|
طارق الطيب ومدن بلانخيل
|
سجل طارق الطيب اضافات مهمة لمسيرة الابداع القصصي والروائي السوداني، لكنها ظلت مهمشة، على الرغم من البعد الذي وجده الطيب خارج حدود الوطن، حيث يقيم منذ سنوات طويلة في النمسا.كان ميلاد طارق الطيب عبر روايته الوحيدة «مدن بلا نخيل» والتي عالج فيها قضية الهجرة الى اوروبا، وصدام الشرق والغرب، بطريقة جديدة تختلف عن منهج الطيب صالح في روايته المعروفة «موسم الهجرة الى الشمال».فبطل «مدن بلا نخيل» ليس مثقفا او اكاديميا، او يحمل رؤية كونية للأشياء من حوله، كما ان الجنس لا يشكل هاجسا له، على طريقة مصطفى سعيد، فهو شخصية عادية مهمشة في وضع اقتصادي عصيب، تبحث عن معناها من خلال البحث عن المال، وليس الثروة، حتى تتجاوز عقدة الفقر الى بناء حياة مستقرة بعد العودة الى الوطن.ويفشل البطل في تحقيق احلامه بعد سنوات في اوروبا، حيث يعود الى السودان وهو اكثر بؤسا، وبعد ان جرب مهنا مختلفة هامشية مثل العمل في مزارع الكروم في فرنسا وهولندا، وبعد عودته يجد ان واقعا جديدا قد تشكل في بلاده، فالمجاعة ضربت كل شيء، والناس اصبحوا فقراء، وبعضهم مات من ضنك العيش، لم يجد بعد عودته غير «فكي» القرية (فقيه) قائما هناك، ليقول لنا طارق الطيب ان تحولات عديدة حدثت في سنوات التسعينيات من القرن العشرين في السودان، فرضت قيما على الحياة مظهرها الفقر وسيادة رجل الدين. ولا يتخذ الطيب موقفا سياسيا محايدا، لكنه في ذات الوقت، ليس كاتبا سياسيا، او معارضا لنظام معين، فأعماله تقوم على تفكيك التغيرات في خريطة البُنى الاجتماعية والسياسية في السودان، ومحاولة ايضاح حجم المأساة المترتبة عن التخبط السياسي دون أن يمسه بشكل مباشر.ففي قصته «الفردوس المؤقت» يعالج طارق الطيب تأثير الحرب في الجنوب على الانسان العادي الذي يعيش على الهامش، ليحكي لنا كيف فقد الاب ابنه وبنته في دراما قاسية تجسد حجم المأساة، فالفردوس المؤقت، هو الامل الذي يحمله كل مواطن سوداني بانفراج قادم يوقف طاحونة الحرب، لكنه لا شيء يتغير، ما لم يكن ذلك الفردوس ابديا. ونجد ان طارق
|
|
|
|
|
|