|
إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان
|
Quote:
1- إنَّ الزعم القائل بسموء أحكام القانون الدولي العام على أحكام التشريعات الوطنية قول تجانبه الموضوعية ، ذلك لأنَّ منظومة الأحكام التي ُيطلق عليها مجازًا مسمى القانون الدولي العام في واقع الأمر هي منظومة مباديء أخلاقية تنظيمية عامة قدْ تمَّّ تقعيدها و لا تعتبر بالضرورة قانونًا بالمعني الدلالي للمصطلح في سِيَاقهِ التشريعي ، ذلك لواقع عدم وجود هيئة دولية تشريعية ُمخَوَّلة صلاحية وضع أحكام قانون دولي عام ُيلْزم جميع أعضاء المجتمع الدولي بقبول أحكامه و من ثمَّ الإمتثال و الإذعان و التقيُّدِ بها. فعلى النقيض من ذلك إنَّ وجود مؤسسات تشريعية وطنية مُخَوَّلة دستوريًا ممارسة سلطة وضع أحكام قوانين وطنية يُلزَمُ جميع أفراد المجتمع الوطني بالإذعان و التقيُّد بأحكامها ، و بذلك تتحقَّق طبيعة و صفة الإلزام القانوني للتشريعات الوطنية الأمر الذي يعوزه مسمى القانون الدولي العام ( أي قانون الشعوب) .*
إنَّ واقع عدم مصادقة عدد كبير من أعضاء المجتمع الدولي على و ثيقة ميثاق روما المنشأ للمحكمة الجنائية الدولية يجعل منه قانونا ملزم لِمَنْ صادق عليه ، بينما ذات الميثاق يفقد القوة الإلزامية القانونية حيال الدول غير الأطراف فيه ، و ذلك عملا بمنطوق القاعدتين القانونيتين الراكزتين ( العقد شريعة المتعاقدين) و أنّ " الرضا أساس الإلزام " . و لأهمية رضا الدولة كشرط لإلزامها بأحكام إتفاقيات دولية أفْرَدَتْ إتفاقية فيينا لقانون المعاهدات أحكام المواد 11 ،12 ، 13 ،14 ،15 ، 16 و 17 لتقنين كيفية التعبير عنه . (25)
2- إنَّ الإدِّعاء بأنَّ القانون الدولي العام يضفي الصِّفة القانونية على التشريعات الوطنية من خلال منح صفة الشخصية القانونية للدولة الوطنية عبر إعتراف أعضاء المجتمع الدولي بصيرورتها كيانا إعتباريا قانونيا دوليا قولا ليس محلا لإجماع فقهاء القانون الدولي العام سيما أنصار المدرسة الواقعية الذين يرون في إعتراف أعضاء المجتمع الدولي بالشخصية القانونية الإعتبارية لأي كيان سياسي و من ثم قبوله كدولة ذات سيادة ليس إلاّ إقراراً بحقيقة الأمر الواقع . إنَّ واقعة الصيرورة الفعلية لأي كيان سياسي وطني دولة أمْرٌ يتحقق بإستيفاء ذلك الكيان السِّياسي الوطني للشروط القانونية و المعطيات الموضوعية المتطلب توفرها في الدولة و التي ليس من بينها وفق رؤيّة أنصار المدرسة الواقعية شرط إعتراف أعضاء المجتمع الدولي بصيرورة ذلك الكيان السياسي الوطني دولة . ففي هذا السِّياق نصتْ المادة 13 من إتفاقية بوغوتا على أنَّ " الصيرورة السياسية للدولة أمر منفصل عن الإعتراف بها من قبل دولة أخرى ." (26) إنَّ القوة الإلزامية لأحكام القوانين الوطنية صادرة عن الشرعية الدستورية التي تتمتع بها المؤسسات التشريعية المُخَوَّلة ممارسة سلطة الإسْتِشْرَاع في الدول و ليست منبثقة مباشرة أو غير مباشرة عن أحكام القانون الدولي العام .
3- إنَّ القول بسموء أحكام القانون الدولي على أحكام القوانين الوطنية لآحاد الدول و من ثم الإستنتاج بسموء سلطة و ولاية المحكمة الجنائية الدولية على سلطات و ولايات المحاكم الجنائية الوطنية حكم ظني مؤسس على فرضية تواشج القانونيين ، إلآ أنَّ موروث الفقه القانوني يقضي بغير ذلك لحقيقة واقع عدم وجود أيّة روابط قانونية تشج مباشرة أو غير مباشرة بين القانون الدولي العام و مؤسساته القضائية الدولية من جهةٍ ، و التشريعات والمحاكم الوطنية في آحاد الدول من جهةٍ أخرى ، ذلك لإختلاف و إستقلال الفلسفتين اللتين إنبثق عنهما كل من النظامين القانونين من جهة ، و للإختلاف البنيوي و الوظيفي لكل من المؤسسات القضائية المُخَوَّلة قانونا صلاحية تفسير و تطبيق أحكام كل منهما، ذلك لِتبَايُن ِ المجال المكاني من جهةٍ ولعدم تماثل طبيعة هُويَّات المُخاطبين بأحكام كل منهما من جهةٍ أخرى . فالقانون الدولي العام هو بالأصل الناموس الحاكم لعلاقات الكيانات التي هي محلا لتطبيق أحكامه على صعيد المجال الدولي عالميًا كان أو إقليميا بينما التشريعات الوطنية هي القوانين الحاكمة لعلاقات الكيانات المُخَاطَبَة بأحكامها في إطار فضاءآت الأقاليم الوطنية لآحاد الدول ذات السيادة . عليه ، إستنادا إلى المُعْطيَات الموضوعية المنبثقة عن واقع اللآ إرتباط بين النظامين القانونيين المُنوَّه إليهما أعلاه يمكن إستنتاج حقيقة أنَّ النظامين القضائيين الدولي و الوطني يتمتع كل منهما بسلطة الحاكمية على الموضوعات التي تقع َفنِيَّا ضمن ولايته و في إطار الإختصاص المكاني الذي تطبق فيه أحكامه.
(27)
4- إنَّ واقع تخويل المحكمة الجنائية الدولية صلاحية التدخل بإجراء تحقيقات أو بالنظر بل ربّما بالفصل قضائياً في بعض الجرائم الخطيرة التي تقع ضمن إختصاصات المحاكم الجنائية الوطنية أمر يمثل في الأصل تدخلاً سافراً و تعَدِّيَاً فجاً على السَّيادة الوطنية للدول التي ليست طرفاً في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، و بالتبعية يمثل تجاوزاً و تغولا صريحاً على سلطات و ولايات المحاكم الوطنية . و لمّا أنّ المحكمة الجنائية الدولية كيان إعتباري يتمتع بالشخصية القانونية الدولية يَتحَتَّمُ عليها التقيُّد بأحكام القانون الدولي سِيَمَا تلك التي تؤكد على إحترام سيادة الدول و حقها في فرض قوانينها على أقاليمها الوطنية . ففي هذا السياق أكدت المادة 13 من إتفاقية بوغوتا على أنَّ " ... للدولة... أنْ تستشرع القوانيين حماية لمصالحها و أنْ تنظم خدماتها و أنْ تقرر إختصاصات و سلطات محاكمها ..."(28) إنَّ التفسير التعسفي التسلطي لمنطوق نص متن المادة 1 من ميثاق روما الذي يمنح المحكمة الجنائية صلاحية مُكمِّلة لإختصاصات المحاكم الوطنية) يتعارض بجلاء و من ثم يُمثل خرقا صريحا لمنطوق متن الفقرة (ج ) من إعلان مباديء القانون الدولي المتعلقة بالعلاقات الوُدِّية و التعاون بين الدول وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة التي تنصّ على " الإلتزام بعدم التدخل في الشؤن التي تقع ضمن الإختصاصات الداخلية للدول إتساقا مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة . " (29)
مِمَّا َتقدّم إستعراضة تتجلى حقيقة مفادها أنَّ الزَّعم َتعَسّفاً بأنَّ منطوق المادة 1 من ميثاق روما يخول المحكمة الجنائية الدولية صلاحية مطلقة للتدخل سواء بإبتدار إجراءات تحقيق أو الضلوع في النظر قضائيا أو الفصل في جرائم خطيرة تقع ضمن إختصاصات محاكم وطنية عبر القيام بأعمال قضائية ُمكمِّلة لإختصاصات المحاكم الوطنية دون الموافقة المُسْبَقة للهيئآت القضائية في دولة ليْسَتْ طرفاً في ميثاق روما يُعَدُّ تجاوزاً بل خرقاً صريحا لأحكام القانون الدولي الراكزة التي تحظر التدخل في الشئون الداخلية للدول بغية صون و تعزيز السِّيادة والإستقلال الوطنيين لتلك للدول .
http://www.sudaneseonline.com/thagaf4.html
|
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-21-09, 12:55 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | كمال علي الزين | 01-21-09, 01:10 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-21-09, 02:14 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | مجاهد عبدالله | 01-21-09, 01:28 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-21-09, 02:36 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | تبارك شيخ الدين جبريل | 01-21-09, 05:38 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-21-09, 05:49 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | كمال علي الزين | 01-21-09, 05:55 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-21-09, 05:59 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | تبارك شيخ الدين جبريل | 01-21-09, 06:14 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | كمال علي الزين | 01-21-09, 06:18 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-21-09, 06:27 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | كمال علي الزين | 01-21-09, 06:33 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | تبارك شيخ الدين جبريل | 01-21-09, 07:04 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | سمير شيخ ادريس | 01-21-09, 07:42 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Abu Mariam | 01-21-09, 09:40 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | احمد معتصم الطيب | 01-21-09, 09:57 PM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | مجاهد عبدالله | 01-22-09, 03:12 AM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Rawia | 01-22-09, 03:36 AM |
Re: إلى تبارك شيخ الدين جبريل ومن لفّ لفّه ... بيان | Frankly | 01-31-09, 06:52 PM |
|
|
|