.. نحن – جيل الشباب – كثيراً ما تبدو لنا المرئيات ( غائمة ) نوعاً ما .. ولكن لماذا تتضح الرؤيا للمبدعين من – جيل البطولات – والتضحيات ، هل يمتلكون أشعة كاشفة لتعريّ لهم ما أحتجب تحت عباءة الخفاء .. هل كان زمانهم أجمل .. وحقلهم أورف .. نحن قلّ ما نكتشف مواضع الجمال ما لم تسلّط لنا خيوطاً وإشارات ليقال لنا .. هناك قرب ذاك السفح تتفتح الأزهار .. لا أريد أن اسحب معي كل هذا الجيل ليكون ذلك تعميما .. ولكن أغلب الظن ثلة كبيرة منا تحتاج ليضاء لها الطريق حتى تتحسس خطاها
.. لا أريد من تلك المقدمة المطولة إلا أن أقول .. نادرا ما نكتشف من تلقاء أنفسنا فناناً .. أو كاتبا .. أو أي مبدع للوهلة الأولى .. إلا بعدما يتم تسليط الضوء عليه بطريقة أو أخرى .. ولا زلت أتحدث عن جيلنا .. وخاصة الذين تفرقت بهم السبل في شعاب الأرض الوارفة منها والبوار
ولكن .. كان فرحي عظيما ، وسعادتي تمددت شواطئها لا تحفها حواف .. حينما وجدت علماً من أعلام الأدب في السودان يثني على شاعرٍ محدث .. عثرت صدفة على ديوانه قبل سنة أو يزيد ، ولم اسمع به من قبل ولكني فتنت بذلك الديون الي حد الوله .. وكم أذهلتني سلاسة وتجدد المفردة فيه و ( جرأتها ) وحدثت عنه الناس كثيراً .. وأفردت له بوستا هنا في هذا المنبر – لم تكن الإستجابة بمستوى توقعي – ورميت مرات عديدة بقصائده هنا ولم يبدئ أي قارئي ردة فعل .. حينها تشككت في ذائقتي .. وبخسـت كشـفي .. وقلت لنفسـي ربما يكـون ذلـك هـو.. ( الخـروج الأخير ) ..
كان فرحي عظيماً لماذا ؟ كنت وأنا أتصفح كتاب ( ظلال وأفيال ) للشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم – وكما هو معروف أن الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات – وجدت مقالا أعاد لي الثقة بنفسي حينما قال (الخروج قبل الأخير ) .. وكان فعلا يتحدث عن شاعري ( الإكتشاف ) عصام عيسى رجب .. وخروجه قبل الأخير .. قال أستاذ المكي في مفتتح مقاله
Quote:
(( هناك هالة ضوئية في السودان تحيط بجيل الستينات ولواحقه الثقافية مدعية لهم التفرد واحتكار الإبداع ، فهم الجيل الأغزر انتاجا والأبعد صيتا والأكثر تمكنا من أدواته الفنية .. ولعلنا جميعا أبناء الستينات قد ساهمنا في خلق تلك الأسطورة بالسكوت المتواطئ عن ذلك الإدعاء …… … إلا أن يصل ليقول .. دعاني الي هذا الحديث ديوان شعر جديد لأديب شاب فعرفت من كل ذلك أن مريم بلادنا الولود لا زالت تهز إليها بجذع النخلة فيتساقط علينا هذا الشباب الموهوب كما الفاكهة التي تخرج قبل موسمها .. يكتب عصام شعراً حداثيا متفننا ليس بينه وبين شعرنا الستيني إلا أقل الشبه ، ولكنني أشعر داخل عصام إنني لو بقيت أكتب الشعر لربما توصلت الي شئ يشبه ذلك الشعر المسكون بالعبقرية والجمال .. ويواصل المكي ثنائه على الشاعر ليقول .. وقد غمرني ديوانه الأول بتلك المشاعر واستولى على خيالي زمنا وحرك يدي لا لأكتب فقط وثيقة إعجابي وإنما أيضا تعاطفي مع الجيل الذي يمثله.))
ربما تواضع المكي وقال أنه يتمني أن يكتب مثل هكذا شعر .. وهو الذي قال ( من غيرنا .. ) ولكنه تواضع العلماء .. ولكنني لا أتواضع أبداً في هذا المقام بعد أن عضد المكي ثقتي بذائقتي .. وأننا يمكن أن نكتشف أحيانا من غير ( قائد ) أين تكمن الدرر .. فقط أتساءل هل استمتعتم مثلي برواية ( مرايا ساحلية ) لأمير تاج السر .. ويا أسفي على بلدي الذي يخرج من كنوزه كل هذه ( الكنوز ) ثم يرمها باليم أو بالساحل ليأخذها عدو له ولنا .. هذه إشكالية كبيرة وأسئلة ملحة تحتاج لجهد .. كيف نتعرف على مبدعينا في شتى المجالات .. ربما يكون هذا ( النت ) أحد الحلول ولكن متعة القراءة من ( اللحم الحي ) الكتاب لا تضاهيها متعة وكذا الفنان في الحفلات والممثل على خشبة المسرح ..
. حاولت أنزال اللنك / الرابط الخاص ببوستي المتعلق بالشاعر محور النقاش ، حتى تكتمل الصورة لكن يبدو انو الرابط (اتلحس ) مع التجديدات الأخيرة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة