|
قضية تكفير منصور النقيدان والدفاع عنه
|
قضية تكفير منصور النقيدان والدفاع عنه السبت 01 مارس 2003 07:02 يتعرض الباحث الإسلامي السعودي منصور النقيدان هذه الأيام إلى هجمة من قبل التيار التكفيري في المملكة العربية السعودية حيث صدرت على إثرها فتوى بتكفيره مطالبة بإجراء حد الارتداد عليه.
سيرة منصور النقيدان
مكان وتاريخ الميلاد : بريدة . ليلة عيدالفطر 1/1/1970م. حاز على الكفاءة المتوسطة. * باحث وكاتب. * طلب العلم الشرعي على عدد من مشايخ بريدة، مثل الشيخ صالح البليهي، والشيخ عبدالله الدويش، والشيخ عبدالله بن حسين، والشيخ محمد الفهد الرشودي، والشيخ عبدالله بن إبراهيم القرعاوي، وغيرهم. * أتم حفظ القرآن الكريم العام ،1991 كما حفظ عددا من المتون العلمية، والرسائل لابن تيمية، وفصولا من مدارج السالكين لابن قيم الجوزية، ومؤلفات الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وعددامن فتاوى ابن باز، ومختارات من أدب الجاحظ، و كتابات الزيات، والطنطاوي، ومحمود شاكر، وأبي الحسن الندوي... وفصولا من"معالم في الطريق" لسيد قطب. * إمام جامع الرشودي في المربع بالرياض سابقا من 29/12/1998م - 17/5/.1999 * عمل لمدة سنتين محررا متفرغا في القسم الثقافي في صحيفة "الوطن السعودية" مشرفا على الصفحة الدينية، وساهم في استكتاب مجموعة من أبرز كتاب الرأي في الصحيفة، كما شارك في الإشراف على صفحات الرأي، ونقاشات. * في 9 /9/2002 تم الاستغناء عنه بعد خلاف مع رئيس مجلس الإدارة/ المشرف على التحرير. * نشر له ما يزيد عن 30 مقالا في عدد من الصحف والمجلات العربية والمحلية، وصحيفة إيلاف على الإنترنت، معظمها يتعلق بقضايا فقهية معاصرة، وفكرية، وأخرى منوعة. أهمها "هل كان ابن أبي داود مظلوما؟" وهو أول مقال نشر له بتاريخ 6/3/1999 "الحياة"، و"هكذا تعلمت في المسجد" "إيلاف"، و"قصة بيان المثقفين السعوديين" "إيلاف" و"حكم البطاقة الشخصية للمرأة" "المجلة"، و"قراءة في كلمة الأمير عبدالله للعلماء "الوطن السعودية"، و"نواقض الإيمان بين الشريعة المنزلة وتشقيقات الفقهاء". "المجلة"، و"الهجرة إلى المستحيل" "المجلة". * كتب بطلب من صحيفة الحياة اللندنية عددا من المقالات في صفحة "تراث". * كاتب زاوية نصف شهرية باسم "مقابسات" في مجلة المجلة اللندنية سابقا. * له ثلاث محاضرات ألقيت سابقا آخرها محاضرة عن "سد الذرائع في الفقه الإسلامي" في أحدية راشد المبارك في الرياض. * تمت استضافته في برنامج إضاءات في قناة mf-CBM عن القاعدة بمشاركة محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات.
حسن المصطفى
لكي يكون للعقل فسحة للتأمل: وقفة مع بعض أفكار منصور النقيدان
هنالك العديد من الأفكار الهامة التي طرحها الباحث السعودي منصور النقيدان في حواره بمنتدى "الوسطية"، وفي مقالتيه "رأيي في صكوك التكفير"، و"خارطة الإسلاميين في السعودية وقصة التكفير". وتنبع أهمية هذه الأفكار بسبب جدتها من جهة، وعدم خضوعها لمنطق ردود الأفعال، وخاصة بعد أن كُفر واتهم بالارتداد. من المهم أن يقرأ خطاب منصور النقيدان بعيدا عن ضجة "تكفيره"، لأن الانسياق ضمن هذه "الجوقة" سواء مع المكفرين أو المنددين، لن يقود إلا لمزيد عماء معرفي واجتماعي لن يعمل على حل الإشكال، وإنما سيزيد من هوته ويعزز من قطبيته المتنافرة. النقيدان طرح العديد من الأفكار الهامة، وهي لكثرتها، تحتاج لسجال حقيقي داخل المنظومة الإسلامية، كونها تطرح نفسها بقوة، بوصفها أفكارا وأسئلة إشكالية، تتطلب الإجابة عليها والنقاش فيها. من ضمن هذه الأفكار، يمكن التوقف عند التالي: 1- موقعية الإنسان في الفكر الإسلامي، وأدبيات الحركات الإسلامية. فالنقيدان، وفي حواره مع الوسطية، أشار إلى إيمانه بـ"الإنسان"، ورفضه لأي أدلوجه من شأنها أن تكبل هذا الإنسان وتجعله رهين سياساتها. هذا الإيمان بالإنسان، مرده إيمان بمفهوم الحرية، وكلا الإيمانين لا يزالان موضع إشكال في الأدبيات الإسلامية، كون هذه الأدبيات تنظر لمركزية "الإنسان" و"الحرية"، بوصفهما تضادا