رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خالــد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة غادة عبدالعزيز خالد(غادة عبدالعزيز خالد)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-24-2007, 07:29 PM

غادة عبدالعزيز خالد
<aغادة عبدالعزيز خالد
تاريخ التسجيل: 10-26-2004
مجموع المشاركات: 4806

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال (Re: غادة عبدالعزيز خالد)

    الجمعة:

    الثالثة صباحاً. أولى لحظات عناقي لأرض الوطن بعد غياب طويل. المصابيح الشاحبة تزداد شحوباً. النعاس يطير أبخرة مع حركة الأقدام تبحث عن الأحذية المبعثرة تحت المقاعد. صوت المضيفة تبلغنا ، وكأنها تتلو شعراً ، بقرب الهبوط في مطار الخرطوم ، وتطالبنا ، كما لو كانت تغني ، بربط الأحزمة وإعادة الكراسي إلى أوضاع الاستقامة. إطارات طائرة الخطوط الكينية تلثم أرض المطار بسلاسة. أرقب الركاب من حولي ينهضون ، ينزلون حقائبهم الخفيفة من الأرفف ، ويتزاحمون في صفوف طويلة انتظاراً لفتح الباب إيذاناً بالنزول. ما زلت قابعة بمقعدي ، أحتضن طفلي ، وأنا أرسف ما بين توق نابح وخوف خفي! ترجل الركاب أجمعين. أخيراً أحكمت وضع حقيبتى على ظهري. وحملت أحد الصغيرين بيد ، وأمسكت الآخر بالأخرى. رددت تحية المضيفة الجميلة ، ثم اجتزت باب الطائرة إلى سلم النزول ، وعيناي تجولان حول المكان.

    دلفت إلى صالة المطار. ملأت البيانات. أمسك الموظف جوازي. أمعن التحديق فيه وفي ورقة البيانات ، ثم قال:

    ـ ''نسيتي تملي أهم خانة يا غادة عبد العزيز خالد''!

    لم أدرك مقصده. لكنه أردف دون أن ينتظر ردي:

    ـ ''خانة الاسم''!

    رددت عليه بصوت خفيض ، وهو يمسك بالقلم ليملأ خانة الاسم نيابة عنى. لا أذكر ماذا قلت. لعلى نسيت ، أو اضطربت. ناولني الجواز ، فواصلت مسيري مع الطفلين.

    وقفت أمام السير أنتظر حقائبي ، وإحساس غريب بالخوف يعتريني! نعم الخوف! فبعد غياب عن السودان دام لأكثر من خمسة عشر عاماً قضيتها ما بين مصر وأمريكا ، ظننت أنني سأصيح من الفرح ، سأرقص على أعتاب الوطن طرباً ، وسأقبل التراب شوقا ولهفة. لكن ، بدلاً من كل ذلك ، ها أنذا أقف هكذا .. وجلة ومرتبكة!

    إلتقطت حقائبي من السير. وضعتها على الحامل المتحرك ، ورحت أدفعه أمامي ، وأنا أعبر الصالة إلى باب الخروج. فجأة ، سمعت صوتاً أليفاً يهتف باسمى. رفعت عيني نحو مصدر الصوت على الشرفة الداخلية ، لأرى وجه شقيقتي الصبوح ، ويدها تلوح بشوق. بادلتها التلويح والابتسامة العريضة. في الباحة الخارجية وجدت أبى في الإنتظار ، وبرفقته عمى وابنة عمى. أحقاً هذه هي؟! فارقت السودان قبل أن تولد حتى ، وها هي اليوم شابة جميلة يانعة. ركبت العربة وطفلاي ، هاشم وشهاب ، ينظران حولهما في حيرة.

    ـ ''ماما إحنا وين''؟!

    ـ ''وصلنا السودان''.

