وحدث فلكي آخر + صور من الفضاء

Quote: الزمن في العلوم الطبيعية ورباعيات توماس إليوت . [4] كثيرا ما توصف قصيدة "الأرض اليباب" The Wasteland لتوماس إليوت بأنها أعظم قصائد الأدب الانجليزي في القرن العشرين. لكن انشغال إليوت بمفهوم الزمن يبدو أوضح ما يكون، كما لحظ كثيرون، في قصائده "الرباعيات الأربع Four Quartets"، والتي تعتبر، على غموضها الفلسفي، تتويجا لأدب إليوت وآخر وأعظم ما نظمه من الشعر الرصين. في رباعيته الثالثة، "سالفيجز الجافة "The Dry Salvages ـ وهو اسم مكان على شاطىء ولاية ماسا شوسيتس الأمريكية تعود ارتياده أيام دراسته في هارفارد ـ يقول إليوت في أناس مبحرين على ظهر سفينة: You are not the same people who left that station Or who will arrive at any terminus You shall not think the past is finished Or the future is before us . أنتم لستم نفس الذين غادروا ذلك المرفأ أو الذين سيصلون الى محطة أخيرة لكن لا تظنوا أن الماضي قد انتهى أو تقولوا أن المستقبل أمامنا يقول إليوت: الذين على ظهر السفينة ليسوا هم الذين استقلوها فانسياب الزمن غّير كل واحد منهم، نفسيا وفسيولوجيا. فالمُشاهِد مرتبط بالزمن وتغير الزمن يعني تغير المشاهد. إلا أن إليوت يستدرك، ضمنيا، في البيتين الأخيرين فيذكر أن في الماضي كانت بذور الحاضر وأن المستقبل هو بدوره أيضا ثمرة الحاضر فالماضي لم يمض إلى غير رجعة والمستقبل يصنعه الحاضر. إن هذا التفكير يوافق قوانين الفيزياء التي تهتم بما يسمي "الشروط الابتدائية" في المسألة الفيزيائية. إن لحالة المنظومة الفيزيائية الابتدائية دور كبير في رسم مسار تطورها اللاحق مع الزمن. فقد يكون الكون مثلا وليد شروط ابتدائية ـ أى حالة ـ معينة جعلت منه الكون الذي نعرفه ويسمح لنا بالحياة فيه. إن السعي لمعرفة هذه الشروط هو الآن مجال أبحاث نشطة في الفيزياء الحديثة. إن الهدف من التجربة الفيزيائية الكبرى التى بدأت في المركز الأوربي للأبحاث بجنيف في سبتمبر 2008م هو توفير نافذة لإطلالة فريدة على أحوال تحاكي ظروف الكون المبكر قبل أكثر من اثني عشر بليون سنة للتحقق من نظريات تصف كيف كانت بداياته. للضوء طاقة؛ هذه الطاقة الحرارية التى تلهبها بك شمس الصيف الحارقة وأنت تمشى تحتها في رابعة النهار شكل من أشكال هذه الطاقة! ومن بين معادلات اينشتاين في النسبية الخاصة معادلة شهيرة: طاقة الجسم تساوي كتلته في تربيع سرعة الضوء. هذه المعادلة من نظرية النسبية هى الأكثر اشتهارا بين جمهور الناس. لذلك فإن الطاقة التي يكتسبها الجسم بفضل حركته تضيف "لكتلته الفعالة" فتصعب زيادة سرعته. إن هذا الأثر لا يكون مهما إلا للأجسام المتحركة بسرعات قريبة من سرعة الضوء. لكن ما تعنيه هذه المعادلة "أي تكافؤ الطاقة والكتلة" هو مفهوم أساسي في الفيزياء. في كتابه "تاريخ موجز للزمن" وعد ستيفن هوكنغ القارىء ألا يستخدم أى معادلة في الكتاب عدا هذه المعادلة، وأنجز ما وعد. لقد أفلح في شرح مراحل تطور الكون دون أن يستخدم أى معادلة أخرى. إن تكافؤ الطاقة و الكتلة يجعل حزم الطاقة الضوئية تتأثر بقوة الجاذبية كما تتأثر كتل الأجسام. لكن الضوء يختلف عن الكتلة النيوتونية في أن سرعته ثابتة، مقدارها