لمركزية الخالق "الله"، ويرون إلى الحرية بوصفها تطاولا على أحكام الدين التي ينبغي التقيد بها. هذه النظرة الكلاسيكية، ترتكز على خلل معرفي، مرده الخلط بين المركزيات والتراتبيات والعلائق القائمة بين الله والإنسان والحرية، وهو بحث يطول الكلام فيه. إن النقيدان بإيمانه بـ"الإنسان"، نقل التفكير السلفي التقليدي نقلة نوعية، جعلته يقفز على كلاسيكياته، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الكثير من الأتباع. إن هذا الإيمان يدفعُ للسؤال جهة حقيقته وعمقه وفلسفته، ومدى تعالقه مع النظرة "العلمانية" للإنسان من جهة، ومفهوم "الأنسنة" الذي يطرحه محمد أركون من جهة أخرى، ومدى كون النقيدان جاد في الذهاب لتأصيل هذا المفهوم إسلاميا؟. بقراءة أولية لهذا الإيمان بـ"الإنسان"، نجده يتقاطع مع طرح السيد محمد حسين فضل الله عندما يقول: "إذا لم نستطع أن نحقق دولة الإسلام، فالنحقق دولة الإنسان"، وهي المقولة التي أراها قريبة جدا مع طرح النقيدان إن لم تكن تتطابق معه، كون دولة الإسلام في ظل وجود أصوليات متعددة، تدعي كل منها الحقيقة لنفسها، سيجعل إقامة دولة "الإسلام" أمرا متعسرا. 2- مفهوم "الإرجاء" والذي تطرق إليه بوصفه آلية عملية للخروج من مأزق التكفير والتضليل الذي يستخدمه البعض ضمن من يراه يحيد عن الإسلام الذي يتصور. والإرجاء هنا، يراه النقيدان يمتلك مبرراته، ويمتلك بعده التاريخي والعقدي، كما أنه بإمكانه أن يخفف من غلواء التعصب الأعمى، لأن المسلم سيكون "محمولا على خير"، و"أمره عند الله"، و"يكتفي منه بظاهر الإسلام والإيمان دون الخوض في باطنه". "الإرجاء" كمفهوم تحيط به الكثير من الملابسات العقدية، وهو يمتلك تاريخا ملتبسا وقلقا في التراث الإسلامي، مما يحدو بالسؤال عن مدى إمكانية بأن يكون "رافعة" للخروج من مأزق "التكفير"، في الوقت الذي من الممكن أن يفتح الباب أمام محاذير عقدية أخرى. من هنا يكون على عاتق النقيدان أن يعمل على بحث موضوعة "الإرجاء"، التي يراه حلا، وإلا سيكون من المتعذر الأخذ بهذا الرأي دون التحقق من جدوائيته وصوابيته. 3- التركيز على قراءة الفكر السلفي قراءة تاريخية، تذهب لفرز تياراته، وتحديد انتماءاتها ومنابعها الفكرية، معتمدا في ذلك على بحث تاريخي استقصائي لرموز كل تيار، وأهم ما يميزه عن التيارات الأخرى، داخل المنظومة السلفوية. هذا البحث التاريخي تكمن أهميته في الوقوف على ظروف كل مرحلة ومعرفة تعقيداتها السياسية والاجتماعية، وجذور الفكر العقدي والفقهي الذي تأثرت به كل جماعة، وقد بذل النقيدان في مقاله حول " خارطة الإسلاميين في السعودية وقصة التكفير" جهدا مميزا ومفيدا، يربط فيه وبتسلسل منطقي وتاريخي بذور نشأة التيار "التكفيري"، وكيف وصلت به الحال من التطرف والغلو درجة تكفير "الدولة" وإباحة دم منتسبيها، وهو الأمر الذي رأى فيه النقيدان خروجا سافرا عن الفهم الحقيقي للدين، الذي يدعوا للحوار والعمل المدني والسلمي وسيلة لإصلاح المجتمع الإسلامي والدولة. 4- يلاحظ القارئ، أن النقيدان رغم كونه قد "كفر" من قبل جماعة ما، إلا أنه لم يجابه هذا التكفير بالدعوة إلى الإقصاء والمجابهة والتكفير المضاد. بل لم يستغل الوضع العام من أجل تأليب الدولة ضدهم، بل دعا إلى الحوار مع خصومه وعدم مجابهتهم بالعنف. رائيا أن أفضل وسيلة لحل المشكلة تكمن في دراسة أسبابها الحقيقة وبذور نشأتها وتكونها، والتي يراها في الأساس "فكرية" محضة، تداخلت لاحقا بعوامل سياسية واجتماعية واقتصادية، أدت لبروز هذا التوجه "التكفيري". وهو في دعوته لنبذ العنف، استند لتجربته الشخصية، وكيف أنه استطاع بعد جهد من المعرفة والبحث أن ينتقل من فكر متطرف إلى آخر متسامح ومعتدل. إن المهم في قضية النقيدان أن لا نقف عند السطح، وأن لا يستغلها كل فريق لتصفية حسابات وفتح معارك هامشية، خاصة في هذا الظرف الحساس من تاريخ الأمة، وإنما الواجب أن تأخذ الأمور بروية وعقل، وتدرس بجديه منابع هذا التطرف من أجل حل المسألة من جذورها، ودون ذلك سيكون الحل مستحيلا.
|
|
|
|
|
|
|
|
|