نعم الشريعة بالشكل الذي يطرحه بعضهم ويطبقه الناس في السعودية وايران والانقاذ والنميري لا تصلح لأي زمان ولا أي مكان، حتى في الغابة هناك مشروعية وتستتبعها مسؤوليات معينة وليست سوطا تمييزيا في يد اهل السلطة يضربون به من يشاءون حين يشاءون ويتركون من يريدون "اذا سرق فيهم الشريف تركوه، واذا لم يسرق الضعيف اقاموا عليه الحد" حتى اذا لم يسرق فما بالك اذا سرق، والا فقل لي ماهو ذنب مواطني الجنوب ودارفور مثلا
نعم الشريعة بالفهم الذي فصله فقهاء القرون الماضية لا تصلح لنا، لان المجتمع ديناميكي وكذا المعارف والشرائع
اللهم الا القيم فهي ثابتة وطرق تحقيقها على ارض الواقع تختلف ليس باختلاف الزمان وانما حتى باختلاف المواقع والمجتمعات
وقد اقر هذه المبادئ حتى فقهاء زمان انفسهم، ومن هنا جاء فقه الشافعي المصري مختلفا عن فقهه العراقي، ومن هنا جاء قول الامام المهدي هم رجال ونحن رجال، ومن هنا جاء الامر باستخدام العقل والتدبر في القراآن، ومن هنا جاء الاجتهاد والفقه نفسه، والا لاكتفينا بالنصوص، فما الفقه سوى استنباط الشرائع من النصوص وفقا لفهم الفقيه لمقاصد الشارع ومصلحة الامة؟؟ ومن هنا جاء التطور والتغيير، وجاءت الفتاوي والاحكام، والا فلماذا احتاج عمر ان يقرر في مسالة حد السرقة التي ورد بها نص، ومسالة تقسيم فئ العراق التي ورد بها نص؟ الخ الخ الخ
الشريعة التي تصلح لهذا الزمان، ولكل زمان، هي القيم الانسانية التي جاءت بها قبل الآخرين، قيم العدل والمساواة، وحرية الاختيار وتكريم الانسان وحقوقه، ومحاسبة الحكام، وسلطة الامة أي الناس العاديين نعم، قررت الشريعة الاسلامية حق الرعية في محاسبة الحكام، حين فهمها الصحابة حق الفهم، فقالوا للخليفة سنقومك بسيوفنا، حين كان الاباطرة والاكاسرة والملوك في بقية انحاء العالم يسجد لهم الاتباع وتباركهم الالهة ولا يعقب عليهم معقب، وقررت الشريعة الاخاء والمساواة والعدل، حين حاكم الرعية الخليفة لانه يملك ثوبين فمن اين له؟؟ وحين نام الخليفة تحت شجرة لانه لا قصر له ولا حجاب، وحين قتل ثلاثة من الخلفاء في الاماكن العامة لانهم لا حرس لهم ولاحاجب ولا امن ولا ميزانية خاصة للشخصيات الهامة وقاعة لكبار الزوار الخ الخ الخ
نعم، كان ذلك حتى في شريعة القرن السابع، حين ظل بقية العالم ينتظر حتى القرن الثامن عشر ليصحو على شعارات الثورة الفرنسية بالاخاء والعدل والمساواة، تلك التي ظلت مستنكرة حتى عهد قريب، ومتى نال السود في امريكا حقوقهم؟، ومتى اعتاد الناس محاسبة الحكام في اوروبا واليابان وامريكا بجنوبها وشمالها؟ه
فلماذا رجعنا اذن لشريعة هي اقرب لشريعة الغاب: اوضح ما فيها هو ادوات القهر والعنف والتسلط التي في يد الحاكم، بينما المحكوم لا يملك سوى مسبحته، وحتى هذه يتسلط عليه من يرى تحريمها، فيضربه المطوع في السعودية او يقتله الخليفي في ام درمان!! رجعنا الى المرحلة التي كانت قبل الاسلام، حيث العقوبات الجسدية القاسية هي الهدف، لا الوسيلة لبلوغ غاية اسمى، حين اراد الشارع ان يبقي على فكرة العقوبة كرادع لمن اعتادوا القسوة والاجرام والظلم، ولكنه عمل جهارا وعلنا على درئها بالشبهات وغيرها، وعلى التدقيق في قانون الاجراءات والاثبات، لجعلها امرا شبه مستحيل، وحين ينصرف رسولها عن المعترف بذنب يوجب الرجم، فيعطيه ظهره ويتلهى عنه، ثم يقول الم تصل معنا، فالصلاة تغفر ما قبلها
رجعنا اذن لشريعة النصوص المفرغة من المعنى، وشريعة المظاهر السطحية التافهة التي لا تناسب حتى القرن السابع، شريعة تعتبر ان اصحاب اللحى هم اصح ايمانا واسلاما من الآخرين، وان من يعرف فرائض التيمم وشروط الغسل هو أولى بتولي المناصب العامة من اهل العلم والدراية والذكر والخبرة، شريعة محصورة في الشهوة، وفي افسد مافي الانسان، لا تشغل نفسها بالمعاني السامية ولا بالقيم ولا بتطور المجتمع ماديا وروحيا، وانما بكل ما يقع تحت بند العورات والجنس ومتعلقاته، وان السوط والسيف هو أهم ما جاء به رسول الرحمة
