حركات الصعلكة و العمالة و الإرتزاق ..

Quote: يهود الكيان الصهيوني.. قلوب شتى 1- اليهود الأشكناز: هم الذين هاجروا إلى فلسطين فرارًا من معاداة الأوروبيين لليهود، أو اعتقادًا في الصهيونية كحركة قومية، وهؤلاء عانوا من الاضطهاد بدرجات متفاوتة، وعاشوا الصراع الثقافي بين العقيدة والفكر اليهودي التقليدي والأفكار والقيم المعاصرة، وعاصروا مخاوف اندماج اليهود في المجتمعات التي يعيشون فيها واحتمالات ضياع الهوية اليهودية. و(أشكناز) باللغة العبرية تعني: ألمانيا؛ حيث يُنسَب إليها هؤلاء اليهود، بينما ينسبهم بعض الباحثين إلى "يهود الخزر"، الذين تعود أصولهم إلى قبائل تركية قديمة، وحسب الموسوعة البريطانية فإن (الأشكناز) يشكِّلون أكثرَ من (83%) من اليهود في العالم. ومنذ نشأة الكيان الصهيوني واليهود الغربيون (الأشكناز) هم الذين يسيطرون على صنع القرار في الكيان الصهيوني، ويتمتعون بكثيرٍ من المميزات، لا يحصل عليها بقيةُ اليهود، سواء في الدخل أو السكن أو الوظائف، فهناك فوارق طبقية واضحة بين اليهود، فمعظم الفقراء من (السفارديم)، كما أنهم يقومون بالوظائف الدنيا. 2- اليهود الشرقيُّون (السفارديم): هم اليهود الذين عاش غالبيتهم في المجتمعات العربية والإسلامية، ولم يعانوا من الاضطهاد، أو من الصراع بين اليهودية التقليدية والأفكار الجديدة، وجاءت هجرتُهم إلى الكيان الصهيوني تحت ضغوط الحركة الصهيونية وإرهابها، أو وراء الأحلام بحياة سعيدة بعد الهِجرة لما يُوصف بـ(أرض الميعاد)، كما تمَّت هجرتُهم بصورةٍ جماعيةٍ، و(سفارديم) صيغة جمع باللغة العبرية، وهي مشتقة من المصطلح (سفاردي) نسبة إلى (سفاراد) وهي إسبانيا، وهو اصطلاح يُستَخدَم للإشارة إلى اليهود الذين أقاموا في أجزاء مختلفة من بلاد المغرب العربي بعد حركة الاضطهاد الديني التي عاشتها الأديان بعد سقوط دولة الإسلام في الأندلس. ويُلاحَظ أن غالبية هؤلاء اليهود عاشوا بين العرب والمسلمين قرونًا طويلةً؛ وكانوا خلالَ تلك الفترة جزءًا من الثقافة العربية والإسلامية، ولم يكن لهم اتصالٌ بالمحرقة النازية. 3- يهود الصباريم: يُطلق عليهم جيل (الصابرا)، وهم اليهود الذين وُلدوا في الكيان الصهيوني، ولم يعرفوا وطنًا لهم غير هذا الكيان، وارتباطُ هؤلاءِ بالأرض ليس نتيجةَ اعتقادٍ دينيٍّ أو إيمان بالصهيونية، وإنما لأنهم وُلِدوا عليها، فهؤلاء لم يعرفوا عقدةَ الاضطهاد التي عاشَها الصهاينة الأوائل، ويشير الباحثون إلى أن هؤلاء اليهود يضعون (إسرائيليتهم) قبل يهوديتهم، ويشكِّلون نسبة 63% من سكان الكيان الصهيوني الغاصب. 4- اليهود الروس: أحدث الفئات التي هاجرت إلى الكيان الصهيوني، إذ بدأت هجرتُهم منذ عام 1966م، ثم تطوَّرت في شكل هجرةٍ جماعيةٍ قبيل سقوط الاتحاد السوفيتي، ووصل عددُهم في الكيان الصهيوني إلى أكثرَ من مليونِ يهوديٍّ روسيٍّ، ولهم حزب سياسي يعبِّر عنهم حاليًا هو حزب (يسرائيل بعاليا)، وهم محسوبون على اليهود الأشكناز. 