|
|
 سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى
|
إذا قلت إنك "يساري" شخصت إليك الأبصار اندهاشا وربما·· سخرية، وكأنما اليسارية تعني فيما تعنيه أنك أحد أعضاء "الألوية الحمراء" أو خليفة جيفارا أو هو شي منه! ترى، هل هي مشكلة "اليسار" أم هي مشكلة اليساريين أم أنها مشكلة العقل الذي يلبس هذه الأيام·· حذاء صينيا؟!
بعد انتصار الثورة الفرنسية كان هناك في الجمعية التأسيسية أو مجلس الشعب الفرنسي ثلاثة تيارات، تيار كان يؤمن بالحسم ودفع التحولات الاجتماعية والسياسية قدما، جلس أنصاره على يسار رئيس المجلس، فسمي أنصاره "يساريين"، وتيار محافظ يتخوف من التغيير ويميل الى إبقاء الأمور على حالها، جلس أنصاره على يمين رئيس المجلس فسموا "يمينيين"، وتيار كان بين بين سمي "الوسط" موقفا وموقعا· ثم شاعت هذه التسميات في الأدبيات السياسية والاجتماعية وتنوعت أيضا، فكان هناك اصطلاحات مثل يمين الوسط ويسار الوسط ويسار اليسار ويمين اليمين·· وإذا جردنا المصطلح من تاريخيته فإنه موجود في كل زمان ومكان، بل في كل إنسان·
لا بد أن أشير ، من البداية ، إلى أن مفهوم " يسار " و " يمين" مثلها مثل الكثير من الكلمات و خاصة " الثنائيات" إن هي إلا مفاهيم نسبية و أنها تكون مفيدة طالما أنها تقدم " اختصاراً " ما أو " تركيزاً " لفكرة ما أو لموضوعة ما ، إلا أننا كثيراً ما نقع في حرفية الكلمات و ننسى معناها الأصلي و بالأحرى دلالاتها التاريخية الملموسة
ما كان يسارياً بالأمس قد يبقى يصر على أنه يساري اليوم ، فيما مفاهيمه تتآكل و التاريخ مضى أميالاً كثيرة بعيداً عن المكان الذي توقف عنده
و بالمقابل في العديد من الحالات لا يكون مفهوماً كيف أن اليسار و الموقف " اليساري " يتبدل في مرحلة ما و كيف أن "خطوط التماس" بين اليسار و اليمين تتداخل ، و لكنها ، هذه الخطوط ، بطبيعتها متبدلة .
من البديهي أن أنظمة معينة و أحزاباً معينة تبقى دائماً " يمينية" من كل وجهة نظر و من كل زاوية شئت أن تنظر إليها ، نظام النازية و الفكر النازي مثلاً ( بالمناسبة حزب هذا النظام كان يسمي نفسه بـ القومي الإشتراكي .. )
نظام النازية الألمانية هذا انتهى ، و هكذا أيضاً انتهى نظام العنصرية -الأبارتيد – في جنوب أفريقيا ، على الأقل تفكك كبنية سياسية معلنة و مكرسة
كذلك الحركة الصهيونية التي نشأت من الفكر العنصري و الإستيطاني المستمد من كولونيالية القرن التاسع عشر ، نشأت من اليمين و ستبقى كذلك إلى أن تنتهي و تصبح جزء ً من التاريخ ، من تاريخ الكولونيالية الفاشية و العنصرية الأشد إظلاماً
أنظمة الإستبداد و الإستعباد و الإستغلال و تقسيم النوع البشري إلى " مهيمنين " و " مهيمن عليهم" إلى بشر من طبقة أولى " و بشر من " طبقة ثانية " أو "عاشرة " إلى مواطنين من درجة " أولى" و غيرهم من درجة " صفر" ... ، الأنظمة التي تقوم على جلد الشعوب و خنق الفكر و الرأي لن تكون في يوم من الأيام أنظمة " تقدمية " مهما تزينت بالكلمات و النعوت و الإدعاءات ، منظومات سياسية و فكرية كهذه لن تكون " يسارية " في يوم ما و لن تجد لها مهما جهدت في أن تبحث لها عن" لون" يساري ما
أي فعل نقوم به يمر عبر هذه المصطلحات، فإذا كان فعلا تغييريا فهو يساري وإذا كان إبقاء على وضع فهو يميني، ولذلك يمكن أن ننزع عن هذه المصطلحات صفة الثبات، فقد يكون الموقف يساريا في حين ويمينيا في حين آخر، أما من يجمد هذه المصطلحات فهو كمن يجمد الحياة عن الحركة·· ذلك هو الجدل الفلسفي بين عناصر الوجود الذي جاء به هيجل ثم ماركس·
اليسار هو الحركة، واليمين هو السكون، والوسط هو التذبذب·
على الرغم من مسيرة هذه المصطلحات الحافلة بالعثرات والذكريات المريرة، إلا أنها تعبير مختصر ودقيق عما يجري في الحياة، ولا نستطيع أن نسخر منها لمجرد أنها طبقت بصورة تعسفية في كثير من الأحيان، أو ألقيت جزافا هنا وهناك، وإنما علينا أن نؤمن أنها موجودة ومتحركة كالحياة، وهي ليست صفات إيجابية أو سلبية، وإنما هي توصيف لكل موقف أو عمل، كما أنها لا تقتصر على عالم السياسة وإنما تتعلق بجميع مظاهر النشاط البشري·· بعضهم ضجر من هذه المصطلحات التي اجترها عالم السياسة فغيّر أسماءها، كما فعل أدونيس حينما استبدل باليمين واليسار الثابت والمتحول·
"اليسارية" ليست شعارا يرفع بل هي ممارسة فعلية، ولذلك وجدنا الأنظمة اليسارية ادّعاء اليمينية حقيقة تسقط لا من المصطلح فحسب بل من التاريخ أيضا· وفي الوطن العربي غالبا ما تزيف هذه المقولات كما تزيف الأسماء والبطولات والانتصارات والأمجاد، فالأنظمة العربية يمينية حتى العظم لأنها لا تقبل بالتغيير، وليس غريبا أن يكون]عم عبد الرحيم لى تال اليسار عصر متفادى الكجر