    إنتابت هاشم فرحة غامرة ، فقد دأبت على الاكثار من ذكر (السودان) في الفترة الأخيرة ، وصرت أذكر لهم أين سنذهب ومن سنقابل. لكنني ، وأصدقكم القول ، لم أجرؤ أن أقول لهم كلمة واحدة عن دارفور ، أو عن كيف تركنا أطفالها يعيشون على الاغاثات في الملاجئ والمخيمات! أخجل أن أقول لهم هذا ، فأنا لا أريدهم أن يكرهوني أو يكرهوا وطنهم! وهكذا صار هاشم يسأل عن (السودان) في كل لحظة ، حتى أنه حين سمع المضيفة تعلن ، بعد دهر من الطيران ، عن قرب وصولنا مطار (أمستردام) ، هتف فرحاً ظاناً أننا وصلنا (السودان)! وحاولت (عبثا) أن أشرح له أننا لم نصل (السودان) بعد ، وإن كنا عبرنا الأطلنطي ، ودخلنا أوربا ، فأصبحنا قاب قوسين أو أدنى منه!

    و .. أخيراً ، ها أنذا في البيت الذي احتضن طفولتي وصباي الباكر. لم أنسه للحظة. كانت خارطته ملء ذاكرتي. تهتك قليلاً ، بعض شروخ على الجدران ، والأثاث الذي ظل بداخله قرابة السبعة عشر عاماً صار قديماً وحال لونه بعض الشئ ، لكنه لا يزال جميلاً كما هو. نمت ليلتها قريرة العين. وفي الصباح خرجت أتجول في شوارع الحلفاية. أذكر المنازل. لم تتغير. الزمان هو الذي تغير! بعض سكانها فارقوها ، وسكن الأخريات آخرون.

    مر الأسبوع الأول ، لكن حركتي ما زالت محدودة لم تتعد مدينة بحري. والجميع يسألون:

    ـ ''أها .. لقيتى السودان كيف''؟!

    ـ ''و الله يا هو زاتو .. أصلو ما اتغير''!

    ـ ''كيف ما اتغير؟! هو إحنا حاسين بفرق''!

    ـ ''غايتو أنا ماشفت غير الحلفاية وسعد قشرة .. و الاثنين ما اتغيروا''!

    ومرت أسابيع أخرى. و بدأت أتجول حول العاصمة المثلثة ، الخرطوم وبحري وأم درمان. ثمة طرقات لم ترصف بعد ، وإن كانت ثمة بعض الطرق والجسور الجديدة. لكن الفقر ما يزال سيد الأمكنة. أما الإنسان فما يزال ، برغم كل شئ ، بسيطاً و طيباً. غير أن أكثر ما لفت نظري كثرة المنازل الجميلة العالية والشاهقة. أعلم أن الكثير من المغتربين قد عادوا ليستقروا ومعهم مدخرات أعوام شاقة طويلة ، وأن كثيراً من الشرفاء قد كدوا وتعبوا. ولكن نسبة عمار البنايات يمثل بالنسبة إلىّ الفردية والمنفعة التي طالت البعض على حساب الآخرين ، بينما المصالح العامة والمرافق التي من المفترض أن ينتفع بها الجميع لم تنم و لم تزدهر. ولا زلت حتى الآن أحاول أن أقيّم ، هل هذا عمران حقيقي من النوع الذي عناه عالم الاجتماع العربي عبد الرحمن بن خلدون ، أم مجرد تطاول رعاة شاة في البنيان؟!

    .
    .
    .
                  

العنوان الكاتب Date
رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خالــد معاوية كرفس05-24-07, 09:38 AM
  Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال معتصم دفع الله05-24-07, 10:26 AM
    Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 04:52 PM
  Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال esam gabralla05-24-07, 05:02 PM
    Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال ود الباوقة05-24-07, 05:29 PM
      Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال نهال الطيب05-24-07, 06:40 PM
        Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال هاشم أحمد خلف الله05-24-07, 06:49 PM
          Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:24 PM
            Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:27 PM
              Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:28 PM
                Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:29 PM
                  Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:32 PM
                    Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:33 PM
                      Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:34 PM
                        Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-24-07, 07:35 PM
                          Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال HAYDER GASIM05-24-07, 08:27 PM
                            Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-25-07, 04:01 AM
                              Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال غادة عبدالعزيز خالد05-25-07, 12:05 PM
  Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال معاوية كرفس05-25-07, 08:28 PM
  Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال Shams eldin Alsanosi05-25-07, 11:03 PM
  Re: رزنـامة الإسبـوع - أخجـل أن أقـول هذا لأطفالــي - غـادة عبد العزيــز خال أبو ساندرا05-27-07, 12:11 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de