5- يهود الفلاشا: هؤلاء هم اليهود الذين جلبهم اليهود من أثيوبيا في عدد من العمليات السرية والعلنية، اعتبارًا من عام 1977م، ويبلغ عددهم نحو (60) ألفًا. * السفارديم والهجرة إلى فلسطين: كانت غالبية الهجرة الصهيونية إلى فلسطين من اليهود الغربيين، وبعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948م شهِدت الأراضي الفلسطينية هجرةً يهوديةً جماعيةً من البلاد العربية وإيران إلى هذا الكيان الجديد فكانت أكبر موجة من الهجرة إلى الكيان الصهيوني خلال فترة قصيرة، إذ هاجَر نحو (267) ألف يهودي شرقي خلال عام واحد، واستطاع اليهود الشرقيُّون أن يشكِّلوا نسبة20% من سكان فلسطين المحتلة عام 1950م. ومع مطلع الخمسينيات بدأ الصراع بين (السفارديم) و(الأشكناز) في الظهور؛ بسبب توزيع اليهود الشرقيين في السكن على أماكن الأطراف المتاخمة للدول العربية، وتسكينهم في بيوت الفلسطينيين بعد تهجيرهم؛ ومن ثمَّ كان (السفارديم) السياجَ الواقيَ للصهاينة أمام هجمات الدول العربية المحتملة؛ وقصد (الأشكناز) من ذلك تعميق الانتماء في نفوس اليهود الشرقيين للكيان الصهيوني، وتنمية العداء في نفوسهم للدول العربية. وانقسم اليهود الشرقيون إلى مجموعتين كبيرتين: يهود آسيا.. ويشكل يهود اليمن وإيران نحو (74%) منهم، ويهود إفريقيا.. ويشكل يهود بلاد المغرب العربي نحو(60%) منهم، وكان لانتماء (السفارديم) إلى دول وثقافات مختلفة أثره في تعدد عاداتهم وتقاليدهم؛ ومن ثم كانوا لا يشكِّلون جماعةً عرقيةً واحدةً، ولا يوجد بينهم تجانُسٌ؛ بل كان ما يجمعهم المشكلات والإحساس بالتهميش. ومن المعروف أن سياسة استيعاب اليهود الشرقيين عند بداية هجرتهم إلى الكيان الصهيوني أثرت كثيرًا في وضعهم المستقبلي، إذ عاش غالبيةُ هؤلاء في معابر أو في مستوطنات حدودية أو في منازل الفلسطينيين المهاجرين أو في أحياء منفصلة في المدن وصحراء النقب، وتم إقصاؤهم عن المراكز الثقافية والعلمية والاقتصادية والعسكرية ومراكز صنع القرار؛ ومن ثمَّ أصبحت النخبة الأشكنازية هي المسيطرة على مجمل الحياة في الكيان الصهيوني. * احتجاجات (السفارديم) على سياسة التهميش: أدت سياسة التهميش ضد اليهود الشرقيين إلى ظهور حركات احتجاج منهم ضد سياسة الاحتكار التي يمارسها (الأشكناز) ضدهم؛ مما نتج عنه انبثاقُ تنظيماتٍ سياسيةٍ خاصة باليهود الشرقيين، ومن حركات الاحتجاج التي قام بها( السفارديم): أ- أحداث وادي الصليب: حدثت سلسلةٌ من المظاهرات التلقائية على مدار شهرين بصيف 1959م في الأحياء الفقيرة بـ(حيفا) التي كان يسكن فيها (15) ألف يهودي من شمال إفريقيا، وانتقلت المظاهرات من (حيفا) إلى (عكا) وعدد من المناطق في الكيان الصهيوني، وعبَّرت عن المرارة التي يشعر بها اليهود الشرقيون تجاه تعامل السلطة معهم؛ إذ كانت أولى أعمال الاحتجاج ضد السلطة؛ إلا أنها نظرت إليها