|
النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي
|
هناك كثير من المفاهيم والمعتقدات الدينية الشائعة بين المسلمين ، تحتاج إلى تصحيح ، منها على سبيل المثال الإعتقاد بأن العذاب في النار لا ينتهي إطلاقا ، أي الإعتقاد بأن النار دائمة دواماً سرمدياً .. ولقد نشأ هذا الإعتقاد من فهم خاطيء لقوله تعالى : ( خالدين فيها أبدا ) حيث ظن المسلمون أن الأبد يعني الزمن اللانهائي .. والحق غير ذلك ، فإن الأبد زمن له نهاية .. وأهمية تصحيح مثل هذه المفاهيم تجيء من ضرورة تصحيح تصورنا لصفات الله تعالى ، الأمر الذي يزيد ويقوي من إيماننا به ، كما يعيننا على حسن الظن به ، ولقد ورد في الحديث القدسي قوله تعالى : ( أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي خيرا ) .. فالظن بأنه تعالى يعذب المجرمين ، أو الكفار ، أو المشركين ، عذابا سرمديا ـ لا نهاية له ـ يعطي تصوراً خاطئاً لصفاته تعالى ، فهو يعطي انطباعاً بأنه يعذبهم على سبيل الثـأر ، والإنتقام ، وبدافع من الغضب ، بالمفهوم البشري للغضب ، وعن ذلك تعالى الله علواً كبيراً .. والحق أنه تعالى إنما يعذبهم ، عذاباً مؤقتاً ، بقصد إصلاحهم وتربيتهم وهدايتهم ، وبدافع من حبه إياهم ، فهو تعالى يحب كل الناس ، بغير استثناء ، فهو قد خلقنا جميعاً بالإرادة ، والإرادة ريدة ، والريدة عند السودانيين تعني المحبة ، فهو تعالى قد خلقنا جميعاً بالمحبة ، وللمحبة ، وليس عنده لنا ، من حيث الشعور نحونا ، سوى المحبة ، أياً كان موقفنا من طاعته أو معصيته .. وبدافع من هذه المحبة فإنه تعالى يقوم بتعذيب المشركين والمجرمين والعصاة ، في الدنيا وفي الآخرة ، تعذيباً يستهدف إصلاحهم وهدايتهم ، حتى إذا ما تم إصلاحهم وهدايتهم ، أخرجهم من النار ، وأدخلهم الجنة ، قال تعالى : ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليما ).. فهو إذن لا يعذب أحداً إلاّ لتحقيق الشكر والإيمان ، فأما الشكر فهو العمل الصالح ( أعملوا آل داؤود شكرا ) وهو أيضاً المعرفة اليقينية الناتجة عن العمل الصالح ، وأما الإيمان فهو هنا يعني الإيمان بأن هناك ، دائماً ، مزيداً من الكمال ، ومزيداً من المعرفة ، لديه تعالى ، كما يعني السعي الدائم إلى تحقيق هذا المزيد .. فالعذاب إذن هدفه الإصلاح ، وذلك مثلما يعاقب الأب إبنه ، إذا استحق التأديب ، فيجلده جلدا موجعا ، بهدف إصلاحه ، وبدافع من محبته .. وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى : ( إن علينا للهدى * وإن لنا للآخرة والأولى ).. أي أنه تعالى ، بمحض فضله الجزيل ، قد كتب على نفسه هداية جميع الناس ( إن علينا للهدى ) فمن لا يهتدي في الأولى ، عن طريق الإيمان والعمل الصالح ، يهديه في الآخرة ، عن طريق العذاب في النار ( وإن لنا للآخرة والأولى ) وجاء أيضا قوله تعالى : ( إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مآبا * لابسين فيها أحقابا ) وفي هذا المعنى يجيء أيضا قول السادة الصوفية : ( من لم يأت إلى الله بلطائف الإحسان ، سيق إليه بسلاسل الإمتحان ).. فالغاية هي الرجوع إلى الله تعالى ، وفي ذلك كل المعرفة ، وكل الإصلاح ، وكل السعادة ، وهو أمر مكتوب على كل فرد ( كان على ربك حتما مقضيا ).. قال تعالى : ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ).. وقال : ( إن إلى ربك الرجعى ).. وقال : ( إن إلى ربك المنتهى ).. ولا منتهى ، وقال : ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا تُرجعون ) .. وليس الرجوع إليه تعالى بقطع المسافات ، وإنما هو بتقريب الصفات من الصفات ، وفي ذلك ورد الحديث النبوي الشريف : ( تخلقوا بأخلاق الله إن ربي على سراط مستقيم ).. وورد أيضاً أن النبي الكريم قد قال لمن يضرب إبنه على وجهه : ( لا تضربه على وجهه ، فإن الله قد خلق آدم على صورته ) أي أن الإنسان مكرّم لأن الله تعالى خلقه على صورته ، فلا تحتـقره فتضربه على وجهه .. وليس لله تعالى ، في إطلاقه ، صورة حسية ، وإنما المقصود صورته المعنوية ، وهي صفاته النفسية السبع ، فإن وجه الشبه ، بينه تعالى وبين الإنسان ، هو أن أنه تعالى حي ، وعالم ، ومريد ، وقادر ، وسميع ، وبصير ، ومتكلم ، وقد خلق الإنسان حياً ، وعالماً ، ومريداً ، وقادراً ، وسميعاً ، وبصيرأ ، ومتكلماً ، غير أن صفاته تعالى في