واحد بالنسبة لأي مُشاهِد أيا كانت سرعته. لذا فإن الدراسة الدقيقة لأثر الجاذبية عليه تتم في إطار تمديد أينشتاين لنظرية نيوتن للجاذبية وهذا التمديد يسمى "نظرية النسبية العامة". لقد اقترح أيضا أينشتاين هذه النظرية في عام 1915م وهي تحدد بدقة تأثير الجاذبية على الضوء. عندما يمر الضوء من نجوم بعيدة بالقرب من الشمس ينحني نحوها تحت تأثير جاذبيتها. لكنك لن تستطيع أن تلاحظ ذلك إلا عند كسوف الشمس لأن ضوءها الباهر يحجب كل ضوء سواه. عندما كسفت الشمس في عام 1919م أجرى الفيزيائي الفلكي البريطاني اللورد آرثر إدينغتون تجربة كشفت، لأول مرة، انحناء الضوء العابر بالقرب من الشمس، وبذات المقدار الذي تنبأت به نظرية النسبية العامة فكان ذلك إثباتا حاسما لهذه النظرية. وفي اليوم التالي نشرت صحيفة نيويورك تايمزNew York Times الخبر تحت العنوان الكبير :" القبض على الضوء منحنيا Light Caught Bending". لقد كان أينشتاين عالما يتميز بتواضع جم لكنه كان شديد الوثوق من صحة نظرية النسبية العامة. فعندما سأله صحفي كيف كان سيكون شعوره لو أفرزت تجربة لورد إدينغتون نتائج مخالفة للنظرية أجاب "كنت سأشعر بأسى شديد للسيد اللورد". أما إدينغتون فقد كان ملما إلماما عميقا بنظرية النسبية العامة وكان فلكيا متميزا و متنفذا ومهيبا وله ثقة كبيرة بمقدراته العلمية. سئل ذات مرة إن كان صحيحا أن هناك ثلاثة أشخاص فقط يفهمون النسبية فرد متسائلا " من هو الشخص الثالث؟". ما علاقة انحناء الضوء بالشاعر إليوت؟ إنها تكمن في صلة لهذه الظاهرة بالإحساس بانسياب الزمن، وانسياب الزمن موضوع مركزي في الرباعيات الأربع. إن اهتمام إليوت بالزمن و تداخله و بمعنى اللانهائية أو الخلود ُEternity يبدو جليا في افتتاحية رباعيته ألأولى، "نورتون المحترقة "Burnt Norton، وهو اسم بيت متهدم في قلوستيشير بانجلترا زاره إليوت. يقول: Time present and time past Are both perhaps present in time future And time future contained in time past If all time is eternally present All time is unredeemable . الحاضر والماضي ...كلاهما، قد يكونا حاضرين... في المستقبل والمستقبل ابن الماضي إن كان كل الزمن دائم الحضور بين ظهرانينا فالحديث عن استرجاعه يصبح غير ذي معنى المستقبل ابن الماضي؛ نفس ما عناه إليوت في الرباعية الثانية، "كوكر الشرقية "East Coker ، وهو اسم المدينة الانجليزية التى هاجر منها جد إليوت الى أمريكا، حين قال : In my beginning … is my end . في بدايتي تكمن نهايتي حضرت تأبين زميل رحل تحدث فيه الأستاذ بجامعة الخرطوم والمدير الأسبق لجامعة الجزيرة الدكتور التجاني حسن الأمين، فأحسن الحديث كعادته. لفتت انتباهي في حديثه إشارة ذكية الى ارتباط بداية حياة الأنسان بنهايتها. قال: عند قدوم المولود يصرخ مع بداية حياته المستقلة عن أمه فيهلل الحاضرون ويفرحون وما دروا أنهم يحتفون ببداية النهاية. قلبه ينبض بنشاط وتتسارع ضرباته لكن من سيعي في غمرة ذلك الاحتفاء أنه يقول لهم " إن الحياة دقائق و ثواني". المستقبل ابن الماضي كما قال إليوت. . عبد الملك محمد عبد الرحمن

.



.



.

..

(عدل بواسطة عبدالمحمود محمد عبدالرحمن on 02-05-2009, 07:17 AM)