أستقلال السودان : نصف قرن من الخيبة !!!

Quote: نصف قرن من الزمان والملايين من سكان هذه البلاد لا يشاهدون التلفزيون الا في بيوت مستخدميهم : الصبية التي جاءتنا للقيام بأعمال النظافة كانت تجلس مندهشة بينما تعرض أحدي القنوات فلم كارتون ! فتأمل . ثم فكر فيما وراء ذلك , لا تكن عابرا في خاطر اللحظة , فكر في كيف يسكن هؤلاء الناس وأين , أنهم هنا في ضواحي المدينة , حيث لا ماء يصل ولا كهرباء , تدخل البشرية في العام 2009 وهم لا يزالون يحلمون بالمدارس وبيوت الطين , أنهم الذين يموتون دون أن يعرفوا أنهم ماتوا , بل دون أن يعرفوا أنهم عاشوا قبلاً, كل ذنوبهم في هذه الحياة زجاجات العرقي وجركانات المريسة , ذنوبهم هي اللمم بينما ذنوب الكبار هي ما اوصلهم لمصيرهم البائس , في معسكرات اللجوء أو في معسكرات النزوح , واحد منهم كان اسمه محمد نصر الدين , كان بائعاً للمناديل : طاردته الشرطة فصعد احدي البنايات بوسط الخرطوم , طاردوه الي هناك فسقط فمات! واحد من غمار الناس : لم ينعه أحد ولم يذكره أحد وفي اليوم التالي عاد باعة المناديل يلتحفون شارات المرور ويعرضون المناديل الرخيصة , واحد منهم كان طفلا وجد ميتا باحدي محاري الخرطوم , لم يعرف له اسم حتي , انما ماذا يفيد الاسم , بل وماذا تفيد الكلمات , يا لعاطف خيري : ونحن سنبقي هنا / سوف نعلو بالذنوب الخفيفة / فوق هذا العبث مأزومون نحن ومنهزمون أيها الأصدقاء حتى نخاع الوردة , الأشجار في أماكنها والنيل يواصل سيره الأبدي من الجنوب إلى الشمال ولكنه وطن ليس لنا . أنني مجروح البصيرة الآن يا أصدقائي ومأزوم حد البكاء , أنني أخسر الآن حتى رهاناتي الصغيرة بالبلاد ذات الأرصفة و أشجار المانجا علي الجانبين ( لماذا يزرعون أشجار النخيل وكأننا في الرياض السعودية أو إحدى مدن الصحراء) , إنني أخسر حتى رهاناتي بمقعد مريح في باصات النقل العام وأقل من ذلك بتوفر ماء الشرب النقي .