أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو 200

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 10:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة د.ابو بكر سيد احمد الصايغ(بكري الصايغ)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2009, 11:52 PM

بكري الصايغ

تاريخ التسجيل: 11-16-2005
مجموع المشاركات: 19331

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو (Re: بكري الصايغ)

    من ملفات المعارضة السودانية في القاهرة..
    أحداث من مفكرة التسعينات (1)
    ---------------------------------------------

    *** - هل نجح التجمع الوطني في تحقيق أهدافه المعلنة ؟
    ------------------------------------------------------------------------

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147510635

    2008-03-18

    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved

    حسن أحمد الحسن:
    -------------------
    *** - كتب الأستاذ عبد العزيز الصاوي عدة مقالات سياسية تحليلية عبر جريدة الصحافة حاول أن يجيب من خلالها على هذا السؤال الهام مجتهدا .

    *** - قال الصاوي : "رغم نجاح صيغة التجمع مقارنة مع صيغ المعارضة السابقة إلا انه فشل في تحقيق أهدافه " .

    *** - لكن تقييم السيد الصادق المهدي لم يبخس التجمع حقه حيث أشار إلى أن التجمع في الخارج نجح في مرحلته الأولى 90- 96 في انجاز البناء الفكري والسياسي بتحقيق الاتفاق حول القضايا المصيرية الهامة عبر سلسلة من الأنشطة والمبادرات السياسية وهي المبادرات التي لعب فيها حزب الأمة دورا أساسيا كانضمام الحركة الشعبية للتجمع وتشكيل تنظيم القيادة الشرعية للقوات المسلحة ومؤتمر نيروبي 1993 الذي نجح في حسم قضية العلاقة بين الدين والدولة ، وحوارات نيروبي التي قادت إلى اتفاق شقدم مع الحركة الشعبية وهو الاتفاق الذي وقعه الراحل د عمر نور الدائم الأمين العام لحزب الأمة ومبارك المهدي الأمين العام للتجمع الوطني وعن الحركة الشعبية القائدان سيلفا كير وجيمس واني في ديسمبر 1994.

    *** - وتكمن أهمية هذا الاتفاق في أنه قاد إلى تطورات متلاحقة شملت اتفاق أسمرة الأول بين الأمة -الاتحادي -الشيوعي - قوات التحالف ثم مؤتمر القضايا المصيرية 1995 وهو المؤتمر الذي حدد أسس السلام العادل ، مستقبل الحكم اللا مركزي في السودان ، وسائل تحقيق الأهداف ، هيكل المعارضة .

    *** -هذه الانجازات الفكرية والسياسية في الواقع هي المعالم الرئيسية في مسيرة التجمع الوطني في المرحلة الأولى قبل أن تحيط به العوائق والتحديات وتصيبه لعنة الخلاف والتشرذم .

    *** - ولأهمية توثيق تلك الفترة التي تكمن أهميتها في كونها أحد أهم المدخلات السياسية لإفرازات الواقع السياسي الماثل ، وكشاهد على أحداث ومشاهد تلك الفترة أحسب أن من الأهمية بمكان تناول الحيثيات والسيناريوهات لبعض من المشاهد السياسية التى وقعت أحداثها على مسرح المعارضة وكما دونتها مفكرة التسعينات .

    القاهرة 21 سبتمبر عام 1990
    تشكيل التجمع الوطني في الخارج:
    ---------------------------------
    *** - بعد إعلان تكوين التجمع الوطني في السودان من داخل سجن كوبر في أغسطس 1989 وإعلانه رسميا في 21 اكتوبر من نفس العام بدأت القوى السياسية في لملمة أطرافها في الداخل والخارج بعد ان أفاقت من صدمة الانقلاب وشرعت في ترتيب خطواتها وإعداد خططها لمرحلة قادمة من المواجهة مع لنظام الجديد .

    *** - تم أول اجتماع عصر يوم 21 سبتمبر عام 1990 بمنزل السيد محمد الحسن عبدالله يسن بشارع الحجاز بمصر الجديدة حضره محمد الحسن ، د أحمد السيد حمد ، على أبو سن من الاتحادي فيما حضر من الأمة مهدي داود، حسن احمد الحسن ، صلاح جلال.

    ***- تم الاتفاق في ذلك الاجتماع على الآتي: *تكوين تنظيم للتجمع الوطني في الخارج ،*توسيع قاعدة المشاركة من شخصيات وطنية حيث لم يكن لبعض الأحزاب تواجد في القاهرة كالحزب الشيوعي مثلا.

    *** - رشح الحزب الاتحادي الأستاذ فاروق أبوعيسي ورشح حزب الأمة د الواثق كمير على أن يتم استعراض أسماء أخرى في الاجتماع الذي يلى .

    *** - تم أول اجتماع في شقة يقيم فيها الأخ بكري النعيم جوار الإذاعة المصرية القديمة بشارع أبو بكر خيرت الشريفين حضره ممثلون عن الأمة والاتحادي حيث تم ترشيح الأساتذة طه إبراهيم المحامي والفنان محمد وردي بالإضافة لممثل الحركة الشعبية المتواجد كطالب في القاهرة ماجوك أيوم .

    *** - قرر الاجتماع استيعاب كل قادم من السودان يقبل العمل وأن تكون الاجتماعات دورية بشقة بكري النعيم وشقة الأستاذ طه إبراهيم المحامي 50 شارع سوريا بالمهندسين.

    *** - بعد حرب الخليج الثانية توسع عمل المعارضة وحضر إلى القاهرة السيدان د عز الدين على عامر عن الحزب الشيوعي وأحمد عقيل عن الأمة يحملان مقترحات بإنشاء مركزية للعمل بالخارج .

    *** - وتم أول اجتماع لتكوين لجنة عليا للتنسيق حضره من الأمة مهدي داؤود ، حسن احمد الحسن ، أحمد عقيل ، من الاتحادي محمد الحسن يس محمود زروق ،بكري النعيم ، من الشيوعي عز الدين على عامر، من الحركة مجوك أيوم ، من القوات المسلحة العقيد السر العطا ومن الشخصيات الوطنية محمد وردي ، طه ابراهيم ، فاروق أبوعيسى .حيث تم اختيار السيد محمد الحسن عبد الله يسن رئيسا للجنة .
    تم اقتراح تكوين لجنة للإعلام من حسن احمد الحسن و د حيدر إبراهيم ، ومحمد عبد الماجد وعدد من الإخوة .

    *** - رغم وجود الشريف زين العابدين الهندي في القاهرة وإطلاعه على هذه التطورات في تلك الفترة إلا أنه لم يشارك في أي عمل مباشر .

    *** - فيما بدأ الميرغني من مقر إقامته في السعودية بإجراء اتصالات لاستقطاب عدد من الاتحاديين في القاهرة وعزل آخرين منذ وقت مبكر أدى في نهاية المطاف إلى عزل أو تهميش البعض منهم من الذين تصدوا للعمل منذ بداياته ومنهم الاستاذ على أبوسن وبكرى نعيم ، ومحمود زروق ، وامتعاض بعض آخر .

    *** - في عام 1991 وبعد وصول الأستاذ التجاني الطيب إلى القاهرة وانضمامه إلى لجنة التنسيق العليا وتوسع العمل وتعدد ممثلو القوى السياسية بدأت الخلافات تدب في اللجنة فاستقال البعض وجمد البعض نشاطهم وهي الخلافات التي استمرت حتى انعقاد مؤتمر أسمرا عام 1995 .

    *** - كانت هذه الخلافات انعكاس لخلافات داخل الأحزاب والفصائل حيث دبت المشاكسات والتباينات بين قيادات وكوادر الأحزاب حول أسلوب العمل وحول قيادة العمل ومدى الصلاحيات .

    *** - ووجدت بعض الكوادر التي تصدت للمعارضة نفسها في هامش النشاط مع صعود عناصر جديدة تم إلحاقها لاعتبارات مختلفة .

    *** - هذه الحالة عبر عنها لاحق الأستاذ المرحوم على أبوسن الذي ابتعد تماما عن العمل السياسي الحزبي احتجاجا وكان من أول المتصدين جاء ذلك في رسالته الشهيرة والمفتوحة التي وجهها للسيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي.

    *** - توافد إلى القاهرة في تلك الفترة عدد من الصحفيين والإعلاميين منهم الزملاء معاوية جمال الدين ، الشيخ عووضة ، عوض أبوطالب ، محمد مصطفى الحسن ، زين العابدين صالح ، وديع خوجلي ، محمد حسن داؤود ، سكينة كمبال ، وهاشم محمد أحمد والاستاذ عبد الله عبيد ، ثم توالى بعد ذلك توافد الصحفيين الذين شكلوا رأس الرمح في النشاط الإعلامي والثقافي لعمل المعارضة السودانية في القاهرة والتي تحولت بدورها إلى محطة سودانية هامة لاعتلاء قطار المعارضة فضلا عن العديد من الإعلاميين والناشطين في مجالات الإبداع المختلفة الذين لا يتسع المجال لذكر أسمائهم جميعا .

    *** - من خلال مكتب الإعلام الذي أقامه حزب الأمة لتنسيق عمل المعارضة في وسط القاهرة ،ساهمت هذه الكوكبة مع اللجنة الإعلامية في إصدار أول عدد من نشرة السودان في 1/1/1991 التي سبقتها إصدارات أخرى، ولعبت النشرة دورا هاما في توضيح مواقف كل من المعارضة والنظام ثم أخذت بعد ذلك دورها في التصدي الإعلامي لما يجري في السودان .

    *************************************************

    الـحـلقة الثـانيـة: من ملفات المعارضة السودانية في القاهرة..
    أحداث من مفكرة التسعينيات (2)-
    أديس أبابا مارس 1990-
    -------------------------
    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147510659&bk=1

    2008-03-18

    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved.

    حسن أحمد الحسن:
    -------------------

    *** - تم أول لقاء لمعظم أعضاء تجمع المعارضة الذين قدموا إلى العاصمة الأثيوبية مع الدكتور جون قرنق في أديس في مارس عام 90 بعد أشهر من انقلاب الإنقاذ في منزل الأخ دينق ألور.

    *** - تم اللقاء خلال جلسة عشاء جمعت عدداً من المعارضين بعد انتظام عمل المعارضة السياسية ضد النظام الانقلابي الجديد. جمع اللقاء مجموعة من القيادات السياسية التي قدمت من القاهرة لتنظيم وتنسيق عمل المعارضة مع الحركة الشعبية.

    *** - تجدر الإشارة إلى أن هذه النشاطات بدأت مباشرة بعد تشكيل التجمع الوطني الديمقراطي في الخارج. وذلك في إطار استكمال الإجراءات المتعلّقة بانضمام الحركة الشعبية للتجمع والتي بدأت بجهود متصلة من حزب الأمة. شهدت تلك الفترة لقاءات مكوكية بين لندن وطرابلس وأديس أبابا بين ممثلي حزب الأمة والحركة.

    *** - وبعد التوصل إلى خطوط عامة جاء التحضير الذي هيّأ لعقد أول اجتماع للمعارضة في أديس أبابا بمشاركة الحركة عام 1990 لمناقشة الصيغة المطروحة لتعديل ميثاق التجمع وتضمين ملاحظات الحركة للميثاق.

    *** - تحدّث قرنق في ذلك اللقاء بثقة وتفاؤل كبيرين حول رؤيته للتغيير المطلوب في السودان، وقد كان حديثه لا يخلو من سخرية وطرفة في بعض الأحيان.

    *** - تحدّث عن التجربة السويسرية في الحكم باعتبارها مثالاً يمكن أن يقوم في السودان وهي صيغة تحقق مشاركة جميع الأقاليم في الحكم على مستوى المركز. كما تناول رؤيته لمعارضة النظام على الصعيدين العسكري والسياسي وضرورة تنظيم مساهمة القوى السياسية في ذلك المشوار.

    *** - صورة جون قرنق الثوري في مطلع التسعينيات حدث فيها كثير من التغيير بعد أكثر من عقد من الصراعات والتحالفات مع القوى السياسية في الشمال والجنوب، فيبدو تارة اقرب إلى المفكّر والمنظّر وتارة أخرى إلى المناور البارع، وثالثة إلى سياسي يسعى إلى تطويع خصومه من الحلفاء بإثارة التناقضات، مستفيداً من بريقه الإقليمي والدولي الذي بدأ في الظهور تلك الأيام.

    *** - يقول بيتر موسزينسكي، وهو متخصص في تغطية أخبار الحرب الأهلية السودانية لعدة سنوات، إن من الصعب إقامة علاقة شخصية مع هذا الرجل: يقصد جون قرنق ويقول «لديه مظهر بارد، يعطيك الانطباع أنه فوق الآخرين».

    *** - ويصف جيل لاسك نائب رئيس تحرير (أفريكا كونفيدينشيال) والمتخصص في الشؤون السودانية قرنق بأنه رجل فخور، ويقول إنه «رجل ذو كاريزما وقدراته القيادية واضحة». «هو رجل عسكري محترف. رجل يؤمن بأنه ماهر».

    *** - يرى الدكتور جون قرنق في نفسه مخلصاً ليس للجنوب فحسب وإنما لكل أؤلئك الذين يعتقد أنهم ضحايا لهيمنة الثقافة العربية الإسلامية التي لم تحترم ثقافات الآخرين وقد لعبت ظروف وعوامل كثيرة دوراً أساسياً في تشكيل هذه الشخصية التي لعبت دوراً درامياً في بداياتها وانتهى دورها أيضاً بطريقة درامية في حادث تحطم طائرة بطريقة مأساوية. القرب من شخصية العقيد قرنق يعطيك الفرصة لاكتشاف أنه قارئ جيد لتاريخ السودان، راجح العقل تسري فيه روح الدعابة والإدراك لأبعاد الشخصية السودانية للمواطن الشمالي، وهي معرفة تراكمت مع سني تواصله مع جميع أطياف وقطاعات المجتمع السوداني التي كانت ممثلة في التجمع الوطني سياسياً واجتماعياً. ويزخر خطابه بالنوادر والأمثال الشعبية السودانية.

    *** - ولد جون قرنق عام 1945 وهو من قبائل الدينكا الجنوبية المعروفة بعبادة السماء وعزف الموسيقى الشعبية باستخدام قرون الكباش.

    *** - كان من الأطفال القلة في جنوب السودان الذين تمكنوا من الذهاب إلى مدرسة ابتدائية في عهد الإدارة البريطانية. وبعد أن درس المرحلة الثانوية في تنزانيا حيث انتقل والداه، تابع دراسته الجامعية فـي فرينيل كوليدج فــي ولايــة ايوا الأميركية.

    *** - في عام 1974، عاد قرنق إلى الولايات المتحدة لإتباع دورة تدريبية عسكرية مدتها سنتان في جورجيا قبل ان يعود الى الخرطوم. أوفد مجدداً في عام 1977 إلى الولايات المتحدة، لكن هذه المرة ليعد أطروحة دكتوراة في الاقتصاد في جامعة ايوا. وقد حصل عليها في 1981 بعد ان اعد أطروحة حول قناة جونغلي في جنوب السودان.

    *** - في عام 1981 عاد إلى الخرطوم حيث شغل عدة مناصب، من بينها نائب مدير مركز أبحاث الجيش وأستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة الخرطوم.

    *** - لكن حياته انقلبت في عام 1983، فبصفته عقيداً في الجيش النظامي أرسل قرنق لاحتواء تمرد لقوات الجنوب في المنطقة التي ولد فيها. لكنه لم يعد من هناك وتبنى قضية الجنوب وانشأ الجيش الشعبي لتحرير السودان.

    *** - في سنوات القتال، بدّل قرنق تحالفاته عدة مرات. فقد وقف في صف السوفيات خلال الحرب الباردة، بينما كانت الخرطوم والولايات المتحدة تقيمان علاقات وثيقة، ثم حصل على مباركة الأميركيين في التسعينيات. وأقام إبان وجوده في الخرطوم بمدينة الحاج يوسف في (شمال الخرطوم).

    *** - وتحيط بالخلفية العقائدية للجيش الشعبي لتحرير السودان نفس الضبابية التي تحيط بزعيمه قرنق. وتستمد تلك الأيديولوجية مفرداتها من الماركسية يساراً إلى الحصول على تأييد الأصولية المسيحية في الولايات المتحدة يميناً.

    *** - يقول بيتر فيرني، رئيس تحرير خدمات المعلومات السودانية المستقلة إنه «قد فاق الآخرين بحيلة وذكائه، وبالأخذ بزمام المبادرة دائماً، تستطيع أن تعرف ذلك من طراز إجراءات الأمن حوله أينما تنقل».

    *** - لكن يذكر له دائماً قدرته على الحفاظ على وحدة الحركة حتى في الأوقات العصيبة فضلاً عن ترتيب أفكاره فيما يقدّم من رؤى.

    *** - كان الدكتور قرنق في تلك الفترة مشدوداً لقيم الوحدة، حيث يتسع مفهوم التحرير عنده ليشمل السودان كله على أسس من العدل والمساواة ولم يكن ليسمح في تلك الفترة لأي صوت انفصالي أن يعلو لأنه كان يتحدث عن السودان كله وليس الجنوب وهو الحديث الذي كان يجد دعماً كبيراً من جميع فصائل المعارضة حيث تبددت كل المسافات والاحتقانات في أجواء الواقع النضالي الذي بدأ يظلل الجميع.

    *** - في تلك الفترة التي اتسمت بالشفافية الوطنية كانت النظرة للسودان واعدة بالمستقبل العادل لجميع أبنائه دون تمييز.

    *** - كما شكلت تلك الفترة من عمل المعارضة التي امتدت لعقد من السنوات فرصة حقيقية للتعارف السياسي بين جميع القوى السياسية في الشمال والجنوب وأعتقد أنها قد صححت العديد من المفاهيم الخاطئة المتبادلة.

    *** - فالقرب من شخصية العقيد قرنق يعطيك الفرصة لاكتشاف أنه قارئ جيد لتاريخ السودان، راجح العقل تسري فيه روح الدعابة والإدراك لأبعاد الشخصية السودانية للمواطن الشمالي، وهي معرفة تراكمت مع سني تواصله مع جميع أطياف وقطاعات المجتمع السوداني التي كانت ممثلة في التجمع الوطني سياسياً واجتماعياً. ويزخر خطابه بالنوادر والأمثال الشعبية السودانية.

    *** - لقد فتحت تلك الأيام الطريق لإمكانية إعادة صياغة الواقع السوداني لأن الجدية كانت متوفرة والآمال والتفاؤل كان كبيراً. ولم يكن أحداً يتوقع على نحو ما نشاهده اليوم من تطورات أن تفلت جميع الأوراق السياسية لحل الأزمة السودانية من أيدي السودانيين، لتصبح في أيدي القوى الأجنبية بكل ألوانها بينما يتحوّل أهل الشأن إلى متفرجين أو متلقين في أحسن الأحوال كما بدا الحال في مباحثات منتجع نيفاشا الكيني.

    *** - بادر حزب الأمة للإلتقاء مع الحركة وجذبها إلى عضوية التجمع الوطني الديمقراطي عبر مباحثات مباشرة مع الحركة بدأت تحديداً في الخامس من سبتمبر عام 1989 في الجماهيرية الليبية بطرابلس وامتدت المباحثات عبر سلسلة من اللقاءات حتى يناير عام 1990 حيث تم التوقيع على اتفاق التحالف (الإستراتيجي) بين حزب الأمة والحركة الشعبية في اليوم التاسع والعشرين من يناير بمدينة طرابلس التي شهدت لقاءات بين القيادة الليبية وكل من الأمة والحركة وقّع عليه من قبل حزب الأمة في ذلك التاريخ مبارك المهدي ومن قبل الحركة لوال دينق.

    أديس أبابا 22 فبراير عام 1990
    ------------------------------------
    *** - تم الإعلان رسمياً عن هذا الاتفاق بعد صياغته في أديس أبابا في 22 فبراير عام 1990، تزامن الحوار مع الحركة مع حوار مماثل بين حزب الأمة والقيادة الأثيوبية بدأ في النصف الأول من سبتمبر عام 1989، وهو الحوار الذي أثمر بدوره اتفاقاً مع الحكومة الأثيوبية أتاح لحزب الأمة ممارسة نشاطه وفتح مكتب له بالعاصمة الأثيوبية تمارس من خلاله كل نشاطات المعارضة السودانية بالإضافة إلى منح المعارضة ساعة من البث الإذاعي عبر إذاعة أديس أبابا والسماح لقيادات المعارضة السودانية الالتقاء في العاصمة الإثيوبية بغرض التشاور والتفاكر دون قيد أو شرط.

    *** - وبالفعل فقد نظم مكتب حزب الأمة في أديس أبابا أول لقاء لفصائل المعارضة مع الحركة الشعبية تمت فيه مناقشة مقترحات الحركة وإضافاتها للميثاق وتم الأتفاق على مسودة التعديل على أن تستكمل في القاهرة حيث نظم حزب الأمة لقاءً مماثلاً بفندق ميرديان القاهرة هيليوبوليس تمت فيه مناقشة مقترحات الحركة حيث أمكن التوصل في نهاية المطاف الى الصيغة النهائية لميثاق التجمع الوطني الذي أصبحت الحركة بموجبه عضواً في التجمع الوطني.

    *** - القاهرة 15 مارس عام 1990
    ---------------------------------------
    *** - كان يوم 15 مارس عام 1990 هو تاريخ انتظام الحركة في التجمع الوطني ويوم توحيد القوى السياسية والجنوبية لأول مرة في جبهة واحدة ضد حكومة الإنقاذ..
    من الشخصيات التي شاركت في تلك الاجتماعات ممثلة لفصائلها والتي اعتبرت أن إعلان انضمام الحركة إنجازاً تاريخياً، السادة المرحوم الدكتور عز الدين علي عامر عن الحزب الشيوعي السوداني، السيدان محمد الحسن عبد الله يس والدكتور أحمد السيد حمد عن الحزب الاتحادي الديمقراطي، الدكتور منصور خالد والدكتور لام كول والسيد دينق ألور عن الحركة الشعبية، كما شارك من حزب الأمة المرحوم الأستاذ الفاتح محمد سلمان، مأمون شرفي، صديق بولاد، حسن أحمد الحسن، د. سليمان الدبيلو وصلاح جلال.

    *** - في ضوء هذا النجاح الذي تحقق في القاهرة رأت الحركة وحزب الأمة استكمال مباحثاتهما التي بدأت في أكتوبر عام 1989 بأديس أبابا والتي قادت الى انضمام الحركة لتجمع المعارضة الشمالية حيث شكلت الحركة وفدها للتفاوض مع الأمة والذي ضم في عضويته أعلى مستوى من قادة الحركة وهم الدكتور جستينياك، نيال وليم دينق، لوال دينق لوال، ماريو مور والكوماندر جيمس واني لتبدأ سلسلة من الحوارات واللقاءات والاتفاقات.

    ***********************************************

    من ملفات المعارضة السودانية في القاهرة «3»
    --------------------------------------------

    http://www.alsahafa.info/index.php?type=3&id=2147510951&bk=1

    ©2004 Alsahafa.info. All rights reserved

    حسن أحمد الحسن-
    --------------------------------------
    *** الوحدة وتقرير المصير في إعلاني الناصر وتوريت.

    *** - جنوب السودان صيف عام 1991م:
    ---------------------------------
    *** - في صيف عام 1991م وبينما كانت العمليات العسكرية تحتدم في الجنوب مخلفة أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف الجانبين، قامت إحدى المجموعات التي انشقت عن «الحركةالشعبية» بإعلان ما عرف «ببيان الناصر» بقيادة د. رياك مشار ود. لام أكول، وذلك في أغسطس عام 1991م، حيث رفعت جماعة الناصر شعار الانفصال، فيما أبدت الحكومة آنذاك موافقتها واستعدادها لبحث تفاصيل مطلب الانفصاليين في مجموعة الناصر.

    *** - وبالطبع كانت الحكومة تهدف من وراء ذلك إلى إحداث مزيد من الانشقاقات داخل الحركة وإضعافها، دون أن تدرك أو أن يدرك مهندس مفاوضاتها الدكتورعلي الحاج، أن الموافقة المتعجلة على مطلب الانفصال ربما يغري مجموعات أخرى لإعلاء صوتها بالمطالبة بتقرير المصير. وقد كان الأمر حتى تلك المرحلة لا يعدو المطالبة بفيدرالية ذات صلاحيات موسعة.

    *** - ونجحت الحكومة باستجابتها السريعة لحوار الانفصاليين في وضع خصمها الرئيسي «الحركة» في موقع يبدو الأقل دفاعا عن مطالب الجنوبيين، حيث تطرح الحركة شعار الوحدة والتحرير للسودان كله وليس الجنوب فقط، وحل مشكلة الجنوب في إطار قضية السودان المركزية وليس باعتباره جزءا منعزلا.

    *** - وأسهمت سياسات الحكومة في تلك الفترة وإطلاق يد الدكتور علي الحاج في التعامل مع الملف الجنوبي برؤى قاصرة، في تعزيز مطلب الانفصال، رغم أن هدف الحكومة كان إحداث انقسامات داخل جسم الحركة، واختراق الحركة بعمل داخلي لإقناع قياداتها بالتفاوض معها، والسعي لمساومة مجموعة الناصر من ناحية أخرى، وكسب الوقت للإعداد لمواجهات فاصلة مع الحركة في ظروف بدت فيها الحرب تأخذ طابعا دينيا واقصائيا، لكن الحكومة لم تكن تحسب أن التطورات ربما تقود إلى نتائج غير التي تريدها، بحيث يصبح تقرير المصير أمرا واقعا لا يمكن تجاهله.

    *** - وبالفعل فقد أحدث إعلان الناصر ارتباكا كبيرا في صفوف الحركة، مما دعا الدكتور جون قرنق الى الدعوة لعقد اجتماع مهم لقادة الحركة في مدينة توريت، لبحث تداعيات إعلان الناصر على مسيرة الحركة في ظل وجود تأييد كبير للرأي العام الجنوبي لمطلب الانفصال.

    *** - وتداول الاجتماع في كافة المعطيات على الساحة الجنوبية، وفي مستقبل علاقات الحركة مع حلفائها الشماليين إن هي أقدمت على تبني خيار الانفصال لسحب البساط من تحت أرجل خصومها في مجموعة الناصر، وحاولت الخروج بعد جدل دام لعدة أيام بين مناصري الانفصال ومناصري الوحدة، الخروج بحل وسط يخاطب مشاعر الجنوبيين، ويعمل في نفس الوقت على عدم إحراج شعارات وتحالفات الحركة وخطابها المعلن مع حلفائها الشماليين.

    *** - وذلك من خلال معالجة مطلب تقرير المصير، بما لا يخل بالتزامات الحركة باعتبارها فصيلا داخل التجمع الوطني. وأسفرت المداولات عن إصدار ما عُرف «بإعلان توريت» الذي تمثل في تبني الحركة لثلاثة خيارات محددة هي:
    أ/ الوحدة المشروطة.
    ب/ الكونفيدرالية.
    ج/ حق تقرير المصير.

    *** - وعلى صعيد مجموعة الناصر وسيناريو مهندس العلاقات الجنوبية الدكتور علي الحاج، قام الأخير بترتيب عقد اجتماع سري في مدينة فرانكفورت الألمانية، مع وفد المنشقين عن الحركة بقيادة الدكتور لام أكول، لمناقشة موضوع تقرير المصير والبحث في تفاصيله. وبالطبع فقد استخدم علي الحاج كل مهاراته في إتمام التوصل إلى اتفاق مع مجموعة الناصر، وإبرام اتفاق يتضمن تزويد الحكومة للمجموعة بأسلحة وذخائر على أساس قبول الحكومة بحق تقرير المصير وقبول مبدأ الانفصال نهائيا، فضلا عن التعاون في تحقيق ذلك، لاسيما التنسيق الميداني بين قوات الحكومة وقوات مجموعة الناصر، للإطباق على قوات قرنق وتصفيتها.
    هذا البند من الاتفاق الذي يتضمن التعاون العسكري للإجهاز على قوات الحركة، اعتبره عضوان في الوفد محاولة لإضعاف الجنوبيين بتزكية القتال بينهم، دعاهما للاستقالة من المجموعة بصورة مسببة، وهما القاضيان تيلار دينق ودينق تيل. وقد أصدر القاضيان بيانا في فرانكفورت، أشارا فيه الى أن د. لام أكول قد حرص على إخفاء كل تحركاته في ألمانيا عن أعضاء الوفد، بما في ذلك اجتماعاته السرية مع الدكتور علي الحاج.

    *** - وأضاف القاضيان أن تعامل لام أكول بهذه الطريقة مع قضية الجنوبيين، دفعهما للاستقالة من مجموعة الناصر وهما في غاية الأسف. وكان هذا البيان هو الذي نسف سرية المباحثات في فرانكفورت، وفضح الاتفاق قبل أن يجف مداد التوقيع عليه.

    *** - أما عن تفاصيل فحوى الاتفاق، فقد نصَّ على التزام مجموعة الناصر بالتعاون التام مع الحكومة مقابل قبول الحكومة لمبدأ الانفصال التام لجنوب السودان عن شماله، وقيام دولة مستقلة في الجنوب، وأن يظل ذلك مبنيا على ترتيبات الفترة الانتقالية المتفق عليها، وأن يكتفى بالتوقيع على الاتفاق في تلك المرحلة تفاديا لأي حرج يمكن أن يسببه بالنسبة للحكومة داخليا وإقليميا أو على صعيد المعارضة في الخارج.

    *** - وباستقالة القاضيين وكشف تفاصيل الاتفاق، ما لبث أن دبت الانقسامات داخل مجموعة الناصر نفسها، بعد أن تحولت المجموعة الى آلية في يد الحكومة، حيث تم التنسيق بين الحكومة والمجموعة في هجوم قاداه على مواقع حركة قرنق، فدارت معارك ضارية راح فيها عدد كبير من الضحايا على الجانبين، الإ أن الفصيل الرئيسي قد تمكن من إعادة السيطرة على عدد من المواقع التي خسرها وأعاد تأمينها.

    *** - وبفشل الهجوم في تحقيق أهدافه، تجاهلت الحكومة اتفاقها مع مجموعة الناصر الذي وقعته في فرانكفورت، مما حمل مجموعة الناصر كرد فعل على ذلك التجاهل، للقيام باقتحام مدينة ملكال التي توجد فيها القوات الحكومية. وقال لام أكول الذي عبر عن ذلك في إطار ابتزاز للحكومة، إن المجموعة المنشقة لاتزال عضوا في التجمع الوطني المعارض، وكنا قد أشرنا سابقا الى أن الدكتور لام أكول هو الشخص الذي مثل الحركة في التوقيع على انضمامها للتجمع في القاهرة عام 1990م، لممارسة مزيدٍ من الضغط على الحكومة التي تنكرت لالتزامها لهم.

    *** - هذه التصريحات التي أدلى بها الدكتور لام أكول، شجعت المعارضة التي كانت في حيرة من أمرها بعد انشقاق الحركة على التقدم خطوة إلى الأمام، وذلك بمحاولة لرأب الصدع بين الفصيلين، بعد أن كانت قد أعلنت مساندتها للتيار الوحدوي بزعامة الدكتور قرنق الذي قال إنه يقاتل الجنوبيين من أجل تحقيق وحدة السودان.

    *********************************************************

    *** - من ملفات المعارضة السودانية في القاهرة (4)
    *** - مشــاهد مـن حقبة التسعينات.... أسماء وعناوين:
    ---------------------------------------------------------------

    القاهرة أكتوبر 1989
    حسن أحمد الحسن-
    ---------------------------
    *** - كنت على موعد مع الأستاذ فاروق أبو عيسى ذلك السوداني النبيل الذي تشتم فيه عطر الوطن ، مهما كان اختلافك معه بمقر اتحاد المحامين العرب بقاردن سيتي . لم تكن المعارضة قد اتخذت شكلا في تلك الأيام ، وكنا قد بدأنا خلية نشاط إعلامي بمعاونة الأمين العام لاتحاد المحامين العرب حيث ابدى الاتحاد تضامنه مع الشعب السوداني وكنت حينئذٍ أتعاون مع الأستاذ أبو عيسى ومكتبه في إعداد نشرة الاتحاد ، ( المحامون العرب ) وهي نشرة معنية بحالة حقوق الإنسان في السودان فيما تولى الاتحاد إعلان حملات التضامن ، وإقامة الندوات والتنسيق مع قوى المجتمع المدني المصرية من منظمات وأحزاب ونقابات واتحادات ومسئولين وبرلمانيين ومثقفين وفنانين .

    *** - مررت في طريقي بمكتبة مدبولي على ناصية ميدان طلعت حرب أتأمل عناوين الصحف فوقع نظري على مانشيت أحمر يعلو صورة لرئيس الوزراء المعتقل الصادق المهدي في تلك الأيام ، بعنوان - محضر التحقيق مع المهدي - فحملت الصحيفة - التي يصدرها حزب مصر الفتاة ويرأس تحريرها الأستاذ مصطفى بكري محاولا التعرف عليها عن قرب .

    *** - بعد اطلاعي على نص المحضر ،والذي ألحقه الأستاذ بكري بتعليق متعاطف مع معاناة المعتقلين مطالبا بمساندة حقيقية للشعب السوداني. اتصلت صباح اليوم التالي بمكتب الأستاذ مصطفي بكري لتحديد موعد معه ، كان ذلك في اليوم الثاني بمقر الصحيفة بعمارة معروف قرب ميدان التحرير.
    استقبلني الأخ مصطفى بحفاوة بالغة وبشاشة صعيدية دافئة وأحاطني باهتمام مقدر ودار حوار مطول بيننا دام لما يقارب الساعتين حول الوضع في السودان ما نريده من زملائنا الصحافيين بصفة خاصة لدرء ما يواجهه أهل السودان من ابتلاءات.

    *** - كان مصطفي بكري يعمل إلي جانب مسؤوليته في الصحيفة مراسلا لراديو مونت كارلو في القاهرة والذي كان يولي اهتماما خاصا بالتطورات في أفريقيا والشرق الأوسط ، بالإضافة إلي دوره النشط من خلال علاقاته وصلاته ببعض المسئولين وقادة الرأي في مصر والعالم العربي .

    تمددت بيننا علاقة صادقة حميمة اتسعت لتشمل عددا من السودانيين المقيمين في مصر والذين يترددون علي القاهرة منهم الأخ المرحوم الفاتح سلمان الذي كان ينتمي إلي مجموعة رجال الأعمال في حزب الأمة وفي نفس الوقت فهو صاحب اهتمامات إعلامية وصحفية وقد كان داعما ومشجعا لمشروع صحيفة (الوحدة ) التي أنشأناها في القاهرة في مطلع التسعينات . بدأت اهتمامات الفاتح سلمان الإعلامية في لندن حيث أسس نشرة - سودان مونيتور - والتي كانت تحررها الصحافية البريطانية إيما شارب .وهي نشرة تعنى بأوضاع حقوق الإنسان وقضايا الديمقراطية في السودان .

    تعرفت من خلال الأخ مصطفى بكري على عدد مقدر من الزملاء الصحافيين والإعلاميين المصريين ، منهم شقيقه محمود بكري الذي كان محررا بصحيفة الشعب، ومحمد عبد السلام الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتجية ،والأساتذة عادل حمودة و جمال سليم والروائي جمال الغيطاني وعد كبير من الزملاء والأصدقاء .

    لعب مصطفى بكري دورا مقدرا في فتح عدد من القنوات السياسية رسميا وشعبيا للمساهمة في تسليط الضوء علي الأحداث الجارية آنذاك منهم الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي الذي لم يبخل بتقديم كل جهد مخلص عبر الأروقة الرسمية بضرورة الاستماع لكل ممثلي الطيف السياسي السوداني. وهو جهد ساهم فيه دكتور الفقي ضمن غيره في فتح صفحة جديدة بين حزب الأمة ومصر. بددت هذه الصفحة ركام الماضي و أثمرت حوارات مباشرة مع القيادة المصرية بدأت بزيارة الأخ مبارك الفاضل المهدي ممثل الحزب المكلف في الخارج آنذاك إلى القاهرة منتصف يناير من عام 1991 . حيث قاد مع زملائه الموجودين في القاهرة حوارات مع المسئولين شملت كافة جهات الاختصاص وكان من نتائجها بدء حزب الأمة لنشاط مباشر عبر الساحة المصرية شكل منصة الانطلاق لعمل المعارضة السودانية حيث بدأ في تلك الأيام تسرب قادة المعارضة إلى القاهرة عبر الطرق والمنافذ البرية .

    7 ديسمبر 1989
    الأستاذ أحمد بهاء الدين
    -----------------------------
    *** - كان اهتمامنا بلقاء الأستاذ أحمد بهاء الدين نابعا من كونه من أكثر المهمومين بقضايا الحرية ومن أكثر المشدودين لقارته الأفريقية وقضايا شعوبها الفقيرة والتي ما أن أزاحت شعوبها عن كاهلها ثقل الاستعمار حتى أحاط بها نوع جديد من القهر يعيد انتاج القمع من خلال مؤسسات وأنظمة وطنية .

    *** - قدم بهاء الدين طرحا لبعض القضايا أو الموضوعات من رؤى مختلفة منها مثلا نظرته لأفريقيا التي تختلف عن نظرة روائي كبير مثل ارنست همنجواي لا يرى فيها غير مستودع للأدغال والغابات والغموض الساحر الذي يفيض بالإسرار أو كما ينظر إليها عدد من الكتاب الغربيين كأرض مفعمة بالثروات والكنوز والأرض البكر للاستثمار ، أما بهاء فيري في أفريقيا الإنسان الأفريقي الذي أحاطت به وحوش التخلف وقناصة الاستغلال والتجارة وعدد في مقالاته ما تحتاجه أفريقيا للاستقلال والتحرر والتنمية لصالح شعوبها ومستقبلها.

    *** -وحتى في إطار دوره ككاتب وصحافي لم يكن احمد بهاء الدين كاتبا عابرا في تاريخ الصحافة العربية مجرد كاتب عمود يومي او مقال أسبوعي يستهلك سطوره في التسبيح باسم السلطة أو الترويج لسياسة دولة أو حزب او افتعال معركة يشرع فيها قلمه بعد أن يرتدي ثوب الفرسان.

    *** - كان مهموما بقضايا الفقراء والبطالة والتنمية والعدل الاجتماعي قدر اهتمامه بقضايا الحرية والاستقلال والتضامن العربي . احمد بهاء الدين كان علامة هامة ومستنيرة وهو رغم شهرته كمحلل سياسي بارع إلا ان دوره لم يكن مقتصرا علي القضايا المباشرة بالمفاهيم السياسية التقليدية المتعارف عليها وإنما كانت السياسة في مفهومه هي ( كل ما يتعلق بسعادة الإنسان ) ومن خلال هذا الإطار الواسع كتب في ميادين عدة في السياسة بالمعني المباشر وفي الاقتصاد وفي الثقافة والاجتماع وتخطيط المدن وفي التاريخ والسينما والمسرح كما كتب أيضا عن تربية الخيول وعن الجماليات في تأثيث البيوت.

    *** - كان موعدنا مع هذه الشخصية الغنية بثقافتها وفكرها بمكتبه بمقر صحيفة الأهرام . في ظهر اليوم السابع من شهر ديسمبر من عام 1989 بناء علي موعد مسبق في إطار برنامج مكثف اعتزمنا القيام به . استقبلنا الأستاذ بهاء الدين بترحاب ودفء كبير .

    **** - كنا ثلاثتنا الفاتح سلمان وصلاح جلال كان هاشا باشا وهو ينظر إلينا بنظارته الطبية السميكة مستأذنا في أكواب من الشاي والقهوة ،وسرعان ما لبي الساعي المهمة. بدأ الأخ الفاتح شارحا التطورات الجارية في السودان فيما بدا الأستاذ بهاء الدين مستمعا باهتمام ومتأثرا بما يسمع وبدأ مستفسرا عن أوضاع بعض أصدقاءه من السودانيين الذين هم قيد الاعتقال آنذاك . وتساءل عن ما إذا كان الصادق المهدي يواجه خطرا يهدد سلامته الشخصية " قائلا إنه سمع في الأخبار عن تعرضه لمحاولة اغتيال. لم يكن الأستاذ بهاء الدين مجاملا بقدر ما كان مهموما وهو الذي طالما كان بقلمه نصيرا للديمقراطية والحرية، لذا كان إيجابيا فقد أعلن أمامنا أنه سيبدأ منذ اللحظة حملة يحتمها عليه واجبه القومي والوطني وارتباطه بالشعب السوداني. وقال انه من حسن الحظ سيلتقي مساء ذات اليوم الرئيس مبارك وعدد من المسؤولين. وسيكون مناسبا طرح عمل شيء ما من أجل السودان .

    *** - طلب منا الأستاذ احمد بهاء الدين في ختام جلستنا معه أن نزوده بآخر التطورات عن حول ما يجري في السودان أولا بأول مشيرا إلي مساعده في حال عدم وجوده بالمكتب . ولم يخلف الأستاذ بهاء الدين وعده فقد كان تأثيره قويا وإيجابيا فسرعان ما استبانت المواقف ووضحت الرؤيا مناصرة لا لبس فيها للشعب السوداني . يقول الكاتب المصري محمد سلماوي في ذكرى رحيله كان أحمد بهاء الدين مبعداً عن عمله الصحفي وكان قلمه ممنوعاً من الكتابة في الصحافة المصرية، ضمن 120 كاتباً وصحفياً آخرين صدرت بأسمائهم قوائم متتالية ما بين شهري فبراير ومارس 1973 وضمت أناساً مثل يوسف إدريس ومكرم أحمد ولطفى الخولى وثروت أباظة وأحمد حمروش وكامل زهرى ومحمد عودة وفيليب جلاب وغيرهم، وصدرت توجيهات غير مكتوبة بمنع التعامل فى الصحافة والإذاعة والتليفزيون مع كل من توفيق الحكيم ونجيب محفوظ. ولم يكن أمام بهاء الدين إلا مغادرة القاهرة إلى بيروت واستمر فى مباشرة عمله كأمين عام لاتحاد الصحفيين العرب.

    *** - وقبل أيام من اندلاع حرب أكتوبر قرر الرئيس السادات إعادة المبعدين من الكتاب والصحفيين إلى عملهم، وأعلن ذلك فى الخطاب الذي كان يلقيه سنوياً فى ذكرى رحيل جمال عبد الناصر يوم 28 سبتمبر، فعاد بهاء الدين إلى عمله لتشهد مفارقة أخرى هى أن يصبح خلال أسابيع قليلة موضع ثقة الرئيس السادات الكاملة، وأن يصدر خلال شهر فقط وفى يوم 23 مايو 1974 قراراً بتعيينه فى أهم موقع صحفي فى البلاد وأكثرها حساسية وهو رئيس تحرير "الأهرام". ورغم أن بهاء الدين ترك موقعه كرئيس لتحرير الأهرام إلا أنه احتفظ بمكتبه ككاتب اسااسي فيه حسب التقليد المتبع وهو المكتب الذي استضافنا فيه قبل أشهر من رحيله .

    يناير 1990.
    انطلقت بعد ذلك حملات التضامن مع الشعب السوداني . كانت اللقاءات المكثفة التي أجريناها مع القوى الشعبية في مصر والتي زودناهم فيها بآخر التطورات والمعلومات ذات فاعلية وتأثير . تحرك أصدقاء الشعب السوداني في كل موقع تحرك حزب التجمع الوحدوي - حزب الوفد - الحزب الناصري تحرك المثقفون - الفنانون - المنظمة المصرية للتضامن - المنظمة العربية لحقوق الإنسان - نقابة الصحافيين المصريين - اتحاد المحامين العرب - مركز ابن خلدون - وغيرها من منظمات المجتمع المدني المصرية جميعها كانت إلي جانب القوي الشعبية في السودان دعما ومناصرة من خلال الصحف والمجلات القومية والحزبية والمستقلة والنشرات والندوات والسمنارات والمهرجانات الخطابية والبيانات والمقالات والأعمدة .

    *** - كان في طليعة حزب التجمع الأستاذ خالد محي الدين ولطفي واكد وفيليب جلاب ود. رفعت السعيد وأحمد طه وأمينة النقاش ومن الوفد فؤاد سراج الدين ويس سراج الدين ومن صحافيي الوفد الأستاذ عباس الطرابيلي حيث كانت صفحة الأشقاء ومجهودات سعيدة رمضان ثم محمد عصمت ومن تلا من المصريين والسودانيين بعد وصول الأخ محمد المعتصم حاكم الى القاهرة ذات تأثير واضح في نشر التطورات والأخبار القادمة من السودان بعد انضمام حاكم إليها .
    وتحرك أيضا الحزب الناصري وعلي رأسهم الأستاذ ضياء الدين داؤود ويوسف الشريف وأماني الطويل وغيرهم من خلال عقد الندوات والاهتمام بأخبار السودان في صفحات جريدة العربي .

    *** - ومن مؤسسة الأهرام بادر طارق حسن ، ومجدي الحسيني ، وأمين محمد أمين ، ومشيرة موسي وآخرين حتى تسلمت الراية بجدارة في منتصف التسعينات أسماء الحسيني.

    *** - أما وكالة أنباء الشرق الأوسط فكان للدور الذي لعبته الدكتورة سامية عباس ، مدير التحرير بالقسم الدبلوماسي وزملائها اثره البالغ في دفع قضية السودان في الأروقة الإعلامية والسياسية لصالح حقوق وتطلعات السودانيين .

    *** - ومن الفنانين تحمس الفنانون محسنة توفيق وعزت العلايلي وسمير إسكندراني وسهير المرشدي وكرم مطاوع وعبد الرحمن الأبنودي وعطيات الأبنودي وكوكبة اخرى لايتسع المجال لذكر أسمائهم . أما منظمة التضامن المصرية فتذكر بالأستاذ أحمد حمروش الذي جعل المنظمة المصرية السودانية للتضامن حقيقة مادية بشارع أبي المحاسن المتفرع من القصر العيني .

    **** - فقد تجسدت لجنة التضامن مؤسسيا قبل كونها برنامجا شعبيا .ويتكامل دور المنظمة العربية لحقوق الإنسان بقيادة الاستاذ محمد فائق مع سائر المنظمات الأخرى والنقابات المهنية والمراكز البحثية الراصدة والمدافعة عن حقوق الإنسان وقد كانت قاعة مركز ابن خلدون ذات الأرابيسك والمشربيات الخشبية العريقة في المقطم شاهدا علي العديد من الحوارات والمناظرات المميزة حول الشأن السوداني والدور المصري والرؤية المستقبلية للعلاقات بين الشعبين وقد سجل مركز ابن خلدون رقما قياسيا في النشاط الأسبوعي خاصة بعد حضور السيد الصادق المهدي للقاهرة واختياره لها مقرا دائما .

    **** - أما الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم فقد فتح دوره وقاعاته في مقره الرئيسي بشارع الكورنيش وقاعات وزارة الزراعة بالدقي. ولعب قادته دورا مؤثرا في الدعم السياسي والمعنوي للشعب السوداني في كافة المجالات من خلال الأجهزة الشعبية والتنفيذية في سائر التخصصات من إعلام ورعاية ودعم سياسي يمد تواصله مع كافة الوان الطيف السياسي . كما قدم جهدا مقدرا من المبادرات والدراسات التي سعت الي إيجاد مخرج سياسي عادل يوقف الحرب ويحقق السلام منذ ستينيات القرن الماضي وعبر طائفة من المواقف والمساهمات.
                  

العنوان الكاتب Date
أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو 200 بكري الصايغ06-16-09, 00:58 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-16-09, 01:14 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-16-09, 02:10 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-16-09, 12:21 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-16-09, 06:10 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-16-09, 10:01 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-16-09, 10:34 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-17-09, 00:17 AM
    Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو dardiri satti06-17-09, 07:37 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-17-09, 10:11 AM
    Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو dardiri satti06-17-09, 10:18 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-17-09, 10:18 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-18-09, 00:52 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-18-09, 12:55 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-18-09, 11:52 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-19-09, 04:12 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-20-09, 01:22 AM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-21-09, 01:30 PM
    Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو أبو الحسين06-21-09, 02:52 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-21-09, 09:14 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-22-09, 02:17 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-23-09, 12:14 PM
  Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-24-09, 11:37 PM
    Re: أسود يوم في تاريخ المعارضة: نص الاتفاق الموقع بين التجمع والنظام الحاكم في القاهرة 18 يونيو بكري الصايغ06-27-09, 11:42 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de