الرسالة الأولى

الرسالة الأولى
تعريف نفسي ومسقط رأسي
أهلي الكرام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الشكر موصول للأخ بكري الذي أتاح لنا هذه المساحة السايبيرية لنتواصل وتتلا قح أفكارنا . وأني لأرجو إذا اختلفت آراؤنا آن يظل الود بيننا .
واسمحوا لي بدءا بتعريف نفسي .. اسمي طارق احمد محمد الفزاري سوداني الجنسية . تاريخ ميلادي 7/10 / 1954م مكان الميلاد قرية أم دوم بضواحي الخرطوم .. أم دوم قرية عريقة التاريخ أسست علي يد عبد الصادق ود حسيب ألهو أري , وهو معروف عاصر ود ضيف الله صاحب الطبقات - راجع كتاب الطبقات لود ضيف الله – و الهوارة قبيلة عربيه نزح بعض بطونها للسودان من مصر الشقيقة ولعل الأصول النسبية الأولي لجل سكان أم دوم الحالين ترجع لقبيلة ألهو أره . وتتفق الروايات أن ذلك البطن من قبيلة الهوارة التي ينتمي أليها عبد الصادق ود حسيب كان يقيم في قرية صغيرة تبعد لبضعه أميال شرقي قرية أم دوم الحالية وتجاور قرية سوبا شرق عاصمة مملكه علوه المسيحية المشهورة ..وكان آهل تلك القرية بدو ,يسعون البهائم ويمتهنون الزراعة في ما يسمي حاليا بمشروع أم دوم الزراعي . وقانت السلطات الاستعمارية –غيلة – بتمليك المشروع للأمام عبد الرحمن المهدي , في مسعاها الخبيث لتأليف قلبه وتعويضه عما ارتكبته من جريمة نكراء في حق أبيه وأشقائه . وكان الأمام ومن بعده أحفاد يستثمرون المشروع بتسخير بعض أنصاره البسطاء من عرب البقارة الحمر .. وقد باءت محاولات مواطني أم دوم بالفشل في استعاده حقهم التاريخي في ملكيه المشروع . ثم قامت الحكومة السودانية في عهد الرئيس جعفر نميري بتأميم المشروع للشركة العربية للاستثمار الزراعي . ولا تزال صدور مواطني أم دوم ممتلئة غلا علي بيت المهدي وأنصاره الذين وقفوا بالمرصاد لكل من تعدي بالبنيان في إطار ما يسمي سابقاً بمشروع المهدي ويعاني سكان آم دوم الحالين من أزمة في الأرض السكنية , فعن شمالهم وجنوبهما غابتان مملوكتان _الأطيان _ سطا عليهما الزحف الصحراوي والهدام . وفي الجانب الغربي يقع النيل الأزرق وجزيرة أم دوم وكما أسلفنا فان الجانب الشرقي يحتله المشروع الزراعي . ولم يبق سوي شريط أرضي ضيق بين المشروع الزراعي والأراضي السكنية . ويمتد ذلك الشريط في شمال شرقي القرية بمحاذاة الشارع الإسفلتي ,ردم يه ترأبيه تمتد لقرابة ميلين ونصف تفصل بين شارع الإسفلت والغابة مملوكة الأطيان شمال القرية .أقميت في الجزء الأسفل من ذلك الشريط الأرضي منشات تعليمه للمرحلة ألا سوطي والعليا . بنين وبنات أما الجانب الأعلى من الشريط الأرضي المتبقي فقد تغول علية اخوة لنا من عرب الأحامدة جاءوا للقرية قبل بضعه عقود من الزمان لممارسه بعض الحرف البسيطة ثم ما لبث أن نشروا خيامهم ومن ثم شيدوا منازل طينية عشوائية متباعدة وغير منتظمة .
اضر الموسرين من مواطني أم دوم للتوسع الرأسي جراء الأزمة السكنية .واكتظت بيوت المعسرين ماديا بسكانها . ولا يزال نذر كبير من الأصهار يقيمون في بيت الزوجية الأولي , اعني في رحاب منزل أبوي أزواجهن حسب التقاليد السودانية العتيقة ومعهم فلذات أكبادهم الذين شارفوا العقد الثاني من العمر .