وأن يقول محمود درويش:"ومن اليمين الى اليمين الى الوسط/ شاهدت مشنقة فقط" اليسار دائما هو الذي يدفع بالمجتمع الى[ التحولاتالكبرى، ودوما" كان اليسار هو رائد التغيير: طه حسين، يساري صميم، لأنه قلب المفاهيم الموروثة في العقل الجمعى، وبدر شاكر السياب يساري لا لأنه كتب عن الثورة فقط ولكن لأنه ثار على السائد الشعري وفتح الباب أمام الشعر الحديث·
معظم رموز ثقافتنا السودانية الكبار يساريون، لا بالمعنى الحزبي الضيق، وإنما بالمفهوم الفلسفي الاجتماعي، بل لعلنا لا نجد إلا أفرادا قلة من اليمينيين الذين خدموا الثقافة·· وذلك بالحفاظ على التراث من الاندثار والضياع، وفي بعض المراحل يكون اليمين حاجة للمجتمع "كالجزائر في ظل الاستعمار الفرنسي"·
آن الأوان لنحرر مصطلح "اليسار" من حزبيته ونعمل على أن نكون يساريين حقيقة، فقد اتخمنا من الوجبات اليمينية خالية الدسم، ومن اليسار المزيف الذي كان، وفق قوانين الحياة، يمين اليمين·
كان هاني الراهب يصنف نفسه يسار اليسار ويتطرف في ثوريته ويساريته، ثم وجد نفسه في أحضان اليمين، ليحقق مقولة "لينين": التطرف اليساري يقود الى التطرف اليميني..
باختصار شديد ولا اعتقد انه مخل هذا المفهوم الاساسى لكلمتى اليسار واليمين ومن هنا يتضح لنا ان المرتكزات الاساسية التى يعمل على اساسها اى شخص او جماعة او حزب او طائفة ... الخ من اجل تحقيق اهداف محددة هى التى تحدد يمنيته او يساريته وهذا حتى لايجد البعض فرصة للتلاعب بالمصطلحات من اجل تحقيق انتصارات فكرية متوهمة ويجعلون البعض يتحلق من حولها دون وعى
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-07-09, 08:51 AM |
 Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | نهال الطيب | 02-07-09, 10:06 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | حيدر حسن ميرغني | 02-07-09, 10:25 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | كمال علي الزين | 02-07-09, 10:29 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-07-09, 12:03 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | كمال علي الزين | 02-07-09, 12:09 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-07-09, 12:40 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | كمال علي الزين | 02-07-09, 09:13 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | وليد محمد المبارك | 02-07-09, 10:31 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-07-09, 12:00 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-07-09, 11:56 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | Hussein Mallasi | 02-07-09, 12:00 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | كمال علي الزين | 02-07-09, 12:04 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | باسط المكي | 02-07-09, 12:07 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | 7abib_alkul | 02-07-09, 12:16 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | حيدر حسن ميرغني | 02-07-09, 12:22 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | سلمى الشيخ سلامة | 02-07-09, 01:33 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | خالد العبيد | 02-07-09, 01:59 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | HAYDER GASIM | 02-07-09, 09:47 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | خالد العبيد | 02-07-09, 10:48 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | Aymen Tabir | 02-08-09, 01:36 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-08-09, 09:02 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-08-09, 09:38 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | د.نجاة محمود | 02-08-09, 09:55 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | الارقم عبدالله طلب | 02-08-09, 10:31 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | خالد العبيد | 02-08-09, 11:03 AM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | HAYDER GASIM | 02-08-09, 08:04 PM |
| Re: سنة اولى سياسة يا اعداء الحزب الشيوعى السودانى | لؤي احمد الطيب | 02-09-09, 08:07 PM |
|
| |
الارقم عبدالله طلب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست