فصول من رواية تبحث عن ناشر : (ام ساجورة)لمحمد خير عبد الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-01-2024, 10:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2003م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-20-2003, 03:38 PM

فتحي البحيري
<aفتحي البحيري
تاريخ التسجيل: 02-14-2003
مجموع المشاركات: 19109

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فصول من رواية تبحث عن ناشر : (ام ساجورة)لمحمد خير عبد الله


    الفصل الأول

    1

    -أم ساجورة جات

    إنه الدقيل الذي تعود أهل الحنيماب على هتافه ، بصوته الذي يشبه كأكأة الدجاج ، كلما غزت قلبه حسناء.

    هاهو اليوم يهتف بأم ساجورة ، كان قادماً نحوهم يقود حماره والخرج على ظهره مليئاً بالماء يحميه بيده اليمنى من شوك أشجار الكتر واللعوت الشاحبة التي نمت في القردود أمام قرية الحنيماب التي تقع في منخفض بين قوزين من الرمال وتحيط بها أربعة قرى من الجهات الأربع يفصلها عن كل واحدة منهن ثلاثة قيزان ، أو هذا ما علموه من أهل تلك القرى الذين يزورونهم في الأعياد والمناسبات الاجتماعية ، أو عندما يأتي أحدهم لشراء حاجياته من سكر وشاي من الدكان الوحيد بالمنطقة .

    2

    أول من لمح الدقيل حاج عبد القادر الرجل البدين المزواج الذي يعرف أسرارالقرية ، كان حينها يرتدي عراقيا من الدبلان ، على صدره انطبعت بقعة زيت داكنة لتعلق الغبار بها ، وهو صاحب الدكان الذي يقع أمام القرية مسافة تتيح له عندما يفتح الشباك الخلفي أن يمسح بيوت القرية بعينيه .يساعده على ذلك وقوع الدكان بناء الجالوص الوحيد في القرية على ربوة عالية . كان دكان حاج عبدالقادر وبيوت قرية الحنيماب تماما كالأمام والمصلين خلفه . كما يشكل النقطة التي لا بد أن يمر بها كل داخل للقرية أو خارج منها وهو ملتقى الرجال والأطفال في الأمسيات والليالي المقمرة.

    ثم شيخ مصطفى الصموت، عليه عراقي من الساكوبيس وهذا يعني أن الوقت كان أصيلاً ، فقد عودهم على ارتداء العباءة البنية من الصباح حتى صلاة الظهر . لا يغير عادته هذه رغم تشبيههم له بالغراب ، وعلى رأسه الغلق طاقية حمراء اللون - صارت باهتة لطول عشرتها لرأسه الأصلع - والشارب الخفيف الأبيض - زاد من بياضه سواد بشرته - وهو عالم القرية وإمامها في الصلاة التي لم يألفوها قبله ، بخطبته الوحيدة التي يصليهم ويصلبهم بها لطولها وتقادم الزمن على ورقها الباهت فحفظوها مع أنهم - مثله- لا يفقهون كثيرا من مفرداتها . ثم الدليندوك العوير أبو شوك كما يناديه حاج عبد القادر برجليه الرقيقتين ورأسه الضخم ضخامة لفتت أنظار الأطفال فكانوا حين يرونه قادما يصيحون به :
    - راسو كبير كرعينو رقاق ... شن سموا ؟؟
    فيرد أكبرهم سناً
    - سموا العولاق
    وامحمد ضباح فحلن الذي حل بالقرية واستوطن بها وتقبله أهلها وألفوه كأي ظاهرة طبيعية تمر بهم ، مثل المطر والبرد والحر والصواعق وموت الماشية .

    3

    قطع صمتهم حاج عبد القادر مقهقها :
    - العوير دا مالو بكورك؟
    تخيلوا أن بصوته رنة حزن ، لم يكن يريد إجابة ، فقد سمع مثلهم صوت الدقيل .
    هب الدليندوك بحباله الصوتية المرتخية صائحاً كحمار:
    - يابوي الحاج ،- قال داير ام ساجورة
    ثم انطلق يقهقه ويتمخط فاشتركوا معه في قهقهة جماعية قطعها انشغال حاج عبد القادر بصبي حافي القدمين يقف على عتبة الدكان ويديه على (البنك)
    - يا شافع داير شنو؟
    انتهره كعادته مع الأطفال الذين يأتون في مثل هذه اللحظات. أجابه الصبي متلجلجا
    -أبوي قال ليك الليلة الأربعاء أديو بصلة
    تبسم الحاج وانشرح صدره فهاهي تعاليمه تسري بينهم وأعجبه اتباعهم لها فقد كان عندما يغيب شيخ مصطفى لسبب من الأسباب ويجد نفسه وحده مع هؤلاء البجم (وهذه صفة أطلقها عليهم شيخ مصطفى وكان حاج عبد القادر يعلن امتعاضه في وجودهم ويرددها في غيابهم) يبث ما يظنه حديث أو آية فيهم وأغلبها عن البضائع التي في دكانه ، فله أحاديث عن البصل والشاي والبن والزيت .

    4

    دخل الدكان ناول الصبي بصلة ،هنا تدخل الشيخ مصطفى الذي كان على العنقريب
    - الناس البجم ديل ،- منو القاليهم أكل البصل من السنة؟؟؟
    وصفق بيديه متحوقلاً ناظراً لحاج عبد القادر الذي لم يرد أن يقول أنه هو الذي قال بأن أكل البصل كل أربعاء وعقاب شهر من السنة تفادياً لنقاش عقيم سيدور بينهما لاعتقاده أن شيخ مصطفى زول فاضي شغل وهذا ما كان يقوله عندما ينهزم منه ، بالإضافة لوجود حواريي الشيخ حوله ، أمحمد ضباح فحلن والدليندوك والدقيل الذي أتى قبل قليل مع أنه أقرب رحماً للحاج وشقيق إحدى زوجاته ، لكنه يمقته لبلاهة ولد بها ، بالرغم من قيامه بأعباء ثقيلة وشاقة فقد كان يأتي بالماء للقرية من الآبار التي تبعد مئات الأميال يخرج صباحاً ويعود مساء مع ثغاء البهم فيبدأ ببيت الحاج ثم بيت شيخ مصطفى وبقية البيوت.

    5

    وبعدها يتفرغ لخدمة الشيخ بإخلاص كلب ريفي لا يثور أو يتهاون رغم انتفاضاته القصيرة ذات الشعار الوحيد (شيخي يشخشخ بوله) يقولها بعد أن يتلفت يمينا ويسارا فيرتجف قلب الحوار الآخر الدليندوك
    - هازول ،- أرعى بي قيدك ،- شيخ مصطفى عالم
    ينفعل الدقيل ويرد بحماس
    - أنا برضو عالم
    يضحك ضباح فحلن وتبرق عيناه بذكاء نادراً ما يرى فيه
    - إذا إنت عالم تعال نسألك
    يجد الدقيل نفسه في موقف حرج
    -أها أسأل
    يتحرك ضباح فحلن من مكانه ويتقدم صائحاً
    - فسوة في هدوء تبطل الوضوء؟؟
    وهذا هو السؤال الوحيد الذي علق بذاكرته من الأسئلة المتبادلة بين حاج عبد القادر وشيخ مصطفى وهما يلعبان (سيجة ) أو(ضالة ) . يفتح الدقيل فمه ليرد فتخونه الذاكرة فيغلقه وينفجر الجميع في ضحك فيهب محمد ضباح فحلن ويتمطى ويفتح فمه وينهق
    - ود ام كلولو ودام كلولو ود ام كلولو

    6

    يعود حاج عبد القادر بعد أن ينصرف الصبي ويوجه سؤاله للدليندوك
    - قت شنو يالمبروك؟؟
    يرى الدليندوك التمر على يد الحاج فيقف ويفتح جيب العراقي ليحضن التمر والحاج يأمره
    - أمشي لأمك آمنة جيب لينا العشا

    7

    في هذه اللحظة يأتي بعض الأطفال الذين أرسلهم أهليهم كل واحد يحمل صحن العشا فيضعه ويسلم بصوت خافت يسأله شيخ مصطفى عن أبيه وأحيانا عن السور التي حفظها يجيب الطفل بسرعة ليلحق بأنداده الذين ركضوا للقردود تلبية للنداءات التي أطلقها من سبقهم فيوقن الشيوخ أن الزمن قد سرقهم بسماعهم لصوت طفل شقي يعيدهم لطفولتهم

    8

    - حفرنا حفرة للأباط ، الما بجينا ود الشايب العفاط


    و يجاوبه طفل آخر
    - جدعنا بنبر غشا بيت أمو ،- الما بجينا خادم أمو

    ويثلث ثالث
    - قبضنا طيرة ،- الما بجينا ود الخادم العويرة

    9

    فيهرول الأولاد نحوهم ، فمنذا يرضى أن يكون أبوه شائباً عفاضاً أو أن تكون أمه خادماً عويرة ؟؟ ويبدأون اللعب: حارة ، الرمة وحراسا ، ويتحلق بعضهم حول ضباح فحلن ليحكي بطولاته ومغامراته في سرقة الخراف فيسرق أفئدتهم بما يرويه وهو في هذا شهرزاد قرية الحنيماب حين يروي كيف يغافل الرعاة ويخطف عتودا ويضعه تحت إبطه تاركهم فارغي الأفواه وسرعته قد سمرتهم في مكانهم ثم يحكي ويحكي حتى تتجسد له حيرتهم فيمد رجليه ليخبرهم أنه ولد بلا ركبتين فيصدقونه ،فقد سمعوا من كبار القرية أنهم عندما يخرجون لصيد الأرانب والصبر يجري كل واحد خلف كلبه إلا ضباح فحلن (أبا ذرهم) يخرج وحده ويعود في المساء يحمل عدداً منها.

    10

    يصفع أحد الأطفال ضباح فحلن بهذا السؤال:
    - ما بتخاف من نكير؟؟؟
    يرد بسرعة كمن تعود على هذا السؤال واضعاً يده على صدره
    - أنا أخاف من نكير ؟؟؟؟!إنشاء الله يتفني لعويلتو ملاح.

    11

    هذا الرد يوقف اللعاب في الحلوق وتجف أفواههم وتزداد ضربات قلوبهم من هذه الجرأة ، فيفرون منه للحاق بأقرانهم ليواصلوا اللعب مطمبرين وراكضين حول فتيات يغنين و
    يصفقن فيهرب قلب كل واحد لفتاة ويتعلق قلب الدقيل بأحداهن لتصير شمس الحنيماب وقمرها ، ولا ينفض سا مرهم إلا حين يقف ضباح فحلن بطوله الفارع صائحاً
    - ود ام كلو لو ود ام كلو لو
    يرددها مثنى وثلاث ورباع ويلحقها بـــ
    - أنا أمحمد ضباح فحلن ضباح الجمل من ركبتو


    12

    وعند مرورهم على الدكان يجدون حاج عبد القادر يطعم ناقته (جقلة) فيبتسم وهو يعلم مايجول بآذانهم ، ويحس برغبة بعضهم في لمس ركبتها ، فيمد يده ويربت عليها بحنان بعد أن يجذب الرسن إليه
    - جقلة ام راي ،- رايا وراي سيدا في ايدا
    يقولها بصوت رخيم كأنما يخاطب أنثى من البشر ، بل كأنما يخاطب ام ساجورة تحديداً

    13

    ثم يذهبون إلى حاجة آمنة لتحكي لهم عن ود النمير وفاطمة قصب أحمد وتاريخ قرية الحنيماب والأولياء الذين أنجبتهم والأولياء الذين زاروها حتى يدرك بعضهم النعاس فتأتي أخته أو أمه وتحمله على كتفها وتعود به والحاجة تحكي ، وتحكي ، إلى أن ينتصف الليل أو يعوعي الديك إذا كانت الليلة مقمرة
                  

العنوان الكاتب Date
فصول من رواية تبحث عن ناشر : (ام ساجورة)لمحمد خير عبد الله فتحي البحيري08-20-03, 03:38 PM
  Re: فصول من رواية تبحث عن ناشر : (ام ساجورة)لمحمد خير عبد الله فتحي البحيري08-20-03, 04:55 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de