وكانت حكومة جعفر نميري قد صادقت لأهالي أم دوم بمخطط سكني في الشريط السكني الآنف الذكر . وتم رسم الخريطة السكنية علي الورق آلا أن الحكومة الراهنة لا تزال تماطل الأهالي في توزيع الأراضي وتنفيذ الخطة السكنية . ولم تعرف حتى هذه اللحظة – بصورة قاطعة – الأسباب الحقيقية وراء تسويف الحكومة في تنفيذ الخطة السكنية وذهبت الشكوك ببعض مواطني أم دوم للزعم أن ممانعة أعضاء مجلس شعبي أم دوم في أدراج أسم آخت الرئيس السوداني عمر البشير وزجها ضمن كشف المستحقين دفع مصلحة الأراضي – بإيعاز من الرئيس نفسه للتماطل في آن إجازة المشروع السكني . وقد وضع المجلس ضوابط محكمه وعادلة توزع بموجبها القطع السكنية بالخطة لمستحقيها . قياسا بالضوابط المتفق عليها ونظرا للأعداد الهائلة من المتقدمين فقد قضت سلطات المجلس بعدم استحقاقيه أخت الرئيس وزوجها في الحصول علي قطعه أرض بالمخطط السكني المرتقب . وكان زوج أخت الرئيس عمر البشير قد نقل للعمل كمساعد طبي بقرية أم دوم قبل حوالي العقد من الزمان .
فقرية أم دوم تتمتع بمجتمع محافظ ومترابط وتتوفر بها خدمات تعلميه ممتازة . ولا يزال المستشفي الضخم الذي تبرع به ابن القرية البار محمد عوض الله قيد التشييد . ويوجد بالقرية نسبة معتبرة من الأطباء يلجأ إليهم المواطنون عند الضرورة القصوى . ويقتصر دور العيادة الطبية الصغيرة – تحت أشراف المساعد الطبي – علي علاج الحالات غير المستعجلة . وللقرب المكاني للقرية من العاصمة , فان مواطنيها كثيرا ما يلجئون لمستشفيات العاصمة لعلاج مرضاهم .
نما لعلمي أن جانبا كبير من مواطني أم دوم النافذين غير راضين عن أداء صهر الرئيس وحاولوا جهد المستطاع نقله من آم دوم لكنهم لم يفلحوا .
لعلكم اخوتي الكرام بمنتداي النقاش – أنني غادرت قريتي الحبيبة أم دوم للمكلة العربية السعودية , بغرض العمل في شهر سبتمبر من عام 1981 م ثم هاجرت للولايات المتحدة الأمريكية عام 1989 م بعد آن قضيت أسبوعين فقط وسط أهلي الكرام بآم دوم تيسر لي خلالها الحصول علي تأشيرة الدخول لأمريكا من سفارتها بالخرطوم . وقد وردتني المعلومات عن التسويف في تنفيذ الخطة السكنية من أحد أقاربي الحميمين .
يروي لنا أ هلنا آن بعضا من رجالات القرية الأم التي كان يقيم فيها الفقيه عبد الصادق ود حسيب كانوا يواظبون علي شرب الخمر .فاكثر الفقيه عبد الصادق ود حسيب من وعظهم علي الإقلاع من تلك العادة الضارة لكنهم لم ينتهوا . فما كان من شيخنا عبد الصادق ود حسيب , وهو العالم الورع – سواء اتفقنا معه أم لم نتفق آلا أن حمل أفراد آسرته المقربين وأمتعتهم الهامة علي ظهر الدواب وحطوا رحالهم في منطقه غير مأهولة تقع في الضفة الشرقية للنيل الأزرق , تبعد قليلا عن قريتهم الأم , فيما يعرف الآن بفرية أم دوم .. يوجد ضريح الفقيه عبد الصادق ود حسيب في مقبرة أم دوم العتيقة شمالي القرية . وسرعان ما قام الفضلاء من أبناء القرية الذين لا يرتكبون الكبائر بالانتقال آلي حيث يقيم الفقيه عبد الصادق ود حسيب وأطلقوا علي قريتهم الجديدة اسم أم دوم . واغلب الظن أن اسم القرية اشتق من شجيرات الدوم التي وجدها الرواد وأغلب الظن أن اسم القرية اشتق من شجيرات الدوم التي وجدها الرواد الأوائل من مواطني القرية بالغة النماء بالمكان الذي حطوا رحالهم به . ولا يوجد ثمة شجر دوم بقرية أم دوم في وقتنا الراهن , أما منتهكو الحرمات بالقرية التي رحل عنها الفقيه عبد الصادق ود حسيب فقد انفض سامرهم وليس ثمة داع لذكر المكان الجديد الذي انتقلوا إليه .
