الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
من أساء للإسلام؟!
|
من أساء للإسلام؟! (1 –2) الحاج وراق قبل أيام وفي صحيفة (الحياة) كتب الاستاذ / اسحق أحمد فضل الله بأن الشيوعيين ظلوا ولخمسين عاماً يسيئون للإسلام بحجج محفوظة ورتيبة ، وأن (مأثرة) الحاج وراق أنه قطع الرتابة والملل لأنه يسيء للإسلام بصور جديدة !.
ولست معنياً الآن بمناقشة موقف الشيوعيين من الاسلام، وإنما بإيضاح موقفي مقارنة بموقف اسحق احمد فضل الله ورهطه.
ينطلق الحاج وراق من القناعة بأن أساس الاسلام شهادة (لا إله إلا الله...) ، وهي تعني اضافة الى معناها العقيدي المعروف والمعتاد، شهادة بالكرامة والحرية للإنسان، فالذي لا يستشعر العبودية إلا لله إنما يستشعر ضمناً وحتماً الحرية تجاه ما عداه، بما يعني أن الطغاة ليسوا آلهة، والحكام ليسوا آلهة، والمال ليس إلهاً ، والأهواء ليست آلهة ! وما يدفع الإنسان إلى المذلة والاستخذاء سوى موقف العبودية نحو واحد أو اكثر من الأقانيم الثلاثة (السلطان، المال، الاهواء)!.
وإن فقهاء السلطان، واياً ما كانت الألفاظ التي يحوقلون بها ، إنما تنص شهادتهم العملية على (لا إله إلا السلطة) و (المال أكبر) !.
فهل يسيء للإسلام إرتباطه بالكرامة والحرية أم يسيء له جعله تبريراً للطغيان وحظيرة لحراسة المغانم ودخان تمويه في معارك الأهواء ؟!.
ويعتقد الحاج وراق بأن جوهر الإسلام الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) . فهل في هذا الفهم إساءة للإسلام أم في التنظير والممارسة التي صورت الإسلام سوط عذاب وآلة فتك وإرهاب ؟!.
هؤلاء لم يروا في الإسلام الحرية أو العدالة أو الرحمة، فأختزلوه إلى سيف ونطع ، وإلى جلد وقطع وصلب وقطع من خلاف ! فإذا سرق الضعيف دينارات أقاموا الدنيا تهليلاً لقطع يد حركتها جوعة ولم تجد حرفة ولا صدقة ولا قسمة من صندوق ضمان إجتماعي ، أما إذا سرقوا هم إرادة أمة ومقدرات شعب فتلك ليست خطيئة وإنما حبكة مقدسة تنهض دليلاً على حسن التدبير وكفاءة (التدابير) !.
ويتحدثون عن الاقتصاد (الإسلامي) فأقاموا بلا عقل نظاماً بلا قلب، يدفع الغالبية إلى قارعة الاقصاء والتهميش، ويفرخ مظاهر الكفر كلها بمقدار ما يفرخ من فقر ومسغبة ، وهو مقدار كبير... أقاموا نظاماً يُنزل الأمهات من (ترابيز) الوضوع بحجة عدم تسديد الرسوم ! وهذه وحشية لم يجرؤ عليها سوى دعاة (المشروع الحضاري) رغم أنه لا يجرؤ عليها حتى الغزاة الأجانب تجاه الشعوب التي ترزح تحت الإحتلال ! فأي إساءة للإسلام أبشع من أن تعلق ديباجته على مثل هذا النظام ؟!.
ويعتقد الحاج وراق بأن الإسلام دين توحيد، ليس على المستوى العقائدي فحسب، وإنما كذلك على المستوى السياسي والإجتماعي، فهو الذي أنهض ووحد شعث الجزيرة العربية ، فانتقل به من ظلام الإقتتال القبلي والجاهلي إلى نور المدنية - مدنية الدولة الموحدة - حيث وحدة الأرض ووحدة النظام والقيادة ووحدة المرجعية المتجاوزة للأعراق والقبائل وللحمية الجاهلية !.
فهل الإساءة للإسلام في استعادة رسالته السياسية والإجتماعية أم في جعله بيرقاً للفتنة وفأساً لتقطيع أوصال الوطن؟!.
وإنني أعتقد بأن الإسلام بما هو رسالة روحية تعنى بالسير إلى الله ، فإنه رسالة للتجاوز اللانهائي، تجاوز المظالم إلى العدالة، وتجاوز الأشكال الدنيا للعدالة إلى الأشكال الأرقى، وهكذا على الدوام يحدو المسيرة نشدان الكمال المطلق، وبذلك فهي مسيرة لانهائية، وما المشركون سوى الذين يثبتون عند صنم عجل ما - صنم قائد أو نظام حكم أو مؤسسات إجتماعية - يقدسونه بوصفه غاية وسدرة المنتهى... وهم ثابتون عن الحركة لأنهم تقيدهم أغلال الخوف على مصالح أو مغانم لا يزكيها تطور التاريخ، ولذا ليس مصادفة أن الإسلام، في انطلاقته الإبتدائية وفي كل لحظات استعادة طبيعته الجوهرية، كان تعبيراً عن حركة مستضعفين.
فالمستضعفون خفاف من الأثقال التي تشد للثبات، وخفاف الروح لأنهم لايخافون أن يخسروا شيئاً، وبذلك فهم الأجدر أن يغذوا السير نحو الكمال، فهل إساءة للإسلام أن يرتبط بالمستضعفين، وبالتالي بحركة التغيير الاجتماعي الدائمة والمستمرة ، أم الإساءة للإسلام أن يتحول الى غمد للبرنامج الطفيلي: حراسة للمظالم ، وتجميلاً للقبح والدمامل، وتقديساً لما هو كائن؟!.
قطعا الإساءة في الصورة الأخيرة، وهي التعبير عن إسلام المصارف لا إسلام المساجد، ومآذن المساجد تشرئب الى السماء والى العلا، وأما (حسابات) المصارف فإنها تثقل (الجيب) الى أسفل ، وتثقل الروح في ذات الإتجاه. .. ولهذا السبب قيل لايدخل الطفيلي الى ملكوت السماء إلا كما يدخل الجمل في سَمِّ الخياط!. from sudanile
|
|
|
|
|
|
|
|
|