نواصل
كذلك من الملاحظ في المذهب الوهابي أن المخرجات من الدين كثيرة، وأن جميع أفعال البشر هي شرك أو كفر او من كبائر الذنوب على الأقل حتى يثبت العكس، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة حين تقرأ كتابهم الرئيس الذي تستمد منه عقيدتهم وهو كتاب : التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، لمؤلفه الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
يتهمون في هذا الكتاب كل من يقوم بعمل من أجل الدنيا بالشرك، بمعنى أن الإنسان إذا قام من النوم فيجب أن يكون استيقاظه هذا للآخرة لا للدنيا، وإذا كتب رسالة إلى زوجته فيجب ان يكون هذا للآخرة لا للدنيا، وإذا أراد .... فيجب أن يكون هذا الشيء للآخرة لا للدنيا، بمعنى آخر يجب ان يكون الآنسان مغيباً بصورة تامة عن جميع أفعاله، وأن يربط كل ما يريد فعله بالآخرة لا بالدنيا، وهذا مالم يرد عن المصادر الرئيسية للدين الاسلامي (القرآن والأحاديث) وحتى الأدلة التي يسوقونها للتدليل على (شرك) و (كفر) من يفعل ذلك لا تزيد على كونها نواهي، أو أمور لا يوجد دليل على أنها تؤدي للشرك، وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد ..
Quote:
باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا
وقول الله تعالى : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون) الآيتين.
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع ).
فيه مسائل :
الأولى : إرادة الإنسان الدنيا بعمل الآخرة. الثانية : تفسير آية هود. الثالثة : تسمية الإنسان المسلم عبد الدينار والدرهم والخميصة. الرابعة : تفسير ذلك بأنه إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط. الخامسة : قوله ( تعس وانتكس). السادسة : قوله ( وإذا شيك فلا انتقش). السابعة : الثناء على المجاهد الموصوف بتلك الصفات . |
نلاحظ أن الآية تتحدث عن الشخص الذي يريد الدنيا ولا يريد الآخرة، ولم تتحدث عن الشخص الذي يريد الدنيا والآخرة، وهذا هو حال جميع البشر الأسوياء، وقد قال عمر : (إعمل لآخرتك كأنك تموت غداً وأعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا)ً، وهنا نلاحظ أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب استطاع أن يفهم أكثر من عمر بن الخطاب، وأن يستنبط من هذه الآية ما عجز عنه عمر وجميع من سبقه من رجال الدين الإسلامي، خاصة وأن أحداً لم يتوصل قبله لهذه النتيجة الخطيرة التي توصل إليها، وأن كل من يريد بعمله الدنيا هو : (مشرك).
وهذا يذكرنا بأشقاء لهم يقولون : هي لله هي لله، لا للسلطة ولا للجاه، ثم اتضح فيما بعد أنها هي ليست لله، هي للسلطة وهي للجاه، وسبحان الله العظيم الذي لا تنطلي عليه مثل هذه الألاعيب الصبيانية باسم الدين.
.