|
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح (Re: عزاز شامي)
|
![](http://www.sudaneseonline.com/uploadpic/Feb09upload/Bashier.JPG)
أزمة عمر البشير... وسيناريو صدام حسين!
بقلم وحيد عبد المجيد- صحيفة الحياة 15 مارس 2009 م
يكتب الرئيس عمر البشير الآن سيناريو تراجيديا جديدا قد لا يختلف في جوهره، وإن ليس في مشاهده الأساسية، عن ذلك الذي كان صدام حسين بطله والعراق ضحيته. يصر البشير على الوصول إلى حافة الهاوية عبر تصعيد متواصل لا ينتج إلا كارثة جديدة من طراز تلك التي ابُتلي بها العراق، ولكن من دون أن تشبهها بالضرورة.
يحدث ذلك بالرغم من أن موقف البشير يبدو أفضل، أو بالأحرى أقل سوءاً، عربياً وإقليمياً. فهو لا يمثل تهديداً لدول عربية مجاورة أو غير مجاورة. فضعف السودان، مقارنة بما كانت عليه العراق أواخر الثمانينات، يعتبر رصيداً له. وهو لم يشن حرباً على بلد عربي لاحتلاله، وإنما على جزء من بلده. وبالرغم من أنه متهم بارتكاب جرائم حرب ضد بعض شعبه، حين أساء إدارة نزاع عشائري- اقتصادي فجعله عرقياً- سياسياً، فالنظام العربي الرسمي لا يكترث كثيراً لعذابات ملح الأرض بمقدار ما يحفل بالحدود على الأرض.
ومثل هذا النظام في ذلك مثل بعض الدول الكبرى التي تغري مواقفها البشير بالتصلب، بالرغم من أنه لا يصح لعاقل أن يعتمد عليها. فالصين وروسيا، اللتان عرقلتا إصدار مجلس الأمن بياناً لإدانة قرار طرد منظمات إغاثة من دارفور، سبق أن شاركتا في إحالة أزمة هذا الإقليم إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر القرار 1593 الذي أصدره المجلس نفسه في 2005.
ومع ذلك، يظل المشهد مغرياً للبشير ومشجعاً على التخندق والتصعيد، وخصوصا في ظل تعاطف شعبي عربي مفهوم في ظل «عدالة دولية» تزن بميزانين، بالرغم من أن مثل هذا التعاطف لم ينفع صدام حسين من قبل في شيء. لكن إذا كان ازدواج معايير المحكمة يبدو مستفزاً بعد أسابيع قليلة على مذابح غزة، فهو لا يجيز للبشير أن يأخذ السودان في طريق الهلاك الذي سبقه إليه صدام. وما التضحية بالسودان وتكامله الإقليمي وسلامة شعبه، إلا مكافأة لإسرائيل المستثناة من «العدالة الدولية» وللقوى التي لا يكف البشير عن اتهامها بأنها استعمارية. فكل حسم من رصيد العرب، وهو جد قليل، يمثل إضافة إلى عدوهم الأساسي.
وبالرغم من أن النظام السوداني أضاع فرصة حل أزمة دارفور في مهدها، لا يزال احتواؤها ووضعها على طريق التسوية ممكناً بعون عربي. ولكنه يتوقف على استعداد هذا النظام للارتفاع إلى مستوى المسؤولية. ولو أن البشير تعاطى بجدية مع خطة العمل التي قدمها الأمين العام للجامعة عمرو موسي في أخر تموز (يوليو) الماضي، لما بلغت الأزمة مبلغها الراهن. وما زالت هذه الخطة صالحة لتحرك على أساسها من أجل وضع أزمة دارفور على طريق الحل السلمي، بالرغم من أنها صارت أشد تعقيداً.
فأي نجاح في اتجاه حل الأزمة الأصل سيؤثر ايجابا في التعاطي مع الأزمات الناجمة عنها، بما في ذلك أزمة قرار توقيف البشير، بشرط التنفيذ الفوري للإجراءات القانونية المتضمنة في خطة الجامعة العربية. وعندئذ يمكن أن يكون التوجه إلى مجلس الأمن أكثر جدوى وإقناعا، وأن يستهدف طلب وقف الإجراءات التي اتُخذت في إطار القرار 1593 بوجه عام، وليس فقط تأجيل تنفيذ قرار توقيف البشير لمدة عام. وليس هذا مجرد افتراض أو تمني، لأن فرنسا كانت قد أبدت استعدادا للتعاون في هذا الاتجاه حال التزام النظام السوداني بخطة الجامعة العربية. كما أنه لا بريطانيا ولا الولايات المتحدة، راغبة في التورط في كارثة ثقيلة أخرى في لحظة تسعى فيها الإدارة الأميركية الجديدة إلى التخفف من أثقال تركة سابقتيها. وهي إذ تتطلع إلى الخلاص من المستنقع العراقي تخشى أن تغوص قدماها أكثر في أوحال الأزمة الأفغانية. وهذا فضلاً عن الحاجة إلى محاصرة التداعيات الاقتصادية المتزايدة للأزمة المالية العالمية.
ولذلك، فالأرجح أنها ستشجع ضمناً أي تحرك جاد لحل أزمة دارفور وأي إجراء- حتى إذا كان نصف جاد- لمحاسبة من ارتكبوا جرائم حرب وعلى رأسهم المتهمين اللذين سمتهما المحكمة الجنائية الدولية قبل أن تتهم البشير، وهما الوزير أحمد هارون والقيادي في ميلشيا الجنجاويد على كوشيب. ولكن الأرجح، أيضاً وبالمقدار نفسه من الترجيح، أن يؤدي الطريق الذي اختاره البشير إلى تصعيد أميركي- غربي تدريجي يتوسع تدريجياً باتجاه كارثة عربية أخرى من طراز ما حدث في العراق. وقد بدأت مقدمات ذلك في تلويح المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس بفرض حظر جوي في إقليم دارفور، ومطالبة حركة «العدل والمساواة» بتأسيس برنامج للنفط مقابل الغذاء من أجل هذا الإقليم وأهله الذين أصبحوا لاجئين.
ويشبه ذلك ما حدث في الأزمة العراقية عقب تحرير الكويت في 1991. ويعني ذلك أن «السيناريو العراقي» ليس بعيداً عن الطريق الذي يمضى فيه البشير الآن، بل يبدو أقرب مما قد يتصور كثير من العرب. وسيزداد هذا السيناريو اقتراباً بمقدار ما تتكاثر التهديدات التي يطلقها كبار المسؤولين السودانيين، بما تنطوي عليه من شتائم يتفوق فيها البشير بمسافة بعيدة على صدام. فقد أدخل البشير «لغة» جديدة في الخطاب السياسي الهجائي العربي، وأفرط في استخدام مفردة «الحذاء» و «الجزمة»، ووضع الكثير من خصومه تحتهما. كما هدد بعصاته «الكلب وأولاد الكلب»، وقال لهم «موصوا قراركم واشربوا ميته». أما أكثر تعبيرات هذا الخطاب جدة، فهو وصف المحكمة بأنها «ناموسة في أذن فيل»، ومطالبته من يظن أنه سيمتثل لها بأن «يجرب لحس كومه»!.
وإذا مضى البشير في هذا الاتجاه، فهو يضع سيناريو كارثيا قد تكون نتائجه أفدح من تلك التي ترتبت على سيناريو صدام حسين لسببين: أولهما أن قابلية السودان للتفتت أكثر من العراق حتى دون حرب لا تبدو مرجحة في الأغلب. والثاني أن امكان محاصرة الفوضى إذا دبت في السودان يبدو أقل مقارنة بالعراق. وإذا حدثت الفوضى، مقترنة بالتفتت، سيكون الوضع شديد الخطر على المنطقة عموما، وعلى مصر خصوصاً. ولن يقتصر هذا على الإرهاب، الذي سيجد ملاذات آمنة جديدة في سودان مفتت ومضطرب وتعمه الفوضى.
وهذا ما ينبغي ألاَّ يغيب عن العرب الذين يحاولون تأجيل تنفيذ قرار توقيف البشير لعام سيمضي سريعاً باتجاه هذا السيناريو المظلم نفسه ما لم يجدوا طريقة لإقناع النظام السوداني، أو الضغط عليه، للبدء من فوره في تنفيذ خطة العمل التي قدمها عمرو موسى قبل نحو ثمانية أشهر.
_____________
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | عزاز شامي | 03-15-09, 09:24 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | عزاز شامي | 03-15-09, 09:40 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | عزاز شامي | 03-15-09, 09:48 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | أبو ساندرا | 03-15-09, 10:32 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | عزاز شامي | 03-15-09, 10:38 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | أبو ساندرا | 03-15-09, 11:01 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | عاطف عمر | 03-15-09, 10:59 AM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | عزاز شامي | 03-15-09, 02:44 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | تبارك شيخ الدين جبريل | 03-15-09, 02:57 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | DKEEN | 03-15-09, 03:14 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | تبارك شيخ الدين جبريل | 03-15-09, 03:20 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | khaleel | 03-15-09, 03:29 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | تبارك شيخ الدين جبريل | 03-15-09, 03:43 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | العوض المسلمي | 03-15-09, 03:51 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | محمد جميل أحمد | 03-15-09, 05:00 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | jini | 03-15-09, 06:43 PM |
Re: ما بين مذكرة ادانة و رقيص الرئيس: قراءة في صحف الصباح | جمال هباني | 03-15-09, 07:17 PM |
|
|
|