|
Re: مانديلا "العنيد" .. يزور السودان للمرة الرابعة .. 2-3 (Re: Tanash)
|
ثم بدأ"مانديلا" بعد ذلك الجزء المثير وغير المعتاد فى رحلته التاريخية, وهو التدريب العسكري. حيث سيتلقى هذا التدريب لمدة ستة أشهر فى "أديس أبابا". و عند وصوله هناك استقبله وزير الخارجية الأثيوبي "يفو", الذي حياه بحرارة ثم رافقه الى ضاحية تدعى "كولف", وهى بمثابة القيادة الحربية الأثيوبية. و التقى هناك مدربه العسكري المخضرم الضابط "وندونى بفيكادو" الذي خاض حرب من "تحت الأرض" ضد المستعمر الطليانى. يقول "مانديلا" العنيد : ( ... كان برنامجنا التدريبي يتطلب جهدا عاليا و مضنيا, نتدرب أولا من الساعة الثامنة صباحا حتى الواحدة ظهرا, نتوقف بعدها للاستحمام وتناول الغداء, ثم نبدأ من الساعة الثانية ظهرا و حتى الرابعة مساء, و مرة ثالثة من الساعة الرابعة مساء وحتى الليل. بعد ذلك أتلقى محاضرات فى العلوم العسكرية بواسطة الكولونيل "تادسى", .... تعلمت فى هذا التدريب كيف أستعمل البندقية والمسدس الأوتوماتيكي, وحصلت على تمارين فى الرماية بمفردي و مع وحدات أثيوبية, ثم تلقيت دروس فى التفجيرات و كيفية صنع القنابل والألغام و طرق تجنبهما. و أثناء كل ذلك شعرت بأنني بدأت أتشكل وأتحول الى جندي, و بدأت أفكر كما يفكر الجندي, وهو نوع من التفكير أبعد ما يكون عن تفكير السياسي ... و أكثر ما كنت أستمتع به فى هذه التمارين كانت المارشات الطويلة , التي يتم فيها تمويلك فقط ببندقية و ذخيرة و قليل من الماء, و يتعين عليك أن تصل الى نقطة بعيدة فى مدة معينة. خلال هذه المارشات كان يأتيني إحساس قوى بما حولي من مناظر طبيعية, و التي كانت فى غاية الجمال بما تحتويه من مرتفعات و غابات كثيفة ... ). ( ... خلال دروسي العسكرية, كان الكولونيل "تادسى" يناقش معي أمور مثل: كيف تكون قوات حرب عصابات؟ كيف تدير هذه القوات؟ وكيف تتحكم فى انضباطها؟ و ذات مساء خلال العشاء, قال لي: "الآن يا "مانديلا", أنت ستقوم بتكوين جيش تحرير وليس جيش نظامي, إن جيش التحرير هو جيش مساواة يفضل نظام الحقوق المتساوية, يجب أن تعامل رجالك بصورة تختلف تماما عن الصورة التي كنت ستعاملهم بها فى الجيش النظامي. أثناء العمل يجب أن تمارس سلطتك بحزم و انضباط كما هو الحال فى الجيش النظامي, و لكن فى غير أوقات العمل يجب أن تجعل سلوكك مبنى على المساواة التامة حتى مع أدنى جندي لديك. يجب أن تأكل ما يأكلون لا أن تأخذ طعامك الى مكتبك, بل يجب أن تكون دائما معهم و لا تعزل نفسك أبدا عنهم ...). ( .. كان من المقرر أن يستمر كورس التدريب لمدة ستة أشهر, و لكن بعد ثمانية أسابيع وصلني تلغراف من "المؤتمر الوطني الأفريقي" يطلب منى العودة الى جنوب أفريقيا على وجه السرعة, إذ أن الكفاح المسلح فى الداخل كان يتطور و يتقدم بنجاح, ويريدون قائد "رمح الشعب" أن يكون متواجدا وسط هذه التطورات, .... على أثر ذلك قام الكولونيل "تادسى", على وجه السرعة, بترتيب سفري على رحلة الخطوط الأثيوبية الى "الخرطوم", ... وقبل أن أغادر أهداني مسدس أوتوماتيكي وشريط يحمل مائتي رصاصة. وقد كنت فى غاية الامتنان لحصولي على هديتين, السلاح وتعليماته القيمة. وبرغم مارشات التحمل الكثيرة التي اجتزتها, كنت أجد فى حمل تلك الذخيرة عناء كبير. إن وزن رصاصة واحدة كان ثقيلا بصورة مدهشة فما بالك بشريط به مائتي رصاصة, لقد كانت ثقيلة بمستوى يجعلك تشعر كمن يحمل طفلا على ظهره ..).
|
|
|
|
|
|