لماذا يمتنع البشير ويرفض زيارة مناطق الكوارث ببلده..كما يفعل الملوك والرؤساء الأخرون?!!

Quote: الوطن) تقف على الأوضاع بمدينة طوكر في الأمن والصحة والتعليم السيول تهدد المدينة بتكرار مأسأة 2007.. والطريق لا زال على حاله التلال الرملية تحيط بالمستشفى.. والقطط والكلاب جعلتها مأوى تحقيق: محمد أحمد الكباشي كانت الاستجابة فورية كعادة (الوطن) لمواصلة مسيرتها القاصدة وهي تصل إلى المواطن أينما كان وحيثما كان في ربوع الوطن الممتد، متلمسة قضاياه ومشاكله ومطالبه المشروعة وعكس تلك المطالب للمسؤولين على المستوى الاتحادي والولائي.. وهاهي (الوطن) تشد رحالها صوب شرقنا الحبيب حيث مدينة طوكر العريقة. وقبل الوصول إليها كانت مدينة بورتسودان حاضرة البحر الأحمر محطة عبور إلى طوكر، ولا ينكر أحد التنمية التي طالت بورتسودان والتطور والحداثة والنقلة النوعية، بدءاً من البنيات التحتية في رصف الطرق وتغطية مساحات واسعة من الأراضي الترابية بالانترلوك، فأصبحت عنواناً بارزاً لسهولة الحركة وانسيابها. والاهتمام بالجانب الخدمي في التعليم والصحة فتعددت المستشفيات والمراكز الصحية، بل امتدت يد التعمير لتطال الاستثمار في مجال السياحة فتعددت الكورنيشات وأصبحت جاذبة. كل هذا وغيره من الإنجازات لابد أن يجد الإشادة والتقدير للوالي محمد طاهر إيلا، الذي جعل من بورتسودان المدينة العريقة واحدة من أروع وأجمل المدن، وقطعاً لازال الطريق أمامه لمزيد من الإبداع.. ولنترك بورتسودان بكل هذه الروعة والجمال ونتجه إلى مدينة طوكر موضوع هذا التحقيق، حيث تبعد عن بورتسودان حوالي 170 كيلو إلى الجنوب الشرقي، وعلى طول الطريق في مساحات ممتدة تنتشر الخيام السكنية والرواكيب والمنازل التي شيدت من الحطب والبروش، وحولها قطيع من الأغنام والإبل وصور متكررة على هذا الطريق لنساء وفتيات يحملن المياه على ظهور الحمير، ويبدو أنهن أتين بها من مسافات بعيدة وذلك من واقع العنت والمشقة والإرهاق الواضح عليهن وعلى وسيلتهن.. وعلى مقربة من الطريق لاحظت عدداً من القرى التي شيدت بالطوب الأسمنتي قيل إنها قرى نموذجية ولكن لا أثر للحياة فيها.. وقبيل الوصول إلى طوكر بنحو 18 كيلو مترات حيث توقف العمل عن رصف الطريق وعنده تبدأ رحلة المعاناة. * 18 كلم معاناة عند محطة الخرسانة توقف العمل عن رصف بقية الطريق الذي يربط بورتسودان بمدينة طوكر، وقال محمد علي الذي كان يجلس إلى جواري: هذا الطريق أدى لعزل مدينة طوكر تماماً في العام 2007 عن بقية الوطن بسبب السيول والأمطار، وأن الوسيلة الوحيدة لإنقاذ المواطنين هي الإسقاط عبر الجو، ولكن أبناء طوكر بالخرطوم أسهموا إسهاماً فعالاً في إنقاذ أهليهم وهم يخوضون المياة لمسافة 18 كلم، وهذه المعاناة امتدت لأكثر من ثلاثة أيام ونخشى أن تتكرر لأن الولاية لم تقم بفعل شيء حتى الآن، والطريق يهدد حياة المواطنين ويعيق حركة السيارات لوعورته خاصة هذه الأيام مع توقف المياه والسيول، وحدث في هذا الأسبوع أن تعطلت الخدمة ليوم كامل لهذا السبب ونخشى من تكرار أزمة عام 2007، ونخشى أن تكون حكومة الولاية تعمدت عدم سفلتة هذا الطريق وهذا ما يتماشى مع النية المبيتة أصلاً، من قبل حكومة الولاية بترحيل طوكر القديمة إلى طوكر الجديدة. * مدارس تصارع من أجل البقاء بعد معاناة كبيرة استطاع سائق الحافلة التي تقلنا أن يتخطى هذه العقبة والشارع السيئ الرديء، وعلى مشارف المدينة مئذنة المسجد لكونها أعلى قمة في بنايات المدينة، وبالرغم من غابات أشجار المسكيت الكثيفة التي تحيط بالمدينة إلاّ أن تلالاً من الرمال تخترقها وتستقر على حيطانها، بل وداخل المنازل خاصة عند الجهة الجنوبية. ومع بداية دخولنا لمدينة طوكر تلاشت عندي تلك الصورة الرائعة التي حملتها عن مدينة بورتسودان، ويبدو أن التنمية بطوكر تسير بصورة سلحفائية.. فعجلاتها - أي التنمية - غاصت تماماً في الكثبان الرملية، وحتى مدرسة طوكر الثانوية والتي تطل عند المدخل لازالت تحتفظ بذكريات الماضي، لمدرسة هي في الأساس كانت مدرسة ابتدائية عريقة ولازالت اللافتة باسم مدرسة طوكر الابتدائية بنين. وداخل المدرسة المبنية بالجالوص التقنيا بالأستاذ محمد همد مدير المدرسة بمحلية الري.. يقول الأستاذ همد بعد أن أبدى ترحيبه بنا: يسير العام الدراسي بصورة طيبة حيث لا توجد مشاكل في الإجلاس أو الكتب، لكن المدرسة تحتاج لصيانة شاملة وكل ما يوجد بها هو دعم ذاتي لمجلس الآباء بالتعاون مع المحلية، ولازالت الفصول مزدحمة بسبب النقص في معلمي المواد العلمية لذلك نضطر أن ندمج الفصول مع بعضها في هذه الحالة.. أما المعلمون فأوضاعهم متردية ولا يوجد ما يشجعهم لأداء رسالتهم سواء كان من مجلس الآباء أو المحلية، وهناك مشكلة حقيقية في ميز المعلمين ونأمل أن تلتفت إلينا وزارة التربية والتعليم الولائية والاتحادية لحل هذه القضايا وغيرها. ونموذج آخر لمشاكل التعليم بطوكر حيث الثانوية بنات، وتقول الأستاذة كوثر أبو دبيب مديرة المدرسة: تعاني المدرسة من نقص حاد في المعلمين خاصة مادة التاريخ والمواد العلمية، بجانب مشكلة ميز المعلمات الذي يفتقد للخدمات من مياه وكهرباء، ولعجز حكومة الولاية عن دعم امتحانات الفترة إذ لم تصلنا هذه الرسوم حتى الآن، رأينا أنه لابد من إقامة الامتحانات فقمنا بكتابتها على السبورة وهي طريقة مضى عليها الزمن وأصبحت في طي النسيان، ولكن لأداء رسالتنا كاملة رأينا إقامتها بهذه الصورة في عصر الإنترنت وطابعات الليزر. أما مدرسة عمار ابن ياسر الأساسية بنين فقد أحاطت بها الرمال واحتلت فصولها. * مستشفى طوكر - واقع مأساوي وغير بعيد عن المدارس والأحياء يوجد مستشفى طوكر الريفي ولا يوجد دليل على كونه مستشفى خلاف وجود عشرات المرضى أمام إحدى الحجرات، فالسور الذي بني قبل عشرات الأعوام ظل يدافع عن المستشفى ويحميها من الزحف الصحراوي، إلاّ أنه عجز واستسلم أخيراً لتتغول الرمال حتى وصلت إلى داخل العنابر والغرف والحمامات التي تلاشت تماماً. هذا الوضع جعل من الدخول للمستشفى من كل جانب أمراً ميسوراً فأصبحت بذلك مرتعاً للكلاب والأغنام والقطط.. وحتى العنابر ظلت صامدة لفترات طويلة محتفظة بكينونتها التي شيدت بها على الطريقة الإنجليزية.. وفي العيادة الخارجية كان د. زين العابدين المبارك المدير الطبي للمستشفى منهمكاً لإجراء الكشوفات على المرضى، ولم يكن معه أي طبيب آخر بالرغم من العدد الكبير للمرضى. لم يتردد أن يجيب على تساؤلاتنا حول أوضاع المستشفى رغم مشغولياته، فأجاب بالقول: شيد مستشفى طوكر منذ عهد الإنجليز في العام 1898 وهو من أقدم المستشفيات في السودان، ولم يجدد إلى يومنا هذا بالرغم من أنه يغطي بجانب المدينة عدداً كبيراً من القرى، وطبعاً هؤلاء المواطنون أوضاعهم الاقتصادية تتوقف على موسم الزراعة ويكون حالهم صعباً للغاية بفشل الزراعة، ولكن نحن نجتهد كثيراً في تقديم العلاج للمرضى رغم هذه الظروف وحتى العلاج لا يستطيعون شراءه. أما واقع المستشفى فيحتاج للكثير، فالرمال تحيط به من كل جانب ولا يوجد ولا حمّام واحد وهذه مشكلة كبيرة تنتج عنها العديد من المشاكل، من بينها تردي الأوضاع البيئية داخل المستشفى بسبب الأوساخ والقاذروات. * تسيير المستشفى لا يتعدى الـ 600 جنيه يواصل المدير الطبي للمستشفى قائلاً: تنعدم خدمات المياه داخل المستشفى ويتم نقلها عن طريق الجرادل ولا توجد شبكة منتظمة، أما بالنسبة للكهرباء فإن العمليات تجرى بواسطة مولد صغير أما بقية العنابر فهي مظلمة تماماً، وعن دخل المستشفي فهو ضعيف. أما بخصوص مبلغ تسيير المستشفى المرصود من الوزارة فإنه لا يتعدى مبلغ الـ 600 جنيه شهرياً، وهذا المبلغ ضعيف جداً مقارنة مع أوجه الصرف المتمثل في وقود المولد والمياه ومرتبات العمال وغيرها ما يقوف مبلغ الـ 300 جنيه، كما يتحمل المستشفى في أحيان كثيرة رسوم العمليات. ومن المشاكل التي تواجه المستشفى خاصة عدم التزام التأمين الصحي بتوفير طبيب خاص به ونحن نتحمل مسؤولياته. أما بخصوص أكثر الحالات التي ترد للمستشفى فهي الدرن بأنواعه والحمد لله تدنت حالاته في الشهور السابقة، وقد اهتمت وحدة مكافحة الدرن واجتهدت كثيراً وهنا لابد أن نشيد بصندوق دعم المانحين، الذي يقدم وجبة غذائية للمريض بجانب تغذية 5 من الأسرة، وهذا المشروع أسهم كثيراً في الحد من خطورة مرض الدرن. وفي ختام حديثه ناشد د. زين العابدين الصادق وزارة الصحة الاتحادية ممثلة في الوزيرة تابيتا بطرس بتقديم الدعم العاجل لإنقاذ المستشفى.