ارتبط اسم أم دوم أيضا بأحداث الجنوب الأولي في عام 1955 م والتي راح ضحيتها زهاء الستمائة نفس من أبناء وبنات الأقاليم الشمالي الذين كانوا يقيمون ويعملون بالأقاليم الجنوبي قبيل نيل السودان لاستقلاله من بريطانيا العظمي .. فقد فقدت القرية قرابة الأربعين من خير أبنائها وبناتها ,رجالا ,وشيوخا , نساء ,فتيان , وأطفالا جراء تلك الأحداث المؤسفة . وينحدر معظم ضحايا القرية من بيت الفزاري المشهور الذي انتمي أليه .. فقد فقدت والدي غشيته الرحمة وهو في ريعان الشباب , وشقيقه الأوسط – عمي – حسن وجدي لآبى محمد الفزاري وشقيقه الأكبر , عميد أسرة الفزاري حينها الشيخ الفزاري وزوجته الصغري وأطفالها الصغار , وابناء خؤولة , وهم كثر واسرهم الصغيرة . وسأفرد في المستقبل القريب ,بأذن الله بوستاً كاملا لأحداث الجنوب بمدينتي توريت وكبويتا , علي وجه التحديد , حيث كان يقيم بعض أهلي حينذاك , المذكورين أعلاه مستنداً بالمعلومات التي نقلها لي العم د.حسب الرسول الشيخ الفزاري , وكان يعمل قاضيا جنائيا بالخرطوم في سبعينات القرن الماضي . واستقي د. حسب الرسول معلوماته من سجل المحاكم التي أقامتها الحكومة السودانية بعيد الاستقلال ,لقادة التمرد الأول بجنوب السودان الذين اعتقلتهم وحدات الجيش السودانية لكبح التمرد .
بيننا ألان الأصول السلالة الأولي لمواطني أم دوم تنحدر من قبيلة الهوارة . ثم اختلط أجدادنا بأم دوم , منذ حوالي القرن من الزمان بالقبائل العربية والمستعربة في أنحاء السودان المختلفة خصوصا قبيلة الجعلين المعروفة . فمن قبيل المثال أن جدي الفزاري ينحدر من قرية المحمية شرق . وينحدر والد أجدادي القراي .. العتاق , وعبد السلام واسمه عبد الرحمن محمد فضل .. من قرية ديم القراي وطيبة الخواض .. اما الجد الابعد لجدي لأمي .. واسمه عبد الحافظ فينحدر من قرية , اوبالاحري مدينه الحلفايا .. أما جدة والدي من قبل أمه واسمها التومة بنت سليمان , فهي من مدينه رفاعة باقليم البطانة .. وهناك بيتان معروفان بقرية أم دوم تنحدر من أصولها من قبيلة الدناقلة . وبسبب الارتباط التاريخي لبعض أبناء أم دوم بالاقاليم الجنوبي , فان منهم من تزوج بفتيات من الاقليم الجنوبي ورزقوا بزراري منهن . لذا لا أبالغ اذا قلت أن قرية أم دوم تكاد تجسد سوداننا الحبيب بمختلف سحناته وأجناسه وأود أن اختم رسالتي هذه بالتعرض لعلاقات جانب من أهلي المقربين بغرب السودان . فجدي الاكبر القراي رحمه الله كان تاجر ناجحا ومزواجا . لم يكتف جدي القراي بزوجتيه الأولين من قريه أم دوم ومدينه رفاعة فقد حملته تجارته لاقليم جنوب كردفان . وبالتحديد لقرية أم دورين حين كان الوئام قائما بين ساكنيها من نوبة الجبال وقبائل البقارة الزرق . وقد اعجب جدي القراي بقرية أم دورين ولم يلبث أن اتخذ له زوجه من عرب القارة الزرق بها ورزق منها بنين وبنات طاب المقام لجدي القراي بقرية أم دورين واتخذها له مسكنا جديدا وكان يزور أهله بأم دوم علي فترات متباعدة . وانتقل لأم دورين أيضا شقيقه الأوسط عبد السلام بزوجته واولاده وبناته ثم انتقل اليها الابنين البكرين لجدي القراي واتخذ كلا منهما زوجه اخري من عرب البقارة بأم دورين . وقد قمت بزيارة أم دورين في ريعان شبابي وذلك بعد انتقال جدي الأكبر للرفق الاعلي . ولم تفلح جهودنا باقناع ذريتي القراي وعبد السلام بالرجوع لمسقط راسيهما بأم دوم لكن الحال قد تبدل الان الانتشار الإقليمي للحرب الأهلية لتشمل منطقة جبال النوبة ولا ينكر سوي مكابر عامل الجنس ضمن الأسباب التي حرضت لقيام الحرب الأهلية بالسودان تعرض أقربائي ذوي السحنة الحمراء بأم دورين للتهديد بالقتل والإبادة فاضروا للعودة لمسقط رأس آبائهم بأم دوم وهم ألان يعانون من شغف العيش والمأوي رغم ما يلقونه من أفاضل بأم دوم .. ولم تشفع لهم العقود السبعة التي قضوها وآباؤهم بأم دورين من التعرض للتهديد بالقتل ومن ثم التشرد .