على أنها أعمالُ عنفٍ ذاتُ دوافع جنائية وليس لها خلفياتٌ سياسيةٌ. ب- حركة الفهود السود: تُعدُّ حركة الاحتجاج الثانية ضد سياسة التمييز الصهيونية ضد اليهود؛ وقد انفجرت سنة 1971م، وقاد هذه الاحتجاجات مجموعةٌ من الشباب غالبيتُهم من ذوي الاتجاهات اليسارية، وتسبَّبت في مواجهات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين تم خلالَها حرقُ عدد من السيارات وتحطيم بعض المحلات التجارية؛ مما دفع "جولدا مائير"- رئيسة الوزراء- للالتقاء ببعض شباب (الفهود السود)، ووصفتهم بعد اللقاء بأنهم "غير لطفاء". وقد انتهت هذه الحركة عندما بدأ المجتمع الصهيوني في الرد على بعض مطالبهم، وتكمن أهميتها في أنها لفتت الأنظار إلى مخاطر الفجوة الطائفية في الكيان الصهيوني. * حملة الانتخابات للكنيست عام 1981م: الكنيست كان فيها (حزب العمل) يعتبر ممثلاً للأشكناز، أما (حزب الليكود) فكان حزب الطوائف الشرقية، وفي الانتخابات العاشرة للكنيست اتُخِذَت بعضُ أشكال الطابع الطائفي في الدعاية والتصويت. * اليهود الشرقيون والسياسة: أُطلق على اليهود الشرقيين اسم: (إسرائيل الثانية)، أما الأشكناز فهم (إسرائيل الأولى)، إلا أن زيادة قوة اليهود الشرقيين تؤرق (الأشكناز)- النخبة الحاكمة في الكيان الصهيوني- خاصةً بعد تشكيل حركة (شاس) الدينية؛ ولعل هذا ما دفع اليمين واليسار إلى التكاتف للسيطرة على تعاظم دورها السياسي؛ بعدما تبنَّى اليهود الشرقيون هذه الحركة. ظهرت هذه الحركة في انتخابات الكنيست عام 1984م تحت التأثير الروحي للحاخام "عوفاديا يوسف"، الذي رفع شعار "إعادة الفخار والمجد والقوة للهوية الشرقية"، وقرر "عوفاديا" إقامةَ قائمةٍ خاصةٍ باليهود الشرقيين، وفازت (شاس) بأربعة مقاعد في تلك الانتخابات، وشغل هذه المقاعد أربعةُ يهود من ذوي الأصول العربية، وانضمَّت (شاس) إلى الحكومة وحصلت على وزارة الداخلية، ومنذ ذلك الوقت أصبحت (شاس) عنصرًا مهمًّا في السياسة الصهيونية. وتعلن (شاس) رفضها لسيطرة النخبة الأشكنازية على مُجمل الحياة في الكيان الصهيوني، ساعيةً إلى بعثِ الهُوية الثقافية الإثنية لليهود الشرقيين من خلال مكافحة التمييز العنصري في المجتمع الصهيوني ضدَّهم. أخيرًا: هناك حقيقة مهمة: هي أن اليهود الشرقيين أشد فئات اليهود عداوةً للعرب وتشدُدًا ضد الفلسطينيين، ولعل ذلك يرجع- كما ذكر بعض الباحثين الصهاينة- إلى أن وجودهم في البلاد العربية قد فرض عليهم بعضَ القيود وعرَّضهم لنوعٍ من الحِرمان الاجتماعي والاقتصادي أدَّى إلى تولُّد حرمانٍ نفسيٍّ داخلِهم، وإحساسِهم بنوعٍ من التمايُز في بناء الهُويَّة القومية؛ إذ يُنظر إليهم في الكيان الصهيوني على أنهم (عرب يهود)؛ مما أثار خوفَ (الأشكناز) من أن يصبح هذا الكيان دولةً شرقيةً، إضافةً إلى أن اليهود الشرقيين تُسيطِرُ عليهم الروح الدينية المتعصبة؛ مما يفسر انضمامَهم دومًا إلى الحركات الدينية.