير الذي قام به البابا جريجوري في إيطاليا بابتداع السلم الخماسي وتوظيف الموسيقى الكنسية لخدمة الأغراض الدينية يماثل الأدوار الحديثة التي تقوم به الأنظمة والطوائف الدينية في مجال الاغاني الدينية.
    ** طقوس الغناء والموسيقى في حوض النيل تلتقي في الأصول والمنابت،على نسق كل تمازج أجناس الفلكلور لكل الشعوب التي عاشت فيه، تلك قاعدة، ويبقى الاستثناء في اختلاف درجة التلاقحات الثقافية لبعض شعوب الوادي مع مجتمعات أخرى بعيدة. ولا ينبغي أن نغفل دور البيئة في الحفاظ على شخصية الممارسة الغنائية وما يصاحبها من طقوس بوجه الممارسات الوافدة ، حيث الموسيقى بأدواتها ولغة النص تأخذان ملامحهما من البيئة ومكوناتها.
    في غياب التدوين الموسيقي في حوض النيل عبر آلاف السنين ، يرى بعض المؤرخين أن شكل الممارسات الغنائية التي كان يمارسها الأجداد مقارنة بالممارسات الحالية بينها قواسم مشتركة حفظتها البيئة ، وإنّ الاختلافات الطفيفة ، إن وجدت، فهي لا تتعدّى أثر المتغيرات الطارئة والناتجة عن الهجرات التاريخية المرصودة، ويصعب استيعاب الرأي القائل بأن حضارات وادي النيل كانت عبارة عن جزر معزولة عن بعضها.
    **الإقليم النوبي كمعبر لكل الموجات الثقافية الوافدة من الشمال ( مصر - الشام - تركيا - أوربا - فرنسا ..الخ ، كانت عرضة للكثير من الممارسات الغنائية الوافدة من ثقافات متباينة، ولا يمكن النظر إلى الممارسات والطقوس الغنائية التي تمارس الآن بمعزل عن هذه المؤثرات القوية عبر القورن الماضية . ولمّا كانت الممارسات الغنائية ( الشرقية) الوافدة تنزع إلى تكريس النص وقولبة الغناء على أساس البحر الشعري ( المصدر ) فإنّ أدبيات الغناء السوداني تحت ظل هيمنة الثقافة العربية (الشرقية ) قد ذهبت في ذات المنحى وأهملت الجانب الموسيقي وعالمه الثر. وبرزت المصطلحات التي تصنّف الغناء على أساس الآلة الموسيقية المصاحبة (غناء الطنبور ، غناء الرق ، غناء الطار)،وتسعى لوضع غناء المدينة (أم درمان) في برج عاجي وصنّفت أغاني الأقاليم الأخرى بأنها (أغاني الربوع) أو (أغاني شعبية).. في تكريس واضح للغناء ذات النص العربي واللونية الخاصة بالمدينة Urban Music ..

    وإلى ان نلتقى فى حلقات قادمة وشكرا
                  

العنوان الكاتب Date
الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ترهاقا09-15-03, 09:54 AM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت maia09-15-03, 10:17 AM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ابو جهينة09-15-03, 03:57 PM
      Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ترهاقا09-16-03, 10:39 AM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ترهاقا09-16-03, 10:34 AM
      Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت manubia09-16-03, 10:49 AM
        Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ترهاقا09-17-03, 09:07 AM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت Elmosley09-16-03, 01:56 PM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ترهاقا09-17-03, 09:12 AM
      Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت Elmosley09-17-03, 02:14 PM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ولياب09-17-03, 09:42 AM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت حمزاوي09-17-03, 02:04 PM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ترهاقا09-17-03, 04:43 PM
      Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت Elmosley09-18-03, 04:10 PM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت maia09-17-03, 08:52 PM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت الفاتح يسن09-17-03, 08:56 PM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت 3omda409-17-03, 09:11 PM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت hanouf5609-18-03, 11:56 AM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت maia09-18-03, 06:58 PM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبية(الجزء الثانى) ترهاقا09-20-03, 07:39 AM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت maia10-06-03, 12:33 PM
    Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت ابو جهينة10-06-03, 12:41 PM
  Re: الفــنان مــكى على إدريس والموسيقى الشعبية النوبيةبمنطقة السكوت maia10-13-03, 10:18 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de