مطلق الكمال ، وصفات الإنسان في طرف النقص .. والسير إليه تعالى ، والتقرب منه ، يعني تنمية هذه الصفات ، لدى الإنسان ، والإرتقاء بها في مراقي الكمال ، حتى تقترب في كمالها من صفاته تعالى ، وذلك هو معنى عبارة المفكر الإسلامي الفريد ، الراحل المقيم ، الأستاذ محمود محمد طه : ( السير إلى الله تعالى ليس بقطع المسافات ، وإنما هو بتقريب الصفات من الصفات ) وذلك عن طريق تطبيق منهاج السلوك التعبدي التربوي ـ طريق محمد ـ كما هو مشروح ومفصل عند الجمهوريين مما تقدم يتضح أن الجنة هي مصير الجميع .. كل الناس مصيرهم إلى الجنة .. ثم إلى النعيم المقيم ، اللانهائي .. فالجنة الحسية نفسها درجات أو مستويات ، فالذين يكونون في أدناها يستمتعون ويسعدون بها ، طالما ظلت الدرجة أو المنطقة الأعلى محجوبة عنهم ، فإذا كشفت لهم ، فإن سعادتهم بما هم فيه تنقص ، فيسعون إلى بلوغ المنطقة الأعلى ، وذلك عن طريق الذكر والفكر ، الذي به تزيد معرفتهم بالله ، فيحققون الكمال الذي يؤهلهم للدرجة الأعلى ، والتي هي أكثر سعادة من الدرجة الأدنى ، فإذا تم لهم ذلك ، فإنهم يستمتعون ويسعدون بالمستوى الذي بلغوه ، من مستويات الجنة ، طالما ظل المستوى الأعلى محجوباً عنهم ، وهكذا حتى يصل الجميع إلى أعلى الجنان .. وفي بعض مستويات الجنة نعيم وسعادة لا يدركهما الوصف ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) وفيها أكثر من ذلك مما لا تقدر اللغة على التعبير عنه ، قال تعالى : ( لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد ).. أي : لدينا من صور النعيم والسعادة ما لا يخطر على بالهم ، فهو أكثر مما يشاؤون .. فإذا بلغ الجميع أعلى الجنان الحسية ، فإن هناك من صور النعيم والسعادة ، بمعرفة الله تعالى ، وبرؤيته ، وبالعيش في كنفه الرحيم ، ما يفوق الجنة الحسية بما لا يقاس .. وهو نعيم متجدد بتجدد المعرفة بالله ، والصلة به ، ونامي بنمائها ، ومتزايد بتزايدها ، ولذا فهو نعيم سرمدي ، لا نهاية له ، وذلك لأن ذات الله تعالى مطلقة ، فلا يحاط بها علماً ، وإنما يظل الناس سائرين في تحقيق المعرفة بها سيراً سرمدياً ، وبقدر معرفتهم بالله تعالى ، وتخلقهم بأخلاقه ، تكون سعادتهم ، ويكون كمالهم ، ولمزيد من التفصيل يمكن زيارة موقع الجمهوريين وهو http://www.alfikra.org/arabic.php عبد الله الأمين
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-06-03, 07:21 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-06-03, 07:16 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-06-03, 07:37 PM |
أسئلة تستحق الوقوف عندها يا أخ ياسر حنا | elhilayla | 07-07-03, 04:20 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-07-03, 07:36 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-07-03, 02:18 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | كبسيبة | 07-07-03, 05:43 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | اساسي | 07-07-03, 06:04 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-07-03, 10:18 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yasir Elsharif | 07-08-03, 02:41 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-08-03, 12:51 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yasir Elsharif | 07-08-03, 06:52 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-09-03, 06:36 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-09-03, 10:43 PM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | كبسيبة | 07-10-03, 09:10 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-10-03, 10:04 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | كبسيبة | 07-10-03, 10:09 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-11-03, 11:48 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | abu-eegan | 07-12-03, 07:21 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-12-03, 10:50 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-12-03, 11:16 AM |
Re: النار فانية والجنة أبقى منها والنعيم سرمدي | Yassir7anna | 07-19-03, 05:13 PM |
|
|
|