شريعة قال من بدأها: ربنا قال في القرآن لا تجسسوا، لكن نحن ح ننط عليكم الحيط وح نتجسس عليكم عشان اي واحد يشرب نقبضه ونعاقبه
فتأمل
شريعة تنفر الآخرين منها، بل تنفر اهلها المسلمين منها، ونحن المامورين بالتبليغ وتحبيب الدين للناس، الدين بمعناه الاصلي البسيط المجرد، وهو الاقرار بالوحدانية للواحد، واتباع المعروف، وهو ما عرف بالفطرة السليمة. انتهي. شريعة جعلت اصحابها لم يفهموا من كلمة قومية العاصمة مثلا، سوى عودة الخمارات والدعارة، شريعة جعلت قلوب اصحابها قذرة مليئة بالقذارة مشغولة بالقذارة دائما، متى يتطهر هؤلاء الناس؟ الا يذهبون للصلاة؟؟ هل يذهبون بكل هذه القذارة؟ هل تجوز صلاتهم؟؟ الله اعلم الشريعة الحقيقية يريدها كل الناس، كل الناس. عندي مقال ستقراه قريبا ان شاء الله، عن الشريعة التي يريدها جون قرنق، حتى جون قرنق، الشريعة التي تساوي بين الناس، وتجعلهم اسيادا على انفسهم، احرارا في دينهم ودنياهم، والتي تدعو الى، وتطبق، قيم العدل والمساواة والحرية، والتي تجعل المواطن جون قرنق سيدا على رئيس الجمهورية لا العكس، والتي تجعل المواطن جون قرنق مساويا للمواطن البشير والترابي والصادق وغيرهم، سواء كانوا من المتمة او زالنجي او جبيت او سقط لقط، شريعة تقطع يد الذي خان الامانة وسرق الامة كلها بليل واستباحها وقنن للسرقة والنهب والقتل، ولكنها لا تشغل نفسها بتخصيص جيش كامل لمطاردة وضرب واقامة الحد على طالبات المدارس وستات الشاي، شريعة تجعل الشرطي في الشرطة والامن والمطار وغيرها، خادما للمواطن، والمواطن سيدا على الجميع، هو الذي يشرع القوانين، وينتخب من ينفذها، ويعين الحارس الذي يسعى لتنفيذها وتنفيذ ارادته، بالقانون، ويدفع راتبه، ويحدد مصادر المال وطريقة جمعه وصرفه
الشريعةالتي نريدها، والتي تصلح لكل زمان ومكان، والتي يريدها الجنوب قبل الشمال وجون قرنق قبل البشير، بل جون قرنق وليس البشير، هي شريعة القيم السماوية التي تحرسها وتجسدها قوانين ارضية، يضعها الناس ، كل الناس، العامة، الامة، التي لا تجمع على باطل، في برلمان ينتخبه الناس، كل الامة. وليس لهذه القوانين قداسة ربانية، الا بقدر ما تخدم مصلحة الناس الذين وضعوها، وبقدر ماهي مستمدة للمشروعية منهم. شريعة ليست محصورة في الحدود، بل لا تهمها الحدود، ولكنها مشغولة بهم الناس، بالعدل والمساواة، والتنمية وتحقيق اعلى ما في الانسان واسمى ما في روحه من قدرات وتطلعات ومعان شريعة تعلى قيمة الانسان، وقيمة العقل والعلم، والمجتمع المنظم، المنسجم مع نفسه وبعضه، الحافظ لحقوق اعضائه، بالذات الضعفاء منهم، الاطفال والمرضى والعجزة والنساء واليتامى وغيرهم، وشريعة تهمها قيمة الحياة والحرية والرفاه، لا كتلك التي قال قائلها، فلترق كل الدماء، وكأن هذه الدماء هباء يلعب به على كيفه، ولا كتلك التي قال قائلها، فليمت نصف السودانيين من اجل المشروع الحضاري، في حين ان شريعة الله تعتبر النفس الانسانية اثمن حتى من نصوص الشرع، فتبيح اكل وشرب الحرام للمضطر، وتقدم حفظ النفس على ما عداه، وتقدم دفع اي ضرر على جلب المصالح مهما عظمت، ولا نريدها كتلك التي يهتف اهلها بشعارات الشرع، ويريقون في سبيلها الدماء وملايين الارواح والمليارات من المال العام ويهلكون الحرث والنسل، ويصمون الآذان بهتافات عن عاصمة اسلامية تقام فيها الحدود، بينما يقولون جهارا نهارا للحرامي الثابت الجرم: خلوها مستورة، وخليناهم على الله. طيب ياخي ما تخلوها كلها على الله!!! السلطة والمال وحب الذات وحب السيطرة، مش قلتو هي لله هي لله لا للسلطة ولا للجاه؟؟ تلك هي شريعة الشعارات وشريعة السارقين التي لا نريد
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة