كان صبيا يافعا يعشق النهر. يجلس بالساعات الطوال علىنتوء صخرة بارزة على شاطئ النيل قبال قريته ..لقد بنى منذ زمن جده سد ليتراكم الطمى لتوسيع الرقعة الزراعية الشحيحة .وفى زمن التحاريق ينتهى السد فى كتلة صخرية على مجرى النيل ,فتبرز بعض من الصخور على سطح النهر , لتكون مرتعا لهو الصبيان . كان يهوى الجلوس على تلك البقعة,متاملا لحظة غروب الشمس بين الجزر ونخيل بلدة حميد على الضفةالغربية بين كثبان رمال جابرين.كان يراقب بتلقائية رحلة الرجوع لعمه من الجزيرة وصوته العالى لزوجته وهو يمخر بذورقه الشراعى او ينادى على احد..وكان يرا قب رحلة هجوع الاوز والطيور لاوكارها فى الجزر . ينعكس احمرار المغيب على سطح النيل ليرسم سطرا لامعا من الحمرة الفضية كالسيف المصقول. الصمت حل المكان الا من مناداة الامهات لاطفال وعواء الاغنام المنسية على الشاطئ وايقاعات حركة المزارعية لضمان قرع المياه فى حيضان الذرة وكان يطرب لصوت عمه حامد ذلك العاشق الولهان الذى يزور النهر عند الغروب بعد عناء يوم عمل ليغتسل ويبدا الغناء الشجى فيتلاقح الصوت باشجار الطرفة فىالجزر المتناثرة فينداح صدا رخيما , بينما محبوبته على طرف انثناء مجرى النهر تجلس على صفيحة الماء القرفصاء كاميرة تلك الديار. هكذا ايقاع الحياة اليوماتى , عند الغروب جالسا ذات يوم يراقب حركة المياه خلف الصخور وهى تحدث دوائر تجذب الاشياء وتدخل فىصراع , والشمس تغازل الغيوم وتشع احمرارها على كل الامكنة , قرر ان يمكث لحين.قلما بلبث اناس لوقت متاخر بعد الغروب هنالك اساطير عن الغول ولشيطان والبعاتى ..التىتخرج من النهر ليلا . المخاطرة جزء من تكوين هذا الفتى .. الخوف يساوره والنحدى هو البقاء .كل قشة اوجزع نخلة تطفح يخيل له الشيطان .والعتمة تحل رويدا مكان الغروب وبدات جزيرة صاى ونخيل نلوته كخيط اسود وعم صمت الا من خرير النهر ونعيق الضفاضع . كان بجلس على الصخرة لماذا هذا العناد .. ليلة الامس راى فىالمنام حورية تطلع من هذا المكان اتاه احساس بانها الحققة فقرر البقاء فاذا بصوت يناديه كانت امه المسيكة تبحث عن جناها .حكى لها القصة وهى متحسرة قالت انها لن تاتى .ومنذ ذلك الحين وهو فىحالة انتظار المجهول ...عصفت به الايام ورحل وظل فى الترحال من بلد لبلد بحلم بها بين الدوائر طلوعها. للموضوع تكملة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة